الأطباء الروس يدافعون عن لقاح "سبوتنيك-V"
أجاب رئيس معهد "غاماليا" للوبائيات والأحياء الدقيقة، ألكسندر غينتسبورغ، عن الانتقادات والأسئلة التي يواجهها لقاح "سبوتنيك-V"، أول لقاح يتم تسجيله حول العام ضد "كوفيد-19".
وجاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم أمس في معهد "غاماليا" للوبائيات والأحياء الدقيقة التابع لوزارة الصحة الروسية، والذي شارك فيه إلى جانب غينتسبورغ، نائب رئيس معهد "غماليا"، دينيس لوغونوف، ورئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، كيريل دميترييف.
بداية، أشار
ألكسندر غينتسبورغ إلى أن ما جعلنا نتوقع الخطر الوبائي الأكبر، وفقا لما تؤكده لنا التجربة على مدى العقود الأخيرة، هو أن فيروسات الحمض النووي الريبوزي المغلفة (التي ينتمي إليها فيروس كورونا) هي الكائنات الحية الأسرع تغيّرا على كوكب الأرض. كذلك فإن الجداول الوطنية التي تضم اللقاحات حول العالم وهي حوالي 150 جدولا مصممة وفق مبادئ راسخة تماما، ومعروفة للجميع. وقد ارتبطت الفاشيات الأساسية تحديدا بفيروسات الحمض النووي الريبوزي المغلفة، وهي كقاعدة عامة فيروسات حيوانية المنشأ، وذات قدرة كبيرة على العيش في الحيوانات البرية والمواشي. ونظرا لأن البشرية تتحرك وتنتقل أكثر مما كانت في السابق، كان من الطبيعي أن تصبح هذه الفيروسات في مرتبة الصدارة بالنسبة لأخطار الأوبئة.
لذلك كان من الضروري صنع واستخدام تقنيات جديدة نوعيا، تتيح العمل على تصنيع سلالات لقاحية ضد هذه الفيروسات. من هنا جاء استخدام التقنية التي تسمى تكنولوجيا استخدام نواقل الحمض النووي، وخاصة الفيروس الغداني Adenoviruses، حيث يجري العمل على إعداد هذه التقنية في معهد "غماليا" منذ أكثر من عشرين عاما، ولم يكن ذلك من أجل صنع اللقاح، وإنما من أجل إيصال جينات الإنسان إلى خلاياه بغرض المعالجة الجينية.
ولكن منذ عام 2014، حينما بدأنا في تصنيع لقاح ضد فيروس الإيبولا، قررنا استعمال هذه التقنية، التي تزيل من الفيروسات جملة من الجينات المسؤولة عن تكاثرها، فتصبح هذه الفيروسات غير مؤذية نهائيا، وبدلا من تسلسلات الحمض النووي التي تزال اصطناعيا، تحل تسلسلات الحمض النووي اللازمة التي تلزم لتحريض الرد المناعي ضد الفيروس، حيث تتغلغل هذه البنى المغطاة ببروتين الفيروس الغداني بفعالية كبيرة، لأن آلية توصيل حمض الفيروسات الغدانية النووي، بلغت حد الكمال في التعايش التطوري بين الفيروسات الغدانية والإنسان.
وبعد التغلغل، يبدأ تعبير تلك المادة الوراثية، ويتركب الحمض النووي الريبوزي منزوع الأكسجين، وعليه يتركب البروتين الضروري لتحريض الجهاز المناعي في الإنسان، وبهذه الكيفية يتم إيصال البروتين السطحي المعروف باسم "البروتين الحسكي"، الذي يتشكل منه تاج فيروس كورونا. ما يجعل كفاءة الاستجابة المناعية عند إصابة الشخص الملقح بعدوى جديدة أعلى من بين جميع الخيارات الموجودة اليوم. ومن المعروف أن اللقاحات التي يتم تطويرها حاليا في عدد من بلدان العالم على أساس هذه التكنولوجيا هي الأكثر تقدما من حيث التجارب السريرية. ومن بينها اللقاح الذي يتم تطويره حاليا في معهد أكسفورد، مع الشركة الإنجليزية متعددة الجنسيات "أسترا زينيكا" AstraZeneca.
من جانبه أعلن نائب رئيس معهد "غماليا"،
دينيس لوغونوف، عن أن هناك صيغتين من لقاح "سبوتنيك-V": الأولى سائلة ومجمدة، ويتم تخزينها بدرجة حرارة 20 تحت الصفر، والثانية مجففة بالتجميد، يتم تخزينها بدرجة حرارة 4 فوق الصفر.
وقد خضع كلا الشكلين لدراسات ما قبل السريرية، وهي دراسات شاملة تم فيها إشراك نماذج حيوانية، وقد أظهر اللقاح درجة عالية من السلامة، وحصل على تقييم جيد من قبل خبراء وزارة الصحة الروسية. كذلك أظهر اللقاح فعالية وقائية بنسبة 100%، من خلال حقن نماذج من فئران التجارب، وأثبت أنه يحمي الرئيسات (الكائنات الحية من القرود وحتى الإنسان) من إصابة الرئتين.
وعلى التوالي، قام المعهد بأبحاث سريرية اعتمادا على مجموعة من نتائج الأبحاث ما قبل السريرية، باستخدام اللقاحين: المجفف بالتجميد والسائل المجمد، وأجريت التجارب على أناس أصحاء تتراوح أعمارهم ما بين 18-60 عاما، وأظهرت النتائج مستوى جيدا من السلامة، ولم تسجل أي أعراض جانبية، سوى ظهور الألم مكان التطعيم، أو ارتفاع طفيف في درجات الحرارة لدى بعض المتطوعين وبعض الصداع، وهي ظواهر تصنف كأعراض جانبية خفيفة. وبتقييم فعالية اللقاح، من حيث تحريض الاستجابة المناعية، تبين تشكل أجسام مضادة، وأضداد معطلة للفيروس.
وبالاستناد إلى المعطيات، حصلنا على تسجيل من وزارة الصحة، 11 أغسطس الجاري. لكن التسجيل لم يطلق كامل الحرية لتداول واستخدام اللقاح، وإنما جاء استنادا إلى قرار الحكومة الروسية رقم 441 الصادر في أبريل من العام الجاري، بغرض السماح بتداول اللقاح للفئات تحت الخطر، ممن يرجح أن تكون عواقب إصابتهم بالمرض وخيمة أو مميتة، حفاظا على حياتهم.
لكن كل عبوة من اللقاح ستحمل رمز تشفير QR، وسيحصل كل مواطن على تطبيق، يربط الشخص بعبوة اللقاح لدى الهيئات المنظمة، أو على مستوى مديريات الصحة في الكيانات الفدرالية داخل روسيا. لذلك سوف يخضع استخدام اللقاح لمراقبة صارمة للغاية.
وذلك علاوة على أن تسجيل اللقاح يلزم بإجراء أبحاث سريرية إضافية موسّعة، وقد توافق معهد "غماليا" في الوقت الراهن على تنفيذ بروتوكول يشمل 40 ألف متطوع لتجربة اللقاح، لتقييم الفعالية الوبائية، لتكون هذه العينة وفق حسابات المعهد كافية لإثبات تأهل اللقاح للتسجيل الدائم، ومن ثم الاستخدام المجتمعي الواسع.
كذلك أشار لوغونوف إلى أن هناك 4 مواقع إنتاجية بما فيها معهد "غماليا"، بالإضافة إلى 3 شركاء تجاريين داخل روسيا، سوف تتيح الوصول إلى إنتاج ملايين الجرعات.
من جانبه أعلن رئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة،
كيريل دميترييف، عن نشر مقارنة هامة، على الصفحة الرسمية للقاح "سبوتنيك-V"، عن المقاربة التقنية للفيروس الغداني البشري، الذي استخدمه معهد "غماليا" بمقاربات أخرى، ومنها الفيروس الغداني للشمبانزي، والرنا المرسال، مع مناقشة كل واحدة منها والبحوث التي تدعمها، والتي لعبت دورا محوريا بالنسبة لاستثمارات الصندوق في المشروع.
وقال دميترييف إن مقاربة الفيروس الغداني البشري، والنواقل المرتكزة عليه بالتحديد قد درست جيدا على مدى العقود الأخيرة، منذ بدأ استخدامه عام 1953. وأشار إلى أن جميع المتطوعين في الجيش الأمريكي يتم تطعيمهم بالفيروس الغداني منذ عام 1971، بمعنى أن هناك ما يربو على 10 ملايين متطوع في الجيش الأمريكي تلقوا لقاحات على أساس الفيروس الغداني البشري. وفي عام 2011، حصل هذا اللقاح على موافقة إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA، وبالتالي فإن الجيش الأمريكي لم يكن ليستخدم هذا اللقاح خلال الأعوام الأربعين الماضية، إذا ما كانت له أعراض جانبية قوية أو طويلة الأمد. لأننا "نرى أن تكنولوجيا اللقاح على أساس الفيروس الغداني هي الأكثر استخداما، والجيش الأمريكي يدرك ذلك، لكونها أثبتت فعاليتها وسلامتها على المدى الطويل".
كذلك طرح دميترييف مثالا عن أكثر من 30 ألف مريض في الصين حصلوا على علاج ضد السرطان على أساس نواقل الفيروس الغداني البشري، وأثبتت كل هذه الدراسات أنه لا يتضمن أي آثار سلبية طويلة الأمد. ووعد بنشر 75 مقالا و250 دراسة سريرية حول موضوع الفيروس الغداني البشري، تؤكد على غياب أي آثار سلبية طويلة الأمد.
كذلك صرح رئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة بأن التجارب السريرية الأولى والثانية أثبتت أن 100% من المشاركين في تجارب اللقاح على أساس الفيروس الغداني الناقل قد حصلوا على رد مناعي قوي جدا ضد فيروس كورونا، وبالتالي فإن التخوف من وجود مناعة ضد الفيروس الغداني البشري لا أساس له من الصحة.
المصدر: RT