الوقفة التعبوية المصرية فى حرب اكتوبر ومدى تأثيرها على الجبهة السورية

عاشق وطنى

عضو جديد
إنضم
2 يوليو 2019
المشاركات
38
التفاعل
59 0 0
الدولة
Egypt
من القضايا الهامة المتعلقة بحرب أكتوبر والتى كانت مثار جدل وخلاف كبير بين الكثيرين من المهتمين بدراسة وتحليل وقائع حرب اكتوبر مسألة الوقفة التعبوية المصرية فى حرب اكتوبر ( من 9الى 13 اكتوبر )ومدى تأثيرها على القتال فى الجبهة السورية حيث يعتقد البعض أن الوقفة التعبوية المصرية كانت من الأسباب التى ساعدت اسرائيل على حسم الموقف لصالحها فى الجولان خلال حرب اكتوبر وأنه لو تقدمت القوات المصرية بإتجاه الممرات لأمكنها اجبار اسرائيل على ارسال جزء من قواتها من الجولان الى اسرائيل لمنع القوات المصرية من الاستيلاء على منطقة الممرات وبذلك يتم تخفيف الضغط على القوات السورية فى الجولان ويكون لديها فرصة أفضل لإستعادة الموقف فى الجولان وبذلك يتم تشتيت القوات الاسرائيلية على الجبهتين المصرية والسورية بشكل يجعل تأثيرها وفعاليتها أقل على الجبهتين ويعطى الفرصة للقوات المصرية والسورية للإنتصار على القوات الاسرائيلية ومع كامل احترامى وتقديرى لمن يعتقدون هذا الرأى إلا اننى بناء على أدلة وشواهد كثيرة أرى أن تركيز اسرائيل وحسمها الموقف لصالحها فى الجولان لا علاقة له بالجبهة المصرية وأنه حتى لو تقدمت القوات المصرية نحو الممرات فى الايام الاولى للحرب ما كان ذلك ليؤدى الى تخفيف الضغط عن القوات السورية فى الجولان واستندت فى رأيى على الأدلة الآتية :
1- كان الفاصل بين سيناء والجولان 500كم مما يجعل كل جبهة مستقلة عن الأخرى وبالتالى ينعدم تأثير كل منهما على الأخرى .
2- كان قرار اسرائيل تركيز مجهودها الرئيسى على الجولان اعتبارا من الساعة السادسة صباح يوم السبت 7 اكتوبر راجع لإختراق القوات السورية هضبة الجولان اختراقا عميقا وتهديدها لقلب اسرائيل واقترابها من الكثافة السكانية الاسرائيليةأى أن الجبهة السورية كانت أكثر خطورة على اسرائيل نسبيا من الجبهة المصرية خاصة ان عمق هضبة الجولان 20 كم بينما عمق سيناء 200كم وبالتالى رأت اسرائيل ان الخطورة الاكبر فى ذلك التوقيت تأتى من الجولان ولذلك أعطتها الأولوية وقررت التركيز عليها ووجدت القيادات العسكرية الاسرائيلية أن سوريا تستخدم حشود ضخمة من المدرعات فى هجومها واسع النطاق فى الجولان ولو لم يتم التعامل أولا وفورا مع الجبهة السورية فلن تتمكن اسرائيل من ايقاف المدرعات السورية واسترداد الجولان .
3- كانت القيادات العسكرية الاسرائيلية قيادات محترفة وولم يكن متوقعا أن تقع فى خطأ تشتيت قواتها على جبهتين وبالتالى خسارتهما معا لأنه لو افترضنا ان القوات المصرية تقدمت بإتجاه الممرات فلم يكن متوقعا فى هذه الحالة أن تسحب اسرئايل جزء من قواتها فى جبهة الجولان وترسلها الى سيناء وهى مشتبكة فى معركة حياة او موت فى الجولان لأنه فى هذه الحالة ستشتت قواتها وستخسر الجبهتين معا فالإنتصار بالجبة الأهم والأكثر خطورة وخسارة الجبهة الأقل خطورة وأهمية أفضل من خسارة الجبهتين معا .
4- كانت اسرائيل تعتمد على الطيران الاسرائيلى كقوة رئيسية لوقف التقدم السورى لحين وصول قوات الاحتياطى من قلب اسرائيل وفى هذه الحالة لم يكن من الممكن ان يدفع الهجوم المصرى بإتجاه الممرات الطيران الاسرائيلى الى توزيع قوته على الجبهتين وتخصيص جزء من قوته لصد الهجوم المصرى بإتجاه الممرات لأن قائد القوات الجوية الإسرائيلية اصدر اوامره للطيارين الاسرائيلين الابتعاد عن منطقة القناة لمسافة 15كم .
5- يوم 8 اكتوبر وهو اليوم الذى يمثل بداية التراجع السورى وبداية الانتصار الاسرائيلى كان يوجد على الجبهة المصرية عدد ضخم من الدبابات الاسرائيلية يقدر بحوالى 960 دبابة وهو ما يعنى أن اسرائيل كانت لديها قوات كافية لكل جبهة وانها كانت قادرة على التعامل مع جبهتين فى وقت واحد .
6- رغم خطورة الوضع على الجبهة السورية فإن اسرائيل لم تسحب جزء من قواتها على الجبهة المصرية رغم ضخامتها أى أن اسرائيل لم تسحب جزء من قواتها من الجبهة الأقل خطورة لدعم الجبهة الأكثر خطورة فهل من المنتظر ومن المتوقع أن تسحب اسرائيل جزء من قواتها من الجبهة الأكثر خطورة وهى الجولان الى الجبهة الأقل خطورة ؟!
7- كما نلاحظ أنه يوم 8 اكتوبر كان يوجد كما قلنا على الجبهة المصرية عدد ضخم من الدبابات الاسرائيلية يقدر بحوالى 960 دبابة وشنت هجوم مضاد ضد القوات المصرية انتهى بالفشل وتكبدت القوات الاسرائيلية خسائر فادحة وهو نفس اليوم الذى شهد بداية التراجع السورى اى أن التراجع السورى بدأ قبل يوم 9 اكتوبر وهو اليوم الذى بدأت فيه الوقفة التعبوية المصرية مما ينفى اى علاقة للوقفة التعبوية بالتراجع السورى فى الجولان .
8- بعد هزيمة القوات الاسرائيلية فى الجبهة المصرية يوم 8 اكتوبر كان موقف القوات الاسرائيلية خطير جدا على الجبهة المصرية بسبب فداحة الخسائر التى منيت بها اسرائيل فى هجوم يوم 8 اكتوبر الفاشل ولم تكن هناك قوات اسرائيلية كافية لصد اى هجوم مصرى محتمل ناحية الممرات ومع ذلك لم تسحب اسرائيل جزء من قواتها من الجولان او من عمق اسرائيل لدعم القوات الاسرائيلية فى سيناء ولتثبيت القوات المصرية ورغم ان القيادات العسكرية الاسرائليية كانت تتوقع ان تهاجم القوات المصرية منطقة الممرات بعد هزيمة القوات الاسرائلية يوم 8 اكتوبر إلا ان القيادات الاسرائيلية تركت مهمة الدفاع عن منطقة الممرات للقوات الاسرائيلية الموجودة فعلا فى سيناء رغم انها غير كافية وتركتها لمصيرها وهذا يدل على أن القوات المصرية لو كانت قد تقدمت بإتجاه الممرات بعد هزيمة القوات الاسرائيلية يوم 8 اكتوبر ما كتانت اسرائيل ستسحب جزء من قواتها من الجولان او من عمق اسرائيل لإرسالها لسيناء لأنه ليس من المعقول أن تننتظر اسرائيل بدء الهجوم المصرى فعليا بإتجاه الممرات لتقرر إرسال قوات إضافية الى سيناء لأنها ستصل بعد فوات الأوان .
9- وخلاصة القول أن الذى يحكم ردود الأفعال الاسرائيلية فى الحرب ونقل القوات من جبهة الى اخرى هو درجة خطورة كل جبهة ومدى تهديدها للعمق الاسرائيلى ودرجة اقترابها من مراكز الكثافة السكانية الاسرائيلية كما أن نجاح الهجوم المضاد الاسرائيلى فى حسم الموقف على الجبهة السورية لا علاقة له بالوقفة التعبوية المصرية ودرجة توقف أو تقدم القوات المصرية فى سيناء وإنما هو راجع الى الأخطاء السورية الفادحة وهذه الأخطاء هى :
- التوقف الغريب وغير المبرر يوم 7 اكتوبر وبذلك تخلت القوات السورية عن زمام المبادأة وأعطته لإسرائيل
- عدم ضرب مطار رمات دافيد
- عدم استخدام الفرقة الثالثة المدرعة لدعم نجاح هجوم الفرقة الأولى السورية الناجح والمؤثر وتشتيت الفرقة الثالثة المدرعة
- ترك القوات السورية لجسر بنات يعقوب دون تدميره او السيطرة عليه وهو الجسرالذى زحفت من خلاله القوات الاسرائيلية وشنت من خلاله هجومها المضاد
- عدم تعطيل الإحتياطى الاسرائيلى
- عدم استخدام قوات المشاة فى صد الهجوم الاسرائيلى المضاد وعدم استخدام المشاة ايضا فى الاستيلاء على الحصون الأمامية فى الجولان وبالتالى قامت هذه الحصون بالإبلاغ عن اتجاهات تقدم القوات السورية واعدادها واحجامها .وهذه الأخطاء مجتمعة تسببت فى تحويل الانتصار السورى فى الايام الاولى للحرب الى هزيمة وتحويل الهزيمة الاسرائيلية فى بداية الحرب فى الجبهة السورية الى انتصار .
وختاما فقد أثبت بالأدلة أن سبب نجاح اسرائيل فى حسم الموقف لصالحها فى الجولان راجع للاخطاء السورية الفادحة فى الحرب ولاعلاقة لها بالجبهة المصرية من قريب او بعيد
 
عودة
أعلى