نشر الدبابات السوفيتية على الحدود مع السعودية. أسرار كبير المستشارين العسكريين السوفييت
اشتعلت حرب الوديعة في ٢٧/ ١١/ ١٩٦٩ م بين المملكة العربية السعودية وجمهورية اليمن الجنوبي بعد أن استولت القوات اليمنية على مدينة الوديعة التي تقع على الحدود مع اليمن وانتهت الحرب خلال حوالي ١٠ أيام في ٦/ ١٢ من نفس العام بعدما استعادت القوات السعودية الوديعة مرة أخرى من أيدي القوات اليمنية.
هاجمت وحدات من الجيش النظامي اليمني مركز الوديعة السعودي على الحدود مع اليمن الجنوبي، حيث اجتاز اللواء الثلاثون مشاة وبعض المليشيات القبلية تسانده الطائرات والمدفعية حدود المملكة، ودخلَ قرن الوديعة بينما اتجه جزء من هذه القوات إلى مدينة شرورة إلا أنه تم إيقافها. تم ابلاغ القيادة السياسية والعسكرية في المملكة العربية السعودية بأن قوات يمنية جنوبية قد دخلت مركز الوديعة فأصدر الملك فيصل بن عبد العزيز أمره بطرد المعتدين، وعلى أثره أصدر وزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبد العزيز أمره إلى قوات سعودية برية وجوية باستعادة مركز الوديعة وطرد المعتدين خارج الحدود الدولية للمملكة العربية السعودية، وكلفت المنطقة الجنوبية بهذه المهمة وتم استرجاع مركز الوديعة
حيث تقدمت وحدات الجيش النظامي التابعة لليمن الجنوبي في يوم ٢٧/ ١١/ ١٩٦٩ م إلى مدينة الوديعة واستولت عليها ، وكانت القوات السعودية المنتشرة حينها في المنطقة تقتصر على بعض القبائل المدعومة من قبل بعض الطائرات والمدفعية، وبعد الاستيلاء على الوديعة بدأت القوات اليمنية التقدم نحو شرورة، ولكن الزحف توقف بسبب المقاومة الشعبية.
وما إن وصل خبر الهجوم إلى الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله حتى أمر أخيه الأمير سلطان رحمه الله، وزير الدفاع والطيران، بإيقاف تقدمهم نحو شروة ثم الهجوم عليهم في الوديعة لتحريرها واستعادتها منهم ومطاردة فلولهم الهاربة إلى خارج البلاد.
اقتصر العمل في البداية إلى حد كبير على المعارك الجوية، حيث قامت القوات الجوية التابعة للمملكة بسلسلة من عمليات القصف الجوي، واستمرت هذه الهجمات على مدار يومين، ونظرًا لطبيعة المنطقة الجغرافية فقد عملت الصحراء المكشوفة لصالح المملكة، وقد حاول العراق و الأردن خلال هذه الفترة التوسط لإنهاء الصراع.
في صباح اليوم التالي بدأ الهجوم البري من جانب المملكة باتجاه المواقع اليمنية على محورين، من قبل كتيبة من وحدات الحرس الوطني من جهة الغرب ومجموعة من حرس الحدود من جهة الشرق، واستمرت الاشتباكات في اليوم التالي من الفجر طوال اليوم، وقتل في هذه المعارك قائد لواء القوات اليمنية، فبدأت القوات اليمنية بعد ذلك في الانسحاب، فتمت ملاحقة القوات الهاربة وتدمير مراكز إمدادها، ولكن التزاماً بأمر الملك فيصل القاضي بعدم تجاوز حدود المملكة فقد توقفت القوات السعودية ولم تواصل التوغل داخل الحدود اليمنية بعد تحقيق الانتصار.
وهكذا عادت الوديعة إلى المملكة في ٥/ ١٢/ ١٩٦٩ م ، ثم بعد ذلك شرعت القوات السعودية في نشر وتعزيز مواقعها الدفاعية داخل الوديعة، وبعد هذا الصراع بدأت الحكومة برنامجا واسع النطاق لبناء المواقع العسكرية في المنطقة و نشر المزيد من القوات العسكرية في شرورة على بعد نحو ٥٠ كلم من الوديعة.
مراحل معركة الوديعة
المرحلة الأولى (القصف الجوي)
بدأت العملية العسكرية السعودية بنيران تحضيرية، حيث بدأ القصف الجــوي من قبــل سلاح الجو الملكي السعودي الساعة الواحدة ظهراً يوم 19 رمضان 1389هـ/ 1969م، وتركز القصف على القوات اليمنية الجنوبية خاصة في قرن الوديعة، واستمر القصف الجوي السعودي حتى المساء وفي صباح اليوم التالي ركّز القصف الجوي على قيادات القوات اليمنية الجنوبية، ومناطق إسنادها الإدارية، وخطوط مواصلاتها وقواعدها الخلفية.
المرحلة الثانية (الهجوم البري)
بدأ الهجوم البري في الساعة (0945 رمضان 1389هـ/ 1969م) على محورين كالتالي:
- (أ) كتيبة من الحرس الوطني مع فصيل البندقية م/د (106) وبعض فصائل أخرى تسلك المحور الغربي لتطهير واستعادة قرن الوديعة وطرد القوات المهاجمة.
- (ب) س2 ك1 ل8 + س1 ك1 ل10 + فصيل بندقية م/د 106 + مجموعة من خويا الإمارة والمجاهدين السعوديين وحرس الحدود السعودي والقوات البرية السعودية تسلك المحور الشرقي عبر وادي أم السلم وغربه لمواجهة القوات اليمنية الجنوبية.
المرحلة الثالثة (التعزيز)
استعادت القوات السعودية مركز الوديعة وقامت بالتمركز في مواقع دفاعية وبلغت خسائر القـوات السعودية إستشهاد (39) فرداً وأسر (26) وتدمير بعض المعدات وإسقاط طائرة مقاتلة، أما خسائر القوات اليمنية الجنوبية فكانت كبيرة جدا حيث تم أسر عدد كبير منهم ودمرت معظم أسلحتهم ومعداتهم وتم الاستيلاء على الباقي منها. أخذت تتوالى وصول القوات السعودية إلى شرورة حيث وصلت بقية الكتيبة الأولى من ل10، وسرية مدرعات وسرية هاون ووحدات أخرى.
و أخيرًا و عبر اتفاقية ترسيم الحدود السعودية اليمنية لعام ٢٠٠٠ م تم تسوية مسألة الملكية، والتي أكدت ملكية السعودية للوديعة.