مومياء تانزروفت ...او الطيار البريطاني الذي قتلته الصحراء الجزائرية

إنضم
14 سبتمبر 2018
المشاركات
549
التفاعل
1,057 29 0
الدولة
Algeria
من عباس بن فرناس إلى أسطورة إيكار إلى مصير إيميليا إيرهارت الغامض، مرورا بأنطوان دو سانت إيكسبيري… هي ملحمة الطيران التي ألهمت آلاف العاشقين للتحليق أعلى من النسور.. وللجزائر قصتها مع أحد هؤلاء الطيارين العالميين، الذي حلق فوق الصحراء فدفنته رمالها.


في 11 فيفري 1962، والجزائر على مشارف الاستقلال، عثرت دورية من الشرطة الفرنسية على مومياء مسجاة، قرب هيكل طائرة محطمة، في موقع على طريق كانت تسمى الطريق الإمبراطوري رقم اثنان، تربط بين وهران ومدينة غاو في مالي، في هضبة تانزروفت، في أقصى جنوب شرق الصحراء، على تخوم إيفوراس المالية، قرب أدرار.

تمكنت الشرطة من التحقق من هوية المومياء، من خلال دفتر الطائرة، وهو الطيار البريطاني ويليام نيوتن لانكستر، المدعو بيل، الذي اختفى عام 1933، أي منذ ثلاثين سنة تقريبا… كان هذا الطيار المتهور المجازف قد قرر تحقيق رقم قياسي بالطيران الفردي، عبر الصحراء، على متن طائرة المونوبلاس، التي سماها تيمنا بالصحراء “صليب الصحراء الصغير”.. وقد سبق له النجاح في الطيران بين كرويدن بإنجلترا وداروين بأستراليا، رفقة الطيارة الأسترالية جيسي مود، المعروفة بشوبي، التي كانت في ذات الفترة خطيبته…

لكنه لم يكن يواجه مكانا عاديا، بل صحراء شاسعة، تبتلع كل من يسهو أو يخطئ، وتخفي معالم جريمتها بين الرمال… عند اختفاء طائرة “بيل”، قام الاستعمار الفرنسي بالبحث عنه، وتمشيط كل المنطقة، لكن دون جدوى، لشساعة محيط البحث.

وعثر عليه بعدها بعد عدة عقود ودفن في منطقة رڤان.

يوميات طيار طائش
thumbnail_0-2-3.jpg




ودون “بيل” في دفتره أيامه الثمانية الأخيرة، وصورها على أنها كانت ساعات طويلة من الآلام واليأس، وكانت آخر كلماته: “لم يعد هناك ماء… لا ريح تهب… أنا أنتظر الموت.. “

وأضاف في صفحة أخرى: “عزيزتي شوبي، أمي الحبيبة، أبي العزيز، أصدقائي.. لا تحزنوا.. أنا المسؤول الوحيد عما أصابني… كان جنونا مني”.

وتحصلت خطيبته شوبي على دفتره الخاص، حسب آخر أمنياته، وقامت بعدها بنشر يومياته. وقد ألهمت هذه اليوميات العصيبة الأدباء، منهم الكاتب سيلفان إيستوبال، فكتب روايته “آخر رحلة طيران للانكستر”، واقتبست القصة سينمائيا سنة 2009 في فيلم “لانكستر”، للمخرج كريم دريدي.

مومياء على الطريق الصحراوي
وتبقى مومياء لانكستر لغزا محيرا، فعادة ما تحفظ المومياءات الطبيعية بفعل البرد والثلج، ولكن مومياء لانكستر أبقت على ملامح الطيار كما هي، رغم مرور سنوات عديدة في صحراء قاحلة، تتراوح حرارتها ما بين 35 و80 درجة أحيانا… ويؤكد العلماء أن هناك عوامل أخرى قد تؤدي إلى حفظ الجثث، مثل الملح والحرارة العالية.. والأمثلة كثيرة، من الإنسان أوتزي، وماموث سيبيريا، ورجال الملح في شهراباد بإيران، وآخرها في صحراء غوبي، حيث عثر على مومياءات تعود إلى 500 سنة مضت
 
عودة
أعلى