حلقة الأمس من مسلسل #الاختيار كانت ذاخرة بالأحداث والرسائل والدلايات التي يجدر التوقف عندها وإيضاحها، وهي كالآتي :
1- في الصورة الأولى تم نقل عناصر الصاعقة بواسطة مروحية النقل الثقيل " شينوك CH-47D Chinook " في حين أن عناصر المظلات استخدمت طائرة النقل العسكري التكتيكي " هرقل C-130H Hercules "، وإمعاناً في التنكيل فقد تم استخدام نفس الطائرة التي نقلت " هشام العشماوي " من ليبيا إلى مصر وهي صاحبة الترقيم " SU-BAV 1289 " كما هو واضح في الصورة الثانية.
2- عناصر المظلات استخدموا معدات وأجهزة التنفس والقفز من ارتفاعات شاهقة بأسلوب HAHO او High Altitude High Opening ويعني القفز من ارتفاع شاهق وفتح المظلة بعد لحظات من القفز على نفس الارتفاع، وهو اسلوب مُتبع للقفز على مسافات بعيدة من الهدف لتجنب التعرض للرصد من خلال ضوضاء محركات الطائرة او تجنب وسائل الدفاع الجوي -إن وُجدت- مما يساعد على إضفاء صفة التخفي على العملية " Covert Mission "، ويقوم المقاتلون بالملاحة بالمظلات حتى نقطة الهبوط.
* قوات المظلات نفذت عملية التغطية النيرانية والتأمين لعناصر الصاعقة التي نفذت عملية الاقتحام واستخراج الهدف المطلوب حياً، وهذا توزيع سليم للأدوار حيث تتميز المظلات دائما بالقدرة على القتال عالي الكثافة High Intense Battle نظراً لكونها قوات مخصصة للاسقاط والانزال خلف خطوط العدو والسيطرة على الأرض وتثبيث قواته لحين وصول القوات الرئيسية ، وكذا الاقتحامات العنيفة والقضاء على كل العناصر المعادية، في حين أن الصاعقة تنفذ العمليات الجراحية التي تتطلب تكتيكات معقدة للاقتحام والتحرك مع اخراج الاهداف عالية القيمة او تحرير الرهائن بأقل أضرار جانبية ممكنة. والعملية التي تم عرضها في الحلقة كانت من نفس الفئة " استخلاص هدف عالي القيمة High Value Target Extraction " دون قتله.
3- هل العملية التي تم تنفيذها هي حقيقية ؟ ربما بشكل أو بآخر ولكن مع وجود اختلافاتٍ كما أوضحت أسرة المسلسل في البداية أنه عن أحداث حقيقية مع تغيير في بعض الأماكن والأسماء، وهذا أمر طبيعي لأن العمليات الخاصة تكون ذات طابع سري / استخباراتي ولا يتم الافصاح عن تفاصيلها إلا فيما هو متاح وبحسب ما تقتضيه الظروف.
4- في الصورة الرابعة : أدى " إياد نصار " أداءً رائعاً في الانتقال من البندقية الآلية -AK-47 إلى الطبنجة Sig Sauer P226 بسلاسة وسرعة كما يقول الكتاب، وكذا قام " آسر ياسين " بتنفيذ تكتيك الـDumb Entry وقتل العنصر التكفيري خلال ثانية واحدة ليتبعه " أمير كرارة " وباقي افراد المجموعة في تنفيذ الاقتحام بدقة شديدة مع تغطية أجناب الغرفة يميناً ويساراً أثناء الدخول ( تكتيك دخول فوري وعنيف دون معرفة لعدد العناصر المعادية داخل الغرقة ويعتمد على السرعة الهائلة في التعامل مع الأهداف وتغطية كافة الزوايا أثناء الدخول ويتطلب مقاتلين ذوي مستوىً عالٍ من الكفاءة والتدريب وهذا ماتبرع فيه عناصر القوات الخاصة من الصاعقة وخصوصا الحاصلين على دورات متقدمة كفرقة مقاومة الإرهاب أو فرقة السيل والذين غالبا ما ينضمون بعدها للوحدات النخبوية كالـ777 قتال والـ999 قتال كحال البطل الشهيد " أحمد منسي " ). وهذا ينم عن حسن إعداد وتدريب يُشكر عليه أبطال القوات المسلحة الذين أشرفوا على هذا العمل الرائع.
5- في الصورة الخامسة : ما قام به " أمير كرارة " من التقاط للقنبلة اليدوية التي ألقاها العنصر التكفيري ليعيد إلقائها للداخل هو صحيح 100% ويتم تنفيذه دائما خلال أعمال الهجوم والاقتحام وليس الانسحاب. وباحتساب الفترة الزمنية منذ لحظة نزع فتيل القنبلة وإلقائها ثم التقاطها من قبل كرارة ليعيدها إلى مرسلها، يتضح انها 6 ثوانٍ وهو التوقيت الذي تستغرقه القنبلة للانفجار نتيحة تفاعل المادة الكيميائية بداخلها بعد نزع الفتيل وسقوط ذراع الأمان.
6- في الصور السادسة : لقطات الأنفاق لا علاقة لها بأنفاق الحدود بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية داخل غزة، وخاصةً وأن المهمة كانت في العريش، بل تخص الانفاق التي حفرتها العناصر التكفيرية على مدار فترة زمنية طويلة أسفل المزارع -وما أكثرها في شمال سيناء- والتي تؤدي إلى ورش تجهيز وإعداد العبوات الناسفة والسيارات المفخخة ومناطق الإيواء والإعاشة ومخازن الذخيرة والسلاح، ودائماً ما كانت تظهر في بيانات القوات المسلحة عن العمليات العسكرية في شمال سيناء.
7- في الصورة السابعة : لقطات الطفلين السوريين اللذين كانا يلعبان بفوارغ الطلقات ثم رهانهما على نوع الطائرة المقاتلة إذا ماكانت MiG-29 أو F-16 ( اهتم المسلسل بأدق التفاصيل لتظهر المقاتلة أنها F-16 فعلياً رغم أنها كانت لقطة بعيدة وسريعة للغاية ) وبعدها ظهور موكب زعيم تنظيم داعش " أبوبكر البغدادي " بسياراته الفارهة Land Cruise وLexus كانت لها دلالاتها :
أ- هذا هو حال الأطفال في الدول التي سقطت في فوضى الإرهاب والحروب الأهلية.
ب- مقاتلات F-16 ( أمريكية الصنع ) فوق الشمال السوري المتاخم للأراضي التركية تعني أنها تركية الجنسية وأنها توفر الغطاء للتنظيمات الإرهابية، وهذا واقع نعيشه حتى الآن من دعم تركي واضح وصريح لتلك التنظيمات في سوريا وليبيا. والـMiG-29 بالطبع تتبع القوات الجوية السورية ( روسية الصنع ولكن ليست تابعة لروسيا التي لم تكن قد تدخلت عسكريا بعد في سوريا عام 2013 ) والصورة الثامنة تُوضّح الفارق في الشكل بين الـF-16 التركية والـMiG-29 السورية.
ج- سيارات الدفع الرباعي من تويوتا -خاصة Land Cruiser وHilux- كانت المنصة الرئيسية الناقلة لعناصر التنظيمات الإرهابية وخصوصا داعش والقاعدة في تحركاتها وعملياتها داخل سوريا والعراق وليبيا في أوج قوتها ونشاطها في الفترة 2012 - 2016، وبالطبع كان هذا أمراً طبيعيا من خلال تهريب النفط العراقي والسوري للأراضي التركية في مقابل الحصول على السلاح والذخيرة والسيارات سالفة الذكر.
8- في الصورة التاسعة : في لقطة " أحمد العوضي " بعد صعوده الطائرة مسافرا إلى تركيا يظهر شعار شركة الطيران التركية " Turkish Airlines " واضحا على المقاعد، وهي بالطبع الشركة المفضلة لكل من يحمل فكرا تكفيرياً متطرفاً أو موالٍ لتركيا، على اعتبار أن الشركات الوطنية المصرية تتبع حكم الطواغيت فلا يجوز التعامل معها، على عكس نظيرتها التركية التي تتبع دولة الخلافة " الإسلامية ".
ما يُمكنني قوله أن ما رأيناه في الحلقات الثلاثة الأولى، يدل على جُهدٍ مُضنٍ وحرفية شديدة في مراعاة الواقعية وإيصال الرسائل المختلفة للمشاهد وبما يتسق مع القصة والسياق الدرامي ودون مبالغات أو تهويل.
محمد الكناني