أسواق النفط في الشهور المقبلة
اجتمعت دول "أوبك" و"أوبك+" ، السبت الماضي، وأقرت تمديد خفض الإنتاج في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) ليشمل يوليو (تموز)، مع التشديد على ضرورة التزام الدول الأعضاء بالحصص الإنتاجية، وتعهد الدول التي تجاوزت حصصها الإنتاجية في مايو ويونيو بالتعويض مستقبلاً عن طريق القيام بتخفيضات إضافية في في...
www.independentarabia.com
ما سبق مختصر لأهم العوامل التي أثرت في أسعار النفط خلال فترة بسيطة من الزمن، ويوضح مدى تشابك وتعقد الأمور في أسواق النفط. وهذا يعني أن توقع أسعار النفط في هذه الفترة صعب جداً، لهذا سيتم التركيز على اتجاهات الأسعار بدلاً عن مقدارها.
هناك العديد من العوامل التي تسهم في رفع أسعار النفط خلال الشهور المقبلة، أهمها انتعاش الطلب على النفط مع انفتاح الاقتصادات العالمية، بغض النظر عن كورونا. وسيرتفع الطلب على النفط وستتحسن الأسعار حتى لو حصل ركود اقتصادي عالمي، لأن حالة الركود أفضل بكثير من حالة الحجر في ظل كورونا.
وهناك العديد من الأدلة على ذلك، أهمها انحفاض معدلات البطالة في الولايات المتحدة، رغم أن الأرقام المنشورة مبالغ فيها لأسباب فنية، وزيادة مبيعات السيارات بشكل كبير في الصين، وعودة الزحام إلى ما كان عليه تقريبا قبل كورونا في عدد من المدن الضخمة حول العالم. وما يعزز نمو الطلب على النفط هو انخفاض استخدام المواصلات العامة واللجوء إلى السيارات الخاصة خوفاً من عدوى كورونا وللحفاظ على التباعد الاجتماعي. وزيادة استخدام السيارات الخاصة ستزيد الطلب على البنزين بشكل يعوض جزئياً الانخفاض في الطلب على وقود الطائرات، لأن العودة إلى مستويات ما قبل كورونا تتطلب وقتاً أطول من العودة إلى استخدام السيارات.
كما انخفض المخزون العائم، بحيث اختفى أغلب الفائض الذي خزنته الشركات للاستفادة من الفروقات السعرية الزمنية، وذلك بسبب زيادة الطلب التي أدت إلى تلاشي هذه الفروق السعرية. أما المخزون التجاري فإنه مرتفع جداً، لكن يُتوقع أن ينخفض بشكل كبير ابتداءً من الشهر المقبل.
أما على جانب العرض، فهناك تطورات مهمة تسهم كلها في رفع أسعار النفط، أهمها تخفيض دول "أوبك+" الإنتاج الذي سيتقلص إلى 7.7 مليون برميل يومياً ابتداءً من أغسطس (آب) المقبل إلى نهاية العام، بالإضافة إلى انخفاض إنتاج النفط عالمياً، بسبب انخفاض الاستثمارات الذي نتج عن الانخفاض الكبير في أسعار النفط. ولعل أهم انخفاض سيأتي من الولايات المتحدة، رغم قيام الشركات بفتح الآبار التي أغلقتها في الأسابيع الماضية.
فمعدلات نضوب آبار النفط الصخري عالية، وقد تصل إلى 65 في المئة في السنة الأولى. وقد استطاع المنتجون الأميركيون زيادة الإنتاج عن طريق استثمار المزيد، وحفر المزيد، وإكمال المزيد، فتم التعويض عن معدلات النضوب وزيادة، فاستمر إنتاج النفط الأميركي في النمو حتى أصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم.
الآن انخفضت استثمارت الشركات بين 20 و55 في المئة، ومع هذا الانخفاض، وفي ظل أسعار النفط المنخفضة، توقفت عمليات الإكمال، وانخفض عدد الحفارات بشكل كبير لدرجة أن عدد الحفارات في تكساس الآن الأقل منذ عدة عقود، وعدد الحفارات في كل من حقلي "إيغل فورد" في جنوبي تكساس و"باكان" في داكوتا الشمالية في مستويات تاريخية متدنية. هذا يعني أنه لن يتم التعويض عن معدلات الهبوط العالية، بالتالي فإن إنتاج النفط الأميركي سينخفض بشكل ملحوظ.
ويثير الكثيرون فكرة أن أنشطة النفط الصخري ستعود كما كانت مع ارتفاع أسعار النفط، وأن ما حصل في عام 2016 من بداية زيادة كبيرة ومستمرة في الإنتاج ستتكرر. هذه الفكرة غير منطقية الآن لأسباب عدة، أهمها وفرة رأس المال في عام 2016 ورغبة المستثمرين في الاستثمار في الصخري، وهذا عكس الوضع الحالي. كما أن أسعار الغاز والغازات السائلة كانت أعلى من الآن بكثير. أي منتج في مناطق الصخري يهمه أسعار النفط والغاز والغازات السائلة في الوقت نفسه.
وانهيار أسعار الغاز والغازات السائلة يعني أن ارتفاع أسعار النفط لن يكرر سيناريو 2016. الذي سينعش الصخري هو ارتفاع أسعار خام تكساس فوق 45 دولاراً للبرميل، مع زيادة أسعار الغاز والغازات السائلة 40 في المئة على الأقل من المستويات الحالية، وهو أمر لا يُتوقع أن يتحقق حالياُ بسبب وفرة الغاز.
خلاصة القول، أسعار النفط سترتفع.