تمثل الغواصات احد اخطر التهديدات لأي دوله لديها خط ساحلي او تعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية او حتى لأي اسطول بحري، لهذا من المهم امتلاك قدرات من الدرجة الاولى في الحرب المضاده للغواصات (ASW)
وفي هذا الموضوع راح نلقي نظرة على الخيارات المتاحة لقطع السطح لتحييد الغواصات المعاديه:
1- المروحيات البحرية المضاده للغواصات
يُقال ان البحث عن ابرة في كومة قش مهمه صعبه بستثناء ان الابره هنا في موضوعنا ستحاول قتلك ، كقاعدة عامة يمكن اعتبار أي استراتجية ASW فعاله حينما يتم استخدام الأصول البحرية للبحث بكفاءة في اكبر مساحة ممكنه من المياه في فترة زمنية معينة
في اوقات السلم والدوريات الاعتياديه تسير قطع السطح الكبيرة ببطئ، واثناء عمليات مكافحة الغواصات تسير ايضا ببطئ من اجل تقليل الضوضاء الصادرة من السفينة، لكن مروحيات ASW على متنها بإمكانها الانطلاق بسرعه كبيرة ولمسافات بعيدة تطلق خلالها العشرات من السونارات الطافية Sonobuoys ونشر سونار غاطس قوي منخفض التردد وحمل الطوربيدات ومشاركة البيانات مع السفينة الأم
ولتوضيح الاضافة القيمة التي تشكلها المروحيات بالنسبة لقطع السطح في عمليات ASW ، تم اجراء سلسلة سيناريو محاكاة عبر Command: Modern Air/Naval Operations بين قطع السطح (الفريق الازرق) وغواصة (الفريق الاحمر)
لا يجب اعتبار ان سيناريو المحاكاة واقعي تماما او اعتماد نتائجة لتقييم سفن السطح المدخله فيه لكن كما اسلف الهدف هو ايضاح نسبة التأثير المتزايد لمروحيات ASW في هذا النوع من العمليات
2000 ميل بحري مربع في مياه عميقة .. كان هذا هو مسرح سيناريو الفريقين الذي يجب عليهم ان يدخلوا في عملية مطاردة واصتياد لبعضهم من دون فترة زمنية محددة
لا شك ان النتائج كان تميل لفريق ASW المكون مدمرة استرالية من فئة هوبارت او LHD او مدمرة من فئة ارلي بيرك عندما تحمل مروحية MH-60R او اكثر ضد غواصة نووية من فئة فيرجينا او غواصة ديزل - كهرباء من فئة كولينز
لهذا يعتبر افضل حل بالنسبة للقطع السطح للتعامل مع الغواصات وتدميرها يكون بواسطة المروحيات المضاده للغواصات المتطورة ، لكن الطائرات تحتاج للصيانة ولا يمكنها الطيران في بعض الظروف المناخية المتطرفة فضلا عن ان هذي القدرة لا تملكها لكثير من الدول لاسباب مختلفه، ولهذا تحتاج السفن الحربية الصائدة للغواصات لكل نظام او سلاح آخر متاح تحت تصرفها عندما تكون المروحية غير متاحة
2 - بواسطة الانابيب القاذفة للطوربيد :
احد اشهر هذا النوع من الانظمة القاذفة للطوربيدات من على قطع السطح هو نظام MK 32 الامريكي الذي يتكون من 3 انابيب في كل قاذف تحمل طوربيدات خفيفة عيار 324 مم مثل Mark 54 و MU90 ، والذي يعود تاريخ اول اصدراته قبل اكثر من نصف قرن ويعمل لدى اكثر من 30 بحرية حول العالم
بالتأكيد هناك انظمة اطلاق انبوبيه اخرى من تطوير دول او شركات اخرى، لكن جميعها تقريبا تشترك في نفس مبدأ الاطلاق عبر الهواء المضغوط، ويتم ربطها بالسونار ودمجها في نظام ادارة القتال (CMS) من اجل تمرير بيانات الاستهداف الى الطوربيد قبل الاطلاق، واحيانا يتم وضع مظلة سحب صغيرة خلف الطوربيد لتقليل تأثير الاصطدام في سطح البحر
سلاح عديم الفائدة ؟
هناك مدرسة فكرية ترى ان الطوربيدات التي تحملها السفن عديمة الفائدة، ففي الوقت الذي تكون الغواصة قد دخلت في مدى اسلحة السفينة فمن المرجح ان تكون الاخيرة قد غرقت
يتراوح المدى الفعال لبعض الطوربيدات الخفيفة مثل الطوربيد البريطاني Sting Ray في حدود 11 كلم تقريبا ، ومصممه لتبحث عن الهدف بدوامة تنازليه مما يأثر على المدى الفعال . في حين الطوربيدات الثقيله التي تطلقها الغواصات في العاده يبلغ مداها 50 كلم وتوجيه سلكي بحيث يتم تغذية بيانات الهدف بواسطة اجهزة سونار الغواصة الأم، فضلا عن ان التطور الكبير في تقنيات البطاريات الكهربائية للطوربيدات مكنها من بلوغ مدى اكبر يتجاوز 100 كلم كالطوربيد الألماني الثقيل SeaHake mod 4 ER
تعمل الطوربيدات الخفيفة بمبدأ "fire and forget" وبالرغم من تغذيتها ببيانات الاستهداف قبل الاطلاق إلا انه يجب عليها تحديد موقع الغواصة المعادية بستخدام السونار الخاص بها
في المياه الساحلية الاصغر مساحة وعمق اقل للمناورة، تصبح افضلية مدى الطوربيدات الثقيله أقل، تلعب الضوضاء المحيطية وحركة الشحن وحطام السفن دور كبير في تقليل فاعلية السونار لدرجة تسمح بقتراب الغواصات من قطع السطح دون ان يكتشف احدهما الآخر، وفي هذي الحالة وخلال عمليات ASW الساحلية تلعب الانابيب القاذفة للطوربيدات الخفيفة دور كبير ومهم للسفن
3- الصواريخ المضاده للغواصات
ادى التطور الكبير في في مجال السونارات وتكنولوجيا المعالجة الى زيادة مدى السونار بنوعيه الايجابي والسلبي لكن العثور على الغواصات وتصنيفها وعدم فقدان الاتصال بها تمثل تحدياً لقطع السطح خصوصا اذا علمت الغواصات انه تم رصدها
ان وجود سلاح قادر على ملاحقة الغواصات والاشتباك في اي ظروف مناخية مع تقليل التحذير الي تتلقاه الغواصه جراء الاقتراب منها هو خيار جذاب. فكلما ابتعدت عن السفينة كان عملية الاشتباك افضل، حتى لو كان مجرد اشارات او رصد عابر لوجود غواصة دخلية في منطقة عمل السفينة ، فهناك فائدة تكتيكة كبيرة في اجبار الغواصة على الهروب من المنطقة او جعلها تفقد الاتصال بهدفها وإن لم يتم تدمير الغواصه
فمجرد اطلاق الصاروخ ودخول الطوربيد الى الماء وشعور الغواصه بها يجبرها على الهروب او قطع السلك الذي يوجه الطوربيد التي اطلقتها
تعتبر البحرية الامريكية اول بحرية تتبنئ هذا الاسلوب في التعامل مع الغواصات في ستينيات القرن الماضي تحت اسم (Anti-Submarine Rocket (ASROC
يتم اطلاق الصاروخ من السفينة وتقوم بإيصال الطوربيد الخفيف الموجه بسرعه في نطاق دائرة يبلغ 20 كلم عن السفينة، ظهر نسخ مختلفة من الصاروخ نتيجة لعمليات التطوير المستمرة عبر السنين وتشترك جميع النسخ في مبدأ عملها، تحمل سفن البحرية الامريكية حاليا الطراز RUM-139 ASROC في خلايا Mk41 وتعرف بـ Vertically Launched Anti Submarine Missile (VLA)
قامت شركة لوكهيد مارتن بصناعة اكثر من 1000 صاروخ VLA منذ عام 1993 واحدث نسخة من RUM-39C تحمل الطوربيدات الخفيفة ذات الدفع الهجين Mark 54، وتأكد لوكهيد مارتن على ان الصاروخ قادر على استيعاب انواع اخرى من الطوربيدات الخفيفة
كان هناك مشروع لزيادة مدى الصواريخ تحت اسم (VLA-ER) لتوفير مدى يصل الى 4 او 5 مرات المدى الحالي عن طريق اضافة اجنحة للطوربيدات لكن تم التخلي عن المشروع في 2010، وتم اضافة مجموعة الاجنحة على الطوربيدات التي تحملها طائرة الدورية البحرية P-8 Poseidon
لدى دولة مختلفة صواريخ او مشاريع مشابهه احدها الصاروخي الياباني Type-07 VLA بسرعه تتجاوز سرعه الصوت ومدى يصل الى 30 كلم ، وهناك صاروخ MILAS من تطوير MBDA بمدى 35 كلم