الحمله المصريه علي الشام بالتفصيل

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
7 يونيو 2019
المشاركات
6,721
التفاعل
15,329 40 0
الدولة
Egypt
كانت الحملة المصرية التي وُجِّهت إلى عكا وسوريا مؤلفةً من ستة آلايات من المشاة،
وأربعة من الفرسان، وسلاحها أربعون مدفع ميدان، وأكثر منها من مدافع الحصار،
وكان هذا الجيش المصري أول جيش شرقي سار على النظام الحديث، حتى إن إبراهيم
باشا ذاته تعلَّم في المدرسة النظامات العسكرية كأحد الجنود. وقد بلغ عدد الجيش
المصري الذي نُظِّم يومئذ على الطراز الحديث نحو مائة ألف مقاتل، وكان مع هذا
الجيش عددٌ كبير من الفرسان العرب ورجال القبائل المصرية.
بعد « بيسون » ونظمه « سيرزي » أما الأسطول الذي جَدَّده المهندس الفرنساوي
احتراق الأسطول في فرضة نافارين، فقد ركبه إبراهيم باشا من الإسكندرية إلى يافا،
وكان أركان حرب الحملة مؤلَّفًا من عباس باشا حفيد محمد علي، ومن إبراهيم باشا ابن
أخيه، ومن سليمان بك — الكولونيل سيف — ومن أحمد بك المنيكلي.
وكان هذا الأسطول مؤلَّفًا من خمس سفن كبيرة تَبِعَتْها السفن الصغيرة في مدى
أربعة أيام، فلما رسا الأسطول قُبالة يافا نزل وجهاؤها وعَرَضوا على إبراهيم تسليم
المدينة، وكانت حاميتها ٢٥٠ جنديٍّا، فأنزل بلوكٍّا لاستلامها وأبقى المتسلم حاكمًا عليها.
وجاءته حامية غزة مسلِّمة، واستولى على مدافع قلعة يافا، وكانت ٤٧ مدفعًا مع الذخائر،
وأخذ بعضرجال البحر من أهل يافا لإرشاد الأسطول في مياه عكا، ووصل إليه وهو في
يافا أن أهل الشام قَتلوا رجال الحكم من الترك، واختاروا خمسة منهم لإدارة الأعمال، إلى
الجيش العربي — كما كان يُلقِّب نفسه — ويوقِّع « سر عسكر » أن يصل إليهم إبراهيم
أوامره ورسائله إلى أهل تلك البلاد.
ولما ضرب الجيش البري النطاق حول عكا قام الأسطول بحَصْرِها بحرًا وقوامه
خمس سفن كبيرة وعدة فرقاطات كانت صغيرة، وكانت جملة الجيش ومجموعه ٢٤
ألف مقاتل.
أما حامية عكا فكان عددها ستة آلاف مقاتل من الرجال الأشداء، يقودهم بعض
الضباط المهندسين من الأوروبيين. وكان سور المدينة منيعًا وسلاحها من أقوى الأسلحة.
وبعد أن أحكم إبراهيم باشا النطاق حول المدينة برٍّا وبحرًا أخذ في ٩ و ١٠ ديسمبر
يرميها بالقنابل من كل جهة. ولم تكن تلك القنابل يومئذ سوى قنابل من كتل الحديد
والفولاذ المستديرة، لا تنفجر بل تدكُّ وتهدم، وكثير منها لا يزال موجودًا إلى الآن في
ميادين القتال التي قاتل فيها إبراهيم باشا، وقد استخدمه الأهالي لرَصِّ الطرقات.
واستمر ضرب المدينة برٍّا وبحرًا من الفجر إلى المساء، فألقي عليها في يوم واحد عشرة
آلاف كرة وثلاثة آلاف قنبلة، وقد رووا أن فرقاطة واحدة مصرية ألقت ٣٧٠٠ قنبلة.
أما حامية عكا فإنها كانت تقتصد بالذخائر كل الاقتصاد لِعِلْمها بأن المَدد قد لا يصل
إليها سريعًا من البر أو من البحر، لا كما كان أمرها يوم حاصَرَها نابليون قبل حصار
إبراهيم بنحو اثنين وثلاثين سنة؛ لأن الإنكليز كانوا يومئذ يمدونها بالذخائر من البحر.
سيرزي
وأصيب بعض سفن الأسطول المصري، فعاد إلى الإسكندرية لإصلاح ما حلَّ به من
التلف. وفي ١٩ ديسمبر نصب جيش إبراهيم مدافع الحصار وأخذ بإطلاقها على المدينة
التي ظلت على المقاومة حتى آخر يناير، وحينئذ تبيَّن لإبراهيم باشا أن الحصار طويل،
فأرسل إلى الأمير بشير الثاني الشهابي — الذي قلنا إنه جاء مصرونزل في ضيافة محمد
علي — ليوافيه إلى عكا، فتأخر قليلًا؛ لأن والي حلب — وكان وزيرًا كبيرًا — طلب منه
«. فإن لم يفعل يدكُّ لبنان دكٍّا ويبيد سكانه » ، مقاومة إبراهيم باشا ورَدَّه عن سوريا
ولما تأخر الأمير بشير عن المجيء إلى عكا كتب إبراهيم إلى والده عن تأخره، فكتب محمد
إذا خالف عهده معه ووعده له » علي إلى الأمير كتابًا يلومه فيه عن تأخره ويهدده بأنه
«. يخرب مساكنه ويزرع في أرضها تينًا
وقبل وصول كتاب محمد علي إلى الأمير بشير، كان هذا قد ركب من مركزه بلبنان
بمائة فارس إلى عكا، وقبل أن يصل إليها التقى برسول محمد علي ومعه ذلك الكتاب،
فواصل سيره حتى وصل إلى سهل عكا، فخرج إبراهيم باشا بأركان حربه وبشرذمة
من جيشه لمقابلته وأمر بإطلاق المدافع تحية له، فدخل معسكر إبراهيم بموكب عظيم.
وكتب إبراهيم باشا إلى والده خبرَ وصول الأمير قبل أن يتلقى كتابه، فكتب إليه محمد
علي يمتدح صدقه وإخلاصه. وحدث إبان ذلك أن عبد لله باشا رفع الأعلام البيضاء فوق
أسوار عكا دلالة على التسليم، فأرسل إليه إبراهيم باشا رسله، وبينما كانوا يتفاوضون
بشروط الصلح قَطَع عبد لله باشا المفاوضة وعاد إلى القتال؛ لأنه تلقى من السلطان
كتابًا بأن المَدَد واصلٌ إليه على جناح السرعة، لأن الأوامر كانت قد صدرت إلى الولاة بجمع
الجنود لقتال إبراهيم باشا ورده عن عكا. فبعد قطع المفاوضة عاد إبراهيم إلى ضرب
القلعة، وحينئذ أرسل الأمير بشير إلى ولده الأمير خليل بأن يحضرإلى عكا، فحضروتلقى
منه الأمر بجمع الرجال اللبنانيين. وأرسل محمد علي إلى إبراهيم بأن يعطي الأمير بشيرًا
إيالة صيدا، وأن يجعل في يده تصريف أمور المتسلمين وأصحاب المقاطعات. وأرسل
إبراهيم باشا الأمير خليلًا بألف مقاتل لبناني إلى طرابلس ليقطع الطريق على محمد
علي باشا سر عسكر السلطان الذي كان قد وصل إلى حمص، وفي الوقت ذاته وصل
القائد التركي عثمان باشا إلى اللاذقية معينًا على طرابلس ومعه خمسة آلاف مقاتل،
فقبض الأمير خليل على بعض مراسلاته مع مشايخ البلاد وأرسلها إلى والده في عكا،
الأمير قاسمًا لجَمْع المُؤن « زحلة » فأمر الأمير بشير ولده أمينًا بجمع الرجال، وأرسل إلى
لجيش إبراهيم باشا ومعه ألفا لبنانيٍّ. وفي أثناء ذلك أرسل إبراهيم باشا أربعة آلاف
رجل إلى طرابلس مددًا للأمير خليل، ولكن عثمان كان قد وصل من اللاذقية قبل وصول
المدد، فقاتله الأمير خليل حتى كسره، وقبض على القاضيوالمفتي اللذين كانا يراسلانه
ليُسلماه المدينة، وقصد إبراهيم باشا ذاته إلى طرابلس، فعند وصوله إلى البترون — وهي
على مسيرة ساعتين من طرابلس — فَرَّ عثمان باشا ومن معه إلى جهة حمص، فصمم
إبراهيم باشا على اقتفاء أثره إلى هناك، والتقى جيشه برجال والي الدين ووالي قيسارية
وعثمان باشا فدحرهم وغنم ما معهم.
أما عكا فإنها ظلت ثابتة على المقاومة، وأضرَّالمطر والبرد بالجيش المصري إضرارًا
شديدًا، ورأى إبراهيم باشا أن يكتفي بالحصار، فاستدعى إليه من الإسكندرية الكولونيل
لبنان.
الطلياني؛ لأنه اشتهر في حصار قلعة موسوليغي في بلاد اليونان، فوصل مع « روماي »
رفيقه كارتو — وهو كورسيكي — وألبرتيني — وهو إيطالي — إلى معسكر عكا في ٢
فبراير، فغيروا شكل الحصار والضرب.
وفي ٣ مارس بدءوا بضرب القلاع على الطريقة الجديدة، واستمروا على ذلك عشرة
أيام كاملة إلى أن دكوا البرج الذي يحمي باب المدينة، واندكَّ معه جانب من السور،
فردم الخندق وهجم المصريون من تلك الفتحة التي فتحتها المدافع، ولكنهم اصطدموا
بجيش عبد لله باشا، ولم تكن الفتحة تتسع لأكثر من ثلاثين رجلًا، وكان عبد لله باشا
قد نصب في تلك الفتحة ذاتها مدفعين، فاستولى عليهما المصريون برءوس الحراب.
ولما دخل الجنود المصريون المدينة أخذ جنود عبد لله باشا يُلهبون ألغام البارود
المبثوثة في الأرضوتتناولهم نيران البنادق من المنازل، فخشيالقواد سوء العاقبة، فأمروا
. الجنود بالارتداد، وهكذا حبط هجوم ٩ مارس ١٨٣٢
ولكن هذا الهجوم دلَّ على أن المدينة باتت في حالة الاحتضار؛ لأن الحامية نقصت
ولم يبقَ منها للقتال سوى ٩٠٠ مقاتل، ولأن الأمراضتفشَّتْ فيها وقَلَّت اللحوم والبقول.
١٨٣٢
أما الباب العالي فإنه لم يفعل شيئًا لإمداد عكا؛ لأن رجاله كانوا منصرفين إلى
التحاسد أكثر من انصرافهم إلى التعاون، ولأن صدمتهم في طرابلس وحمص أوهنت
قواهم وفرَّقت شملهم.
ولما اجتمع قناصل الدول عند محمد علي لتهنئته بعيد الفطر في ٤ مارس حدَّثهم
وحدثوه بأمر الحملة على عكا، فقال لهم محمد علي:
أين هي جيوشجلالة السلطان؟ وأين هم قواده العظام؟ أهو باشا حلب الذي
كان منذ عهد قريب باش قواص؟ لا … إنه يَحْسُن بالباب العالي أن يعمل
حسابه قبل أن يهجم على جيشي.
وكان من عادة الباب العالي أن يصدر في كل سنة يوم عيد الفطر التوجيهات أو
جدول باشاوات السلطنة وأصحاب الرتب والولايات، فصدرت التوجيهات في تلك السنة
وليس فيها اسم محمد علي وابنه إبراهيم، فلم يدل ذلك لا على غضب السلطان فقط، بل
على عزمه على تأديبها — كما كان يفهم دائمًا من هذا العمل …
رأينا ألا نقطع بتوجيه ولايات مصر وجدة » : وإليك ما جاء في مقدمة التوجيهات
وكريد حتى يصل إلى بابنا العالي جواب محمد علي باشا على ما أرسلنا إليه من الرسائل
والفرمانات بشأن ما ارتكبه من الخروج على خليفته وسلطانه، ولزوم عدوله عن خطة
الخسة والدناءة التي سار عليها هو وإبراهيم ولده، أو رجوعه إلى حد التأديب وقهره
«. بقدر ما تصل إليه القدرة إن شاء لله
أما من الوجهة العسكرية، فالذي يصح قوله أن إبراهيم أدرك عند ظهور عثمان
باشا أمام طرابلس وظهور قواد آخرين بين حلب وحمص، أن القواد الأتراك يجمعون
قواتهم ليهاجموه، وبدلًا من أن يكون حاصِرًا عدوَّه يصير محصورًا، فأبقى أمام عكا
آلايين وصار بعشرة آلاف جندي لمقاتلة قواد السلطان، ووكل إلى الأمير بشير وابنه أمين
حراسة خطوط المواصلات وجمع المؤن في زحلة وبعلبك والرياق. ولما وصل إبراهيم باشا
إلى القصير خرج أعيان حمص لمقابلته وتهنئته، ثم عاد إبراهيم باشا إلى بعلبك وزحلة،
فظن عثمان باشا ورفاقه أنه تقهقر، فقصدوا إلى جيشه ومعهم ١٢ ألف جندي، فارتد
عليهم وفرَّقهم، فاتجهوا نحو حماه على ما قلنا، واتجهت أنظاره إلى عكا للخلاص من
حصارها، فترك قوته في بعلبك بقيادة أخيه عباس باشا ليرقب حركة الجيش التركي.
وهكذا اتبع إبراهيم خطة نابليون قبل ذلك باثنين وثلاثين سنة، فاستولى وهو سائر

إلى سوريا على غزة ويافا وحيفا والقدس ونابلس.
 
في ٢٧ مايو بدأ هجوم المصريين عند الفجر على قلعة عكا من ثلاث جهات، وظل
هذا الهجوم متواليًا حتى الظهر ثم أوُقف خوفًا من الألغام؛ لأن أرض المدينة كانت
ملغمة كما أنبأ الأسرى. وكان إبراهيم مصلِتًا سيفه في مقدمة جيشه، فبعد الكر والفر
والتقدم والتقهقر توصل إبراهيم بآلايه لاحتلال أحد خانات المدينة وامتنع فيه، وأخذت
جنوده وما تلقته تلك الجنود من الإمداد تتسرب إلى جوف المدينة من جهاتها الأربع،
وظهر العجز والملل على الحامية، وظهر الضجر والسآمة والقنوط على السكان، فأرسلوا
إلى عبد لله باشا بأن أوان التسليم قد حل، وأرسلوا إلى عبد لله باشا وفدًا يطلبون منه
العفو، فأجابهم إبراهيم باشا أنه لا يمس أحدًا بسوء إذا ألقى عبدُ لله باشا والحامية
والأهالي سلاحهم في الحال. وخشي عبد لله باشا أن تفتك الحامية والأهالي به إذا حاول
الفرار، فمكث في داره حتى صباح اليوم التالي إلى أن أرسل إبراهيم باشا حرسًا يحرسه
في مجيئه إليه، فربط عبد لله باشا وربط الكخيا منديلًا في عنقه دلالةً على الاستسلام
والخضوع.
ولما دخل عبد لله باشا على إبراهيم انحنى إلى الأرض، فتناوله إبراهيم باشا في
أنا وأنت متساويان؛ فذنبك إليَّ لا يُغتفر ولكنك تجرَّأت على » : الحال بكلتا يديه وقال له
وجامل إبراهيم «. هذا حكم القدر » : فرد عبد لله باشا بقوله «! محمد علي وهو أكبر حلمًا
خصمه كثيرًا حتى أزال وحشته، وبعد تناول العشاء معه هَمَّ عبد لله باشا بالانصراف
إنك يا عبد لله باشا ستنام » : إلى غرفة النوم التي أعُدت له في منزل إبراهيم، فقال إبراهيم
ثم التفت إلى إبراهيم وقال «. كراحتي في كل ليلة مضت » : فأجابه عبد لله «. الليلة مرتاحًا
لا تعاملني يا باشا معاملة الحريم؛ فإن دفاعي يبرهن لك على الضد، وكل أخطائي » : له
أني اعتمدت على الباب العالي الذي لا يزيد شرفه في نظري على شرف المومس، ولو أني
«. عرفت ذلك لاتخذت الحيطة ولَمَا كنت اليوم ملقًى بين يديك
وفي رسالة قنصل فرنسا بكريد إلى حكومته أن عبد لله قال له وهو مارٌّ بتلك
كان لدي للدفاع عن عكا جدرانها وأسوارها » : الجزيرة في شهر يناير بعد إطلاق سراحه
والرجال والمال، ولما استولى عليها إبراهيم باشا كانت أسوارها قد تهدمت ورجالها قد
«. بادت، وقد قتل ٥٦٠٠ من ستة آلاف، ولم يبقَ معي من المال سوى بعض الحلي
وأحصى ما ألقته المدافع على عكا من القنابل الكروية والأسطوانية، فإذا هو ٥٠
ألف قنبلة كبيرة و ١٨٠ ألف قنبلة من القنابل الصغيرة. ولما سلَّم عبد لله وأقبل الناس
إني سأذهب في فتوحاتي إلى حيث تنتهي » : على إبراهيم باشا يهنئونه قال في جمع عظيم
لذلك كان يلقب جيشه بالجيش العربي. «. البلاد التي يتكلم أهلها العربية
أما عبد لله باشا، فإنه من الولاة الأشداء الممتازين، طمع في سنة ١٨٢٢ بأن يضم
دمشق إلى البلاد التي يتولى أمرها، فاتفق الولاة على مقاتلته خوفًا من امتداد سلطانه،
واضطر أن يرجع إلى عكا للدفاع عنها؛ لأن أعداءه حصروها، وكان يخشى أن يحصرها
الباب العالي بحرًا، فوسَّط محمد علي باشا لدى الباب العالي فنال ما طلب على شرط أن
يدفع ٦٠ ألف كيس — الكيس ٥٠٠ قرش — فأقرضه محمد علي قسمًا من هذا المال،
ولكنه لم يشأ دفع القرضوجعل عكا ملجأ للفارين من مصر.
وفي ٣٠ مايو سافر عبد لله باشا والكخيا إلى مصر على سفينة حربية مصرية،
فوصلت بهما إلى الإسكندرية في ٢ يونيو، وعند وصولهما أطلقت المدافع، فأرسل محمد
علي قواصًا إلى عبد لله باشا ليبلغه أن محمد علي في انتظاره في الديوان.
فلما دخل مرَّ بين صَفَّين من القواصة بقيادة أحد الضباط، ودخل الديوان فإذا
بمحمد علي واقف ينتظره، فانحنى أمامه طالبًا العفو والغفران، فصافحه محمد علي
وطَمَّنه ثم جلس وأجلسه إلى جانبه، وأمر بأن تقدم له القهوة والشبق. وكان الجمهور
حاشدًا لرؤية عبد لله باشا، فأمر محمد علي ذلك الجمهور بالانصراف، واختلى بأسيره
ثم صرفه إلى دار الضيافة التي مكث فيها إلى أن أطلق سراحه وسافر إلى الآستانة في
أوائل شهر يناير.
ولما وصل البريد بخبر فتح عكا أمر محمد علي باشا بأن تُطلق المدافع من جميع
القلاع والحصون بالمدن والبنادر ثلاث دفعات في اليوم مدة ثلاثة أيام؛ إعلانًا للفرح
والسرور ولإعلان البشرى في أنحاء البلاد.
ثمصدر العفو عن المسجونين والمنفيين ما عدا القاتل وقاطع الطريق إجابة لإبراهيم
باشا، وكان السجن والمنفى في مدينة رشيد.
بحجر البرلنتي « محمد علي » وأمر محمد علي باشا بعمل وسام مكتوب عليه اسم
لإرساله
إلى إبراهيم باشا تذكارًا لانتصاره.
وبلغت خسارة المصريين ١٤٢٩ جريحًا و ٥١٢ قتيلًا.
ونظم الشيخ شهاب الدين تاريخ فتح عكا في البيتين الآتيين، وقد نُشرَا في ختام
تقرير إبراهيم باشا في الوقائع المصرية
ل عباس باشا ابن طوسون باشا بأمداد كبيرة من العسكر
والعربان، فأرسله إبراهيم باشا لضبط الثغور كصيدا وبيروت، وأرسل الرسائل إلى أهالي
البلاد ليطردوا العساكر العثمانية من بلادهم، ووجَّه إلى مُتسلم القدس والمفتي وقاضي
القضاة الرسالة الآتية:
تعلمون أن في بيت المقدس كثيرًا من الديارات والكنائس والآثار الدينية التي
تَحج إليها في كل عام طوائفُ النصرانية واليهود، وقد شكا إلينا هؤلاء مما
يلاقونه منكم من العنت والقسوة والغلظة عليهم والتحقير لدينهم، فضلًا
عما أنتم فارِضوه عليهم من التكاليف والمغارم الفادحة، غير ناظرين إلا إلى
إرضاء أنفسكم والعمل بهواكم، على أن هذه الغايات الدنيئة والأفعال الرديئة
لا ترضاها النفوس الأبِيَّة، ولا يصح السكوت عليها؛ ولذلك أنهاكم وأحذركم
من عاقبة التعرض لأولئك القوم، وأسألكم أن تُفسحوا لجماعة القسيسين
والرهبان والشمامسة أهل ذلك البيت المقدس من جميع المذاهب قبطًا كانوا
أو رومًا أو أرمنًا في دينهم ودنياهم، ولا تمنعوهم من إقامة شعائر دينهم،
ولا تأخذوا ممن يذهبون زائرين لبحر الشريعة شيئًا من الكلف والمغارم، ولا
تضيقوا على زائري كنيسة القيامة، ولا تلزموا الصغار بدفع المال؛ فإن أطعتم
أحسنتم لأنفسكم، وإن خالفتم أسأتم إليها، والسلام عليكم ورحمةالله
 
نشرت الوقائع المصرية في ١١ محرم سنة ١٢٤٨ ملخص التقرير الوارد من إبراهيم
إنه كَلَّفَ أحمدَ بك أمير اللواء ومعه مختار أغا » باشا عن معارك عكا وفتحها، قال فيه
البكباشي من الآلاي الثاني، بالهجوم على الباب بطرف القلعة، وأن يذهب إسماعيل بك
أميرالاي اللواء الثاني ومعه الأورطة الثانية إلى باب البرج الذي يصير عليه الهجوم، وأن
يذهب إلى الزاوية اللواء عمر بك ومعه الأورطة الثالثة، وإلى برج الكريم عسكر الأورطة
الأولى، وأن يكونوا مستعدين لتسلُّق الأسوار ومعهم السلالم، فيبدأ الهجوم بعد مرور
تسع ساعات وربع من الليل بمجرد سماع إطلاق ثلاث قنابل. وجعلنا أحمد يَكَن باشا
مأمورًا على محل الهجوم، وتوجهت إلى طابية المدافع خلف عسكر المحاربين على رأس
الزاوية ووقفت الأورطة الرابعة مع يكن باشا قبالة البرج ووراءها الأمداد؛ لأن في البرج
مستودع عبد لله باشا. وكان التصميم أن نرسل عسكرًا إلى الوكالة الواقعة على البحر،
ولكن قبل الهجوم بليلة واحدة قرر الذين فَرُّوا من القلعة أنَّ تحت تلك الوكالة أربعة
«. ألغام، فعَدَلْنا عن إرسال القوة

إن الكلام لا يتسع لوصف الشجاعة الفائقة التي » :
أبداها الجنود، وإذا أخذنا بالأصول الحربية حَكَمْنا بأن استِبْسالَهم كان فوق ما يمكن
تقديره، ولكن الأورطة التي تسلقت برج الكريم كانت خسارتها كبيرة لجهل قائدها؛
لأنه لم يَدَعْهم يهجمون على جميع أنحاء المكان عند إعطاء الإشارة. والهاجمون على
الزاوية تسلقوا السور بكل سرعة، وعند وصولهم إلى الخندق أطلقوا البنادق ثم صعدوا
منه إلى الجهات الأخرى، ولَحِق بهم بقية العسكر حتى برج الخزينة الذي انقطع سوره.
ولما وصلوا إلى باب البرج استَلَّ عبد لله باشا سيفه وهجم على عسكرنا فردُّوه إلى طرف
الخندق. ولما رأينا هذا الارتداد هَجَمت القوة التي معي على طابية المدافع، ثم ارتدوا
ثلاثين أو أربعين خطوة، فسَلَلْتُ سيفي أنا وأحمد بك أميرالاي الفرسان ومشيت نحوهم
لِنَردهم إلى الأمام، ولكنهم كانوا يمشون تارة إلى اليمين وتارة إلى الشمال، وحينئذ أمرتُ
أحد الجاويشية بأن يأخذ العَلَم من حامله، فأبى البيرقدار تسليم العَلَم، فتقدم جاويش
آخر لأخذه منه، فامتنع عن تسليمه، ثم تقدم وفي دقيقة واحدة فَعَل عسكرنا العجب،
وتوارى عسكر العدو وأخذوا يتراشقون بالحجارة، ولم يستطع العدو أن يرجع إلى مكانه
الأول، وقَلَّ الذين نجوا منه، وحينئذ رفع عسكرنا بيرقهم وهجموا على البرج الصغير،
وصعد الأنفار بسرعة وأخذوا يقاتلون دون ضباطهم، فشَتَّتوا العدو وارْتَمَتْ بقاياه في
الخندق. ولحماية الرجال أمرتُ ببناء متراس، واستلَّ ثلاثة من الجاويشية سيوفَهم، ثم
رأيتهم يرمون الرصاصأمامي وسيوفهم مُكسَّرة، وفي الساعة الحادية عشرة وقف إطلاق
الرصاص، وأرسلتُ ضابطًا إلى الباب فوجده مفتوحًا، فوقف لضبط الوكالة وحَصْرِها.
وأمرتُ بجَمْع الجرحى من الفرسان؛ إذ رأيتهم مُرتمين في الأرض مُستلِّين سيوفهم عند
«. صعودهم القلعة، وبعد ذلك حضرأناس لطلب الأمن والأمان
بعد وصول عبد لله باشا والي عكا إلى الإسكندرية ونزوله في ضيافة محمد علي بدار
الضيافة، وصل أتباعُه — وهم جمهور كبير — فأمر محمد علي بإكرامهم وبإنزالهم في
ضيافة حكومته المصرية.
وكانت خزانة عبد لله باشا قد وصلت على السفينة التي ركبها من حيفا إلى
الإسكندرية، فأمر محمد علي بألا تُمس وبألا تُدخَل دارًا من دوره، وأن تُرْسَل مُقْفَلة إلى
عبد لله باشا، وكان في تلك الخزانة حُلِيُّه وجواهرُه، والحلي والجواهر هي كنوز العظماء
في ذاك الحين
وكان بيد عبد لله باشا وَصْلٌ على أحد اليونان؛ قسطنطين أنجلو من مدينة صور،
بمبلغ مائتي ألف فرنك لِيقدم له به المؤن والذخائر، فأرسله إلى محمد علي باشا باعتبار
أنه ملك الدولة الفاتحة، فأمر بأن تُدفع له قيمته. أما برج الخزانة — الذي أشرنا إليه
— فإنهم وجدوا فيه نصف مليون قرش تُركت أيضًا لعبد لله باشا.
قبل أن يَفتح إبراهيم باشا عكا أعدَّ للنصر معداتِه، لا بتأليف جيش ضخم على أحدث
الطرق الحربية والأنظمة العسكرية، ولا بإنشاء أسطول قوي؛ بل بمحالفة زعماء سوريا
وأمير لبنان، فعاهدَهُ مشايخ نابلس على المال والروح، وجَمَع الأمير بشير الثاني ٣٥ ألف
رجل ضبطوا أنحاء البلاد وانصرفوا لجَمْع المؤن. وكانت الفتن قائمة يومئذ في الأناضول
وألبانيا والبلقان فاتَّهم بها الباب العالي محمد علي. ولما لم يَلْقَ رُسل السلطان إلى محمد
علي — كصارم أفندي ونجيب أفندي — ما يشفي غلة الباب العالي، توسَّط قنصل إنكلترا
في بيروت لدى إبراهيم باشا، ولكن بلا جدوى. ولما كان ٢٣ أبريل ١٨٣٢ أمر السلطان
محمود بعقد المجلس الشرعي؛ لأنه لم يبقَ أمامه سوى السلاح الديني الذي أجاب عليه
هل يسمح السلطان لنفسه أن يحاربني » : محمد علي في جمع من قناصل الدول بقوله
باسم الدين، وأنا أحق منه بمَهْبِط الدين والوحي؛ لأني أنقذتُ الحرمين الشريفين وأعدْتُ
«؟ للدين سلطانه، وأنا الآن أحكم مكة المكرمة والمدينة المنورة
انعقد المجلس الشرعي في إستامبول، وهو مُؤلَّف من: ثلاثة مفتين، وأربعة عشر من
قضاة العسكر، واثني عشرقاضيًا من قضاة المحاكم، وتسعة من أئمة السراي السلطانية
والمدارس الشاهانية ومن إمامَي جامع أيا صوفيا وجامع السلطان أحمد، فلما اجتمعوا
وجِّه إليهم السؤال الآتي للإجابة عليه:
س: ما الذي جاء به الشرع الشريف من الأمر بطاعة أمير المؤمنين وخليفة رسول
رب العالمين؟
ج: قد فُرضت له الطاعة والوقوف عند حد أوامره جهد الاستطاعة.
س: ما الذي جاء به الشرع الشريف في عقاب العامل المارق عن طاعة خليفته
وسلطانه الذي أحسن إليه وأتمَّ نعمته عليه، فطغى وتجبَّر ودس الدسائس
وأقام الأحقاد
وأيقظ الفتنة الراقدة وعمل على تمزيق ملك سلطانه، فركب متن الجور والعسف وأراق
الدماء هدرًا وخرَّب ديار المسلمين، ولم يرضَبالطاعة للدين ولا عمل بسنة سيد المرسلين؟
ج: يُجرَّد من سائر رتبه ووظائفه، ولا يُعهد إليه بأمر من أمور المسلمين، ثم يحل
به القصاصويُلقى لوحوش البرية أو إلى طيور الفلا، وهذا جزاؤه في الدنيا، وفي الآخرة
الخزي والنار الآكلة.
س: هل يكون الخليفة مسئولًا أم ذلك المارق أمام لله والناس؟
ج: لا جناح على الخليفة ولا تثريب؛ فإنه قام بما فرضه الشرع الشريف وجاءت به
أحكام الدين الحنيف.
ثم أصدر أولئك المشايخ الحكم الآتي:
حيث ثبت خروج محمد علي وولده إبراهيم عن طاعة سلطانهما فحق العقاب
عليهما كما حق على سائر من حذا حذوهما بشق عصا طاعة أمير المؤمنين
وخليفة رسول رب العالمين، وبذلك قضىالشرع الشريف.
أولًا: تجريد محمد علي وولده إبراهيم من جميع الرتب والمناصب الديوانية
وألقاب الشرف الممنوحة لهما من لدن أمير المؤمنين، ثم بقصاصهما مع سائر
من شاركهما في هذا العصيان والخروج عن طاعة السلطان.
صدر ذلك الحكم، فحمله إلى محمد علي قومندان إحدى السفن الإنكليزية، فلم يعبأ
به وأخذ مشايخ العلم في مصروسواها يهزءون بالفتوى والحكم.
وكان جماعة من كبار الأجانب مجتمعين عند محمد علي يوم شاع أن القيصرنقولا
قد جُنَّ على ما روت الجرائد، فقال أحد الكبراء من الأجانب: لقد سمعنا أن القيصر
قد جُنَّ، فأجاب محمد علي أن ذلك ليس غريبًا، ومهما بلغ جنونه فإن جنون متبوعي
السلطان لَأكبر، فهو الآن يدعو محمد علي إلى المثول بين يديه بحجة التعاقد معه على ما
فيه المصلحة، ونسي كل ما فعله. ثم قهقه ضاحكًا حتى استلقى على ظهره من الضحك.
ومن خُلُق محمد علي أنه كانصريحًا في القول، لا يكاد يكتم شيئًا. ولم يكتفِ السلطان
باستصدار تلك الفتوى والحكم، بل أصدر فرمانًا بتولية حسين باشا سر عسكر الدولة؛
أي القائد العام، حكمَ مصروكريد وبلاد الحبشة. وإليك ما جاء في ذلك الفرمان:
من سلطان الدولة العلية العثمانية وولي نعمة المملكة العظمى الشاهانية إلى
فخر الأمراء المعظمين وقدوة أعيان دولتنا المفخمين حسين باشا … إلخ.
الموجَّه إليه من لدن مكارمنا المشهورة ولاية ديار مصروالحبشة وجزيرة
كريد وما يتعلق بها.
لا يخفى على مَن تهمه أخبار دولتنا العلية وما هي عليه مملكتنا العثمانية
الشاهانية، أن محمد علي باشا والي الديار المصرية سابقًا، بعد أن كان فردًا
من أفراد الرعية، لا يُعرف له حسب ولا نسب، قد تدرَّج إلى أوج المعالي، وما
زال حتى تولى حكومة الديار المصرية من قِبل بابنا العالي، فنظرنا إليه بما
جُبلنا عليه من كرم الطباع، وعاملناه بالرفق والتودد والإخضاع، وكنا نظن أنه
يقف عند حد الشكران ولا يخالف لنا كلمة ولا يغلب على طبعه النكران، وأن
يقابل نعمتنا بالصدق، ولكنه أطاع هواه وداخله الغرور والكبرياء … وجاهر
بمعاداة حكومتنا، ولم يقف عند حدٍّ من إثارة الفتن وتعميم القلاقل والإحن.
وقد أقلق راحة أهالي ألبانيا والرومللي الشرقي بشن الغارة على بلادهم، وكثيرًا
ما ألحَّ على مصطفى باشا بواسطة جلال بك وفاوللي مصطفى بالخروج عن
طاعتنا سرٍّا، وطالما مَنَّاهُ بالمال والرجال، على أنه لم تخفَ عنا خافية، وكثيرًا
ما دس إلى عبد لله باشا والي عكا المخلص في طاعتنا فوقعت بينهما الحرب.
وجاء إبراهيم بن محمد علي في عسكر جرار إلى يافا، ففتحها والي طرابلس
ودمشق فاستولى عليهما والي عكا فحاصرها فلم نعجل بمؤاخذته. وقد حم
القضاء فلم يبقَ من باعث على التهاون والإغفاء، ومع ذلك نعفو عمن يأتي إلى
بابنا؛ سواء كان هو وولده أو أرباب المناصب والعساكر.
وقد أصدرنا فرماننا هذا بتوجيه ولاية مصر وكريد وبلاد الحبشة وما
يتبعهما إليك، ورسمنا منا بنزعها من أيدي أولئك المارقين، فعليك أن تسير
بالعسكر المنصور إلى حلب ثم تنحدر إلى ديار مصر، فتنزع تلك البلاد من
أيديهم. واذكر شفقتي ولا تنسَ عفوي عمن يتوب ويرجع إلى طاعة لله
ورسوله وطاعة خليفته.
وقد أذيع أن السلطان جنَّد ٦٠ ألفًا، ولكن محمد علي كان يعرف أن الجيش
الذي
يستطيع السلطان الاعتماد عليه لا يتجاوز ٢٥ ألفًا، وأن الأسطول العثماني مزعزع
الأركان لا يستطيع الانتقال من جزيرة إلى أخرى، ومع ذلك عزَّز قواته وأنشأ خمس
سفن جديدة ضخمة سلاحُ كلٍّ واحدة منها مائة مدفع، وأنزل الأولى إلى البحر يوم فتح
عكا، وكان الاحتفال بذلك كبيرًا في ميناء الإسكندرية.
أنه باتت أمام محمد علي بعد فتح عكا خطتان؛ » وكتب قنصل النمسا إلى دولته
الأولى: أن يستولي على سوريا كلها؛ أي ولايات عكا ودمشق وطرابلس وحلب، وأن يقف
في حلب باعتبارها آخر حدود سوريا. والثانية: التقدم في الأناضول بإثارة ولاتها وإيصال
الاضطراب والقلق إلى الآستانة. والثانية واسعة النطاق شديدة الخطر؛ لأنها قد تفضي
«. بتدخل الدول، وهذا ما يخشاه؛ ولذلك يفضِّل الخطة الأولى
وإلى الثانية كان يميل إبراهيم، ولم يختلف الأب والابن على الغرضوالغاية ولكنهما
إن مذكرة واحدة أو إنذارًا واحدًا من إنكلترا » : اختلفا على الوسيلة. ومما قاله هذا القنصل
«. تعيد محمد علي أدراجه
وكتب المستر باركر قنصل إنكلترا في الإسكندرية إلى حكومته أن محمد علي يرضى
بعد فتح عكا بولاية عكا وطرابلس، ولكن فتوى المجلس الشرعي وفرمان السلطان
لحسين باشا السر عسكر أثارا سخطه، فأصدر أمرًا بتعيين شريف باشا واليًا على
دمشق، وقد جاء في أمر تعيينه ما يأتي:
 
إنه بالنظر إلى استحسان ولدنا سر عسكر باشا صَدَر أمرنا إلى قوله لي
محمدشريف باشا الكتخدا حكمدارًا مستقلٍّا لإيالة عربستان الشاسعة الملحقة
بالحكومة المصرية، وموافقة ما رآه ابننا المشار إليه، نرى حضوره إليه على
وجه السرعة بمفرده لتوجيهه للجهة المذكورة بحرًا، ثم إرسال أمتعته برٍّا.
وورد على محمد علي من أنحاء سوريا أن الأهالي ينضمون إلى جيش إبراهيم
ويقدمون طاعتهم لحكومة مصر ليخلصوا من حكومة الباب العالي الجائرة المخربة إلى
حكومة مصلحة معمرة، وأن عرب السردية وعنزة عرضوا تقديم جِمالهم للحملة، وأهالي
دمشق ينتظرون دخول إبراهيم مدينتهم، وأهالي حلب ينتظرون وصوله بفارغ الصبر.
أصدر الباب العالي أمرًا إلى الأسطول بالخروج، وهو مؤلَّف من ست سفن حربية كبيرة
ومن ثماني فرقاطات ومن ماية مركب نقل. وقد روى يومئذ قائدا الأسطولين
الإنكليزي
والفرنساوي أن الأسطول التركي انتقل إلى بشكطاش فقط، فإما أن يدمره أسطول
محمد علي إذا هو تعرَّض للقتال، وإما أن يحصره في أحد الموانئ ويأخذه أسيرًا. وقد
قرن الباب العالي خبر خروج الأسطول بخبر حشد مائتي ألف مقاتل بقيادة السر عسكر
حسين باشا. ولما حدَّث محمد علي في ذلك كله قال: إن الباب العالي لم يُرد سوى تخويفه،
إن جَملًا حمل المحمل إلى مكة مدة ثلاثين سنة، » : ثم حكى محمد علي حكاية تركية فقال
فبعد هذه السنين الثلاثين تُرك وشأنه في أسواق المدينة يبحث عن غذائه. ولم يكن أحد
يجرؤ على إزعاجه، ولكن أحدهم رأى أن الجمل يتناول كلشيء ولا يعفُّ عنشيء، فأراد
منعه ولكنه لم يجرؤ على مسه، فلما اقترب الجمل من محله أخذ يضرب على الأخشاب
والآنية بكلتا يديه، فسأله جاره: ولِمَ ذلك؟ قال: لأخُيف الجمل وأبُعده عن تناول أشيائي.
فقال ذلك الجار: أتظن أنه يسمع هذا الطنين وقد كَلَّتْ أذناه في مدى ثلاثين عامًا من
أصوات المدافع والموسيقات؟ وبعد أن قصمحمد علي هذه الحكاية قال لمحدثيه: أما ذلك
«. الجمل فهو أنا محمد علي
أما جيش محمد علي في سوريا فقد قُسم إلى ثلاثة أقسام، كل واحدٍ منها كان مؤلفًا
من ١٣ إلى ١٤ ألف مقاتل؛ فالأول في طرابلس تحت إمرة الأمير خليل ابن الأمير بشير
ومصطفى بربر عامل الأمير بشير على تلك المدينة، والثاني تحت إمرة عباس باشا في
زحلة وبعلبك ومعه سليمان باشا الفرنساوي والأمير أمين ابن الأمير بشير، والثالث جيش
عكا مع إبراهيم باشا.
وقد رأى الباب العالي أن يستعين بالدعوة الدينية، فاستدعى من بورصة إلى الآستانة
أحد الأشراف المنفيين، وقابله مقابلة فخمة، وعيَّنه أميرًا لمكة بدلًا من أميرها المخلص
لمحمد علي. ووَكَل الباب العالي إلى سفينتين نمساويتين الوقوف على أخبار الأسطول
المصري، فلما وصلت إحدى السفينتين إلى الإسكندرية قال محمد علي لرُبانها إنه مستعد
لإبلاغهم جميع الأخبار حتى يدرك الباب العالي أنه لا أمل له بالفوز.
وشعر محمد علي أن الباب العالي يبذل أقصىجهده في الأهُبة والاستعداد برٍّا وبحرًا،
فعقد عزيمته على أن يقابله بالِمثل، فطلب من قنصل فرنسا أن يعرضعلى حكومته عقد
قرض له بمبلغ ١٢ إلى ١٥ مليون فرنك — وإن يكن عالمًا بأنه ليس باستطاعتها أن
تفعل ذلك علنًا ولكن باستطاعتها أن توحي سرٍّا بعقده — غير أن الحكومة الفرنساوية
رفضت أن تعقد هذا القرضأو تساعد عليه مراعاة للباب العالي والحياد، ولكن ذلك لم
يقعده عن مواصلة الاستعداد، فأخذ بإرسال النجدات إلى سوريا.
وأرسل الباب العالي — بعد أن أصدر المجلس التشريعي فتواه — إلى الدول بألا
تسمح لرعاياها بالاتصال بالمواني المصرية، فأرسل وزير خارجية فرنسا ردَّه بأن هذا
الذي يطلبه الباب العالي مخالفٌ للقوانين البحرية، وذلك ما أخذت به الدول. ومضمون
أن حصار الشواطئ والسواحل يجب أن يكون تامٍّا، وأن يحذر المركب » : تلك القوانين هو
وأما أن تقطع «. في حالة الحصار التام من دخول الميناء، فإذا خالف حق عليه العقاب
الدول اتصالها بالمواني المصرية بمجرد التنبيه، فذلك ما لا يقول به أحد ولا تقبله الدول.
وكان الأسطول المصري قد ضبط مركبين روسيين ومركبين نمساويين تحمل المؤن
والذخائر للأتراك في سواحل سوريا، فاحتجَّت هاتان الدولتان، وانتهى الأمر بالاتفاق على
أن تصادر الحكومة المصرية المؤن والزخائر وأن تدفع أجرة المراكب فقط، وهكذا قطع
الأسطول المصري المدد بحرًا عن الجيش التركي في سوريا.
أما إبراهيم باشا، فإنه بعد دخول عكا أمَرَ بترميم جدرانها وأسوارها وقلاعها
ونصب المدافع فيها لأنه عزم على جعلها مركزًا لجيشه في بلاد الشام.
وكان علماء الأزهر قد وضعوا ردٍّا شرعيٍّا محكمًا على فتوى المجلس التشريعي في
الآستانة، فأذيع ردهم في جميع الأقطار.
ولما حدَّث القناصل محمد علي في ذلك أجاب أن علماء الأزهر أحفظ للدين وأعرف
بأحكام القرآن الكريم من جميع علماء الإسلام، فأنا لم أطلب منهم شيئًا، ولكن ما فعلوه
إنما هم فعلوه دفاعًا عن حرمة الدين من أن تُنتهك. أما الرد من جانبي فيحمله ابني
إبراهيم إلى قواد السلطان.
لم يُضع إبراهيم باشا وقته، فعزم أن يَنقضَّ انقضاض الصاعقة على خصومه،
فاتجه بعسكره إلى دمشق، وأمر الأمير بشيرًا أن يوافيه إليها برجاله، وأمر جيش عباس
باشا برقابة الجيش التركي في جهة حمص. وإليك البلاغ الرسمي عن الاستيلاء على
دمشق كما نُشر في الوقائع المصرية.
 
في ١٠ المحرم/ ١١ يونيو توجَّه العسكر المنصور إلى جهة دمشق، فوصل في
١٤ منه إلى القنيطرة، ثم انتقل إلى داريَّا التي تبعد عن دمشق ساعة ونصف
الساعة. وفي الساعة الثامنة رتَّب عسكر آلايات المشاة والفرسان كهيئة قامة.
ولما شاهدوا في اليوم التالي نحو ٨٠٠ فارس من الأعداء في الجانب الأيسر
طلبًا للحرب، وفي الجانب الأيمن جماعة من المشاة من أهل دمشق، استحسن
أفندينا السر عسكر أن يستصحب معه آلايات الفرسان وأحمد بك أمير اللواء
مع الأورطة الرابعة من الآلاي الثامن، ويذهب إلى الذين وقفوا إلى الجانب
الأيسر، ويذهب قوجه أحمد أغا مستصحبًا فرسانه وفرسان العرب إلى الذين
وقفوا في الجانب الأيمن. فلما رأى أصحاب المشأمة إقدام أفندينا السر عسكر
عليهم وَلَّوا الأدبار، فتَبِعهم العسكر وقَتلوا منهم بعضًا وقبضوا على البعض،
وكان علي باشا والي دمشق والشوربجي وشمدين أغا في المعسكر في المكان
وكلٌّ من أمين الكلار والمفتي والنقيب ورشيد أغا والترجمان ،« المرجة » المسمى
فهربوا جميعًا ،« باب توما » في بيت أمين الكلار والقاضي في المكان المسمى
وكانوا نحو ١٥٠٠ فارس و ٥٠٠ راجل، وحينئذ جاء جماعة من المدينة طلبًا
للأمن والأمان، وطلبوا أن يتشرفوا بمقابلة أفندينا رئيس العسكر، فأرسل
إليهم رسولًا يبلغهم بأنه أعطاهم ما طلبوه من الأمن والأمان.
وعند شروق الشمس وصل الأمير بشير ومعه نحو ٥٠٠٠ من الفرسان
والمشاة، وتقابَل مع أفندينا، وذهب مع رجاله إلى المدينة من طريق وذهب
أفندينا إليها من طريق آخر. وبينما هو في الطريق حضر كبارهم لاستقباله،
وفي الساعة الرابعة أعد لكل فريق من جيشه المنصور مكانًا خاصٍّا به في
المدينة
ولما كان بعض الدروز والمتاولة قد نهضوا لارتكاب الشغب في لبنان
والبقاع وحوران بتحريض القواد الترك، أمَرَ إبراهيم باشا بنزع سلاحهم
وبتوزيع ١٣ ألف بندقية على اللبنانيين لمطاردة المشاغبين.
ورأى إبراهيم باشا تأليف مجلسشورى في دمشق لضبط الأعمال، فصدر
عن ذلك البيان الآتي الذي أعُلن في ١٥ صفر:
صدر أمر السر عسكر إبراهيم باشا في ١٥ صفر إلى الأشخاص
المذكورة أسماؤهم فيما بعد، وهم من أشهَر عائلات دمشق الشام
وأكابرها وأعيانها وشيوخها؛ ليكونوا أعضاء المجلس المخصوص،
وهم: محمد حافظ بك العظم، وسليم أفندي كيلاني، ومحمد أفندي
عجلان، ومحمد نسيب أفندي حمزة، وعلي أغا كاتب الترجمان،
وصالح أغا المهايتي، وعلي أغا كاتب الخزانة، وعبد القادر أغا كيلاهلي،
وأحمد أفندي البكري، وأحمد أفندي المالكي، ومحمد راغب أفندي
حسني، وأحمد أفندي أنسي، وإبراهيم بك المسودن، والحاج نعمان
أغا باشجي، والشيخ سعيد، والحاج إبراهيم بستولي من التجار،
وصباحي أغا الحكيم، ومحمد أغا الكبير، ومحيي الدين أغا خير،
وعبد القادر أغا خطاب من أغوات الاختيارية، والخواجه روفائيل
الصراف، والخواجة ميخائيل كحيل، وجميعهم ٢٢ ذاتًا.
فليكن معلومًا أنه عملًا بالحديث القائل: كل راع مسئول عن رعيته.
وجب علينا النظر في أمور الرعية وأحوالها بما فيه الراحة والرفاهية
من كل الوجوه، الأمر الذي لا يحصل إلا بنشربساط العدل والإحسان
عليهم وفصل الأحكام فيها بالحق. قد استحسنا تشكيل مجلس
مخصوص من خواص العقلاء وأصحاب الرأي من الأعيان والأكابر
والتجار للنظر في القضايا والمشورة فيها؛ ولذلك قد اخترناكم من
عموم أهل دمشق الشام، وأذنَّاكم بسماع الدعاوى وبتحويل الشرعية
منها على الشرع الشريف.
أما ما يتعلق بسياسة الأمور الأخرى، فيكون الفصل برأيكم وبعد
التشاور وتداول الآراء بين أرباب المجلس جهرًا، واتفاق الآراء يحكم
بما تتفق عليه الآراء، وبعد الحكم يُقدَّم تقرير بذلك إلى مجلسنا
للتنفيذ، ويكون ذلك بلا ميل ولا غرض في النفس ولا شهوة خاطر،
ولا انحراف إلى كبير أو صديق أو وجيه. وكل من أخفى رأيه لغله
ولا انحراف إلى كبير أو صديق أو وجيه. وكل من أخفى رأيه لعلة
أو لعدم نَقْد كلام مَن هو أعظم منه مِن أرباب المجلس، فيكون قد
خالف أمرَنا وأوقع نفسه تحت طائلة الملامة.
صدر أمرنا هذا ليكون حجة عليكم، فاغتنموا ثواب الرعية وجزاء
الخدمة الدينية الجليلة، والحذار الحذار من الخلاف.
وبعد احتلال دمشق أسرع إبراهيم باشا بجيوشه لمقابلة قوات الباشوات
الترك في حمص.
 
يقول المصريون: إن الشام جنة الدنيا، وقد فتحنا لهم الشام فماذا يريدون
فوق ذلك؟
من كتاب إبراهيم باشا لوالده
في ١٥ يونيو ١٨٣٢ دخل إبراهيم باشا دمشق وأقام عليها أحمد بك العظم متسلمًا،
إلى أن أعلن تأليف المجلس المخصوص من ٢٢ عينًا ليتولى شئون الولاية والألوية. وكان
محمد علي باشا قد عين محمد شريف باشا واليًا على دمشق، ووَكَل إبراهيم باشا إلى
الأمير بشير تعيينَ المتسلِّمين، فعَيَّن متسلِّمي صيدَا وبيروت وطرابلس واللاذقية من الأمراء
الشهابيين أبناء عمه، وصدرت أوامر إبراهيم باشا إلى محمد منيب بك والي عكا بتأييد
هؤلاء المتسلِّمين. ولم يصرف إبراهيم باشا سوى أيام قليلة في دمشق؛ لأن الباشاوات قواد
الجيوش التركية كانوا قد اجتمعوا بجيوشهم في سهول حمص، فصمَّم على مباغتتهم
والزحف على حلب للاستيلاء عليها، وكانت حلب آخر مرمى محمد علي إذا لم يضطره
السلطان إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك. ولما كان محمد علي واثقًا كل الوثوق من الفوز
والنصر ومن الاستيلاء في أيام قليلة على مدينة حلب، عقد النية على أن يمهد الطريق
السياسي، فاستأجر مركبًا فرنساويٍّا في ٢٤ يونيو ليحمل منه رسالة إلى حاكم مالطة
الإنكليزي، بغية أن يرسلها هذا الأخير إلى حكومته؛ لأنه لم يكن يثق أقل ثقة بالقنصل
الإنكليزي، لِمَا كان يظهر من الجفاء نحو مصر ودس الدسائس لمحمد علي وإبراهيم،
وليحمل رسالة من قنصل فرنسا إلى حكومته بآراء محمد علي.
وقد حدَّثنا عن ذلك قنصل فرنسا ميمو في رسالته إلى وزير الخارجية سيبستياني
فقال:
إن محمد علي لم يستأجر السفينة الفرنساوية لتحمِل إلى مرسيليا ومنها إلى
أوروبا خبرَ فتح دمشق، ولكنه استأجرها لتحمل منه رسالة إلى الحكومة
الإنكليزية بواسطة حاكم مالطة؛ لأنه لا يثق بالقنصل الإنكليزي، ويعتقد بأنه
يتلاعب بالإعراب عن أفكاره وآرائه. أما أنا فلم يسلمني رسالة، ولكنه أملى علي
أفكاره التي يريد أن يعرضها على وزير الخارجية، وهي:
يرى محمد علي أن تركيا واصلة حتمًا إلى أزمة من الأزمات الكبيرة التي
يتقرر بها مصير الأمم والدول، والآن يتم الانفصال بين شطرين من السلطة
تقضيالحوادث والأنظمة والضرورة والأقدار بفصل أحدهما عن الآخر. وكان
بالإمكان تلافي ذلك لولا غفلة السلطان؛ لأن محمد علي كان يود دائمًا —
بالرغم من انفصال أحد الشطرين عن الآخر بالفعل والواقع — أن يظل التابع
الخاضع المخلص، ولكن العناية أرادت غير ما أراد، فالآن قد تم تأليف المملكة
العربية، والبلاد العربية هي مهبط الوحي، وهي تحتضن الأماكن المقدسة،
وفيها مقر الخلافة وتطوقها الجبال من كل جانب كالأسوار، وإذا اضطرت
للدفاع عن نفسها أنشأت القلاع والحصون التي سيتضاعف عددها.
واليوم ننتظر أن يرتمي أسطول السلطان وجيشه على أسطول محمد
علي وجيشه، فيكون مصير أسطول السلطان وجيشه السحق. فلماذا مواصلة
هذا القتال الذي لا فائدة منه؟ وأية أمة أوروبية تجد فيه ربحها؟ فلا هي
فرنسا ولا هي إنكلترا ولا النمسا ذاتها. وذلك للأسباب التي يعرفها الجميع
ولا يجهلها أحد.
والدولة الوحيدة التي يهمها سقوط السلطنة العثمانية هي الدولة
الروسية. ألا يقوم الدليل على ذلك بدفعها الباب العالي بكلتا يديها ضد
محمد علي مع إعلان الغضب والسخط عليه؟
فمنذ تملَّكت الغفلة الباب العالي نراه لا يعمل شيئًا إلا بنصيحة روسيا
وأوامرها، وروسيا تعرف أن مصر صارت قوة، وأن هذه القوة تؤيد عند
الحاجة الباب العالي ضدها. ولكن الجنون تملَّك الباب العالي فانساق لإرادتها
ضد الشطر القوي الحي في السلطنة، ولذلك تريد روسيا أن يمزق بعضنا
البعض.
فهل تسمح فرنسا وإنكلترا بأن تحفر السياسة الخادعة هذه الحفرة
ليتردى فيها الجهل والغباوة؟
إن عليهما وحدهما وعلى رأيهما ووساطتهما الحيلولة دون فعل الدسائس،
فإذا فعلتا كان عملهما خدمة للباب العالي ذاته وللسلام وللإنسانية.
أما محمد علي، وإن كان قد أهُين وسُبَّ، فهو لا يطلب — والنصرحليفه
— إلا ما كان يطلبه قبل القتال، فلا يمتد نظره إلى أبعد من إلحاق سوريا
حتى حلب بولاية مصر تحت سيادة السلطان، وعلى شروط موافقة للسلطان
كل الموافقة. أما إذا ترك قياد السلطان لصديق ماكر، فقد تكون النتيجة عليه
بلايا شديدة.
فهو الآن مُحتقَر مكروه من جميع المسلمين؛ لأنهم يَعدُّونه المخرب
والعدو
للسلام. أما محمد علي، فهو في نظر الجميع السَّند للدِّين والمُدافع المخلِصعنه،
والمؤمنون في جميع أنحاء السلطنة تتجه أنظارُهم إليه، وكل جهة ترسِل إليه
رسلها في طلب المساعدة والعون.
وهل مَن يشك الآن في أن الانتصار في سهول حلب بفضل عبقرية إبراهيم
العسكرية، وبفضل تفوق العرب، وبفضل فوز الأسطول المصري، سوف يحكم
بمصير إستامبول؟
فإذا كانت الدولتان الصديقتان تريدان أن تصل الأمور إلى هذا الحد،
فمحمد علي يود إبلاغه ذلك. وعنده أنه لم تبقَ إلا هذه الوسيلة للحيلولة دون
انحلال السلطنة، وهذه الوسيلة هي المتفَق عليها بين جميع عقلاء السلطنة؛
لأنها تصون الوحدة التي تساعد على إنقاذ الجميع.
وأشار قنصل فرنسا إلى فتنة والي أشقودرة قبل ذلك، وأنه
كان الغرض منها خلع
السلطان وتولية ابنه تحت مجلس وصاية.
ذلك كان مسعى محمد علي السياسيالمقرون بالنجاح العسكري، ولكن هذا المسعى
لم يُوقِفه عن إرسال النجدات لإبراهيم، فأرسل إليه ستة آلاف جندي نظامي؛ حتى قالوا
إن مصر خلت بعد هذا من الجند النظامي؛ لأن محمد علي كان في مأمن من الأسطول
التركي.
وكان سلاح الأسطول التركي أضعف من سلاح الأسطول المصري، وأكثر رجاله ممن
لم يركبوا البحر، فلم يكن أحد من رجال البحر يُصدق أن أسطول السلطان يستطيع
مواجهة أسطول مصر.
 
أما خطة إبراهيم باشا، فكانت القضاء على جيش الباشوات في حمص، وهو لا يزيد على
٢٦ ألفًا قبل وصول جيش السر عسكر حسين باشا وهو ١٢ ألفًا، وقد جاء من طريق
قونيه ومرَّ بطريق أنطاكية.
نهضإبراهيم باشا من دمشق في ٣٠ يونيو قاصدًا حمص، ومعه الأمير بشير وابنه
الأمير خليل وأمراء وادي التيم ومشايخ نابلس، ولما وصل إلى النبك وجَّه الأمير بشيرًا
ومن معه إلى دير عطية، واتجه هو ذاته إلى القصير، فخيَّم على مجرى نهر العاصيثم
نهضإلى بحيرة حمص. وبينما كان مُجدٍّا السير كان الباشاوات الترك الثمانية منهمكين
بتبادل الزيارات وتقبُّل التحيات ونصب الخيام الضخمة … إلخ.
ففي صباح ٨ يوليو انقضَّ جيش إبراهيم على حمص انقضاض الصاعقة، فمزَّق
شمل الجيش التركي كل ممزَّق، واستولى على سلاحه ومهماته ومراسلاته، ومنها رسالة
من الباب العالي إلى باشا حلب بأن يرسل إبراهيم باشا حيٍّا إلى إستامبول. وبلغ عدد
قتلى الجيش التركي ٢٥٠٠ ، وقتلى الجيش المصري ١٠٢ ، وجرحاه ١٦٢ ، وأسَرَ الجيش
المصري نحو ألفين أرُسلوا إلى عكا وخيِّروا بين الذهاب إلى بلادهم أو الانضمام إلى المعسكر
المصري في بلدة النحيلة.
أما الباشاوات قواد العسكر التركي فكانوا: محمد باشا والي حلب وهو القائد الأكبر،
وعثمان باشا والي المعدن، وعثمان باشا والي قيسارية، وعلي باشا والي دمشق، وعثمان
باشا والي طرابلس، ومحمد باشا الكريدلي، ومحمد باشا فريق عسكر الجهادية، ونجيب
باشا، ودلاور باشا. ولم يقف إبراهيم باشا في حمص، بل سار بجيشه يقصد إلى حماه
لِلِّحاق بهم، ولكنه تلقَّى الخبر بأنهم لم يقفوا في حماه، بل تركوا مدافعهم في الطريق
وواصلوا السير، فسَطَتْ عليهم عربان عنزه، فأرسل إبراهيم باشا إلى عكا في طلب
الطوبجية لإصلاح المدافع التي غنمها، وهي جميع مدافع الجيش التركي الذي ارتدت
بقاياه بلا مدافع، وبقايا هذا الجيش لا تزيد على ١٥٠٠ مقاتل.
ولم يقف إبراهيم باشا في حماه، بل واصل السير إلى حلب، وبينما هو في قرية
زينان جاءه فرسان العرب بستة من الأسرى فأخبروه أن الباشاوات ومعهم السر عسكر
حسين باشا طلبوا من محكمة حلب إصدار حكم بتقديم المؤن للعساكر، فأبت وأبى
الأهالي تقديم هذه المؤن، وتظاهروا بالعداء، فغادر الباشاوات حلب إلى عينتاب تاركين في
حلب ١٦ مدفعًا والخيام والذخيرة والمهمات، فركب إبراهيم مع الفرسان بقيادة عباس
باشا ووصل إلى حلب، فدخلها على الترحاب وقدَّم له الطاعة قاضيها ومفتيها وأعيانها.
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
ها قد فتحنا الشام » : وقبل أن يدخل إبراهيم حلب كتب إلى محمد علي والده يقول
«؟ التي يقول المصريون إنها جنة، فماذا يريدون منا فوق ذلك
وهكذا انتهى فتح الشام الذي كانت بدايته في شهر أكتوبر سنة ١٨٨١ ونهايته في
. شهر يوليو سنة ١٨٨٢
وهذا هو المنشور الذي صدر لأهالي حلب:
عمدة العلماء الأعلام، حاكم الشريعة الغراء بمدينة حلب الشهباء، الأفندي
الأفخم زيد فضله.
والمأذون بالإفتاء بها نخبة العلماء الكرام، الأفندي المكرم زيد بقاءه.
وفرع الشجرة الزكية، طراز العصابة الهاشمية، قائمقام نقيب أشرافها،
الأفندي الأكرم زيد شرف سيادته.
وافتخار الأماجد والأكارم، متسلمها حالًا سياف زاده السيد إبراهيم أغا
مفاخر الأماجد والأعيان، وجوهها الكرام وأعيانها وساداتها ذوي الاحترام.
أحيطوا جميعًا علمًا بأنه يجب قيامنا وتحريك ركابنا لطرف مرعو.
فاقتضى إيفاد قائمقام لأجل تدوين أمور بلدتكم وضبطها وإجراء حكومتها
وربطها.
بناء على ذلك قد نصَّبنا رافع أمرنا هذا افتخار الأماجد والأكارم سياف
زاده السيد إبراهيم أغا المتسلم الموما إليه، وأبقيناه لأجل إدارة مصالح البلدة
ورؤية أمورها.
فأنتم أيها المخاطبون إذا صارت الكيفية معلومكم تكونون جميعًا مع
الأغا الموما إليه بالاتفاق، وتشدون عضد المواحدة والاتفاق لإيفاء مراسم الخدمة
المبرورة وإجراء مراسم المساعي المقبولة المشكورة لدى جانب ولي النعم أفندينا
السر عسكر باشا المعظم.
وأنت أيها القائمقام يلزم منك الانتباه واليقظة في محافظة الطرقات
وأبناء السبيل، وعدم التعرض لأحد إلا بالوجه الشرعي، واستجلاب دعوات
الفقراء والرعية وديعة رب البريه، وبذلك تحوز رضا سعادة أفندينا ولي النعم
المعظم ورضانا … إلخ.
١٢٤٨
خاتم
إبراهيم توفيق
طغراء
يكن إبراهيم
قائمقامي حلب
 
أرفق المصادر للمحتوى المذكور .
 
أرفق المصادر للمحتوى المذكور .
 
مذكرات كلوت بك.
مذكرات الدكتور غالياردو.

تاريخ مشاقة.
مذكرات نوفل.
تاريخ الأعيان لطنوس الشدياق.
تاريخ جوين.
مذكرات دوين.
 
ابرهيم باشا ومخازيه

==========

عندما دخل ابراهيم باشا للشام ارتكب المخازي والفجور فأوقف تطبيق الشريعة وعمل بالقانون الاوربي وساوى بين المسلمين والمسيحيين والغى اللباس المخصوص للنصارى الذي فرضه العثمانيون عليهم وضيق على مشايخ الدين وحاربهم وسجنهم ثم سلط بقايا الانكشارية وقطاع الطرق على حلب ونهبها وكذلك فعل بدمشقوغيرها من المدن الشامية

ولا ننسى فظائعه بدعم الدروز والنصارى ضد اللاذقية وطرابلس ودمشق وحمص وحماة

ومجازره بدعوى التجنيد الاجباري (( للمعلومية الدولة العثمانية خلال حكمها للشام من 1516 الى 1918 لم تفرض التجنيد الاجباري الا عام 1858 وطبقته فعليا في 1865 لكن مع السماح بالاعفاء عبر دفع بدل نقدي او ان يكون معيلا او وحيدا لابويه او لاحدهما او متزوجا من امراة ليست من مدينته او متزوج من امراة لا معيل لها او من ابتاع الطرق الصوفية وغيره ))



أولاً: وهذا احد مشايخ ومؤرخي حلب كامل الغزي يذكر بعض جرائم ابراهيم باشا بحلب :


(( وفي سنة 1249 رأى الحلبيون صرامته لابراهيم باشا في أحكامه وشدته في انتقامه وعقوبته وشاهدوا ما يعامل به العسكري من الإهانة والشتم واللعن، فعزموا على مناضلته. واجتمع من زعمائهم جمّ غفير، منهم عيسى آغا وبكور آغا كعدان وأحمد بن هاشم ومحمد آغا حطب- وهم من بقايا زعماء اليكجرية- وعقدوا بينهم اتفاقا وكتبوا به ميثاقا ختموه، سوى قليل منهم. فاتصل الخبر بإبراهيم باشا بواسطة محمد آغا حطب، فقتل بعضهم ونفى الباقين وأمر بجمع السلاح من البلد، فجمع منه ما لا يحصى، وارتفع سعره حتى بيعت نصلة بندقية بثلاثمائة قرش. وفي هذه السنة أمر أيضا بجمع العسكر فثقل هذا الأمر على الناس لعدم اعتيادهم عليه وهرب منهم خلق كثير وتشتتوا في البراري، ومنهم من مات تحت المطر والجليد وأكلتهم الوحوش، وكانت تكبس البيوت ويؤخذ منها العسكر دون مراعاة شريف أو وضيع، حتى إن الأولاد الصغار كانوا يؤخذون ويدخلون المكتب ويكسون بملابس الجندية.


وفي سنة 1250 صار الشروع بامر ابراهيم باشا بتعمير الرباط الكبير المعروف بالشيخ يبرق بحلب ،، ورباط آخر في نواحي الكلاسة شرقي مشهد الشيخ محسّن بحلب ، وغير ذلك من المباني. وكانت الفعلة والنجارون والمجصّصون يقادون للعمل في هذه المحلات بالسلاسل ويساقون بالضرب والشتم، ويدفع لهم قليل من الأجرة، ومنهم من لا يعطى شيئا. وكان أكثر أنقاض هذه الأبنية وحجارتها من المساجد القديمة والجوامع المهجورة والخانات المهملة.


وفي ابتداء رمضان سنة 1253 تجدد طلب العسكر واشتد التفتيش عليهم، حتى صارت النساء يحبسن في بيوت القهوة ويضربن الضرب المبرّح ليقررن عن رجالهن. فجمع مقدار وافر وبقي بعض أفراد لم يشددوا في طلبهم رعاية لرمضان. ثم في أول يوم من عيد الفطر صدرت الأوامر بإتمام جمع من بقي من العسكر، فذاقت الناس أمرّ من الصاب، وانقلب عيدهم مأتما. ثم في ثالث يوم من شوال ورد العفو عن بقية الأشخاص المرتبة على البلد.



وفي اليوم الثالث عشر من هذا الشهر سنة 1254 هجرية وقع القبض والتفتيش على أولاد المسلمين ليدخلوا في النظام العسكري، ومن لم يوجد منهم قبض على أبيه أو أمه أو زوجته وعذبوا إلى أن يحضر الرجل المطلوب. ومن هرب منهم أو أحجم عن السفر يجعل هدفا للرصاص في أرض عوّاد، فكان لا يخلو يوم من عسكري مقتول. وقد استصفت الجندية شبّان أهل حلب وملحقاتها، فلم يبق منهم سوى الكهول والعجزة ووقفت حركة الأشغال وعزّ القوت وتهتكت الحرائر في الحصول على ما يقيتهنّ. وفي اليوم الرابع عشر منه صدر الأمر بالعفو عن بقية المطلوبين. وفي هذه السنة كان الشتاء شديدا والأمطار غزيرة تعطّل بسببها أكثر العمران واستمرت نحو سبعة أشهر لم تنقطع إلا قليلا.
 

ثانيا مخازي ابراهيم باشا في دمشق وماحولها
================



وهذا كبير مشايخ ومؤرخي الشام عبد الرزاق البيطار يصف جرائم المجرم ابراهيم باشا بن محمد علي :


(( غشوم ظالم، وظلوم غاشم، خليفة الحجاج في أفعاله، وناهج منهجه في أقواله وأحواله، محتو على الفساد، منطو على الإنكاد، مجبول على الغلظة والقساوة، مجعول من الفظاظة معدوم من اللطافة والطلاوة، ممتلىء منه البذا، متضلع من الأذى، لم يخلق الله تعالى في قلبه شيئاً من الرحمة فينتزع، ولم يودع الله لسانه لفظاً من الخير فيستمع، سفاك لدماء المسلمين، نباذ لطاعة أمير المؤمنين، كان يعتقد أن ذلك ليس أمراً ذميماً، ولا يهوله قوله تعالى: " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً " .



وكان قد تمكن إبراهيم باشا من البلاد الشامية وقهر الناس واستباح الحرام، وفعل جميع الموبقات والآثام، فلم يبق شيء من القبائح في زمنه إلا وقد فعل بدون إنكار ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


وكان قد وضع بعد إحصاء أهل المدن والقرى في دفتر على كل فرد من البالغين منهم مالاً أقله خمسة عشر قرشاً وأكثره خمسماية قرش، تؤخذ منه في كل سنة، كما وضع ذلك من قبل على أهل مصر


واستولى العسكر المصري على أكثر المساجد والمدارس والتكايا بدمشق ، ومنعوا المصلين من دخولها وجعلوها لسكناهم ولدوابهم، وذلك سنة تسع وأربعين، فكان ذلك سبباً لضياع أوقافها وخرابها،


وقدم العيسوية ( النصاري ) على المحمدية ( الاسلام ) ، وأذل أهل الشرف والعلم وذوي الاحترام، وأعز الأسافل والطغاة على الإسلام،


ثم بعد رجوعه من البلاد الرومية، لا زال يدور في البلاد الشامية، حتى وصل في أواخر سنة تسع وأربعين إلى القدس الشريف في أيام الموسم، فوقعت هناك فتنة بين العيسوية ( النصارى ) تلف منها خلق كثير،


وفي سنة ألف ومايتين وخمسين اشتغل بإدخال من وقع في أيديهم من الناس في العسكرية، فهرب الناس وتشتت أمرهم وكثر البكاء والنحيب وتوقفت الأشغال والمصالح،


وطلب من جبل نابلس إجراء ذلك عليهم، فخرجوا عن الطاعة وحصروا إبراهيم باشا في القدس، واجتمع منهم خلق كثير ولا زالوا محاصرين له نحو شهرين، وكان رئيسهم الشيخ قاسم الأحمد، فلما ضاق به الحصار وأيقن بالهلاك والدمار أرسل إلى قاسم الأحمد كتابة تلطيف مصحوبة بمال جسيم، ووعده بالالتفات والتقديم، وأنه لا يأخذ منهم عسكراً ولا مالاً، وأنه يوسعهم نعمة ونوالاً، فرضي القاسم الأحمد لقلة عقله، وسوء رأيه وجهله، وفك عقدة الحصار والضيق، وتفرق الناس متمسكين بما جرى من العهود والمواثيق، فخرج إبراهيم باشا حتى وصل إلى يافا فوجد العساكر قد وصلت لنجدته، وتخليصه من نكبته، فنكص على عقبه في الحال، واشتغل بالقتل والنهب والحرق وسلب الأموال، فهرب قاسم الأحمد إلى الخليل، فلحقه إبراهيم باشا بعساكره واشتغل بالنهب والسلب والقتل حتى لم يبق منهم إلا القليل، ثم دار على الساحل، ففعل بأهله هذه الرذائل، ولم يزل يتتبع آثار قاسم الأحمد حتى قبض عليه، وقتله بدمشق هو والبرقاوي ونكث العهد الذي عهد به إليه، وأمر بجمع السلاح من سائر البلدان، التي تحت أمر هذا الشيطان، ولم يزل في ظلم وعناد، وقبح وفساد، وسفك وسلب، وقتل وضرب،


وبعد مدة أمر السلطان عبد المجيد خان بخروج إبراهيم باشا بعساكره من الأرض الشامية، إلى الأقطار المصرية، فأجاب الأمر بالسمع والطاعة وجمع عساكره وذخائره ومتاعه، وفرق ذلك بالشام، على المساجد والجوامع وبيوت الأرامل والأيتام، ثم بعد شهرين من مجيء الأمر بخروجه خرج من باب الله بعساكره ونزل بسهل القدم بدمشق ، بعد أن جعل الشام وأهلها من كل نعمة في عدم، وذلك في اليوم السادس من ذي القعدة الحرام، سنة ست وخمسين ومايتين وألف من هجرة سيد الأنام، وكان يوم خروجه يوماً شديد الثلج والبرد، والهواء والشرد، وكان يحث عساكره على العجلة والسرعة، ومن تأخر ولو لتعب كان قبره موضعه، وأخذ معه جميع الحبوب والمواشي، من غير خوف ولا تحاشي


 
وهذا احد مؤرخي سورية محمود السيد الدغيم يصف بعض جرائم ابراهيم باشا :


اقتفت قوات محمد علي باشا آثار نابليون بالهجوم على بلدان الخلافة العثمانية في فلسطين بمساعدات فرنسية، ثم حقَّقت سنة 1247 هـ/ 1832م ما عجز عنه نابليون من سفك دماء المسلمين في عكا وسوريا الكبرى، وفتحت المجال واسعاً أمام البعثات التبشيرية النصرانية، وعندما احتل مدينة حلب السورية أعاد تشكيلات الإنكشارية المنحلة ونحر القرابين وقدّمها في التكايا البكتاشية التي حلَّها السلطان محمود الثاني سابقاً،

وفي تلك الأثناء قام محمد علي باشا بمراسلة مصطفى باشا والي اشقودرة الألبانية وتحريضه على العصيان والتمرد على الخلافة الإسلامية العثمانية، واستنزف تمرده وعصيانه القوات العثمانية، وأضعفتها حيث وصلت شرورها إلى مدينة قونية في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 1832م وأعاد الإعتبار للإنكشارية المنحلة، وافتتح التكايا البكتاشية، وأرسلت القرابين إلى تكية "حاجي بكتاش"، وأمر إبراهيم باشا بإحياء الأنظمة التي ألغاها السلطان محمود الثاني ثم وصلت كوتاهية سنة 1248 هـ/ 1833م،



 
وهذا احد مؤرخي سورية محمود السيد الدغيم يصف بعض جرائم ابراهيم باشا :


اقتفت قوات محمد علي باشا آثار نابليون بالهجوم على بلدان الخلافة العثمانية في فلسطين بمساعدات فرنسية، ثم حقَّقت سنة 1247 هـ/ 1832م ما عجز عنه نابليون من سفك دماء المسلمين في عكا وسوريا الكبرى، وفتحت المجال واسعاً أمام البعثات التبشيرية النصرانية، وعندما احتل مدينة حلب السورية أعاد تشكيلات الإنكشارية المنحلة ونحر القرابين وقدّمها في التكايا البكتاشية التي حلَّها السلطان محمود الثاني سابقاً،

وفي تلك الأثناء قام محمد علي باشا بمراسلة مصطفى باشا والي اشقودرة الألبانية وتحريضه على العصيان والتمرد على الخلافة الإسلامية العثمانية، واستنزف تمرده وعصيانه القوات العثمانية، وأضعفتها حيث وصلت شرورها إلى مدينة قونية في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 1832م وأعاد الإعتبار للإنكشارية المنحلة، وافتتح التكايا البكتاشية، وأرسلت القرابين إلى تكية "حاجي بكتاش"، وأمر إبراهيم باشا بإحياء الأنظمة التي ألغاها السلطان محمود الثاني ثم وصلت كوتاهية سنة 1248 هـ/ 1833م،



ماشي لو محمد علي صنيعه الغرب كما تزعم لماذا دعمت اوروبا وروسيا وفرنسا الدوله العثمانيه ضد محمد علي
 
للاستزادة قليلا عن محمد علي وابنه ابراهيم
===


- في وصيته محمد علي الى ابنه ابراهيم: إن ترقية العربي الى رتبة يوزباشي سيكون خطراً على أسرتنا ولو بعد مئة عام


- رسالة ابنه ابراهيم باشا لأبيه: هناك مخاطر كبيرة من تجنيد أبناء الشام لأنهم ليسو مثل عموم عبيدنا في مصر



- جلب 7000 يهودي الى مصر من كلأنحاء العالم وسلمهم مقدرات البلاد الاقتصادية والتجارية وقامو هؤلاء بانشاء المستوطنات اليهودية في فلسطين


- الأسرى الأتراك يعينون ضباطاً في جيشه على المصريين الذين أسروهم اللذين ظلو كجنود ولا يتم ترقيتهم لضباط


- أن تكون تركياً وتتحدث التركية وأصولك من الأناضول أو اسطنبول أو البانيا أو أي منطقة العالم العثماني كان أمراً كافياً بحد ذاته لكي يعتبر المرشح مرشحاً لمنصب كبير في جيش محمد علي ولو كان أسيراً


-قتله لأكثر من 4000 مصري وقصف القرى في مناطق الصعيد والدلتا والذين ثارو عليه رفضاً لقرار الجندية الالزامية


- محمد عبدو في وصفه لمحمدعلي: والجيش كان أداة بيد محمد علي لتدمير مصر وتخريبها واستخدمه ضد خصومه وانتقل للبيوت الرفيعة فلم يترك فيها رأساً واتخذ من الأمن مبرراً لجمع السلاح من الأهالي ..لم يستطع أن يحيي ولكن استطاع أن يميت وكله شر بشر

- شرعن الدعارة وجعلها مهنة مشروعة قانونياً وكانت تجبى من تلك الحرفة ضريبة تشددت حكومة محمدعلي في جمعها

=
===

للمزيد : اقرؤوا:

كتاب : كل رجال الباشا ..خالد فهمي

كتاب استعمار مصر ..تيموتي ميتشل

كتاب كلوب بك ..لمحة عامة عن مصر

الديمقراطية والدولة في العالم العربي ..تيموتي ميتشل

يهود مصر من الازدهار الى الشتات ..محمد أبو الغار

زبيدة محمد عطا ((يهود مصر))

منشورات : شريف حسن + زينب عبدالعزيز + راوية راشد + الجبرتي + محمد عبدو +
 
للاستزادة قليلا عن محمد علي وابنه ابراهيم
===



- جلب 7000 يهودي الى مصر من كلأنحاء العالم وسلمهم مقدرات البلاد الاقتصادية والتجارية وقامو هؤلاء بانشاء المستوطنات اليهودية في فلسطين


- الأسرى الأتراك يعينون ضباطاً في جيشه على المصريين الذين أسروهم اللذين ظلو كجنود ولا يتم ترقيتهم لضباط


- أن تكون تركياً وتتحدث التركية وأصولك من الأناضول أو اسطنبول أو البانيا أو أي منطقة العالم العثماني كان أمراً كافياً بحد ذاته لكي يعتبر المرشح مرشحاً لمنصب كبير في جيش محمد علي ولو كان أسيراً


-قتله لأكثر من 4000 مصري وقصف القرى في مناطق الصعيد والدلتا والذين ثارو عليه رفضاً لقرار الجندية الالزامية


- محمد عبدو في وصفه لمحمدعلي: والجيش كان أداة بيد محمد علي لتدمير مصر وتخريبها واستخدمه ضد خصومه وانتقل للبيوت الرفيعة فلم يترك فيها رأساً واتخذ من الأمن مبرراً لجمع السلاح من الأهالي ..لم يستطع أن يحيي ولكن استطاع أن يميت وكله شر بشر

- شرعن الدعارة وجعلها مهنة مشروعة قانونياً وكانت تجبى من تلك الحرفة ضريبة تشددت حكومة محمدعلي في جمعها

=
===

للمزيد : اقرؤوا:

كتاب : كل رجال الباشا ..خالد فهمي

كتاب استعمار مصر ..تيموتي ميتشل

كتاب كلوب بك ..لمحة عامة عن مصر

الديمقراطية والدولة في العالم العربي ..تيموتي ميتشل

يهود مصر من الازدهار الى الشتات ..محمد أبو الغار

زبيدة محمد عطا ((يهود مصر))

منشورات : شريف حسن + زينب عبدالعزيز + راوية راشد + الجبرتي + محمد عبدو +

ابراهيم باشا ياسيدي رقي الجنود المصريين من تحت السلاح لرتبه يوزباشي
ابراهيم باشا كان يقول اريد ان اعلم اي العروق يحمل دمي دما تركيا فاقطعه
ابراهيم باشا ( انا لست تركيا بل اتيت الي مصر صغير وتمصرت)
موضوع اليهود ده كذب
اول من وافق علي دوله اسرائيل العثمانيين

ان سفير فرنسا لدى الباب العالي قد كتب رسالة إلى حكومته مؤرخة في سبتمبر عام 1563 ما نصّه "إن يوسف ناسي قد حصل على فرمان من الباب العالي ووقعه كل من سليم ومراد ابني السلطان لبناء مدينة على بحيرة طبرية ليسكنها اليهود فقط، وهو بهذا يريد أن يحقق هدفه، فيبدأ من هنا ليجعل نفسه ملكاً على اليهود، لذلك يطالب فرنسا بأمواله".
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
عودة
أعلى