غـــدر حافـــظ الأســـد بالكتيبـــة المغربيـــة فـــي جبـــل الشيــخ !!
محمد فاروق الإمام – مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية
محمد فاروق الإمام – مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية
قصة مشاركة القوات المغربية في حرب رمضان 1973
للتاريخ نروي قصة مشاركة فيلق من الجيش المغربي في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 والتي عبرت الحدود وطوت المسافات من المغرب إلى سورية بأوامر صدرت إليها من العاهل المغربي الملك الحسن الثاني رحمه الله للمشاركة في تحرير مرتفعات الجولان السورية من الاحتلال الصهيوني.
وبعد أن تسلم الكولونيل عبد القادر علام علم التجريدة المغربية المتوجهة إلى سورية بشارع محمد الخامس بالرباط، ألقى الحسن الثاني كلمة مخاطبا الجنود قائلاً: إن “هؤلاء الجنود سيحاربون في سبيل بلد مقدس وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين، وفي سبيل الوطن لأنكم سوف تحاربون، لأن كل وطن عربي هو وطن كل مواطن عربي”. الحسن الثاني أثنى على الجنود المغاربة قائلا: “سوف تجعلوني رافع الرأس مشرفا فخورا بسيرتكم واستشهادكم وشجاعتكم”.
ووصلت التجريدة المغربية يوم 9 يونيو/حزيران 1973 إلى مدينة “اللاذقية” السورية، حيث بقيت مرابطة جنوب المدينة، قبل أن يتوجهوا لاحقا إلى هضبة “الجولان”، وقد “خصص السوريون للمغاربة استقبالا حارا، لأنهم كانوا يعتبرون أن المغاربة قدموا إلى بلادهم من أجل تحرير أراضيها المحتلة”.
قمة جبل الشيخ الاستراتيجية كانت مقراً للكتيبة المغربية
وكان الموقع الذي خصص للكتيبة المغربية على قمة “جبل الشيخ” بمنطقة الجولان، في مواجهة القوات الصهيونية المجهزة بالدبابات التي حاصرت الفيلق المغربي من كل جانب بعد وصوله. وقد تحفظ جيش العدو على إطلاق النار على الفيلق المغربي، وطلب من الجنود المغاربة المحاصرين التخلي عن أسلحتهم عبر مكبرات الصوت إن هم أرادوا البقاء على قيد الحياة.
هذا التهديد لم يخف عناصر الفيلق المغربي، الذين أصروا على الاحتفاظ بأسلحتهم، وعدم التخلي عنها، حتى وإن كلفهم ذلك حياتهم، “بالنسبة إليهم كان الامتثال لأوامر الإسرائيليين يشكل طعنا في شرفهم العسكري”.
وأمام إصرار الجنود المغاربة على التشبث بموقفهم، سمح لهم الإسرائيليون بتسليم أنفسهم، من دون أن ينزلوا أسلحتهم؛ ليتم بعد ذلك اقتيادهم إلى منطقة مجهولة بين هضاب “الجولان” الشاسعة، حيث ستتم تصفيتهم.
المشهد البطولي المذكور واحد من فصول مشاركة المغاربة في حرب أكتوبر/تشرين الأول سنة 1973 بين العرب والصهاينة، التي دارات رحاها على هضبة الجولان على الجبهة السورية.
المغاربة يهزمون الإسرائيليين…
حينما نشب القتال في شهر أكتوبر/تشرين الأول سنة 1973 بين الصهاينة والجيوش العربية، كانت القوات المغربية مرابطة في جبهة “الجولان”، بقيادة الجنرال عبد السلام الصفريوي.
عناصر التجريدة المغربية اشتبكوا مع القوات الصهيونية، ودخلوا في معارك مدفعية عنيفة بواسطة سياراتها المصفحة والمدافع المضادة للطائرات.
تمكن المغاربة من تحقيق تقدم سريع وإحراز انتصارات أثارت دهشة الجميع، رغم شدة المعارك الحامية الوطيس ضد الجيش الصهيوني، كما أن القوات المغربية كانت تشكل على سفح وجنبات مرتفع “هرمون” بجبل الشيخ السد المنيع الذي يحول دون تقدم القوات الإسرائيلية إلى دمشق.
فصيلة مغربية وجهاً لوجه مع القوات الصهيونية
خلال الحرب كانت إحدى فصائل التجريدة المغربية مهددة بعد أن فقدت في معركة ضارية أسلحتها الثقيلة ووجدت نفسها في يوم من الأيام العصيبة مهددة في رجالها، في تلك الواقعة كانت الفصيلة المغربية أمام فيلق من مدرعات ودبابات الجيش الصهيوني، أمام هذا الوضع أعطى الجنرال الصفريوي تعليماته لمجموعة من جنوده كي يتقدموا راجلين ليواجهوا فيلق الصهاينة بأسلحة لا تتعدى مدافع “البازوكا”، وانخرط الجنود المغاربة راجلين في معركة مع الجيش الإسرائيلي المجهز بأسلحة ثقيلة، وتمكنوا من تحطيم دبابة إسرائيلية، فتوقف فيلق العدو الصهيوني، وكسبت الفصيلة المغربية نصرا في معركة من معارك الحرب.
عودة الكتيبة المغربية إلى بلادها
بالنسبة إلى التجريدة المغربية التي حاربت على الجبهة السورية عادت إلى المغرب يوم 5 يوليو/تموز 1974، وقامت باستعراض عسكري بحضور الحسن الثاني. قبل ذلك صدر في دمشق مرسوم رئاسي يمنح لقب بطل الجمهورية العربية السورية إلى كل من الجنرال الصفريوي والكولونيل عبد القادر العلام، الذي توفي في حرب الجولان إثر سقوط قذيفة محرقة على سيارة كانت يستقلها للعبور من ثكنة عسكرية إلى أخرى بمنطقة “الجولان”.
الملك الراحل خاطب وفدا يمثل العائدين قائلا: “إنكم ولله الحمد أعليتم رايتنا وأعليتم شأننا وكلمتنا وأرجعتم للشجاعة المغربية وللبسالة المغربية ما كان معروفا عنها”، مضيفا “والمعطوبين منكم والجرحى منكم يكفيهم أن يمروا أمام إخوانهم سواء في وطنهم الصغير أو في وطنهم الكبير وهم حاملون لجرحهم ليكون لهم ذلك العطب وذلك الجرح أكبر تشريف وأكبر تكريم”.
الكتيبة المغربية كانت رمزاً للبطولة والفداء
لقد كانت تلك التجريدة العسكرية المغربية، فعليا، مضربا للمثل في الشجاعة العسكرية في كل الجولان وسورية وفلسطين. وكانت الآلة العسكرية الصهيونية تدرك أنها أمام عناصر جد مدربة ومحنكة، وأنها تنتمي لمدرسة في العسكرية لا علاقة لها بالمدرسة العسكرية لأوروبا الشرقية، فكانت قد حاولت من خلال رمي مناشير من الجو ثني تلك القوات المغربية من المشاركة في المعركة بلغة فيها الكثير من التقدير لأولئك الجنود ولبلدهم، الذين كانت تقول تلك المناشير إنها “بعيدة عن هذه البلاد كثيرا وغير معنية بمعاركها”. بل إن السمعة التي كانت (ولاتزال) لتلك التجريدة العسكرية المغربية هناك، قد جعلت الأمهات الجولانيات يخوفن صغارهن من أجل حملهم على الدخول إلى المنازل بالقول: “أدخلوا إن المغاربة الأشاوس قادمون”.
الكتيبة المغربية لعبت دوراً حاسما في حرب رمضان
الحقيقة أن السر في تلك السمعة الطيبة الجليلة، العالية في الشرف للجندي المغربي، راجع إلى أن تلك التجريدة المغربية قد لعبت دورا حاسما في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 في تحرير أجزاء هامة من هضبة الجولان مع وحدات عراقية، وأنها أساسا قد حررت لوحدها جبل الشيخ الاستراتيجي، واحتلت قمته التي كانت ولا تزال تضم مركزا محوريا للاتصالات اللاسلكية والرصد، له قوة حاسمة في كل بلاد الشام، من خليج العقبة جنوباً حتى ما وراء العاصمة دمشق شمالا.
غدر حافظ الأسد بالقوات المغربية
وكان مفروضا أن يحمى ذلك النصر، الذي كانت تقدم عنه القناة التلفازية المغربية بعض الصور الحية، في كل مناسبة لحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، حيث كان المشاهدون المغاربة يشاهدون جنودهم من تلك الكتيبة وهم يزحفون صاعدين بسرعة في جبل الشيخ تحت وابل من الرصاص الإسرائيلي، وكان مفروضاً، أن يحمى ذلك النصر، جويا من قبل طائرات الميغ السورية السوفياتية الصنع، لكن الذي وقع هو أن الطائرات الوحيدة التي حلقت حينها هي الطائرات الصهيونية من نوع (ميراج) الفرنسية الصنع وال (إف 5) الأمريكية الصنع، فكان الذي كان، سقط الشهداء المغاربة بالعشرات. واستعادت تل أبيب “جبل الشيخ” وأجزاء من القنيطرة والجولان، بعد أيام ضارية من القتال.
قابل الأيام ستكشف الكثير من الحقائق عن خيانات آل الأسد
إن أرواح شهداء المغرب، من كتيبة الشرف العسكرية المغربية، التي سقت دماؤها الطاهرة الجولان، هناك في رمضان، معلقة في السماء منذ أكثر من 47 سنة، تنتظر الحقيقة الفصل. ولا بد من أن تتكشف الحقائق التي تدين آل الأسد بالخيانة وارتكاب الجرائم، وبالتالي لابد من إحالة مجرمي الحرب من هذه العائلة العميلة ومن يحيط بها ويساندها إلى محاكم جرائم الحرب لينالوا الحكم العادل بحقهم إن عاجلاً أو آجلا.