ليبيا.. آخر حروب الربيع العربي

إنضم
7 يونيو 2019
المشاركات
6,721
التفاعل
15,329 40 0
الدولة
Egypt
على ضوء اندلاع ما يسمى بالربيع العربي في ديسمبر 2010، جرت 4 حروب في الشرق الأوسط، العراق وسوريا واليمن وليبيا، ولقد تدخلت قوى إقليمية ودولية لتحريك القوى المحلية في تلك الحروب من أجل الظفر بمكاسب، كل طرف بحسب أجندته ومصالحه وحلفائه.

وحينما ننظر إلى المشهد العام للمشرق في يناير 2020، سوف نرى أن الحرب العراقية قد انتهت بمعركة الموصل عام 2016، وتقاسم الأمريكان والإيرانيون النفوذ هناك، في حين كانت عملية نبع السلام الهزلية التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هي محطة النهاية للحرب السورية، بعد أن تقاسم الأمريكان والروس النفوذ في سوريا، مع دور ثانوي لتركيا شمالاً، وإيران غربا.

وفي اليمن، الحل السياسي يطبق بشكل تدريجي، بعد أن فهم الجانبان أنها حرب بلا نصر أو هزيمة واضحة.

وهكذا يتبقى الحرب الليبية، آخر حروب الربيع العربي.

ليبيا لها وضع خاص في الحسابات الدولية، وحسابات المؤامرة، فهي البوابة الغربية التاريخية لمصر، وظلت مصر لقرون من الزمن تحكم شرق ليبيا باعتباره جزء من مصر على ضوء هذه الحقيقة، سواء في العصور المصرية القديمة أو الرومانية وحتى الإسلامية، كان هنالك سياسة تمديد الحكم لشرق ليبيا أن غلق البوابة الغربية أمام العدو.

وفي سنوات الربيع العربي، نزف الأمن القومي المصري في بادئ الأمر، ليس لما جرى على الأراضي المصرية، ولكن لتآكل الدولة الوطنية في سوريا والعراق واليمن، وتضخم دور إيران وتركيا وقطر إقليميا، وتوقف عجلة الإنتاج وتعليق الاكتشافات الخاصة بالغاز والبترول في شرق المتوسط.

والحاصل أن مسرح عمليات الشرق الأوسط شهد انقلابا دراميا بانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي صيف 2014 رئيساً لمصر، إذ دعم الجيش العراقي بوجه داعش، والوساطات المصرية المتكررة في ملف سوريا لتمشيطها من الميلشيات التركية الإسلامية والثورية وصولاً إلى أن تسلم الجيش السوري المناطق الكردية شمال شرق سوريا لوقف حجة الاجتياح التركي أثناء عملية نبع السلام، وقد كان اتفاقا مصريا خالصا.

هكذا راحت مصر في سنوات السيسي تسد الثغرات الأمنية واحدة تلو الأخرى، فالإرهاب القادم من العراق تم وأده في الموصل، كما تمت فرملة التمدد التركي والإيراني في سوريا، والإرهاب القادم من سوريا توقف، وهدنة طويلة الأجل في سوريا واليمن، وتم تصفية الدور القطري إقليميا عبر الرباعي العربي، ودارت عجلة الاكتشافات في شرق المتوسط وأصبحت مصر مركز تجاري عالمي في مجال الطاقة وتوقفنا عن الاستيراد وحققنا الاكتفاء الذاتي وبدأنا في التصدير العالمي، وهكذا لم يعد باقيا أمام مصر إلا ليبيا.

المؤامرة الدولية على مصر بدورها وضعت ليبيا في آخر الصف على أمل أن تقوم أدوات المؤامرة بالمطلوب منها، فشلت أدوات الثورة والفوضى والإرهاب والإسلاميين وداعش وضرب الأمن القومي المصري في العراق وسوريا واليمن والخليج العربي وجنوب الأناضول والسودان وملف النيل وشرق المتوسط، مارثون طويل قطعته الدولة المصرية ما بين عامي 2010 و2020.

في السنوات الأخيرة لحكم محمد حسني مبارك، طلب وزير الدفاع وقتذاك المشير محمد حسين طنطاوي إلغاء مناورة عسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية في غرب مصر حينما لاحظ خبراء الجيش المصري أن المناورة تدرب الجيش الأمريكي على اجتياح مناطق شديدة الشبه بالجماهيرية الليبية، وبالفعل ألغى مبارك تلك المناورة التي لم تعد ثانية إلا عقب تعديلها وفقاً للملاحظات المصرية في سنوات الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وفي عام 2012 حاول الغرب استغلال التقاتل الذي جرى في ليبيا من أجل إرسال قوات دولية، تكون في واقع الأمر على أبواب مصر الغربية، وقام المشير طنطاوي بصفته قائماً بأعمال رئيس الجمهورية ورئيساً للمجلس العسكري الحاكم في مصر وقتذاك بزيارته الخارجية الأولى والأخيرة أثناء توليه المسؤولية وذلك إلى ليبيا لكى يغلق هذا الباب مع الفرقاء الليبيين.

وبالتالي فإن الغرب منذ بداية ما يسمى بالثورة الليبية وهو يضع ليبيا باعتبارها آخر مخططات الربيع العربي لاستنزاف مصر.

ويمكن القول إن المخاطر التي ينبغي مراقبتها في ملف الليبي هو ما يلي، أولا تفهم روسيا أن الغاز المصري والليبي هو منافس روسيا الأول في التصدير إلى أوروبا، وإن روسيا حتى الآن موقفها غير واضح رغم أنها تنسق بشكل صريح وعلني مع المشير حفتر ومع مصر والإمارات وكلاهما مع الشرعية الليبية الممثلة في البرلمان المنتخب والجيش الوطني بقيادة حفتر، ولكن هل تلعب روسيا أدواراً أخرى في ملف ليبيا؟.

هل تحاول روسيا أن تدير الأزمة ولا تحلها، إطالة أمد الحرب ولا غالب ولا مغلوب؟ هل تستخدم روسيا تركيا في شرق المتوسط من أجل عمل مشكلات لتحالف شرق المتوسط للغاز المنافس الأول لتركيا في تصدير الغاز إلى أوروبا؟

إلى الآن لا توجد إجابات واضحة على تلك الأسئلة، لذا تظل أسئلة مفتوحة.

الخطر الثاني هو إيطاليا، التي تتصرف برؤى استعمارية تعود إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية، وترى أن ليبيا امتداد جغرافي لإيطاليا، وأن روما لن تسمح للمنافس القديم باريس بأن يكون الأعلى صوتاً في ليبيا، والمشكلة أن فرنسا بالفعل هي الأعلى صوتاً في ليبيا عن إيطاليا بحكم عقود النفط وبالتالي فإن الخلافات الإيطالية الفرنسية تلقى بظلالها على ليبيا وقد سارعت قطر أكثر من مرة بمحاولة الاحتماء بالنفوذ الإيطالي في ليبيا أمام الغضب الفرنسي من هذا النفوذ.

والخطر الثالث هو الإسلاميين أو التنظيم الدولي للإخوان، أنفق الإسلاميون الملايين على مشروع تحويل ليبيا إلى إمارة إسلامية، تارة ولاية لقطر وتارة ولاية لتركيا وتارة حكومة إخوانية وتارة امتدادا لتنظيم القاعدة ومرة خامسة لتنظيم داعش وسادسة للتنظيمات الإسلامية المختلفة في ليبيا، وتساقطت المشاريع الشبيهة في ليبيا مثل أوراق الشجر في موسم الخريف بشكل سريع.

رجالات الإسلام السياسي في ليبيا هم رجالات قطر وتركيا في المقام الأول، ولقد لعبوا دورا مهما ليس في إسقاط نظام القذافي فحسب ولكن في ترتيب جسر عام 2011 من ليبيا إلى قواعد الناتو في تركيا لتصدير المجاهدين الذين خرجوا من سجون ليبيا أو فروا من مصر أثناء فوضى 2011 ويتم تدريبهم في تركيا قبل أن ترسلهم تركيا إلى سوريا.




 
مقاله صحفيه
ليست خبر عسكري ولاتحليل مهني يمكن قبوله في قسم النشرة على أقل تقدير ...
مكانه الموقع الذي نشر فيه لاغير .....
 
عودة
أعلى