أول حاجة بيفكر فيها "أبو المسك كافور" هو أنه يلم شتات الجيش المصري من جديد.. لا يعتمد على ترك ولا غيره.. فبيبدأ يدور على قادة الجند القدام.. بيلاقي اللي بقى خمورجي.. واللي انشغل بالنساء.. واللي بقى مش لاقي ياكل.. فبيجمعهم ويبدأ يحيي فيهم عقيدة الدفاع عن الأرض من جديد.. وبينجح في دا.. وبيبقى عنده نواة لجيش ولائه للأرض مش لحد غريب.
وكان الجيش دا اتفكك مرتين.. مرة أيام "معاوية"، عشان يتقى شر جند مصر بعدما وقفوا في صف "علي" رضي الله عنه في صفين.. ومرة في عهد "خماروية بن أحمد بن طولون".. لما جاب البربر وخلا كلمتهم أعلى من كلمة الجيش.
وبيفتح "كافور" باب التجنيد وبيخصص له مبالغ كويسة.. وبيبدأ يكون جيش من جديد.
أول ما بيبدأ جيش مصر يقف على رجله بيهاجمها الفاطميين.. ورغم أنه مكانش لسه بكامل قوته.. إلا أنه صدهم.. ودا شجع "كافور" يهتم به أكثر.. ولفت نظر الدولة العباسية والدولة الفاطمية لشيء.
لو عايز تقف على رجليك لازم تكون مصر بجيشها ومواردها في صفك.
وحافظ "كافور" على علاقة متعادلة مع الدولة العباسية.. فكان الخليفة العباسي بيدعا له على المنابر.. لكن في نفس الوقت كان مستقل سياسيًا تمامًا.. ورفض طلبات الخليفة العباسي أنه يبعت له قوات تحارب بداله في الأناضول.. اللي تقدم البيزنطيين واحتلوا جزء منها.. ومع ذلك.. كان "كافور" ملتزم بحماية الخليفة العباسي في بغداد.. وأنقذ الخلافة هناك بمساعداته عدة مرات.
ومع قوة الجيش، بيبسط "كافور" سيطرته على بلاد الشام.. وبيصمد أمام هجمات الدولة الغزنوية التركية.. والجند الأتراك.. وبيتصدى لطموحات الدولة الحمدانية والبويهية.
وفي العام 974 ميلادية.. بيثور الاتراك في الدولة البويهية.. وبيخلعوا الخليفة ويبايعوا ابنه "الطائع لله".. ودا كان عيل حمار.. انحدر بالدولة وضعفها.. فخف خطرها وخفت صوتها.. وعلا فيها صوت الأتراك.
وبتفكر الدولة العباسية مرة أخرى في ضم مصر كولاية خاضعة لها سياسيًا.
وفي المعسكر الآخر بيفكر الفاطميين في نفس الشيء.. مفيش حل سريع للقضاء على العباسيين إلا الظفر بمصر.
بس مينفعش.. "كافور" مكانش بيهادن ولا بيسمح لحد يقرب من الحدود المصرية.. ودا خلا العباسيين والفاطميين يتفقوا على عبارة واحدة تقريبًا.. بمعنى واحد.. فكان العباسيين يقولوا "بيننا وبين مصر الشيطان الأسود".. وكان الفاطميين يقولوا في غيظ: "دوننا ومصر الحجر الأسود". الفاطميين حاولوا يحتلوا مصر 3 مرات في عهده ففشلوا تمامًا.. والمقريزي وصف حرقة "القائم بأمر الله" على فشله فى احتلال مصر بقوله : "وكابد على ديار مصر من الحروب أهوالاً.. ومات ولم يظفر بها، وأوصى ابنه المنصور بما كان فى عزمه".
"كافور الإخشيدي" اتظلم كتير وسيرته اتشوهت لأن "كافور" بعد عنه الشعراء - وسائل اعلام العصر - كل شاعر كان كأنه قناة إعلامية النهاردة.. وكل شاعر يروح يمدح الحاكم بكلمتين يكبش دهب وعطايا ويمشي.. "كافور" قفل الباب دا من أول يوم.. مفيش ميغة يا حبيبي.. يللا أنت وهو من هنا.. وعمل حاجة أفضل.. قرب منه الكتّاب والعلماء.. فقدموا له أدب وفن وثقافة و.. طوروا له الأدب والثقافة وعلموا الناس وعملوا له طفرة في الطب والهندسة ونهضوا بمعداته وآلياته وأسلحته.
تجاهله للشعراء المادحين خلا كتير يشتموه.. لدرجة أن واحد من أعظم شعراء العصر وقتئذ.. "أبو الطيب المتنبي".. جه مصر غاضبًا من صديقه "سيف الدولة الحمداني".. كان المتنبي مليونير بقواعد عصرنا والعصر اللي هو فيه.. بس دا كان أكل عيشه.. يمدح الملوك فيدوله.
بيوصل المتنبي مصر.. وبيطلب يدخل بلاط "كافور".. وبيلقي فيه قصيدة من أعظم قصائد المدح.. مطلعها " كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا ..... وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا".. للي يحب يدور عليها.
القصيدة طويلة.. بس "كافور" لما بتخلص القصيدة بيبص للمتنبي بابتسامة صفراء.. وبيقول له "متشكرين" . وخلاص.. طيب يا مولانا مفيش صرة دنانير.. دهب.. أي حاجة؟ فـ"كافور" بيقول له أنه "الله يسهلّك".
مابنطلعش من خزانة الدولة فلوس للي يمدح الحاكم حبيبي.. الميغة خلصت والحنفية اتقفلت.
بيخرج المتنبي يشتكي كافور للناس في الأسواق فبيلاقي الناس بتدافع عنه وبتحبه.. فبيبدأ وصلة من أبشع وصلات الهجاء في "كافور" و"مصر" و"اهل مصر".. دي كانت طريقة من طرق "المتنبي" بالذات.. وكانت بتضطر الحكام يجيبوه ويدوله فلوس عشان يسكت.. ومع ذلك برضه.. بيتجاهله "كافور" تماما.
في عهد "كافور" بتقوى شوكة مصر بدرجة مدهشة وفي وقت قصير.. لدرجة أن على مدار حكمه.. 23 سنة.. مابيقدرش صرصار يقرب من الحدود من غير إذن "أبو المسك كافور".. ومع ذلك.. حافظ على التبعية الدينية للعباسيين وواظب على حمايتهم.. ودا كان مريح أهل مصر "عقائديًا".. هم لسه مع آل البيت.
العباسيين والفاطميين كانوا مسميين "كافور" بلقب "الأستاذ".. الكلمة دي مكانش بيظفر بيها إلا اللي يبرع في 16 ضرب من العلوم في آن واحد. "كافور" كان قوي لدرجة أن مرة رجل من الفاطميين حب يغيظ أحد رجال بني العباس.. فقال له "رحم الله الحجاج بن يوسف".. فالعباسي رد عليه "رحم الله كافوراً الإخشيدي".
عشان كده "كافور" اتظلم تاريخيًا.. محدش يعرف اللي هو عمله.. ومحدش يعرف إزاي نهض بمصر وخلاها دولة بعدما كانت منهارة مفككة.. لأن المعلومات اللي وصلت لنا وصلت لنا من إعلام العصر.. الشعراء.. وبالذات قصائد المتنبي.. اللي لما "كافور" طنشه بقى "عبد أسود مخصي تافه مثقوب الشفة".. مع وصلة ردح شعرية زي الزفت.. تقدر تبحث عنها بكلمات "هجاء المتنبي لكافور".
المهم إن "المتنبي" مات قبل "كافور" ببضع سنين.. كان بيمقته بجنون بس بيقدره ويحترمه.. وقبيل وفاته كتب فيه أبيات من المديح وطلب أن لما "كافور" يموت تنقش على قبره.. فلما بيموت "كافور" بتشيعه مصر كلها تقريبًا.. ولما بيروحوا لقبره بيلاقوا شاهد مكتوب عليه أبيات للمتنبي.. جهزه اللحاد:
"ما بال قبرك يا كافور منفردا....... بالصحصح المرت بعد العسكر اللجف
يدوس قبرك أفناء الرجال وقد......... كانت أسود الثرى تخشاك من كثب".....
يعني دلوقتي قبرك في مكان قفر خالي.. ببيمشي عليه رجال فانين.. بعدما كانت سباع العالم تخاف تقرب منك.
مع وفاة "كافور".. بتزول الحماية عن الدولة العباسية.. وبيركبها السلاجقة ويتحكموا فيها تمامًا.. و السلاجقة دول قوم أتراك رحل محاربين.. وبتسقط الخلافة الأموية في الأندلس.. وبعدين بيحكم السلاجقة رسميًا وبيبقى وجود العباسيين شرفي مش أكتر.. ودا اسمه في عمر الدولة العباسية "عصر آل سلجوق".
وفي الدولة العباسية المنهارة.. بينتهز العباسي "المقتفي لأمر الله" وقوع خلاف وحروب بين السلاجقة وبعضهم عشان كل واحد عايز يستأثر بالحكم.. وبيستقل ببغداد.. ويعيد إحياء الخلافة العباسية.. في الوقت اللي كان زال "الحجر الأسود".. "ابو المسك كافور" رحمه الله.. من طريق الفاطميين.. فدخلوا القاهرة على يد "المعز لدين الله".. وقائده "جوهر الصقلي".
وبتصبح مصر تابعة للخلافة الفاطمية.. لحد ما الفاطميين بيعينوا على مصر رجل اسمه "صلاح الدين يوسف بن أيوب".
والراجل دا احنا نعرفه باسم "الناصر صلاح الدين الأيوبي".. اللي بيلم شتات جند مصر للمرة الثالثة.. وبيعمل جيش قوي.. بيأسس على حسه في مصر "الدولة الأيوبية".. ودي بتمتد وتزيح البشرية بقى كلها وتحتل الشام والحجاز واليمن وبعض أجزاء المغرب العربي.. وبتنهار الخلافة الفاطمية.
وكانت أوروبا مش أفضل حالًا من كل العك اللي حضراتكم قريتوه.. اغتيالات واحتلال وفتوح ودسائس وسم ومؤامرات.. بس كانو اتعلموا مننا درس قيم في الأندلس.
قول "إن الحكم إلا لله" وانا جاي أحكم بشرع الله.. وأنت حتبقى زي الفل.. لو في تانية إعدادي وقلت كده.. حتلاقي بهايم بشرية تمشي وراك وشعوب تخضع لك من غير حرب بالكلمتين دول.. فبيرفعوا نفس الراية.. الحكم لله.. جايين ننفذ شريعة الرب.. وبيرفعوا راية الصليب.. وبيبدأوا الحروب الصليبية.
وبتدخل الدولة الأيوبية في الحروب الصليبية.. وفي الوقت نفسه بتنقسم طائفة الشيعة الإسماعيلية وتخرج منها طائفة إرهابية متطرفة.. تحت قيادة رجل اسمه "الحسن بن الصباح".. حنعرفها كلنا لاحقًا باسم "الحشاشين".
وكانت علاقة الأيوبيين مع العباسيين فاترة شوية.. باعتبار أن الدولة الأيوبية اقوى دولة في المنطقة ومش مفروض تخضع لحد.. ودا بيخلي العباسيين ينتهزوا ضعف الدولة الأيوبية في آخر عمرها.. ويبعتوا "المعز عز الدين أيبك".. يحكم مصر.. ويبدأ فيها عصر جديد.
عصر الدولة المملوكية.
وبيحاول "الناصر يوسف الأيوبى" ملك دمشق يدخل مصر عنوة ويقاتل "أيبك".. لكنه بيخرج له "سيف الدين أقطاي" ويهزمه.
وبيفكر الخليفة العباسي الأخير "المستعصم بالله" يتدخل.. لكن هولاكو التتري بيجي بقى يكتسح الطرش دا كله.. العباسيين والسلاجقة والحشاشين والبشر دي كلها تحت سنابك خيوله.. لحد ما بيدخل الشام ويقترب من حدود مصر.. اللي كانت وقتها في حرب أهلية.. بين المماليك البرية والمماليك البحرية.. بعدما انقسمت دولة المماليك على نفسها.. وكل واحد منهم شايف أنه من حقه يبقى خليفة.
ومع ذلك.. وللمرة الأولى بيتهزم الجيش المغولي.. وتنتهي أسطورة المغول.
وبكده بتنتهي "الخلافة" رسميًا.. لحد ما بيحيي الظاهر بيبرس "الخلافة العباسية" مرة أخرى بشكل شرفي في القاهرة.. عشان يضفي هيبة دينية على حكمه.. فبيجيب واحد من أبناء العباسيين اسمه "أبو القاسم أحمد بن الظاهر بأمر الله".. وبيبايعه "بيبرس" على الخلافة.. على أنه يبقى "راجل بركة" كده لا بيحل ولا بيربط.. بعد شوية بيحاول الراجل دا يتدخل في الحكم بوصفه الخليفة.. فبيقتلوه..وبيجيب "بيبرس" خليفة بداله اسمه " أحمد بن الحسن بن المسترشد بالله".. ودا بقى بيقعد مؤدب.. لحد ما بيموت ميتة طبيعية.. وبتنتهي الخلافة فعليًا.. وبندخل في عصور جديدة.
وكان الجيش دا اتفكك مرتين.. مرة أيام "معاوية"، عشان يتقى شر جند مصر بعدما وقفوا في صف "علي" رضي الله عنه في صفين.. ومرة في عهد "خماروية بن أحمد بن طولون".. لما جاب البربر وخلا كلمتهم أعلى من كلمة الجيش.
وبيفتح "كافور" باب التجنيد وبيخصص له مبالغ كويسة.. وبيبدأ يكون جيش من جديد.
أول ما بيبدأ جيش مصر يقف على رجله بيهاجمها الفاطميين.. ورغم أنه مكانش لسه بكامل قوته.. إلا أنه صدهم.. ودا شجع "كافور" يهتم به أكثر.. ولفت نظر الدولة العباسية والدولة الفاطمية لشيء.
لو عايز تقف على رجليك لازم تكون مصر بجيشها ومواردها في صفك.
وحافظ "كافور" على علاقة متعادلة مع الدولة العباسية.. فكان الخليفة العباسي بيدعا له على المنابر.. لكن في نفس الوقت كان مستقل سياسيًا تمامًا.. ورفض طلبات الخليفة العباسي أنه يبعت له قوات تحارب بداله في الأناضول.. اللي تقدم البيزنطيين واحتلوا جزء منها.. ومع ذلك.. كان "كافور" ملتزم بحماية الخليفة العباسي في بغداد.. وأنقذ الخلافة هناك بمساعداته عدة مرات.
ومع قوة الجيش، بيبسط "كافور" سيطرته على بلاد الشام.. وبيصمد أمام هجمات الدولة الغزنوية التركية.. والجند الأتراك.. وبيتصدى لطموحات الدولة الحمدانية والبويهية.
وفي العام 974 ميلادية.. بيثور الاتراك في الدولة البويهية.. وبيخلعوا الخليفة ويبايعوا ابنه "الطائع لله".. ودا كان عيل حمار.. انحدر بالدولة وضعفها.. فخف خطرها وخفت صوتها.. وعلا فيها صوت الأتراك.
وبتفكر الدولة العباسية مرة أخرى في ضم مصر كولاية خاضعة لها سياسيًا.
وفي المعسكر الآخر بيفكر الفاطميين في نفس الشيء.. مفيش حل سريع للقضاء على العباسيين إلا الظفر بمصر.
بس مينفعش.. "كافور" مكانش بيهادن ولا بيسمح لحد يقرب من الحدود المصرية.. ودا خلا العباسيين والفاطميين يتفقوا على عبارة واحدة تقريبًا.. بمعنى واحد.. فكان العباسيين يقولوا "بيننا وبين مصر الشيطان الأسود".. وكان الفاطميين يقولوا في غيظ: "دوننا ومصر الحجر الأسود". الفاطميين حاولوا يحتلوا مصر 3 مرات في عهده ففشلوا تمامًا.. والمقريزي وصف حرقة "القائم بأمر الله" على فشله فى احتلال مصر بقوله : "وكابد على ديار مصر من الحروب أهوالاً.. ومات ولم يظفر بها، وأوصى ابنه المنصور بما كان فى عزمه".
"كافور الإخشيدي" اتظلم كتير وسيرته اتشوهت لأن "كافور" بعد عنه الشعراء - وسائل اعلام العصر - كل شاعر كان كأنه قناة إعلامية النهاردة.. وكل شاعر يروح يمدح الحاكم بكلمتين يكبش دهب وعطايا ويمشي.. "كافور" قفل الباب دا من أول يوم.. مفيش ميغة يا حبيبي.. يللا أنت وهو من هنا.. وعمل حاجة أفضل.. قرب منه الكتّاب والعلماء.. فقدموا له أدب وفن وثقافة و.. طوروا له الأدب والثقافة وعلموا الناس وعملوا له طفرة في الطب والهندسة ونهضوا بمعداته وآلياته وأسلحته.
تجاهله للشعراء المادحين خلا كتير يشتموه.. لدرجة أن واحد من أعظم شعراء العصر وقتئذ.. "أبو الطيب المتنبي".. جه مصر غاضبًا من صديقه "سيف الدولة الحمداني".. كان المتنبي مليونير بقواعد عصرنا والعصر اللي هو فيه.. بس دا كان أكل عيشه.. يمدح الملوك فيدوله.
بيوصل المتنبي مصر.. وبيطلب يدخل بلاط "كافور".. وبيلقي فيه قصيدة من أعظم قصائد المدح.. مطلعها " كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا ..... وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا".. للي يحب يدور عليها.
القصيدة طويلة.. بس "كافور" لما بتخلص القصيدة بيبص للمتنبي بابتسامة صفراء.. وبيقول له "متشكرين" . وخلاص.. طيب يا مولانا مفيش صرة دنانير.. دهب.. أي حاجة؟ فـ"كافور" بيقول له أنه "الله يسهلّك".
مابنطلعش من خزانة الدولة فلوس للي يمدح الحاكم حبيبي.. الميغة خلصت والحنفية اتقفلت.
بيخرج المتنبي يشتكي كافور للناس في الأسواق فبيلاقي الناس بتدافع عنه وبتحبه.. فبيبدأ وصلة من أبشع وصلات الهجاء في "كافور" و"مصر" و"اهل مصر".. دي كانت طريقة من طرق "المتنبي" بالذات.. وكانت بتضطر الحكام يجيبوه ويدوله فلوس عشان يسكت.. ومع ذلك برضه.. بيتجاهله "كافور" تماما.
في عهد "كافور" بتقوى شوكة مصر بدرجة مدهشة وفي وقت قصير.. لدرجة أن على مدار حكمه.. 23 سنة.. مابيقدرش صرصار يقرب من الحدود من غير إذن "أبو المسك كافور".. ومع ذلك.. حافظ على التبعية الدينية للعباسيين وواظب على حمايتهم.. ودا كان مريح أهل مصر "عقائديًا".. هم لسه مع آل البيت.
العباسيين والفاطميين كانوا مسميين "كافور" بلقب "الأستاذ".. الكلمة دي مكانش بيظفر بيها إلا اللي يبرع في 16 ضرب من العلوم في آن واحد. "كافور" كان قوي لدرجة أن مرة رجل من الفاطميين حب يغيظ أحد رجال بني العباس.. فقال له "رحم الله الحجاج بن يوسف".. فالعباسي رد عليه "رحم الله كافوراً الإخشيدي".
عشان كده "كافور" اتظلم تاريخيًا.. محدش يعرف اللي هو عمله.. ومحدش يعرف إزاي نهض بمصر وخلاها دولة بعدما كانت منهارة مفككة.. لأن المعلومات اللي وصلت لنا وصلت لنا من إعلام العصر.. الشعراء.. وبالذات قصائد المتنبي.. اللي لما "كافور" طنشه بقى "عبد أسود مخصي تافه مثقوب الشفة".. مع وصلة ردح شعرية زي الزفت.. تقدر تبحث عنها بكلمات "هجاء المتنبي لكافور".
المهم إن "المتنبي" مات قبل "كافور" ببضع سنين.. كان بيمقته بجنون بس بيقدره ويحترمه.. وقبيل وفاته كتب فيه أبيات من المديح وطلب أن لما "كافور" يموت تنقش على قبره.. فلما بيموت "كافور" بتشيعه مصر كلها تقريبًا.. ولما بيروحوا لقبره بيلاقوا شاهد مكتوب عليه أبيات للمتنبي.. جهزه اللحاد:
"ما بال قبرك يا كافور منفردا....... بالصحصح المرت بعد العسكر اللجف
يدوس قبرك أفناء الرجال وقد......... كانت أسود الثرى تخشاك من كثب".....
يعني دلوقتي قبرك في مكان قفر خالي.. ببيمشي عليه رجال فانين.. بعدما كانت سباع العالم تخاف تقرب منك.
مع وفاة "كافور".. بتزول الحماية عن الدولة العباسية.. وبيركبها السلاجقة ويتحكموا فيها تمامًا.. و السلاجقة دول قوم أتراك رحل محاربين.. وبتسقط الخلافة الأموية في الأندلس.. وبعدين بيحكم السلاجقة رسميًا وبيبقى وجود العباسيين شرفي مش أكتر.. ودا اسمه في عمر الدولة العباسية "عصر آل سلجوق".
وفي الدولة العباسية المنهارة.. بينتهز العباسي "المقتفي لأمر الله" وقوع خلاف وحروب بين السلاجقة وبعضهم عشان كل واحد عايز يستأثر بالحكم.. وبيستقل ببغداد.. ويعيد إحياء الخلافة العباسية.. في الوقت اللي كان زال "الحجر الأسود".. "ابو المسك كافور" رحمه الله.. من طريق الفاطميين.. فدخلوا القاهرة على يد "المعز لدين الله".. وقائده "جوهر الصقلي".
وبتصبح مصر تابعة للخلافة الفاطمية.. لحد ما الفاطميين بيعينوا على مصر رجل اسمه "صلاح الدين يوسف بن أيوب".
والراجل دا احنا نعرفه باسم "الناصر صلاح الدين الأيوبي".. اللي بيلم شتات جند مصر للمرة الثالثة.. وبيعمل جيش قوي.. بيأسس على حسه في مصر "الدولة الأيوبية".. ودي بتمتد وتزيح البشرية بقى كلها وتحتل الشام والحجاز واليمن وبعض أجزاء المغرب العربي.. وبتنهار الخلافة الفاطمية.
وكانت أوروبا مش أفضل حالًا من كل العك اللي حضراتكم قريتوه.. اغتيالات واحتلال وفتوح ودسائس وسم ومؤامرات.. بس كانو اتعلموا مننا درس قيم في الأندلس.
قول "إن الحكم إلا لله" وانا جاي أحكم بشرع الله.. وأنت حتبقى زي الفل.. لو في تانية إعدادي وقلت كده.. حتلاقي بهايم بشرية تمشي وراك وشعوب تخضع لك من غير حرب بالكلمتين دول.. فبيرفعوا نفس الراية.. الحكم لله.. جايين ننفذ شريعة الرب.. وبيرفعوا راية الصليب.. وبيبدأوا الحروب الصليبية.
وبتدخل الدولة الأيوبية في الحروب الصليبية.. وفي الوقت نفسه بتنقسم طائفة الشيعة الإسماعيلية وتخرج منها طائفة إرهابية متطرفة.. تحت قيادة رجل اسمه "الحسن بن الصباح".. حنعرفها كلنا لاحقًا باسم "الحشاشين".
وكانت علاقة الأيوبيين مع العباسيين فاترة شوية.. باعتبار أن الدولة الأيوبية اقوى دولة في المنطقة ومش مفروض تخضع لحد.. ودا بيخلي العباسيين ينتهزوا ضعف الدولة الأيوبية في آخر عمرها.. ويبعتوا "المعز عز الدين أيبك".. يحكم مصر.. ويبدأ فيها عصر جديد.
عصر الدولة المملوكية.
وبيحاول "الناصر يوسف الأيوبى" ملك دمشق يدخل مصر عنوة ويقاتل "أيبك".. لكنه بيخرج له "سيف الدين أقطاي" ويهزمه.
وبيفكر الخليفة العباسي الأخير "المستعصم بالله" يتدخل.. لكن هولاكو التتري بيجي بقى يكتسح الطرش دا كله.. العباسيين والسلاجقة والحشاشين والبشر دي كلها تحت سنابك خيوله.. لحد ما بيدخل الشام ويقترب من حدود مصر.. اللي كانت وقتها في حرب أهلية.. بين المماليك البرية والمماليك البحرية.. بعدما انقسمت دولة المماليك على نفسها.. وكل واحد منهم شايف أنه من حقه يبقى خليفة.
ومع ذلك.. وللمرة الأولى بيتهزم الجيش المغولي.. وتنتهي أسطورة المغول.
وبكده بتنتهي "الخلافة" رسميًا.. لحد ما بيحيي الظاهر بيبرس "الخلافة العباسية" مرة أخرى بشكل شرفي في القاهرة.. عشان يضفي هيبة دينية على حكمه.. فبيجيب واحد من أبناء العباسيين اسمه "أبو القاسم أحمد بن الظاهر بأمر الله".. وبيبايعه "بيبرس" على الخلافة.. على أنه يبقى "راجل بركة" كده لا بيحل ولا بيربط.. بعد شوية بيحاول الراجل دا يتدخل في الحكم بوصفه الخليفة.. فبيقتلوه..وبيجيب "بيبرس" خليفة بداله اسمه " أحمد بن الحسن بن المسترشد بالله".. ودا بقى بيقعد مؤدب.. لحد ما بيموت ميتة طبيعية.. وبتنتهي الخلافة فعليًا.. وبندخل في عصور جديدة.