عرفت هذه الحرب بحرب الستة أيام
حشود عسكرية أسرائيلية على حدود سوريا
بدأت الحرب من الفترة التي سبقت يونيو1967م حيث تسربت معلومات بعد أن حدثت معركة جوية التي دارت فوق دمشق في أبريل1967 بين المقاتلات السورية والاسرائيلية, بإذاعة أن هناك الحشود الاسرائيلية علي الحدود السورية, ثم صراخ سوريا خوفا منها , وأكدت روسيا وجود هذه الحشود ولم يترك القادة السوفييت زائرا مصريا لموسكو إلا وتحدثوا معه بشأن هذه الحشود, ومن بين هؤلاء أنور السادات الذي كان يرأس وفدا برلمانيا, كما نشط سفيرهم في القاهرة لإبلاغ هذه الرسالة. في نفس الفترة, تلقت مصر.فى شخص عبد الناصر , معلومات مؤكدة من رئيس فرع المخابرات بالقيادة العربية الموحدة السوري الجنسية, بأنه لا صحة لهذه المعلومات المتعلقة بالحشود.
واختلفت الآراء داخل القيادة العليا للقوات المسلحة, أمر الرئيس المصري بسفر وفد عسكري برئاسة الفريق أول محمد فوزي رئيس الأركان الي سوريا لبحث الأمر. ثم التقي بـ سويدان رئيس الاركان السوري وزارا الجبهة معا, وحلقا بطائرة فوق منطقة الحدود, ولم يشاهد فوزي ومن معه أي أثر لهذه الحشود, وعاد ليكتب تقريرا بذلك, ولم يأخذ عبد الناصر بما جاء في تقرير فوزي, وصدق المعلومات الروسية, وحشد القوات المسلحة في سيناء في مظاهرة عسكرية علنية. وكانت القوات المصرية متورطة في المستنقع اليمني في معركة لا تبدو لها نهاية وان كانت بدأت بعد انقلاب السلال في سبتمبر1962م ويعقد عبد الناصر المؤتمرات, ويزور وحدات القوات المسلحة مهددا بالحرب,
مصر تعلن الحرب على أسرائيل
أولاً : أمر جمال عبد الناصر اغلاق خليج العقبة في وجه الملاحة الاسرائيلية, أي تغيير امر واقع بالقوة, وبما يعد اعلانا للحرب علي اسرائيل, خاصة أن ذلك يعني حرمانها من مكسب رئيسي حصلت عليه كثمن لانتصارها في معركة1956, ومثل هذا العمل يفرض علي اسرائيل اللجوء الي القوة المسلحة لإعادة فتح خليج العقبة أمام الملاحة.
الثانيـــــة: طلب سحب قوات الأمم المتحدة من مواقعها علي الحدود المصرية الاسرائيلية, اي فتح الطريق أمام القوات المصرية لتهاجم اسرائيل, ولم يكن لدي مصر حتي ذلك الوقت اي خطط هجومية, وكان كل مالديها الخطة الدفاعية قاهر.
وصاحب إعلان الحشد العسكري وإغلاق خليج العقبة وسحب قوات الطواريء الدولية ضجة إعلامية هائلة, صورتنا أمام العالم وكأننا الساعون لتهديد السلام والامن في المنطقة والعالم.
خسرت مصر المعركة الاعلامية قبل أن تبدأ الحرب, وساعد علي ذلك سوء العلاقات بين جمال عبد الناصر ودول كبيرة وخاصة تطاوله على زعماء العالم الغربى وعدد كبير من الدول الغربية والعربية.
اعتمد المجلس الأعلي للقوات المسلحة في نوفمبر1966 الخطة العسكرية قاهر التي وضعت كدستور ومنهاج عمل للقوات المسلحة في إطار الظروف التي كانت تمر بها سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
وقد وضعت هذه الخطة الدفاعية قاهر لمواجهة احتمالات قيام اسرائيل بأعمال عسكرية ضد مصر.
وكان واضحا أن المخططين قد راعوا توزع القوات المسلحة بين المسرحين المصري واليمني, وبالرغم من أنها خطة دفاعية, فإن القوات المسلحة لكي تضعها موضع التنفيذ بصورة طيبة كانت في حاجة لتوافر هذه الامكانيات.وقد صدق( أقر) الرئيس عبد الناصر القائد الأعلي للقوات المسلحة علي هذه الخطة, وبما يعني علمه الكامل بها وبكل ما تضمنته.
حشد القوات فى سيناء
وفى أقل من ستة أشهر حتي قرر رئيس مصر وقائدها الأعلي حشد القوات المسلحة في سيناء, ولم يكتف بذلك, بل أمر بإعداد خطط هجومية. ومن
وتم التخطيط في إطار من الفوضي والارتجال, وفي النهاية تم وضع مسودات خطط علي عجل حملت أسماء غسق ونجد وسهم و.. و..
وقد وقعت في أيدي العدو بعض وثائق هذه الخطط الهجومية, وبما أتاح له فرصة استخدامها ضد مصر عن طريق بعض العملاء من كبار الضباط فى الجيش المصرى الذين أسروا على الحدود.
وعندما اندلعت الحرب كان القائد الأعلي ونائب القائد الأعلي( المشير عامر) معلقا داخل طائرة كانت في طريقها إلي قاعدة المليز الجوية بسيناء, وكان القادة الكبار هناك بانتظاره أي أن الحرب بدأت وليس هناك قائد في مقر قيادته.
الثقافة العسكرية للمشير عامر, توقف به العلم عند رتبة الصاغ( الرائد), وأن الوزير شمس بدران توقفت به رحلة العلم وخبرة القتال عند رتبة الملازم أول.
وفي نفس الوقت كان طاهر اليحيي رئيس وزراء العراق بصحبته حسين الشافعي في طائرة أخري متوجها لزيارة الجبهة, وظل هو الآخر معلقا في السماء يبحث عن مطار آمن نسبيا للهبوط فيه.
فوضى قبل الحرب
في الخامس من يونيو, وبعد اعلان التعبئة العامة, شهدت سيناء فوضي لم يسبق لها مثيل, فقد وصلت وحدات بملابسها المدنية وبدون أسلحة أو معدات, وكما تسلمت القوات دبابات جديدة بشحومها, تسلمت دبابات بدون ابر ضرب النار, ومدافع بدون ذخيرة.
وتم توزيع قوات الاحتياط اعتباطا وبصورة عشوائية, فأطقم الدبابات ت ـ34, تم توزيعها علي دبابات ت ـ54, والعكس, وهكذا
لم تجد القوات التي تم حشدها في سيناء خلال الأسبوعين الأخيرين من مايو والأيام الأولي من يونيو احتياجاتها من الماء والطعام.
أما المخازن, سواء في ذلك مخازن الذخيرة أو الوقود أو المواد الغذائية, فقد ظلت مكشوفة, ولم تتخذ أي اجراءات لحمايتها, أو لنقلها إلي مخازن مؤمنة. وعندما اندلعت الحرب تمكنت قوات العدو ببساطة من الاستيلاء علي معظمها, مما أفادها في تقدمها.
سقوط أسرار عسكرية خطيرة فى يد اسرائيل
نتيجة لعدم معرفة مجموعة استطلاع لطرق ومدقات سيناء, فقد ضلت طريقها وهي في طريقها لتنفيذ مهمة كانت مكلفة بها خلال مايو1967, ووقعت في يد العدو الذي استولي علي خرائطها السرية جدا بكل ماعليها من معلومات بالغة السرية, وبتعذيب واستجواب أفراد هذه المجموعة, حصلوا علي مجموعات أكثر , واستخدمت اسرائيل هذه الوثائق والمعلومات لإقناع أمريكا بأن مصر تخطط للهجوم فعلا علي اسرائيل, وكان ذلك أحد المداخل للحصول علي دعم الولايات المتحدة للمخططات الإسرائيلية.
وافقت قيادة القوات الجوية بعد إلحاح علي تصوير بعض مواقع العدو جوا, صورت مدينة العقبة الأردنية باعتبارها إيلات الإسرائيلية, وصورت مطارا هيكليا في منطقة الخالصة باعتباره قاعدة جوية حقيقية, وترتب علي ذلك حدوث خسائر جسيمة للقوات الجوية التي أغارت عليه. ويستحق التقدير مكتب مخابرات العريش, فقد أعد تقريرا عن القوات الإسرائيلية الموجودة علي الحدود حدد فيه موعد الهجوم بدقة, وحقيقة استعدادات القوات الإسرائيلية ومناطق انتشارها. ولم تهتم القيادة العامة بهذا التقرير المهم, مثلما تجاهلت القيادة السياسية مجموعة من التقارير التي تضمنت معلومات صحيحة عن نوايا اسرائيل وتوقيت الهجوم المتوقع