في شهر أغسطس من عام 2017، أُصيب الشرطي (هارت نوين) من قسم شرطة نيويورك بطلق ناري بينما كان يستجيب لنداء بخصوص رجل مضطرب عاطفياً يُدعى (آندي سوكديو) يبلغ من العمر 29 عاماً.
عندما تقدم (نوين) إلى باب غرفة النوم، وهي الغرفة التي تحصّن فيها (سوكديو)، أُصيب الشرطي بثلاث أعيرة نارية –طلقة في الذراع وطلقتين في بذته المقاومة للرصاص.
نجا الشرطي من الحادثة، وأوضح مفوض شرطة قسم نيويورك (جيمس أونيل) عقب الحادثة: «البذة حتماً أنقذت حياته».
في عام 2016 أيضاً، قُتل الشاب (واكين مينديز) البالغ من العمر 23 عاماً من تامبا بولاية فلوريدا عقب تعرضه لطلق ناري في الصدر.
ووفقاً لما تناقلته الوكالات المحلية، كان (مينديز) جالساً في كرسي ومرتدياً بذته المقاومة للرصاص، وكان يتساءل إذا السترة تعمل أم لا.
في تلك الأثناء، قام صديقه (أليخاندرو غاريبالدي) البالغ من العمر 24 عاماً بإطلاق النار من مسدس على السترة ليكتشفا إن كانت مقاومة للرصاص حقاً أم لا، لكن للأسف، اخترقت الرصاصة السترة وأودت بحياة (مينديز).
من خلال قراءتنا لهاتين القصتين، نجد أن السترات الواقية من الرصاص قد تنقذ الأرواح حقاً في بعض المرات، لكنها قد لا تفعل ذلك في مرات أخرى.
إذاً، هل تتدهور الستر الواقية من الرصاص مع مرور الوقت مثلاً؟ وهل يؤدي تدهورها إلى فشل فاعليتها في منع الرصاص من اختراق الجسد؟
لمحة تاريخية
صُنعت الستر الواقية من الرصاص في البداية بشكل أساسي من ألياف الكيفلار، وألياف الكيفلار هو الاسم الشائع للألياف المصنعة من بولي بارافينيلين تيرفتالآميد.
اخترعت الكيميائية (ستيفاني كووليك) ألياف الكيفلار عندما كانت تعمل لدى شركة DuPont في أوائل ستينيات القرن الماضي.
توصلت شركة «دو بونت» سابقاً إلى اختراع النايلون والسباندكس، وكانت تسعى إلى اختراع جيل جديد من الألياف ذات الأداء العالي.
وبشكل عام، تُصنع الألياف الصناعية من البوليميرات –البوليميرات هي سلاسل كبيرة مكونة من وحدات متكررة، ما يخلق سلسلة طويلة من الجزيئات.
فالنايلون على سبيل المثال، هو بوليمير مصنوع من مركب عضوي هو سداسي الميثيلين ثنائي الأمين، بينما يُصنع الكيفلار مثلاً من جزيئات ترفتالويل كلوريد وبارا فينيلين دي أمين، والذي يُستخدم عادة في المواد المضادة للأكسدة والأصبغة.
ما اكتشفته (كووليك) أصبح يُعرف بالكيفلار، وأصبح يُستخدم في صناعة العجلات المطاطية وأشرعة قوارب السباق والسترات الواقية من الرصاص.
تُصنع السترات الواقية من الرصاص اليوم من ألياف الـبولي إثيلين –وهو بوليمير يُستخدم حرفياً في جميع الأشياء التي نتعامل معها: من أكياس البقالة إلى سلات الأوساخ البلاستيكية وغيرها…
تُحاك ألياف البولي إثيلين على شكل طبقات لتشكل لب السترة الواقية الأرخص والأقوى من الكيفلار.
في عام 1989، طوّرت شركة «آلايد سيغنال» منافس للكيفلار دعته بـ «درع سبيكترا».
استُخدم درع سبيكترا بشكل أساسي لصناعة أشرعة القوارب، بينما تُستخدم ألياف البولي إثيلين اليوم لصناعة أقمشة غير منسوجة وأخف وزناً، لكنها أقوى، تدخل في صناعة الستر الواقية من الرصاص إلى جانب مادة الكيفلار التقليدية.
سترات مختلفة تناسب أسلحة مختلفة
وفقاً لـ (توم ناردون)، وهو رئيس ومؤسس شركة «بوليت سيف»، وهي التي تصنع السترات الواقية من الرصاص، فالطبقات داخل السترة صُممت خصيصاً لتخفيض سرعة الطلقة لتصبح أقل من سرعة الصوت حتى يُتاح للألياف وقت كافٍ من أجل التفاعل مع الرصاصة والضغط عليها.
كلما زاد عدد الطبقات أو كثافة الطبقات المُحاكة، تزداد قوة ألياف السترة –هناك مقياس لمعرفة قوة الألياف وما مدى التوائها قبل تحطم الروابط –وتصبح أكثر قدرة على إيقاف الرصاصة.
تطلق معظم المسدسات الطلقات بسرعات تفوق سرعة الصوت بقليل.
فمثلاً، رصاصة 9mm قادرة على قطع مسافة قدرها 380 متراً في الثانية، وهي بالتالي أسرع من سرعة انتقال الصوت بـ 50 متر في الثانية.
أما الأعيرة التي تطلقها البنادق الرشاشة، فسرعتها أبطأ. من ناحية السترة الواقية للرصاص، فالجيدة منها تستطيع إيقاف رصاصة 9mm أو مقذوفة البنادق بدون جهد كبير.
أما رصاصة القناصة مثلاً، فتلك مختلفة تماماً.
بالاعتماد على البارود ونوعية الحشوة، فالرصاصة التي تُطلق من سلاح AR–15 مثلاً تقطع 1005 متر في الثانية، وهي بالتالي أسرع بثلاث مرات تقريباً من سرعة الصوت.
ما يتطلب سترات مصنعة من الألياف البالستية ذات الكثافة المرتفعة كي توقف رصاصة قناصة.
صُممت معظم السترات الواقية من رصاص القناصات عن طريق حشو صفائح ذات كثافة عالية مصنوعة من السيراميك والبولي إثيلين، وذلك كي تفكك الرصاصة إلى أجزاء أصغر وتتمكن من إيقافها.
أما المادة التي تُصنع منها السترات الواقية، فهي عرضة للانهيار والتفكك لأسباب عديدة.
فإذا أخذنا الكيفلار مثلاً، فهو يتخرب ويتدهور عندما يتعرف للملح –كالملح الناتج عن تعرّق الإنسان مثلاً.
فكلما زاد عمر بدلة الكيفلار التي يرتديها الإنسان، زاد احتمال فشلها في إيقاف الرصاصات.
أما السترات المصنوعة من البولي إيثلين، فستنهار أيضاً مع مرور الوقت جراء تعرضها للأشعة فوق البنفسجية.
يقول (ناردون): ”يُقدر عمر صلاحية السترات بـ 5 سنوات.
في بعض الأحيان، قد يشتري الناس سترات أقدم، أو سترات مستخدمة أغلبها استخدمها رجال الشرطة سابقاً“.
المزعج في الموضوع أن بعض الناس لا تزال حتى اليوم تعتقد أن السترات الواقية من الرصاص ستعمل بنسبة 100 بالمئة.
فمثلاً، في حادثة من 2014، سجّل صديقين يُدعيان (دارنل ميتشيل) و(مارك راميرو) فيديواً يشبه فيديوهات Jackass الساخرة والكوميدية المنتشرة على الإنترنت.
كان الغرض من الفيديو هو أن يطلق (مارك) النار من مسدس .22 على صديقه (دارنل) الذي ارتدى سترة واقية من الرصاص.
للأسف، عندما أطلق (مارك) الرصاصة، توفي صديقه (دارنل) وأُدين (مارك) بارتكاب الجريمة وحُكم عليه بـ 4 سنوات في السجن.
لذا، لا ننصح المتابعين بعد قراءة هذا المقال بتجربة تلك الممارسات.
فبصرف النظر عن كونها خطيرة وليست ضرورية، فاحتمال النجاة منها ليس مؤكداً، ويعتمد على عمر ونوعية البدلة الواقية من الرصاص، ولا يجب أصلاً أن يقوم البشر بهكذا تصرفات غبية بداعي المرح والتسلية.
المصدر
How Bulletproof Are Bulletproof Vests?
Without question, they save lives — but they aren't 100 percent failsafe.
science.howstuffworks.com
ترجمه https://dkhlak.com/how-bulletproof-vests-work/