مصدر المقال : مجلة المدفعية الملكية - الصادرة فى 19 نوفمبر سنة 1949
بقلم البكباشى أ.ح : ابراهيم فؤاد شرف
فكرة طالما كانت تختلج فى نفس عاهل مصر الاعظم محمد على باشا الكبير منذ سنة 1810 الا وهى ضم سوريا الى مصر ، وكان يأمل ان يصل الى حكمها بموافقة السلطان فى تركيا ، فقد سبق ان وعده السلطان بالتنازل له عن بعض الولايات تعويضا له عما خسر من مال ورجال فى شبه جزيرة العرب وفى رودس وقبرص وكريت وبلاد المورة وفى السودان ، الا ان السلطان لم يف بما وعد .
فأعتزم محمد على ان يناله بحد السيف ، وسرعان مانشبت حرب شعواء بين القوات المصرية والتركية بدأت مرحلتها الاولى فى اكتوبر عام 1831 وانتهت فى ديسمبر سنة 1832 ، حيث عاد السلام يرفرف على الدولتين مدى سبعة اعوام الى ان تجددت الحرب ثانية فى عام 1839 .
بدأت حروب الشام بأن ارسل محمد على الى ( عبد الله باشا الجزار ) والى عكا يأمره برد المزارعين المصريين الذين هاجروا الى الشام فرارا من الضرائب ، فأبى بحجة انهم من رعايا السلطان ولهم الحرية التامة فى ان يعيشوا فى اى جهة من املاك الدولة .
وكان لمحمد على فى ذمة عبد الله باشا دينا ، فطالبه به فرفض ايضا ، فكتب محمد على الى والى عكا مهددا بأنه سيرسل ابنه ابراهيم ليستخلص من المال والرجال ( وزيادة واحد ) ( يقصد بالواحد الزيادة عبد الله نفسه ) ، ولما شكا محمد على الى السلطان من تصرفات والى عكا لم ينصفه .
وازاء ذلك لم يجد محمد على مندوحة من ان ينال بالقوة مالم ينله بمنطق الحق ، فتحرك الجيش المصرى فى 31 اكتوبر سنة 1831 تحت امرة كوجوك ابراهيم ( ابن اخت محمد على ) وكان مؤلفا من 30 الف جندى مزودين بكثير من مدافع الميدان والحصار ، وسار الجيش فى ذات الطريق الذى اتبعه نابليون عندما غزا فلسطين وهو طريق العريش ومنها الى خان يونس ثم الى غزة ومنها الى يافا .
وفى 2 نوفمبر سنة 1831 تحرك الاسطول المصرى حاملا جزءا من الجيش وكميات كبيرة من المؤن والذخائر الحربية .
ولقد اقل الاسطول ايضا ابراهيم باشا واركان حربه وسليمان الفرنساوى الى يافا .
وفى 8 نوفمبر سنة 1831 دخل المصريون يافا ، وفى 13 نوفمبر احتلوا حيفا ، وفيها وفد اليهم زعماء قبائل عرب نابلس وطبرية والقدس وقدموا الطاعة .
ثم بدا المصريون حصار ( عكا ) ذلك الحصن الذى عجز نابليون عن اقتحامه وارتد عنه خائبا ، وفى اثناء ذلك اراد السلطان اثارة الرأى العام ضد محمد على ، فألف مجلسا كان متفى الاستانه من اعضائه ، واعلن فى 23 ابريل سنة 1831 تمرد محمد على وعزله وتعيين حسين باشا سردارا وواليا على مصر بدلا من محمد على ، الا ان قرار التمرد والعزل لم يثن محمد على عن عزمه فواصل القتال بعزم وبأس .
وفى 5 ابريل سنة 1831 دخل المصريون طرابلس وكانوا من قبل احتلوا صور وصيدا وبيروت وكانت كلها داخلة فى ولاية عبد الله .
وكانت اول موقعة بين المصريين والاتراك عند قرية الزراعة ( جنوبى حمص ) ، فألتقى الاتراك بقيادة عثمان باشا بالمصريين فدارت الدائرة على الاتراك وطاردهم المصريون حتى دفعوا بهم الى نهر العاصى حيث غرق عدد عظيم منهم .
ثم شدد المصريون الحصار على عكا وامطروها وابلا من القنابل وكانت حاميتها تتألف من 6 الاف مقاتل يقودهم ضباط اوروبيون .
وكان سورها منيعا فقاومت مقاومة عظيمة ولكن نتيجة ذلك ان دك السور واقتحمه المصريون واستولوا على القلعة بعد قتال مروع ، واسروا عبد الله والى عكا نفسه بعد ان دافع عنها دفاع الابطال ، وقد ارسله ابراهيم باشا الى مصر فأقام فى جزيرة الروضة ذليلا حتى 22 ديسمبر سنة 1833 .
وبذلك انتهى حصار عكا بتسليمها للجيش المصرى بعد ان استمر ستة اشهر ، وقد تكبد كل من الفريقين خسائر فادحة بلغت فى الجيش المصرى 4500 قتيل وخسرت الحامية 5600 قتيل ، وقد بلغ عدد القنابل التى القاها المصريون على عكا 50.000 وعدد القذائف 203.000 ، على ان هذا الفتح كان له دوى عظم تجاوب فى الخافقين ، لأن عكا هذه قد امتنع من قبل على نابليون من نيف وثلاثين سنة ، وعجز عن فتحها ، فأنتصار ابراهيم باشا فى فتحها هو صفحة مجد وفخار للجيش المصرى .
بعد ان استتب الامر لأبراهيم باشا فى عكا واعاد ترميم قلاعها وتحصينها اراح جنودة ورتب اموره كى يمضى شمالا قاصدا فتح دمشق ، فغادر عكا يوم 9 يونيه سنة 1832 فى جيش مؤلف من 18.000 مقاتل ، وعند اقترابه من دمشق اشتبك مع القوات التركية خارج المدينة وهزمها وفر والى الشام بجنودة ، ولقد رحب اهل دمشق بأبرايم باشا ، فدخلها يوم 16 يونيه ، واقام بها ثمانية عشر يوما رتب فيها الادارة على نظام جديد .
استولى الفزع على الباب العالى بعد ان علم بسقوط عكا ، وكان يظن انها سترد محمد على خائبا كما ردت نابليون من قبله ، فلما واجهته الحقائق خشى على مركزه ان يتزعزع امام انتصارات المصريين وكان قد اعلن الحرب على محمد على وابنه فى 23 ابريل سنة 1832 ابان حصار عكا وحشد جيشا كبيرا بقيادة حسين باشا مؤلفا من 60 الف مقاتل ، واعد اسطولا من 25 سفينة للاقلاع من الدردنيل ومحاربة الاسطول المصرى ، تقدم جيش حسين باشا ببطء والتقى بالمصريين فى 8 يوليه سنة 1832 عند ( حمص ) ولم يلبث ان هزم الاتراك شر هزيمة وبلغت خسائرهم 2000 قتيل و 2500 جريح ، وغنم المصريين كميات عظيمة من المؤونه والذخائر وعشرين مدفعا ، ولم تتجاوز خسارة المصريين 260 من القتلى والجرحى ، وقد دلت هذه المعركة على حسن تدريب الجيش المصرى وتفوق قادته فى ادارة رحى القتال ، وفى 10 يوليه سنة 1832 استولى المصريون على ( حماه ) .
بعد هزيمة الجيش العثمانى فى حمص ارتد شمالا نحو ( حلب ) لأتخاذها قاعدة لعملياته ضد الجيش المصرى ، وفى خلال ذلك تقدم ابراهيم باشا نحو حلب فأنسحب حسين باشا شمالا الى مضيق ( بيلان ) جنوبى الاسكندرونة وهو احد مافتيح سوريا من الجهة الشمالية وحصن فيها مواقعة تحصينا منيعا وساعدتة طبيعة الارض على ذلك .
وفى 14 يولية سنة 1832 دخل الجيش المصرى حلب واسر حاميتها البالغ عددها الف جندى ومكث بها بضعة ايام استراح فيها من عناء التقدم ثم واصل ابراهيم باشا زحفه حتى صار على مقربة من الاتراك فى ( بيلان ) .
وبعد ان قام ابراهيم باشا بالاستكشاف اللازم لتقرير الخطة التى يتبعها اتضح له ان مواقع القوات التركية منيعة وانه لاسبيل الى مهاجمتها هجوما اماميا بل الاصوب ان يقوم بحركة التفاف حول ميسرة الجيش التركى .
وفى صباح 29 يولية سنة 1832 بدأ ابراهيم باشا فى تنفيذ خطته وقاد بنفسه القوات التى كلفت بالقيام بحركة الالتفاف على الجانب الايسر للاتراك واستمر المصريون فى زحفهم شرقا الى ان اجتازوا مواقع الجناح الايسر للاتراك فهاجموه من الامام والجنب هجوما شديدا لم تصمد له القوات التركية فأرتدت للشمال وتعقبتها القوات المصرية ، وبأنسحاب ميسرة الاتراك ووصول المصريين فى تقدمهم الى طريق بيلان نفسه تحرج مركز قلب الجيش العثمانى ، فلم تلبث جموعه امام هجوم المصريين ولاذوا بالفرار وتخلوا عن مواقعهم وتشتتوا فى الجبال .
واصاب الجناح الايمن للاتراك مثل مااصاب قلبهم وبذلك احتلت القوات المصرية الخط التركى بأكمله وانتهت المعركة بهزيمة الجيش التركى انهزاما تاما بعد قتال دام ثلاث ساعات فقد فيه الاتراك 2500 بين قتيل وجريح و 2000 اسير وغنم المصريون 25 مدفعا وكثيرا من الذخائر ، وفى اليوم التالى اى فى 30 يوليه سنة 1832 دخل المصريون ( بيلان ) .
واحتلت القوات المصرية بعد ذلك الاسكندرونة وتقدمت الفرسان سائرة حذاء الساحل واحتلت بياس واستسلمت ايضا انطاقية واللاذقية والسويدية ، وبهذا تم لمحمد على فتح سوريا من اولها الى اخرها .
اجتاز الجيش المصرى حدود سوريا الشمالية بعد معركة بيلان ودخل ولاية ( ادنه ) حيث احتل ادنه وطرسوس واخذ ابراهيم باشا يوطد مركزه وينظم الولايات التى فتحها قبل ان يزحف بجيشه متقدما ، فحشد قواته فى مدينة ( ادنه ) واتخذها قاعدة لزحفه على الاناضول وارسل بعضا من قواته فأحتلت اورفا وعينتاب ومرعش وقيصرية .
لم تهن عزيمة السلطان امام الهزائم المتتالية التى حاقت بجيوشة ، بل لقد اعد جيشا اخر بقيادة ( محمد رشيد باشا ) وكان هذا الجيش مكونا من 53 الف مقاتل هم خليط من اجناس السلطنة العثمانية لاتربطهم رابطة ولاتجمعهم غاية .
وتقدم رشيد باشا بجيشه هذا فى بطاح الاناضول ليوقف زحف الجيش المصرى وكان ابراهيم باشا قد ارسل قواته لأحتلال مضيق ( كولك ) من مضايق طوروس ، وقد تمكنت هذه القوات من احتلال ذلك المضيق ، وبذلك ذللت اكبر عقبة تعترض تقدم الجيش المصرى فى زحفه على الاناضول .
واستمرت القوات المصرية فى تقدمها فهزمت الاتراك فى اولو قشلاق وهرقله ، وبذلك فتح امامها الطريق فمضت فى زحفها حتى بلغت ( قونية ) التى اخلاها الاتراك من غير قتال ، فأتخذها ابراهيم باشا قاعدة لعملياته واخذ يتأهب لملاقاة الجيش التركى .
فى صبيحة يوم 20 ديسمبر وصلت الجيوش التركية بقيادة رشيد باشا الى قونية واخذ كل من القائدين العمل على توزيع قواته للقتال .
وفى اليوم التالى ( يوم المعركة ) خيم ضباب كثيف على ميدان القتال ، فحال دون استكشاف كل من القائدين لمواقع الاخر ، على ان ابراهيم باشا كان يمتاز على رشيد باشا بأنه قد الم بطبيعة الارض التى دار فيها القتال الماما تاما ودرب جنوده على العمليات بينما كان الاتراك يعملون على غير هدى .
وهاجم ابراهيم باشا ميسرة الجيش التركى هجوما شديدا بمعاونة نيران المدفعية ، فلم تصمد القوات التركية لشدة هذا الهجوم ، وانسحبت متقهقرة شمالا فى غير نظام ، ثم تابع المصريون تقدمهم وتوسطوا ميدان المعركة حيث واجهوا القوات التركية التى اقتحمت الميدان فأحاط بهم المصريون من كل جانب ، واصلوهم نبيران مدفعيتهم فأضطروا للاستسلام .
ولما نمى الى رشيد باشا ان ميسرته قد وقع فيها الاضطراب والفشل ، اراد ان يلم شعثها فأسرع بنفسه الى حيث مواقع الجند ، ولكنه لم يفز بطائل لأنه ضل الطريق بسبب كثافة الضباب فوقع فى ايدى الجند المصريين الذين قادوه اسيرا الى ابراهيم باشا .
وانتهت المعركة بهزيمة الجيش التركى بعد قتال دام سبع ساعات ، ولم تزد خسارة المصريين عن 262 قتيلا و 530 جريحا ، اما الجيش التركى فقد اسر قائده ونحو 5000 من رجالة من بينهم عدد كبير من الضباط والقواد ، وقتل من جنوده 3000 ، وغنم المصريون 46 مدفعا وعددا كبيرا من البيارق .
ولقد كانت معركة قونيه من المعارك الفاصلة فى حروب مصر لانها فتحت امام الجيش المصرى طريق الاستانة ، اذ اصبح على مسيرة ستة ايام من البسفور ، وكان الطريق خاليا لايعترضه فيه جيش ولامعقل .
ولقد استرعت انتصارات الجيش المصرى انظار الدول الاوروبية ، وصارت مصر قبلة انظارها ، اذ كان مناط امال تلك الدول اقناع محمد على باشا بتسوية الخلاف مع تركيا حتى لايؤدى تدخل روسيا الى ازمة اوربية قد تنتهى بتحكيم السيف ، ومن اجل ذلك اوفدت الدول الاوروبية رسلها للتفاهم مع محمد على باشا من كل صوب .
وفى غضون ذلك تقدم ابراهيم باشا بجيشه فأحتل كوتاهيه وصار على خمسين فرسخا من الاستانه ، ثم ارسل كتيبة من جنوده احتلت مغنسيا بالقرب من ازمير ، وبعث رسوله الى ازمير ليقيم الحكم المصرى بها ، ولكن سفير فرنسا تدخل فى الامر ورجاه عدم احتلال ازمير حتى لاتتخذها روسيا ذريعة للتدخل ، فأجابه ابراهيم باشا الى طلبه .
ولقد بذلت فرنسا جهودها لحسم الخلاف بين محمد على باشا وتركيا وبعد مفاوضات دامت اربعة ايام تم الاتفاق على الصلح فى 8 ابريل سنة 1833 ، وهو المعروف بأتفاق كوتاهيه ، ويقضى بأن يتخلى السلطان لمحمد على باشا عن سوريا واقليم ادنه مع تثبيته على مصر وجزيرة كريت والحجاز مقابل ان يجلوا الجيش المصرى عن باقى بلاد الاناضول .
وبذلك انتهت الحرب السورية الاولى بتوسيع نطاق الدولة المصرية وبسط نفوذها على سوريا وادنه وتأييد سلطتها على كريت وشبه جزيرة العرب .
وفى يناير سنة 1839 عقد الباب العالى مجلسا حربيا قرر فيه اعداد حملة من ثمانين الف جندى بقيادة ( حافظ باشا ) ، فلما كمل تجهيزها وتعبئتها وتوزيعها بدأت القوات الامامية منها تتحرش بالمواقع المصرية واحتلت ستين قرية وراء ( عينتاب ) .
لم يطق محمد على صبرا على هذا الحال ، فأذاع منشورا ارسله لجميع الدول اعلن فيه رغبته عن الحرب وعن عدم اقدامه على عمل عدائى ورغبته فى الاستقلال .
ولكن لما تفاقم الخطب خول محمد على ابنه ابراهيم فى يونيه سنة 1839 الحق المطلق فى ان يبدأ الحرب او يحافظ على السلم حسبما تقتضى الظروف ، فرأى الا مندوحة من الحرب ، وكان الجيش التركى مؤلفا يومئذ من 38 الف جندى بقيادة فريق من الضباط الالمان وعلى رأسهم القائد الشهير ( فون مولتك ) ، اما الجيش المصرى فكان عدده اربعين الف جندى موحدين فى القيادة وممتازين فى التدريب .
وفى 20 يونيه سنة 1839 تحرك الجيش المصرى نحو قرية ( مزار ) فأحتلها وانسحبت منها الحامية التركية واتجهت لتلحق بمعسكر الجيش التركى فى نصيبين .
وفى اليوم التالى قام ابراهيم باشا على رأس قوة صغيرة لأستكشاف مواقع الاتراك فى نصيبين ومناوشتها ، وكان معسكر الاتراك منيعا جدا ولايمكن مهاجمته من الجناحين او بالمواجهة ، فعول على القيام بحركة التفاف للوصول الى خلف المواقع التركية ليضطر المدافعين الى مغادرة المواقع المحصنه الى اخرى ضعيفة غير محصنة ، وفى فجر يوم 22 يونيه عاد ابراهيم باشا بقواته الاولى التى ناوش بها الاتراك وعبر نهر ( مزار ) الى الضفة اليمنى وسار شرقا بموازاة النهر ، فتوهم الاتراك انهم قهروا عدوهم الذى بدأ يتقهقر .
واستطاع ابراهيم باشا بسهولة تنفيذ خطته التى اتمها بسرعة ، واجتاز نهر ( هاركون ) ، ومر خلف مواقع حافظ باشا واضطره الى مغادرة مراكزه الحصينة فى ( نصيبين ) وتغيير وجهة جيشه ، وانقضى نهار 23 يونيه بينما كان يتأهب الجيش الى اللقاء فى اليوم التالى .
وفى فجر اليوم الرابع والعشرين اتخذ الجيشان مواقعهما ، وفى الساعة الثامنه صباحا بدأت المعركة بنيران المدفعية من الجانبين ثم ابتدأ القتال ولم يستطع الاتراك صد الهجوم المصرى القوى ، فلجأوا الى الفرار تاركين اسلحتهم وذخيرتهم واحتل المصريون مواقعهم واستولوا على جميع مهامتهم ومن بينها حوالى عشرين الف بندقية ومائة واربعين مدفعا بذخيرتها ، وبلغت خسائر الاتراك نحو اربعة الاف وخمسمائة قتيل وجريح واسر منهم مابين اثنى عشر الف وخمسة عشر الف رجل ، وترك الجيش العثمانى خزينته وبها نحو ستة ملايين فرنك ومضاربه بأكملها ، اما خسائر الجيش المصرى فبلغت نحو ثلاث الاف بين قتيل وجريح .
وفى اول يوليه سنة 1839 توفى السلطان محمود قبلما يبلغه خبر هزيمة جيشه فى ( نصيبين ) فمات فى الوقت الملائم .
ولقد سبب انتصار الجيش المصرى فى هذه المعركة تدخل الدول الاوربية التى سرعان ماعقدت معاهدة ( لندره ) ، بين انجلترا وروسيا والنمسا وبروسيا وتركيا فى 15 يوليه سنة 1840 ، وكانت هذه المعاهدة سببا فى بدء دسائس كثيرة سببت اخلاء الجيش المصرى لسوريا فى ديسمبر سنة 1840 .
بقلم البكباشى أ.ح : ابراهيم فؤاد شرف
فكرة طالما كانت تختلج فى نفس عاهل مصر الاعظم محمد على باشا الكبير منذ سنة 1810 الا وهى ضم سوريا الى مصر ، وكان يأمل ان يصل الى حكمها بموافقة السلطان فى تركيا ، فقد سبق ان وعده السلطان بالتنازل له عن بعض الولايات تعويضا له عما خسر من مال ورجال فى شبه جزيرة العرب وفى رودس وقبرص وكريت وبلاد المورة وفى السودان ، الا ان السلطان لم يف بما وعد .
فأعتزم محمد على ان يناله بحد السيف ، وسرعان مانشبت حرب شعواء بين القوات المصرية والتركية بدأت مرحلتها الاولى فى اكتوبر عام 1831 وانتهت فى ديسمبر سنة 1832 ، حيث عاد السلام يرفرف على الدولتين مدى سبعة اعوام الى ان تجددت الحرب ثانية فى عام 1839 .
بدأت حروب الشام بأن ارسل محمد على الى ( عبد الله باشا الجزار ) والى عكا يأمره برد المزارعين المصريين الذين هاجروا الى الشام فرارا من الضرائب ، فأبى بحجة انهم من رعايا السلطان ولهم الحرية التامة فى ان يعيشوا فى اى جهة من املاك الدولة .
وكان لمحمد على فى ذمة عبد الله باشا دينا ، فطالبه به فرفض ايضا ، فكتب محمد على الى والى عكا مهددا بأنه سيرسل ابنه ابراهيم ليستخلص من المال والرجال ( وزيادة واحد ) ( يقصد بالواحد الزيادة عبد الله نفسه ) ، ولما شكا محمد على الى السلطان من تصرفات والى عكا لم ينصفه .
وازاء ذلك لم يجد محمد على مندوحة من ان ينال بالقوة مالم ينله بمنطق الحق ، فتحرك الجيش المصرى فى 31 اكتوبر سنة 1831 تحت امرة كوجوك ابراهيم ( ابن اخت محمد على ) وكان مؤلفا من 30 الف جندى مزودين بكثير من مدافع الميدان والحصار ، وسار الجيش فى ذات الطريق الذى اتبعه نابليون عندما غزا فلسطين وهو طريق العريش ومنها الى خان يونس ثم الى غزة ومنها الى يافا .
وفى 2 نوفمبر سنة 1831 تحرك الاسطول المصرى حاملا جزءا من الجيش وكميات كبيرة من المؤن والذخائر الحربية .
ولقد اقل الاسطول ايضا ابراهيم باشا واركان حربه وسليمان الفرنساوى الى يافا .
وفى 8 نوفمبر سنة 1831 دخل المصريون يافا ، وفى 13 نوفمبر احتلوا حيفا ، وفيها وفد اليهم زعماء قبائل عرب نابلس وطبرية والقدس وقدموا الطاعة .
- حصار عكا :
ثم بدا المصريون حصار ( عكا ) ذلك الحصن الذى عجز نابليون عن اقتحامه وارتد عنه خائبا ، وفى اثناء ذلك اراد السلطان اثارة الرأى العام ضد محمد على ، فألف مجلسا كان متفى الاستانه من اعضائه ، واعلن فى 23 ابريل سنة 1831 تمرد محمد على وعزله وتعيين حسين باشا سردارا وواليا على مصر بدلا من محمد على ، الا ان قرار التمرد والعزل لم يثن محمد على عن عزمه فواصل القتال بعزم وبأس .
وفى 5 ابريل سنة 1831 دخل المصريون طرابلس وكانوا من قبل احتلوا صور وصيدا وبيروت وكانت كلها داخلة فى ولاية عبد الله .
وكانت اول موقعة بين المصريين والاتراك عند قرية الزراعة ( جنوبى حمص ) ، فألتقى الاتراك بقيادة عثمان باشا بالمصريين فدارت الدائرة على الاتراك وطاردهم المصريون حتى دفعوا بهم الى نهر العاصى حيث غرق عدد عظيم منهم .
ثم شدد المصريون الحصار على عكا وامطروها وابلا من القنابل وكانت حاميتها تتألف من 6 الاف مقاتل يقودهم ضباط اوروبيون .
وكان سورها منيعا فقاومت مقاومة عظيمة ولكن نتيجة ذلك ان دك السور واقتحمه المصريون واستولوا على القلعة بعد قتال مروع ، واسروا عبد الله والى عكا نفسه بعد ان دافع عنها دفاع الابطال ، وقد ارسله ابراهيم باشا الى مصر فأقام فى جزيرة الروضة ذليلا حتى 22 ديسمبر سنة 1833 .
وبذلك انتهى حصار عكا بتسليمها للجيش المصرى بعد ان استمر ستة اشهر ، وقد تكبد كل من الفريقين خسائر فادحة بلغت فى الجيش المصرى 4500 قتيل وخسرت الحامية 5600 قتيل ، وقد بلغ عدد القنابل التى القاها المصريون على عكا 50.000 وعدد القذائف 203.000 ، على ان هذا الفتح كان له دوى عظم تجاوب فى الخافقين ، لأن عكا هذه قد امتنع من قبل على نابليون من نيف وثلاثين سنة ، وعجز عن فتحها ، فأنتصار ابراهيم باشا فى فتحها هو صفحة مجد وفخار للجيش المصرى .
- فتح دمشق :
بعد ان استتب الامر لأبراهيم باشا فى عكا واعاد ترميم قلاعها وتحصينها اراح جنودة ورتب اموره كى يمضى شمالا قاصدا فتح دمشق ، فغادر عكا يوم 9 يونيه سنة 1832 فى جيش مؤلف من 18.000 مقاتل ، وعند اقترابه من دمشق اشتبك مع القوات التركية خارج المدينة وهزمها وفر والى الشام بجنودة ، ولقد رحب اهل دمشق بأبرايم باشا ، فدخلها يوم 16 يونيه ، واقام بها ثمانية عشر يوما رتب فيها الادارة على نظام جديد .
- موقعة حمص ( 8 يوليو 1832 ) :
استولى الفزع على الباب العالى بعد ان علم بسقوط عكا ، وكان يظن انها سترد محمد على خائبا كما ردت نابليون من قبله ، فلما واجهته الحقائق خشى على مركزه ان يتزعزع امام انتصارات المصريين وكان قد اعلن الحرب على محمد على وابنه فى 23 ابريل سنة 1832 ابان حصار عكا وحشد جيشا كبيرا بقيادة حسين باشا مؤلفا من 60 الف مقاتل ، واعد اسطولا من 25 سفينة للاقلاع من الدردنيل ومحاربة الاسطول المصرى ، تقدم جيش حسين باشا ببطء والتقى بالمصريين فى 8 يوليه سنة 1832 عند ( حمص ) ولم يلبث ان هزم الاتراك شر هزيمة وبلغت خسائرهم 2000 قتيل و 2500 جريح ، وغنم المصريين كميات عظيمة من المؤونه والذخائر وعشرين مدفعا ، ولم تتجاوز خسارة المصريين 260 من القتلى والجرحى ، وقد دلت هذه المعركة على حسن تدريب الجيش المصرى وتفوق قادته فى ادارة رحى القتال ، وفى 10 يوليه سنة 1832 استولى المصريون على ( حماه ) .
- موقعة بيلان ( 30 يولية 1832 ) :
بعد هزيمة الجيش العثمانى فى حمص ارتد شمالا نحو ( حلب ) لأتخاذها قاعدة لعملياته ضد الجيش المصرى ، وفى خلال ذلك تقدم ابراهيم باشا نحو حلب فأنسحب حسين باشا شمالا الى مضيق ( بيلان ) جنوبى الاسكندرونة وهو احد مافتيح سوريا من الجهة الشمالية وحصن فيها مواقعة تحصينا منيعا وساعدتة طبيعة الارض على ذلك .
وفى 14 يولية سنة 1832 دخل الجيش المصرى حلب واسر حاميتها البالغ عددها الف جندى ومكث بها بضعة ايام استراح فيها من عناء التقدم ثم واصل ابراهيم باشا زحفه حتى صار على مقربة من الاتراك فى ( بيلان ) .
وبعد ان قام ابراهيم باشا بالاستكشاف اللازم لتقرير الخطة التى يتبعها اتضح له ان مواقع القوات التركية منيعة وانه لاسبيل الى مهاجمتها هجوما اماميا بل الاصوب ان يقوم بحركة التفاف حول ميسرة الجيش التركى .
وفى صباح 29 يولية سنة 1832 بدأ ابراهيم باشا فى تنفيذ خطته وقاد بنفسه القوات التى كلفت بالقيام بحركة الالتفاف على الجانب الايسر للاتراك واستمر المصريون فى زحفهم شرقا الى ان اجتازوا مواقع الجناح الايسر للاتراك فهاجموه من الامام والجنب هجوما شديدا لم تصمد له القوات التركية فأرتدت للشمال وتعقبتها القوات المصرية ، وبأنسحاب ميسرة الاتراك ووصول المصريين فى تقدمهم الى طريق بيلان نفسه تحرج مركز قلب الجيش العثمانى ، فلم تلبث جموعه امام هجوم المصريين ولاذوا بالفرار وتخلوا عن مواقعهم وتشتتوا فى الجبال .
واصاب الجناح الايمن للاتراك مثل مااصاب قلبهم وبذلك احتلت القوات المصرية الخط التركى بأكمله وانتهت المعركة بهزيمة الجيش التركى انهزاما تاما بعد قتال دام ثلاث ساعات فقد فيه الاتراك 2500 بين قتيل وجريح و 2000 اسير وغنم المصريون 25 مدفعا وكثيرا من الذخائر ، وفى اليوم التالى اى فى 30 يوليه سنة 1832 دخل المصريون ( بيلان ) .
واحتلت القوات المصرية بعد ذلك الاسكندرونة وتقدمت الفرسان سائرة حذاء الساحل واحتلت بياس واستسلمت ايضا انطاقية واللاذقية والسويدية ، وبهذا تم لمحمد على فتح سوريا من اولها الى اخرها .
- زحف الجيش المصرى فى الاناضول ) :
اجتاز الجيش المصرى حدود سوريا الشمالية بعد معركة بيلان ودخل ولاية ( ادنه ) حيث احتل ادنه وطرسوس واخذ ابراهيم باشا يوطد مركزه وينظم الولايات التى فتحها قبل ان يزحف بجيشه متقدما ، فحشد قواته فى مدينة ( ادنه ) واتخذها قاعدة لزحفه على الاناضول وارسل بعضا من قواته فأحتلت اورفا وعينتاب ومرعش وقيصرية .
لم تهن عزيمة السلطان امام الهزائم المتتالية التى حاقت بجيوشة ، بل لقد اعد جيشا اخر بقيادة ( محمد رشيد باشا ) وكان هذا الجيش مكونا من 53 الف مقاتل هم خليط من اجناس السلطنة العثمانية لاتربطهم رابطة ولاتجمعهم غاية .
وتقدم رشيد باشا بجيشه هذا فى بطاح الاناضول ليوقف زحف الجيش المصرى وكان ابراهيم باشا قد ارسل قواته لأحتلال مضيق ( كولك ) من مضايق طوروس ، وقد تمكنت هذه القوات من احتلال ذلك المضيق ، وبذلك ذللت اكبر عقبة تعترض تقدم الجيش المصرى فى زحفه على الاناضول .
واستمرت القوات المصرية فى تقدمها فهزمت الاتراك فى اولو قشلاق وهرقله ، وبذلك فتح امامها الطريق فمضت فى زحفها حتى بلغت ( قونية ) التى اخلاها الاتراك من غير قتال ، فأتخذها ابراهيم باشا قاعدة لعملياته واخذ يتأهب لملاقاة الجيش التركى .
- معركة قونية ( 21 ديسمبر 1832 ) :
فى صبيحة يوم 20 ديسمبر وصلت الجيوش التركية بقيادة رشيد باشا الى قونية واخذ كل من القائدين العمل على توزيع قواته للقتال .
وفى اليوم التالى ( يوم المعركة ) خيم ضباب كثيف على ميدان القتال ، فحال دون استكشاف كل من القائدين لمواقع الاخر ، على ان ابراهيم باشا كان يمتاز على رشيد باشا بأنه قد الم بطبيعة الارض التى دار فيها القتال الماما تاما ودرب جنوده على العمليات بينما كان الاتراك يعملون على غير هدى .
وهاجم ابراهيم باشا ميسرة الجيش التركى هجوما شديدا بمعاونة نيران المدفعية ، فلم تصمد القوات التركية لشدة هذا الهجوم ، وانسحبت متقهقرة شمالا فى غير نظام ، ثم تابع المصريون تقدمهم وتوسطوا ميدان المعركة حيث واجهوا القوات التركية التى اقتحمت الميدان فأحاط بهم المصريون من كل جانب ، واصلوهم نبيران مدفعيتهم فأضطروا للاستسلام .
ولما نمى الى رشيد باشا ان ميسرته قد وقع فيها الاضطراب والفشل ، اراد ان يلم شعثها فأسرع بنفسه الى حيث مواقع الجند ، ولكنه لم يفز بطائل لأنه ضل الطريق بسبب كثافة الضباب فوقع فى ايدى الجند المصريين الذين قادوه اسيرا الى ابراهيم باشا .
وانتهت المعركة بهزيمة الجيش التركى بعد قتال دام سبع ساعات ، ولم تزد خسارة المصريين عن 262 قتيلا و 530 جريحا ، اما الجيش التركى فقد اسر قائده ونحو 5000 من رجالة من بينهم عدد كبير من الضباط والقواد ، وقتل من جنوده 3000 ، وغنم المصريون 46 مدفعا وعددا كبيرا من البيارق .
ولقد كانت معركة قونيه من المعارك الفاصلة فى حروب مصر لانها فتحت امام الجيش المصرى طريق الاستانة ، اذ اصبح على مسيرة ستة ايام من البسفور ، وكان الطريق خاليا لايعترضه فيه جيش ولامعقل .
ولقد استرعت انتصارات الجيش المصرى انظار الدول الاوروبية ، وصارت مصر قبلة انظارها ، اذ كان مناط امال تلك الدول اقناع محمد على باشا بتسوية الخلاف مع تركيا حتى لايؤدى تدخل روسيا الى ازمة اوربية قد تنتهى بتحكيم السيف ، ومن اجل ذلك اوفدت الدول الاوروبية رسلها للتفاهم مع محمد على باشا من كل صوب .
- احتلال كوتاهيه ومغنيسيا :
وفى غضون ذلك تقدم ابراهيم باشا بجيشه فأحتل كوتاهيه وصار على خمسين فرسخا من الاستانه ، ثم ارسل كتيبة من جنوده احتلت مغنسيا بالقرب من ازمير ، وبعث رسوله الى ازمير ليقيم الحكم المصرى بها ، ولكن سفير فرنسا تدخل فى الامر ورجاه عدم احتلال ازمير حتى لاتتخذها روسيا ذريعة للتدخل ، فأجابه ابراهيم باشا الى طلبه .
- اتفاق كوتاهيه ( 8 ابريل 1833 ) :
ولقد بذلت فرنسا جهودها لحسم الخلاف بين محمد على باشا وتركيا وبعد مفاوضات دامت اربعة ايام تم الاتفاق على الصلح فى 8 ابريل سنة 1833 ، وهو المعروف بأتفاق كوتاهيه ، ويقضى بأن يتخلى السلطان لمحمد على باشا عن سوريا واقليم ادنه مع تثبيته على مصر وجزيرة كريت والحجاز مقابل ان يجلوا الجيش المصرى عن باقى بلاد الاناضول .
وبذلك انتهت الحرب السورية الاولى بتوسيع نطاق الدولة المصرية وبسط نفوذها على سوريا وادنه وتأييد سلطتها على كريت وشبه جزيرة العرب .
- موقعة نصيبين ( 24 يونيه سنة 1839 ) :
وفى يناير سنة 1839 عقد الباب العالى مجلسا حربيا قرر فيه اعداد حملة من ثمانين الف جندى بقيادة ( حافظ باشا ) ، فلما كمل تجهيزها وتعبئتها وتوزيعها بدأت القوات الامامية منها تتحرش بالمواقع المصرية واحتلت ستين قرية وراء ( عينتاب ) .
لم يطق محمد على صبرا على هذا الحال ، فأذاع منشورا ارسله لجميع الدول اعلن فيه رغبته عن الحرب وعن عدم اقدامه على عمل عدائى ورغبته فى الاستقلال .
ولكن لما تفاقم الخطب خول محمد على ابنه ابراهيم فى يونيه سنة 1839 الحق المطلق فى ان يبدأ الحرب او يحافظ على السلم حسبما تقتضى الظروف ، فرأى الا مندوحة من الحرب ، وكان الجيش التركى مؤلفا يومئذ من 38 الف جندى بقيادة فريق من الضباط الالمان وعلى رأسهم القائد الشهير ( فون مولتك ) ، اما الجيش المصرى فكان عدده اربعين الف جندى موحدين فى القيادة وممتازين فى التدريب .
وفى 20 يونيه سنة 1839 تحرك الجيش المصرى نحو قرية ( مزار ) فأحتلها وانسحبت منها الحامية التركية واتجهت لتلحق بمعسكر الجيش التركى فى نصيبين .
وفى اليوم التالى قام ابراهيم باشا على رأس قوة صغيرة لأستكشاف مواقع الاتراك فى نصيبين ومناوشتها ، وكان معسكر الاتراك منيعا جدا ولايمكن مهاجمته من الجناحين او بالمواجهة ، فعول على القيام بحركة التفاف للوصول الى خلف المواقع التركية ليضطر المدافعين الى مغادرة المواقع المحصنه الى اخرى ضعيفة غير محصنة ، وفى فجر يوم 22 يونيه عاد ابراهيم باشا بقواته الاولى التى ناوش بها الاتراك وعبر نهر ( مزار ) الى الضفة اليمنى وسار شرقا بموازاة النهر ، فتوهم الاتراك انهم قهروا عدوهم الذى بدأ يتقهقر .
واستطاع ابراهيم باشا بسهولة تنفيذ خطته التى اتمها بسرعة ، واجتاز نهر ( هاركون ) ، ومر خلف مواقع حافظ باشا واضطره الى مغادرة مراكزه الحصينة فى ( نصيبين ) وتغيير وجهة جيشه ، وانقضى نهار 23 يونيه بينما كان يتأهب الجيش الى اللقاء فى اليوم التالى .
وفى فجر اليوم الرابع والعشرين اتخذ الجيشان مواقعهما ، وفى الساعة الثامنه صباحا بدأت المعركة بنيران المدفعية من الجانبين ثم ابتدأ القتال ولم يستطع الاتراك صد الهجوم المصرى القوى ، فلجأوا الى الفرار تاركين اسلحتهم وذخيرتهم واحتل المصريون مواقعهم واستولوا على جميع مهامتهم ومن بينها حوالى عشرين الف بندقية ومائة واربعين مدفعا بذخيرتها ، وبلغت خسائر الاتراك نحو اربعة الاف وخمسمائة قتيل وجريح واسر منهم مابين اثنى عشر الف وخمسة عشر الف رجل ، وترك الجيش العثمانى خزينته وبها نحو ستة ملايين فرنك ومضاربه بأكملها ، اما خسائر الجيش المصرى فبلغت نحو ثلاث الاف بين قتيل وجريح .
وفى اول يوليه سنة 1839 توفى السلطان محمود قبلما يبلغه خبر هزيمة جيشه فى ( نصيبين ) فمات فى الوقت الملائم .
- تدخل الدول الاوروبية :
ولقد سبب انتصار الجيش المصرى فى هذه المعركة تدخل الدول الاوربية التى سرعان ماعقدت معاهدة ( لندره ) ، بين انجلترا وروسيا والنمسا وبروسيا وتركيا فى 15 يوليه سنة 1840 ، وكانت هذه المعاهدة سببا فى بدء دسائس كثيرة سببت اخلاء الجيش المصرى لسوريا فى ديسمبر سنة 1840 .
انتصارات الجيش المصري في الشام
ولقد سبب انتصار الجيش المصرى فى هذه المعركة تدخل الدول الاوربية التى سرعان ماعقدت معاهدة ( لندره ) ، بين انجلترا وروسيا والنمسا وبروسيا وتركيا فى 15 يوليه سنة 1840 ، وكانت هذه المعاهدة سببا فى بدء دسائس كثيرة سببت اخلاء الجيش المصرى لسوريا فى ديسمبر سنة 1840 .
group73historians.com