السردية وكيف تخلق الدمى (مقال)

Alucard 

Nothing means anything anymore
خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
11 فبراير 2010
المشاركات
30,061
التفاعل
146,805 591 3
الدولة
Lebanon
بسم الله الرحمن الرحيم,

اللهم صل على محمد وآل محمد.

تخيل عزيزي القارئ هذا السيناريو:

تصحو الفتاة مع أذان الفجر لتوقظ زوجها ليذهب للصلاة. يستعد الرجل للذهاب للمسجد ليصلي فيما تصلي هي في المنزل. بعد ساعة تقوم بايقاظ ابنتها ذات السبع سنوات. الفطور جاهز وسياخذها والدها للمدرسة. تعلمها كيف تأكل بتهذيب وكيف تربط حذائها الصغير بشكل صحيح. طوال اليوم يذكرون الله ويصلون الصلوات على اوقاتها ويقومون بواجباتهم اليومية دون قلق أو تحفز.

يجيئ يوم الجمعة ويجتمعون جميعا في منزل جدتهم. الاطفال يجتمعون حول الجدة لتحدثهم بقصصها عندما كانت صغيرة. احاديث عن امها وجدتها. الرجال في المجلس يتحدثون عن اخبار الساعة, عن مشاكل الاقتصاد, عن اخبار المسجد والحديثة العامة. يقدمون النصح والعون لأحدهم حديث الزواج ومشغول ببناء منزله. يعتذر أحدهم من المجلس قائلا: شيفت الطوارئ سيبدأ بعد قليل, إنني ذاهب لإنقاذ البشر من الموت ادعوا لي ان يقبل الله عملي خالصا لوجهه الكريم.

يحلف أحد الاطفال بحياة أمه فيغضب الحاضرون جميعا غضبا عارما ويقولون له: لا تشرك بالله!

ينشأ الطفل هذا مبكرا وهو حريص على أن لا يقع في هذا الخطأ الذي يظهر من ردة فعل محيطه أنه خطأ هائل لا يغتفر. لا يكرر هذا الخطأ أبدا طوال الثمانين سنة القادمة في حياته.


السؤال: هل هؤلاء مسلمون؟

ستجد سردية يتم نشرها في الاعلام والكتب والفكر أن هؤلاء غير مسلمين ابدا ابدا ابدا لأنهم يرفضون اسقاط النظام في اوطانهم وتسليمها للجماعة لكي يقيموا "شرع الله".


هناك مشكلة عويصة يواجهها العالم العربي والاسلامي. إنها مشكلة السردية او كما يقال باللغة الانجليزية ال Narrative. السردية هي الاطار العام الذي يسمح للافكار أن تأخذه.

خذوا مثال على أحد السرديات:

"العرب خونة"

عدى عن كونها معلومة غير حقيقية وتخرج كل شيء يفعله العرب من سياقه لجعله خيانة بشكل أو بآخر. هذه السردية تلغي تمام الحاجة لطرح السؤال الجوهري وأفهم لماذا لا يريد من أسس لهذه السردية أن يطرح هذا السؤال بين عامة الناس: السؤال الجوهري هنا هو: خانوا من؟

طبعا سيتم اخفاء الجواب بالقول خانوا الله ورسوله. خانوا بعضهم. خانوا شعوبهم. خانوا (املأ الفراغ فالتفاصيل غير مهمة). المهم هو إقناع العربي بأنه خائن أو أن تاريخه خيانة والغرض كما يقول المفكرون هو لنزع الدفاعات الداخلية ضد كتلة المعلومات المطلوب نشرها بين اوساط العرب. فإذا كان العرب خونة فبالضرورة ان استبدالهم بال "غير خونة" هو الامر الصحيح. فيبحث المواطن العربي عن هؤلاء الملائكة الذين لا يخونون ليواليهم ويقف معهم. سيكتشف المواطن العربي ان من يشيع هذه السردية ينتظره على الطرف الاخر منها. وسيجد انه ليس عربيا.

السردية الاخرى هي ان العرب فاشلون.

من يشيع هذه السردية هم قريبون من الذين يشيعون السردية الاولى. تجد من تشبع بهذه السردية يطرح سؤالا مثل "كيف تقول انك ناجح وانت لا تصنع حتى ابرة".

يجب ان تنتبه عزيزي القارئ, فميزة السردية انها لا علاقة لها بالحقيقة, بل السرديات اصلا يتم تصميمها لجعل الحقيقة امرا غير مهم بل لجعل معتنقي تلك السرديات اعداء للحقيقة وكأنهم دمى يسيرون في اتجاه واحد وينطقون بعبارات جوهرها واحد ولا تهم الحقيقة.

سأتحدث عن بلدي المملكة العربية السعودية (ويستطيع كل مستنير ان يتحدث عن بلده كما يشاء).

نجد السعوديين المالكين العرب الوحيدين لأعظم شركات العالم, المتحكمون الوحيدون في سعر النفط, الأبرع في اقتناص الفرص التكنولوجية وبناء امبراطوريات صناعية ناجحة جدا وبتلك الامبراطوريات يديرون تشابك العلاقات الدولية بنجاح قل نظيره مهما كانت التحديات.

لكن المسكونون بسرديات الفشل والخيانة, أصابهم فيروس فكري لا فكاك منه أبدا حتى بالحقيقة. فالحقية كما قلت لا تهم "زومبي السرديات".


تخيل هذا السيناريو أيضا عزيزي القاريء.

يعمل مع اليهود ليل نهار ودون توقف. يلتقيهم في الغرف المغلقة. ينسق المواقف معهم. يبيعهم منتجات عالية الجودة. قطعا عمله مع اليهود يؤدي لتعزيز تواجدهم في الاقليم وفي كل مكان. يصطف معهم في معظم النوائب التي تصيبهم. يطفيء حرائقهم ويعمل بكل قوته على إضعاف خصومهم بشتى الطرق. يقوم عمليا بكل شر موجود في هذا الكوكب ويعادي بلد الاسلام والتوحيد الخالص التي يستعلن فيها الخير والصلاح وترفع علم محمد صلى الله عليه وسلم. يصطف مع الملحدين والمشركين والمثليين والمجهضين ويفعل هذا بابتسامة وهو يخلل لحيته في الوضوء.

هل هذا يقف مع الاسلام؟

طبعا ستجد سردية عظيمة تنشر بكل حماس وترفض أي معارضة تقول "لا يوجد إسلام في الكوكب إلا عند من هذه صفته".

كما قلت وبينت سابقا, الحقيقة هي أقل الاشياء أهمية فالاحداث والتفاصيل تنسج نسجا حول السرديات التي يتم صناعتها بشكل متعمد لتحقيق أهداف محددة وسط الصراعات الدائرة.

هل الولاء التام لهيكل سليمان من الاسلام في شيء؟ الحقيقة تقول لا, السردية تقول هو لب الاسلام ولا يوجد اسلام غير ذلك لأن من يراد حمايتهم بخلق هذه السردية يوالون هيكل سلميان ويطفئون الحرائق التي تنشب في القرى التي حوله بكل سرور.


لننظر للسرديات التي يشيعها أعداء المملكة العربية السعودية خادمة الحرمين الشريفين ورافعة علم رسول الله وداعمة المسلم العادي في كل مكان وزمان بمالها وجاهها وسلطانها السياسي وثقلها العسكري كلما استطاعت.

يقول الاسلاميون عن السعوديين مثلا: كروش على عروش.

والغرض من هذه السردية التي ينشرها المتدينون من التيار المعادي للسعودية هو اشاعة ان السعوديين لا يستحقون ما هم فيه من نجاحات فهم مجرد كروش (يحبون الطعام والتخمة والسمنة) على عروش بمعني انهم استغلوا عروشهم للتلذذ بالدنيا.

فإذا صادفت أحد الاسلاميين الذين يشيعون هذا الكلام وجدتهم سمان ويظهر عليهم التخمة والنعيم الدنيوي. فإذا طرحت التساؤل بتهذيب: لماذا أنت سمين يا شيخ؟ يكون الرد حادا وسريعا وغاضبا وباكيا (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآاياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) وسيسرد عليك قصة نزول الآية بسبب قول المنافقين ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء.

بعد هذا الرد المعلب والسردية التي تقوم على قدم دينية تاريخية أطرح التساؤل لماذا يجوز لك سب السعوديين بنفس عبارات المنافقين ولا يحق للسعوديين الرد عليك بالرد الديني الذي اقتبسته؟

الجواب لا يهم فالسردية ونشرها هو الأهم. والاختباء خلف الدين وجعل أنفسهم حراس المعبد هو أعظم نجاح قاموا به في القرن الحالي.

يقول الاسلاميون الحركيون التابعون لتركيا عن مشايخ السلفية التي تحرم الخروج على الحاكم بغرض الحفاظ على الدماء, ينبزونهم بالقول "عمم على رمم". والمقصد أن ينبز الاخوان السلفيين بالألقاب ليصفوهم بأن "دقونهم" والتي يطلقها السلفيين اعتقادا منهم أنها سنة النبي صلى الله عليه وسلم, "على رمم" وتعني انهم يتظاهرون فقط باتباع الرسول مما يؤدي بشكل غير مباشر ولكنه متوقع وحقيقي أن يظن الناس أن هؤلاء السلفيين لا يطبقون روح منهج النبي وإنما هم رمم وأشكال لا علاقة لتصرفاتهم بالدين. ومن هذا وبطريقة الاستثناء الاحصائية يقع وصف المتبعين لرسول الله على العمم التي ليست على الرمم والتي تطلب من الناس اسقاط الحاكم كخط مبدأي ليكونوا من ابتاع رسول الله وكما مدح زعيمهم الداخلين على عثمان في داره والثائرين على حكمه رضي الله عنه. وكما يصرخون بقتال الملائكة معهم وكما يفتون بأن البقاْ في ميدان من الميادين خير من العمرة والاعتكاف في مسجد رسول الله. فكما قلت سابقا, ترسيخهم في وجدان الناس أنهم حراس المعبد (النسخة الاسلامية) هو أعظم نجاح حققوه في القرن الحالي وهو نجاح ضد المصلحة المباشرة للمسلم العادي والذي تراه سرديتهم الخفية كجندي مجاني لنسخة الاسلام التي تخدمهم وتعلي شأنهم اجتماعيا وسياسيا فهم من يضع تعريف الجهاد وهم من ينزع صفة الجهاد عمن يريدون. شغل نظيف بصراحة ولكن هل يقدرون على الجواب عند الحساب يوم القيامة؟ الله يفصل بيننا وبينهم.


سردية أخرى وهي ان السعوديين باعوا القضية الفلسطينية.

وهذه سردية مضحكة جدا ولكن لها معتنقوها دون تفكير أو نقاش. فالملك عبدالعزيز باع فلسطين. والملك سعود باع فلسطين. والملك فيصل باعها بالسر. والملك خالد باعها. والملك فهد باعها. والملك عبدالله باعها الخ.

بصراحة يجب ان نشكر اليهود الزبائن الاوفياء الذين يشترون نفس السلعة عشر مرات من ذات الموزع (السعوديين). يجب ان نعمل frequent buyer card لليهود ههههه.

بعيدا عن السخرية, هذه السردية هدفها تفريغ أي مجهود سعودي نبيل وصادق تجاه القضية الفلسطينية من مضمونه. فمهما حاول السعوديون فعل شيء فهو لا شك يحدث لأن هناك شيء يحدث في الخفاء بغرض الاضرار بالفلسطينيين. بينما من يعمل مع اليهود لقصف القرى الفلسطيمية هو المخلص. أرأيتم روعة السردية؟ تستطيع ان تقتل الشخص وهو ينظر لسكينك في صدره ويضرب بيده التي تضعف بسبب النزيف وجه اخوه الذي يحاول انقاذه! إنه لأمر رائع ومرعب وخطير أن يكون البشر أسرى كالدمى للسرديات.


لا يطيق مطلقي السرديات الاسلامية او العلمانية او المنافسين اقليميا او المختلفين ثقافيا أن يكون السعوديون مهملين لسردياتهم بالمطلق. بل يكاد يصيبهم الجنون من نشر السعوديين لكلام يحلق بعيدا بعيدا بعيدا عن سردياتهم. وأنا حقا لا ألومهم فهم مجرد نسخ متعددة من الانسان الذي نشر تلك السردية ووجدانهم كله تم تركيبه بشكل معين لا يمكن ابدا ان يتم تغييره الا وتسبب ذلك بصدمة عصبية مروعة قد تؤدي للوفاه عندما يقول السعودي مجازا "السعودية العظمى".


لا احب كلمة السعودية العظمى فالتعريف الاكاديمي لكلمة عظمى لا ينطبق على السعودية, ولكنها قطعا تتفوق على كل منافسيها وكل جيرانها وكل اعدائها بمراحل بعيدة. وتجلس على مقاعد في العالم لا يجلس عليها احد في الاقليم نهائيا. وتؤثر في دوائر لا يؤثر فيها غيرها. وتنجح عندما يفشل غيرها. وتمتص الصدمات التي حطمت غيرها واسقطت النظام وادخلت المجتمع في حرب أهلية عند غيرها. ومع ذلك تتعامل بأرفع طريقة وأحسن خلق وولاء مطلق لأشقائها العرب والمسلمين في العالم دون منة.

بصراحة وطالما نحن نتحدث عن السرديات, لا اجد عيبا من نشر السعوديين سردية غير حقيقية ولكنها تغيظ منافسيهم جدا. فمجازا واعتبارا لما سبق اعتبروني من الجمهور الذي يقول "السعودية دولة عظمى" وليغضب المنافسون والأعداء والذين لو تمكنوا من الانسان السعودي العادي فإنهم لن يرحموه وسيقطعونه إربا ويسرقون ماله ويشردون أهله وكله بما يرضي الله والايات والاحاديث جاهوة أو كله بما يرضي الزعيم الملهم والتأسيس الثقافي من الخمسينيات والستينيات جاهز أيضا. لا ثمن للسعودي عند هؤلاء وتجد الغيظ يخرج من افواههم وتغلي قلوبهم كالبراكين عندما يهملهم السعوديين ويستخفون بألاعيبهم ويتكتلون خلف وطنهم ومجتمهم وطريقة حياتهم ليقولوا ضاحكين السعودية دولة عظمى.


أتفهم غضبهم, فطوال المئة سنة الماضية لم يتمكنوا من الانسان السعودي. فلا غرابة ان يكرهوه ويحقدوا عليه ويحسدوه لتولد سرديات معادية كسحها السعوديين في كل مكان وتويتر مثال حي على سلسلة النصر السعودي المتلاحق أمام كل السرديات المعادية.

أقول بأعلى صوتي ودون خجل ودون تراجع وهذه سرديتي الشخصية الجديدة:


#السعودية_العظمى


عاش هذا الوطن المقدس وأبناؤه الأوفياء في دولتهم العظمى.

Alucard
 
يعجبني كثيرا الوعي السعودي.
 
انت تعرف ما تحب ، رياضات بحرية او سياحة ثقافية و اثار او سياحة ترفيهية.
وجهات كثيرة داخل او خارج الوطن حسب قدرتك و هواك.

طيب انا اخطط لرحلة قريبا لليابان او اليونان. ما رأيك أيهما أفضل؟
 
يعجبني كثيرا الوعي السعودي.

كلام سليم وواقعي
من فترة ليست طويلة الوعي عند الشعب زاد
بالذات ببرامج التواصل وهذا شي طيب
.
السردية اللي ذكرتهم كل الحيّل القديمة اللي كانوا يستخدمونها فشلت فشل ذريع امام الشعب اللي اصبح واعي واسقطوا تقيّة السردية اللي تربوا عليها خصوصا الجماعات المتأسلمة اللي كانت تستخدم التقية بشكل مقزز تشابه سيماههم اللي على وجوههم
 
كلام سليم وواقعي
من فترة ليست طويلة الوعي عند الشعب زاد
بالذات ببرامج التواصل وهذا شي طيب
.
السردية اللي ذكرتهم كل الحيّل القديمة اللي كانوا يستخدمونها فشلت فشل ذريع امام الشعب اللي اصبح واعي واسقطوا تقيّة السردية اللي تربوا عليها خصوصا الجماعات المتأسلمة اللي كانت تستخدم التقية بشكل مقزز تشابه سيماههم اللي على وجوههم


والله ياخي ما الومهم مع انهم يغلطون كثير ويعممون والتعميمي غير محبذ. لكنهم تفاجأوا ان الكل يشتمهم بحرارة وطوال الوقت. وش تتوقع تكون ردة الفعل؟
 
والله ياخي ما الومهم مع انهم يغلطون كثير ويعممون والتعميمي غير محبذ. لكنهم تفاجأوا ان الكل يشتمهم بحرارة وطوال الوقت. وش تتوقع تكون ردة الفعل؟

الشتايم اللي ذكرتها مرحلة انتهت الان شتايمهم غير
.
الان يسوون حسابات باسماء سعودية يهين كرامته ويمدح الامير الافلاني
وينشرونها على انه سعودي وهذا هم السعوديين
وبعضهم يشتم دول على انه سعودي وعلى هالموال
خصوصا من الحسابات اللي تتطبل للمتأسلمين
و اوسخ ناس الجماعه اللي من دولة عربية معينة عشان ما اعمم
 
بوركت وبورك ماكتبت

مايعجبني في هذا الجيل ان بعض مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي فئة المراهقين وتجدهم لايتأثرون
بموجات التأثير ومحاولات جعل الوطن سيء في نظرهم بل تجدهم مدافعين شرسين جداً جداً
وهذا امر مفرح ومبهج
 
بوركت وبورك ماكتبت

مايعجبني في هذا الجيل ان بعض مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي فئة المراهقين وتجدهم لايتأثرون
بموجات التأثير ومحاولات جعل الوطن سيء في نظرهم بل تجدهم مدافعين شرسين جداً جداً
وهذا امر مفرح ومبهج


ذاك اول الحين الهجوم بدل الدفاع
فيه عدد من الحسابات تهاجم بشكل قوي واصبح لها تاثير بالمجتمع والطرف الاخر مدافع
بس بالشتايم
 
عودة
أعلى