صراع الشرق الاوسط وغابات صواريخ ارض ارض
سكود تمتلكة كثير من الدول العربية
الصواريخ أرض ـ أرض وتهديدات الأمن الإقليمي بين شاهين وشهاب وأريحا
تمضي دول عدة في منطقة الشرق الأوسط والخليج قدما في بناء قدراتها القتالية عموما، وفي مجالات الردع الاستراتيجي خصوصاً، فإيران وإسرائيل والعراق وباكستان والهند اعتمدت نهجاً واضحاً في بناء أسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية، ووسعت برامجها في مجال صناعة الصواريخ أرض ـ أرض، بوصفها أفضل الوسائل الناقلة لتلك الأسلحة إلى الهدف.
فروج7
وعلى الرغم من أن إسرائيل حرصت على عدم إجراء أي تجارب علنية لقدرتها النووية، فإنها تمتلك مئات الرؤوس والقنابل النووية، منذ أكثر من عشرين عاماً، وفي الوقت نفسه، فإنها بنت قدرة جوية لا تزال تشكل الذراع الأقوى في المنطقة، وعززت قدرتها النووية بتطوير عدد من غواصاتها الألمانية الصنع لتحمل صواريخ مجهزة برؤوس نووية، لا تمكنها من الرد على أي ضربة نووية مباغتة أو غير مباغتة فحسب، بل تساعدها على مهاجمة أي هدف معاد بعيد، من خلال الاقتراب البحري. فضلا عن امتلاكها صواريخ أريحا أرض ـ أرض بمدى 2000 كيلومتر، وبذلك فإنها تمتلك قدرات ضاربة في مجالات الردع الاستراتيجي الشامل ضمنت لها البقاء كقوة أقوى، على الرغم من عيشها في محيط غريب ومعاد.
ونتيجة العلاقات الثنائية المشحونة بالكراهية المتقابلة، التزمت باكستان نهجاً ثابتاً ورصيناً في بناء قدرة نووية وصاروخية متطورة، وصلت بها إلى مرحلة التوازن الاستراتيجي في مجال الردع والردع المقابل مع الهند. ومنذ أن ردت باكستان على الهند بخمس تجارب نووية عام 1999، وإجراء المزيد من التجارب على صواريخ شاهين «أرض ـ أرض»، خرجت من دائرة خطط الاجهاض المسبق الإسرائيلية، لأن تلك التجارب أثبتت امتلاكها عشرات القنابل والرؤوس النووية، ولم تعد هناك جدوى من خطط إسرائيلية لتدمير المفاعلات ومرافق التصنيع الأخرى.
أما تركيا، فبحكم سوء وضعها الاقتصادي شبه المنهار، ونتيجة تركيز جهودها للانضمام إلى دول الاتحاد الأوروبي وما يتطلبه ذلك من عدم استفزاز للدول الغربية، آثرت عدم تبني خطط لبناء أسلحة دمار شامل بما في ذلك الصواريخ، فيما تعمل على تقوية بنية قوتها الجوية بطائرات أميركية متطورة.
ومؤخراً نشرت تقارير أميركية وإسرائيلية مفادها أن مصر تركز جهودها لتصنيع صواريخ أرض ـ أرض وصفها مسؤول إسرائيلي بأنها قادرة على الوصول إلى جنوب لبنان، في تعبير غير مباشر عن تغطيتها المديات المطلوبة في أي بقعة من إسرائيل. وليس غريبا أن تكون لدى مصر قدرة في تصنيع الصواريخ، حيث قيل إن الصناعات الحربية المصرية تعاملت مع خبراء ألمان في الستينات لإنتاج صواريخ الظافر والقاهر، التي لم تثبت قدراتها آنذاك، كما أن مصر اتفقت مع العراق منتصف الثمانينات على برنامج مشترك لتصنيع صاروخ أرض ـ أرض يحمل اسم بدر 2000، بالتعاون مع مؤسسات أرجنتينية، إلا أن المشروع فشل قبل أن تظهر نتائجه العملية، بسبب غياب الثقة بين الطرفين، وانفرد العراق في بناء قدراته الذاتية.
كما اتهمت إسرائيل سوريا بتطوير قدراتها الصاروخية التي باتت تغطي كامل الأهداف الإسرائيلية من مديات بعيدة.
شافيت الاسرائيلى اقوى الصواريخ فى الشرق الاوسط
كما أعلنت إيران انها جربت صاروخ أرض ـ أرض جديدا ضمن مناوراتها التعبوية التي اسمتها «اقتدار 80»، ووصف ناطق بلسان وزارة الدفاع الصاروخ بأنه أثبت دقة بالغة، ويعمل بالوقود الصلب، إلا أنه لم يشر إلى مدى الصاروخ أو أية تفاصيل فنية عنه. وقد احتجت تركيا رسمياً على التجربة الصاروخية الأخيرة، مثلما احتجت إيران على المناورات التركية الأميركية الإسرائيلية، التي بدأت في السابع عشر من يونيو (حزيران) الماضي. وكانت إيران في زمن الشاه تسعى للحصول على صواريخ «تعبوية» أميركية من طراز لانس يمكنها الوصول إلى بغداد، بحكم قصر المسافة بينها وبين الحدود الإيرانية، إلا أن المداولات تعثرت قبل وقوع الثورة التي تسببت في قطع الروابط مع الولايات المتحدة، ثم انهمكت إيران في الحرب تحت ظروف اقتصادية حرجة للغاية، كان الموقف الدولي يقف خلالها إلى جانب العراق بقوة، باستثناء كوريا الشمالية ودولة أو أكثر من العرب. لذلك لم يكن أمام إيران غير تجرع ضربات مئات الصواريخ العراقية أرض ـ أرض، ريثما أمكنها الحصول على عدد محدود من صواريخ «سكود» بمدى 300 كيلومتر من كوريا الشمالية، وربما من دولة عربية أيضا، فبدأت بإطلاق صواريخ على مدينة بغداد مركزة على منطقة القصر الجمهوري في كرادة مريم. وحتى ذلك الوقت، كانت طهران شبه عصية على الوسائل الحربية العراقية لوقوعها خارج مدى الصواريخ (سكود)، فجرى تحوير طائرة الميغ 25 المصممة للاعتراض الجوي لحمل قنابل قليلة بحجوم صغيرة وقذفها عشوائيا على مدينة طهران من ارتفاع 21 كيلومترا «خارج مدى الدفاعات الجوية الأرضية الإيرانية».
وفي عام 1986 حور العراق صواريخ سكود ليصل مداها إلى 600 كيلومتر، واسماها الحسين فوضعت مدن طهران وشيراز واصفهان وغيرها من كبرى المدن تحت مطرقة الصواريخ العراقية. كما طورها مرة اخرى واسمها العباس وهكذا دفعت حرب السنوات الثماني ايران الى امتلاك صواريخ بعيدة المدى، مثلما دفع غزو الكويت إلى سباق تسلح خليجي، لن يكون مستغرباً إذا ما قاد المنطقة إلى كتل نووية.
وقبل عامين أجرت إيران تجربة ناجحة على صاروخ شهاب 3 بمدى 1300 كيلومتر، فيما تجري عمليات تطوير لزيادة مداه حتى وصل الى 2000 كم ليصل أهدافا تتعدى نطاق البعد الإقليمي، فالقاهرة واسطنبول وإسلام اباد قد لا تكون هي اهداف الردع التي تخطط لها الاستراتيجية الإيرانية، بقدر الوصول إلى مديات حساسة في حسابات الأمن العالمي، كما تقع اسرائيل ضمن مدى شهاب 3، مع أهداف تركية وباكستانية مهمة عديدة، وبذلك تكون قد حصلت على نوع نسبي من الردع المقابل.
شهاب3
ان القدرة الصاروخية التقليدية تبقى، محدودة جدا، فالقدرة التدميرية التي يحدثها رأس حربي صغير لا تتعدى كثيرا آثار قنبلة طائرة من زنة طن واحد تلقى عشوائياً. يضاف إلى ذلك أن الصواريخ غير المسيطر عليها، أو تلك التي تفتقر للوسائل التقنية المرتبطة بالأقمار الصناعية كما هي حال صواريخ التوماهوك، تعتبر من أسلحة المنطقة «أي تكون نسبة الخطأ عالية وتحسب ضمن دائرة يزيد قطرها أحياناً عن عدة كيلومترات»، لذلك لا خوف من احتمال إصابة هدف بعينه، باستثناء ضربات الصدفة التي لا ينبغي الأخذ بحساباتها، ومع ذلك، فإنها مثيرة لقلق المدنيين.
هاتف الباكستانى
ويمكن القول، إنه مهما امتلكت دولة ما من قدرة صاروخية تقليدية متخلفة التقنية، لا يمكنها التأثير في نتائج الصراع الحي على الأرض، ولا على أداء المقاتلين في فرق القتال البري، ويبقى تأثيرها الأقوى نفسياً.
لقد أطلقت إيران العديد من الصواريخ أرض ـ أرض على مدينة بغداد، ولم تترك أثراً على الحياة العامة، واطلق العراق تسعة وثلاثين صاروخاً على إسرائيل، كان أثرها نفسياً أكثر من أي أثر مادي.
إذا الصواريخ أرض ـ أرض التقليدية لا تشكل خطرا، عندما تكون تقليدية، وبتقنية متخلفة، وبأعداد قليلة، بيد أن هذه التحديدات لا يمكن التحكم بها، لأن المجتمع الدولي لا يستطيع أن يراقب كل مكان من المناطق المثيرة للقلق، على حد الوصف الغربي، وغيرها. فصواريخ شهاب 3، والحسين، وتموز، وأريحا، وشاهين، والصواريخ الهندية، يمكن تجهيزها برؤوس غير تقليدية، أو كيماوية، أو بيولوجية، أو نووية، وعندئذ تصبح سلاحاً رادعاً بقدرة تدميرية شاملة. وهو ما يؤدي إلى انتشار واسع للقدرات التدميرية، في مناطق تسهل فيها صناعة قرارات الحروب، بعيداً عن رادع شعبي، أو حائل قانوني ودستوري.
سباق التسلح إن بناء القدرة الصاروخية والنووية من قبل طرف إقليمي، يدفع المحيط الإقليمي نحو المزيد من القلق والتحسب والترقب، خصوصاً الدول العربية الغنية بالنفط، وسيصبح السلاح النووي مصدر رعب لا مثيل له في دول العالم الثالث. فالعديد من الدول العربية لديها القدرة على الصناعات النووية ولديها من الأموال ما هو فائض عن حاجتها، ومن العلاقات ما يساعدها في الحصول على ما تريد.
وحتى الآن اعتمدت الدول الخليجية استراتيجية الردع الجوي متفادية الولوج في الناشطات النووية وتصنيع الصواريخ، فالمملكة العربية السعودية تمضي بثبات في بناء قوة جوية فعالة في مجالي الدفاع الجوي والضربة الجوية الاستراتيجية، متوخية اختيار الطائرات القتالية الافضل، ولديها قدرة صاروخية بعيدة المدى من صنع صيني، وهى صواريخ رياح الشرق يمكن أن تغطي اهدافا بعيدة من الدول التي تدخل ضمن مفهوم العدو والعدو المحتمل، إلا أنها لم تستخدم هذه الصواريخ، ولم تظهر اهتماماً في مجال التصنيع الصاروخي.
اجنى الهندى او النار
وعلى الساحل الغربي للخليج تستمر الدول الخليجية الأخرى في بناء قوى جوية متطورة تتقدمها دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث كان الفريق أول الركن الطيار الشيخ محمد بن زايد العنصر الحاسم في بناء قوة جوية ضاربة في المجالين الدفاعي والتعرضي، وذلك بحكم سعة معرفته واهتمامه بعلم الطيران بوصفه طياراً مقاتلاً، وتوليه قيادة القوة الجوية قبل أن يتولى مسؤولية الأركان العامة للقوات المسلحة.
وعلى مدى السنوات العشر المقبلة ستكون القوات الجوية لدول مجلس التعاون الخليجي أكبر وأقوى قوة ضاربة في المنطقة، وفي العالم، باستثناء بعض الدول الكبرى، إذا ما تم تنسيق الجهود في ما بينها. إلا ان استمرار المحيط الإقليمي بتبني سياسة تطوير القدرات الشاملة ربما يدفع الدول الخليجية، وبصرف النظر عن طبيعة العلاقات الثنائية مع هذه الدولة أو تلك، إلى الخوض في مجالات الردع والردع المقابل الاستراتيجي، خصوصا إذا ما جرى التفكير بعدم ضمان استمرار المظلة الغربية إلى ما لا نهاية، وإذا ما توصل العالم إلى بدايات جدية من الطاقة البديلة، وإذا ما بقيت ثقافات الشعوب منصبة على عدم الاستقرار.
رياح الشرق السعودية
ترى إلى أين تتجه المنطقة وصراع تطوير الصواريخ بعيدة المدى وتطويرها مستمر فى المنطقة العربية
سكود تمتلكة كثير من الدول العربية
الصواريخ أرض ـ أرض وتهديدات الأمن الإقليمي بين شاهين وشهاب وأريحا
تمضي دول عدة في منطقة الشرق الأوسط والخليج قدما في بناء قدراتها القتالية عموما، وفي مجالات الردع الاستراتيجي خصوصاً، فإيران وإسرائيل والعراق وباكستان والهند اعتمدت نهجاً واضحاً في بناء أسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية، ووسعت برامجها في مجال صناعة الصواريخ أرض ـ أرض، بوصفها أفضل الوسائل الناقلة لتلك الأسلحة إلى الهدف.
فروج7
وعلى الرغم من أن إسرائيل حرصت على عدم إجراء أي تجارب علنية لقدرتها النووية، فإنها تمتلك مئات الرؤوس والقنابل النووية، منذ أكثر من عشرين عاماً، وفي الوقت نفسه، فإنها بنت قدرة جوية لا تزال تشكل الذراع الأقوى في المنطقة، وعززت قدرتها النووية بتطوير عدد من غواصاتها الألمانية الصنع لتحمل صواريخ مجهزة برؤوس نووية، لا تمكنها من الرد على أي ضربة نووية مباغتة أو غير مباغتة فحسب، بل تساعدها على مهاجمة أي هدف معاد بعيد، من خلال الاقتراب البحري. فضلا عن امتلاكها صواريخ أريحا أرض ـ أرض بمدى 2000 كيلومتر، وبذلك فإنها تمتلك قدرات ضاربة في مجالات الردع الاستراتيجي الشامل ضمنت لها البقاء كقوة أقوى، على الرغم من عيشها في محيط غريب ومعاد.
ونتيجة العلاقات الثنائية المشحونة بالكراهية المتقابلة، التزمت باكستان نهجاً ثابتاً ورصيناً في بناء قدرة نووية وصاروخية متطورة، وصلت بها إلى مرحلة التوازن الاستراتيجي في مجال الردع والردع المقابل مع الهند. ومنذ أن ردت باكستان على الهند بخمس تجارب نووية عام 1999، وإجراء المزيد من التجارب على صواريخ شاهين «أرض ـ أرض»، خرجت من دائرة خطط الاجهاض المسبق الإسرائيلية، لأن تلك التجارب أثبتت امتلاكها عشرات القنابل والرؤوس النووية، ولم تعد هناك جدوى من خطط إسرائيلية لتدمير المفاعلات ومرافق التصنيع الأخرى.
أما تركيا، فبحكم سوء وضعها الاقتصادي شبه المنهار، ونتيجة تركيز جهودها للانضمام إلى دول الاتحاد الأوروبي وما يتطلبه ذلك من عدم استفزاز للدول الغربية، آثرت عدم تبني خطط لبناء أسلحة دمار شامل بما في ذلك الصواريخ، فيما تعمل على تقوية بنية قوتها الجوية بطائرات أميركية متطورة.
ومؤخراً نشرت تقارير أميركية وإسرائيلية مفادها أن مصر تركز جهودها لتصنيع صواريخ أرض ـ أرض وصفها مسؤول إسرائيلي بأنها قادرة على الوصول إلى جنوب لبنان، في تعبير غير مباشر عن تغطيتها المديات المطلوبة في أي بقعة من إسرائيل. وليس غريبا أن تكون لدى مصر قدرة في تصنيع الصواريخ، حيث قيل إن الصناعات الحربية المصرية تعاملت مع خبراء ألمان في الستينات لإنتاج صواريخ الظافر والقاهر، التي لم تثبت قدراتها آنذاك، كما أن مصر اتفقت مع العراق منتصف الثمانينات على برنامج مشترك لتصنيع صاروخ أرض ـ أرض يحمل اسم بدر 2000، بالتعاون مع مؤسسات أرجنتينية، إلا أن المشروع فشل قبل أن تظهر نتائجه العملية، بسبب غياب الثقة بين الطرفين، وانفرد العراق في بناء قدراته الذاتية.
كما اتهمت إسرائيل سوريا بتطوير قدراتها الصاروخية التي باتت تغطي كامل الأهداف الإسرائيلية من مديات بعيدة.
شافيت الاسرائيلى اقوى الصواريخ فى الشرق الاوسط
كما أعلنت إيران انها جربت صاروخ أرض ـ أرض جديدا ضمن مناوراتها التعبوية التي اسمتها «اقتدار 80»، ووصف ناطق بلسان وزارة الدفاع الصاروخ بأنه أثبت دقة بالغة، ويعمل بالوقود الصلب، إلا أنه لم يشر إلى مدى الصاروخ أو أية تفاصيل فنية عنه. وقد احتجت تركيا رسمياً على التجربة الصاروخية الأخيرة، مثلما احتجت إيران على المناورات التركية الأميركية الإسرائيلية، التي بدأت في السابع عشر من يونيو (حزيران) الماضي. وكانت إيران في زمن الشاه تسعى للحصول على صواريخ «تعبوية» أميركية من طراز لانس يمكنها الوصول إلى بغداد، بحكم قصر المسافة بينها وبين الحدود الإيرانية، إلا أن المداولات تعثرت قبل وقوع الثورة التي تسببت في قطع الروابط مع الولايات المتحدة، ثم انهمكت إيران في الحرب تحت ظروف اقتصادية حرجة للغاية، كان الموقف الدولي يقف خلالها إلى جانب العراق بقوة، باستثناء كوريا الشمالية ودولة أو أكثر من العرب. لذلك لم يكن أمام إيران غير تجرع ضربات مئات الصواريخ العراقية أرض ـ أرض، ريثما أمكنها الحصول على عدد محدود من صواريخ «سكود» بمدى 300 كيلومتر من كوريا الشمالية، وربما من دولة عربية أيضا، فبدأت بإطلاق صواريخ على مدينة بغداد مركزة على منطقة القصر الجمهوري في كرادة مريم. وحتى ذلك الوقت، كانت طهران شبه عصية على الوسائل الحربية العراقية لوقوعها خارج مدى الصواريخ (سكود)، فجرى تحوير طائرة الميغ 25 المصممة للاعتراض الجوي لحمل قنابل قليلة بحجوم صغيرة وقذفها عشوائيا على مدينة طهران من ارتفاع 21 كيلومترا «خارج مدى الدفاعات الجوية الأرضية الإيرانية».
وفي عام 1986 حور العراق صواريخ سكود ليصل مداها إلى 600 كيلومتر، واسماها الحسين فوضعت مدن طهران وشيراز واصفهان وغيرها من كبرى المدن تحت مطرقة الصواريخ العراقية. كما طورها مرة اخرى واسمها العباس وهكذا دفعت حرب السنوات الثماني ايران الى امتلاك صواريخ بعيدة المدى، مثلما دفع غزو الكويت إلى سباق تسلح خليجي، لن يكون مستغرباً إذا ما قاد المنطقة إلى كتل نووية.
وقبل عامين أجرت إيران تجربة ناجحة على صاروخ شهاب 3 بمدى 1300 كيلومتر، فيما تجري عمليات تطوير لزيادة مداه حتى وصل الى 2000 كم ليصل أهدافا تتعدى نطاق البعد الإقليمي، فالقاهرة واسطنبول وإسلام اباد قد لا تكون هي اهداف الردع التي تخطط لها الاستراتيجية الإيرانية، بقدر الوصول إلى مديات حساسة في حسابات الأمن العالمي، كما تقع اسرائيل ضمن مدى شهاب 3، مع أهداف تركية وباكستانية مهمة عديدة، وبذلك تكون قد حصلت على نوع نسبي من الردع المقابل.
شهاب3
ان القدرة الصاروخية التقليدية تبقى، محدودة جدا، فالقدرة التدميرية التي يحدثها رأس حربي صغير لا تتعدى كثيرا آثار قنبلة طائرة من زنة طن واحد تلقى عشوائياً. يضاف إلى ذلك أن الصواريخ غير المسيطر عليها، أو تلك التي تفتقر للوسائل التقنية المرتبطة بالأقمار الصناعية كما هي حال صواريخ التوماهوك، تعتبر من أسلحة المنطقة «أي تكون نسبة الخطأ عالية وتحسب ضمن دائرة يزيد قطرها أحياناً عن عدة كيلومترات»، لذلك لا خوف من احتمال إصابة هدف بعينه، باستثناء ضربات الصدفة التي لا ينبغي الأخذ بحساباتها، ومع ذلك، فإنها مثيرة لقلق المدنيين.
هاتف الباكستانى
ويمكن القول، إنه مهما امتلكت دولة ما من قدرة صاروخية تقليدية متخلفة التقنية، لا يمكنها التأثير في نتائج الصراع الحي على الأرض، ولا على أداء المقاتلين في فرق القتال البري، ويبقى تأثيرها الأقوى نفسياً.
لقد أطلقت إيران العديد من الصواريخ أرض ـ أرض على مدينة بغداد، ولم تترك أثراً على الحياة العامة، واطلق العراق تسعة وثلاثين صاروخاً على إسرائيل، كان أثرها نفسياً أكثر من أي أثر مادي.
إذا الصواريخ أرض ـ أرض التقليدية لا تشكل خطرا، عندما تكون تقليدية، وبتقنية متخلفة، وبأعداد قليلة، بيد أن هذه التحديدات لا يمكن التحكم بها، لأن المجتمع الدولي لا يستطيع أن يراقب كل مكان من المناطق المثيرة للقلق، على حد الوصف الغربي، وغيرها. فصواريخ شهاب 3، والحسين، وتموز، وأريحا، وشاهين، والصواريخ الهندية، يمكن تجهيزها برؤوس غير تقليدية، أو كيماوية، أو بيولوجية، أو نووية، وعندئذ تصبح سلاحاً رادعاً بقدرة تدميرية شاملة. وهو ما يؤدي إلى انتشار واسع للقدرات التدميرية، في مناطق تسهل فيها صناعة قرارات الحروب، بعيداً عن رادع شعبي، أو حائل قانوني ودستوري.
سباق التسلح إن بناء القدرة الصاروخية والنووية من قبل طرف إقليمي، يدفع المحيط الإقليمي نحو المزيد من القلق والتحسب والترقب، خصوصاً الدول العربية الغنية بالنفط، وسيصبح السلاح النووي مصدر رعب لا مثيل له في دول العالم الثالث. فالعديد من الدول العربية لديها القدرة على الصناعات النووية ولديها من الأموال ما هو فائض عن حاجتها، ومن العلاقات ما يساعدها في الحصول على ما تريد.
وحتى الآن اعتمدت الدول الخليجية استراتيجية الردع الجوي متفادية الولوج في الناشطات النووية وتصنيع الصواريخ، فالمملكة العربية السعودية تمضي بثبات في بناء قوة جوية فعالة في مجالي الدفاع الجوي والضربة الجوية الاستراتيجية، متوخية اختيار الطائرات القتالية الافضل، ولديها قدرة صاروخية بعيدة المدى من صنع صيني، وهى صواريخ رياح الشرق يمكن أن تغطي اهدافا بعيدة من الدول التي تدخل ضمن مفهوم العدو والعدو المحتمل، إلا أنها لم تستخدم هذه الصواريخ، ولم تظهر اهتماماً في مجال التصنيع الصاروخي.
اجنى الهندى او النار
وعلى الساحل الغربي للخليج تستمر الدول الخليجية الأخرى في بناء قوى جوية متطورة تتقدمها دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث كان الفريق أول الركن الطيار الشيخ محمد بن زايد العنصر الحاسم في بناء قوة جوية ضاربة في المجالين الدفاعي والتعرضي، وذلك بحكم سعة معرفته واهتمامه بعلم الطيران بوصفه طياراً مقاتلاً، وتوليه قيادة القوة الجوية قبل أن يتولى مسؤولية الأركان العامة للقوات المسلحة.
وعلى مدى السنوات العشر المقبلة ستكون القوات الجوية لدول مجلس التعاون الخليجي أكبر وأقوى قوة ضاربة في المنطقة، وفي العالم، باستثناء بعض الدول الكبرى، إذا ما تم تنسيق الجهود في ما بينها. إلا ان استمرار المحيط الإقليمي بتبني سياسة تطوير القدرات الشاملة ربما يدفع الدول الخليجية، وبصرف النظر عن طبيعة العلاقات الثنائية مع هذه الدولة أو تلك، إلى الخوض في مجالات الردع والردع المقابل الاستراتيجي، خصوصا إذا ما جرى التفكير بعدم ضمان استمرار المظلة الغربية إلى ما لا نهاية، وإذا ما توصل العالم إلى بدايات جدية من الطاقة البديلة، وإذا ما بقيت ثقافات الشعوب منصبة على عدم الاستقرار.
رياح الشرق السعودية
ترى إلى أين تتجه المنطقة وصراع تطوير الصواريخ بعيدة المدى وتطويرها مستمر فى المنطقة العربية