(تحليل استراتيجي: معركة صحراء مأرب - دروس في التخطيط العسكري المتقن)
في صحراء مأرب، كتبت القوات الجوية السعودية فصلًا جديدًا من فصول الصمود العسكري، حيث حوّلت المواجهة مع مليشيات الحوثي إلى نموذج لاستراتيجية متكاملة تعتمد على التخطيط الدقيق واستغلال Weaknesses العدو وتفوق التقنية. هذه المعركة لم تكن مجرد ضربات جوية عشوائية، بل كانت عملية مُحكمَة تستند إلى عدة مبادئ استراتيجية عميقة:
الدفاع المرن والحرب الاستنزافية:
استخدمت القوات السعودية تكتيك "جذب العدو إلى الأرض المُفتوحة" حيث سمحت للمليشيات بالتقدم في الصحراء، لتحويلها إلى ساحة مفتوحة تُسهل الاستهداف دون أضرار مدنية. هذا النهج يعكس حكمة عسكرية تقوم على استنزاف قوى العدو في terrains تفضّل التفوق الجوي.
المباغتة والتوقيت المحكم:
الضربات الجوية لم تكن ردّة فعل، بل استباقية ومبنية على معلومات استخباراتية دقيقة. الوثائق التي راجعها فريق "JIAT" أكدت أن الضربات استهدفت تجمّعات للمليشيات في مواقع مكشوفة بعيدًا عن المناطق الآهلة.
التكامل بين التقنية والإنسان:
اعتمدت العمليات على التحكم الآني من خلال "مُوجّه أمامي" (Forward Controller) يوجّه الضربات بدقة، مما قلّل الفاقد البشري والمادي وجنّب الأضرار الجانبية. هذا النموذج يُظهر تفوقًا في الجمع بين العامل البشري والتقني.
الحرب النفسية والمعنوية:
تحويل ساحة المعركة إلى فخ للعدو يُضعف معنوياته ويُفكك تماسكه. إذ إن خسائر المليشيات في صحراء مأرب لم تكن فقط مادية، بل شملت انهيارًا لروحها القتالية بعد اكتشاف عدم جدوى التخفي والتموضع. (رؤية سعودية: أمن المملكة جزء من أمن المنطقة)
كسعوديين، نرى أن معركة مأرب ليست مجرد عملية عسكرية، بل تأكيد على أن استقرار اليمن هو ركيزة لاستقرار المنطقة. المملكة لم تُدخل هذه المعركة من أجل التفوق العسكري فقط، بل لتحقيق عدة أهداف إستراتيجية:
حماية الحدود الجنوبية من تهديدات المليشيات.
دعم الشرعية اليمنية واستعادة الدولة من براثن الفوضى.
تأمين الممرات البحرية والقوافل التجارية في البحر الأحمر. (ختام: دروس للمستقبل)
معركة مأبرب تثبت أن الحرب الناجحة لا تعتمد على القوة الخشنة فقط، بل على الذكاء التكتيكي والصبر الاستراتيجي والتحكم في الزمان والمكان. السعودية، بإرادتها وتخطيطها، حوّلت الصحراء من ساحة خطر إلى ساحة نصر.من أرض السعودية.. نقول: لا غالب إلا الإرادة والعزيمة
![]()
التحالف العربي بقيادة السعودية كان مشروعًا جماعيًا، ودولة الإمارات كانت ثاني أكبر شريك فيه من حيث القوات على الأرض، والدعم العملياتي، والسيطرة على بعض المحاور الاستراتيجية. معركة مأرب لم تُحسم بالقوة الجوية وحدها، وإنما بدمج بين الطيران، الدعم الأرضي، وإسناد القوات اليمنية المشتركة.
- السعودية: التفوق الجوي، الإمداد بالسلاح، المعلومات الاستخباراتية، وإدارة المعركة الاستراتيجية الكبرى.
- الإمارات: القدرات الجوية الفعالة وقدرات الدفاع الجوي مع إعداد وتدريب القوات اليمنية (المقاومة الوطنية، العمالقة، قوات الحزم والأحزمة الأمنية)، توفير قوات برية عالية الانضباط قاتلت في أصعب الجبهات (عدن، الساحل الغربي، شبوة)، والمشاركة الفعلية في كسر خطوط الحوثيين ودحرهم من مناطق استراتيجية.
بدون هذه "الأذرع اليمنية المُدربة إماراتيًا" كان من الصعب للسعودية مهما بلغت قوتها الجوية أن تُترجم الضربات إلى تحرير أرض.
صحيح أن الطيران السعودي وبإسناد من القوات الجوية الاماراتية لعب دورًا حاسمًا في إبادة الحشود الحوثية في صحراء مأرب، لكن تأمين الجبهة لم يقتصر على الضربات الجوية. التدخل الإماراتي جاء بشكل مباشر وغير مباشر:
- إرسال قوات برية في السنوات الأولى حين كان الحوثي يهدد بالسقوط الكامل لمأرب وعدن.
- تدريب وتسليح قوات العمالقة الذين أثبتوا دورًا مفصليًا بتحرير شبوة ثم المساهمة في فك الضغط عن مأرب مطلع 2022.
- هذا التحرك الإماراتي غيّر التوازن على الأرض، وساهم في حرف مسار المعركة.
ينبغي التذكير أن:
- إنكار دور الإمارات ظلم للتضحيات التي قدمتها (شهداءها في المعارك، وخسائرها الميدانية).
- وإنكار دور السعودية أيضًا تجنٍّ على الواقع لأنها كانت العمود الفقري لعمليات التحالف ودعمه المالي والعسكري واللوجستي.
التحالف نجح لأنه تكامل سعودي – إماراتي، والدليل أن الحوثي فشل في تحقيق أهدافه رغم الدعم الإيراني الواسع.