سلام الجليل حرب 1982

إنضم
26 سبتمبر 2007
المشاركات
2,584
التفاعل
2,968 12 3
الدولة
Egypt
الاجتياح الاسرائيلي للبنان 1982.....سلام الجلي&#1604

بسم الله الرحمن الرحيم
............................
التخطيط للحرب
........
في عام 1979 أعلن عيزرا وايزمان وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، سياسة جديدة لإسرائيل في لبنان أسماها "الهجوم الوقائي فباتت إسرائيل لا تنتظر عملاً فلسطينياً تبرر به هجماتها بل أصبحت الحكـومة الإسرائيلية تؤكد حقها في شن الغارات وقتما تشاء وفي بداية عام 1981 قدمت الحكومة الإسرائيلية إحصاءات من شأنها تأكيد أن سياسة "الهجوم الوقائي" قد نجحت.

واستناداً إلى هذه الإحصائيات، فإن 7, 7% فقط من جميع "الحوادث الإرهابية" في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية كان مصدرها لبنان بينما انطلق 92% من هذه الحوادث طبقاً للبيانات الإسرائيلية من الضفة الغربية وقطاع غزة.

ومع حلول ربيع 1981 كانت لهجة المسؤولين الإسرائيليين أكثر شراسة من قبل فلقد أعلن يعقوب إيفن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي
نحن الآن في طور الهجوم، إننا نتغلغل داخل الحدود المزعومة لدولة لبنان ونطاردهم (أي الفلسطينيين) في كل مكان يختبئون فيه".
"


وكان النقاش في ما يختص بالتحركات العسكرية الكبرى في لبنان مدار بحث علني في الصحافة الإسرائيلية كما كانت المناظرة في شأن رد فعل الولايات المتحدة الأمريكية المحتمل تجاه عملية الاجتياح محل النقاش ويقول زئيف شيف المحلل العسكري لصحيفة هاآرتس: "كان للتدخل الإسرائيلي في لبنان هدفان ليس إلحاق الضرر بالقوات السورية فحسب بل القضاء على بنْية المنظمة التحتية في لبنان خصوصاً في جميع المناطق الواقعة جنوبي بيروت.

إن نجاح مثل هذه العملية قد يسدد ضربة قاتلة لمنظمة التحرير وفوق هذا وذاك فمن المرجح أن تتفهم إدارة ريجان سياسة إسرائيل في هذا المضمار إن واشنطن تسعى إلى ردع أي حليف للسوفيت فلماذا تعترض إذاً على إلحاق الضـرر بأكثر حلفاء موسكو أهمية أي سورية والمنظمة؟".

ويستطرد زئيف شيف قائلاً
إن إدارة الرئيس ريجان لن تعترض على أي ضرر يلحق بدمشق والمنظمة ولكنها ليست مهتمة في الوقت الحاضر بالتركيز على حرب ليست مستعدة لها على الإطلاق إن الأمريكيين لم يعززوا مكانتهم حتى الآن بما فيه الكفاية للرد على مثل هذا التحدي خصوصاً إذا قرر السوفيت مثلاً أن يمنحوا دمشق مساعدات هائلة في حالة نشوب حرب وإن اندلاع الحرب من شـأنه أن يعرقل خطوات أمريكا نحو إنشاء حلف معادٍ للسوفيت في المنطقة لذا فمن الخطأ الاعتقاد أن إدارة ريجان ستساند مثل هذه الخطوة الإسرائيلية في الوقت الحاضر


ومن الواضح أن هناك تغيراً قد حدث في السياسة الأمريكية بعد تولّي ألكسندر هيج الخارجية الأمريكية ففي خلال زيارته إلى القدس في أبريل عام 1981 وبعد اجتماعه مع رئيس الوزراء بيجن قال هيج للصحفيين
إن الاجتماعيْن اللذيْن عقدهما مع بيجن أسفرا عن تطابق في وجهتي نظـر الجانبين بالنسـبة إلى الخطر السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط وإن هذا يشمل التهديدات العسكرية التقليدية الصادرة عن دول عظـمى غير صديقة. ويشمل تقويم الأعمال التي يقوم بها الوكلاء وعدداً من القضايا المهمة في شأن موضوع الإرهاب الدولي عامة
.


كما أعلن بيجن في خطابه أمام الكنيست عقب زيارة هيج إلى إسرائيل، أن هناك نقاط وفاق عديدة بين حكومة إسرائيل والإدارة الأمريكية تتمثل في الآتي:

1. الدولتان حليفتان وهناك آراء متفقة بينهما على الموقف تجاه المنظمات الإرهابية وإن هناك معارضة شديدة لهذه المنظمات الدموية.

2. موقفهما المتطابق من الدور السوري في لبنان وأنّ سورية لم تعد قوة ردع لتثبيت السلام ولا هي جيش يجلب الاستقرار.

3. معارضتهما لتوسيع السوفيت نشاطهم في أجزاء عديدة من العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط.

ويبدو أن نقاط الاتفاق هذه كانت ضوءاً أخضر للعمليات الإسرائيلية في لبنان فقد كتب ديفيد شيبلر مراسل صحيفة نيويورك تايمز في القدس ما يلي
يبدو أن التغيير الأساسي في موقف الولايات المتحدة الأمريكية من العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان قد منح مرونة جديدة لجيش إسرائيل في الهجمات على مواقع الفدائيين الفلسطينيين في الأراضي اللبنانية
.


تلك هي العلاقة بين أمريكا وإسرائيل حيال الأزمة اللبنانية والتي سادت في الأسابيع التي سبقت القصف الإسرائيلي الكثيف لبيروت، في يوليه 1981 و كان رد الفعل الأمريكيفي جوهره مسانداً تماماً لإسرائيل في وجه موجة الغضب التي عمت الأوساط الدولية.

كما أسهمت واشنطن في صياغة قرار وقف إطلاق النار الذي ظل صامداً أحد عشر شهراً حتى الاجتياح كما فرضت حظراً مؤقتاً على بعض الشحنات العسكرية ولم يبدُ قط أن حكومة بيجن انزعجت من هذا القرار بل إن أحد المسؤولين الإسرائيليين بادر إلى القول
نحن نعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية، لا تبيعنا الطائرات للاستعمال في عرض عيد الاستقلال فقط. إنها تبيعها إلينا بسبب المصالح الإسـتراتيجية المشتركة بين بلدينا. وفي اعتقادي، أن الطائرات سيتم تسليمه
ا.


في حين لم تنزعج حكومة إسرائيل قط للتأخر المؤقت في تسليم الطائرات الأمريكية ولكنها كانت ساخطة على صفقة طائرات "الأواكس" للمملكة العربية السعودية.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها حكومة إسرائيل وأنصارها، من أجل إحباط هذه الصفقة إلاّ أن الكونجرس صادق عليها وأصبحت إسرائيل في غاية القلق بسبب تطور العلاقات العسكرية الأمريكية بعدد من الأنظمة العربيـة لأن هذه الدول أصبحت طبقاً للزعم الإسرائيلي أكثر قوة من الناحية العسكرية، نتيجة لهذه الترتيبات.

وبذلت الإدارة الأمريكية جهوداً حثيثة لكن بلا جدوى لطمأنة حكومة بيجن وأنصارها في أمريكا بالتنسيق مع اللجنة الأمريكية/ الإسرائيلية للشؤون العامة فزعمت أن "الأواكس" لن تعزز موقف السعودية العسكري تجاه إسرائيل.

وكان ينبغي لإسرائيل أن تجد في ذلك مصدراً للاطمئنان غير أن بيجن لم يجد فيه أي اطمئنان لأن مشروع الإدارة الأمريكية، كان يقتضي جهوداً واسعة النطاق على مستوى "اللوبي" بذلها السعوديون والشركات الأمريكية الكبرى التي لها مصالح في هذه الصفقة بما فيها تلك الشركات التي لها مصالح تجـارية في الشرق الأوسط أو في صناعة الأسلحة.

وعلى هذا بقيت إسرائيل حليفاً قلقاً تنتابه نوبات طارئة من جنـون الارتياب خوفاً من أن تلجأ إدارة ريجانفي سعيها لكسب ود حلفائها العرب إلى الضغط على إسرائيل كي تعتدل في صراعها مع العرب.

ولعل هذا الخوف هو أحد الأسباب التي حدت بالمسؤولين الإسرائيليين على تركيز الاهتمام الجدي في تهيئة الرأي العام الأمريكي للاجتياح القادم ففي فبراير 1982 أبلغ السفير الإسرائيلي الجديد لدى الولايات المتحدة الأمريكية موشي أرينز Moshe Arens الصحافة
بأن الاجتياح الإسرائيلي للبنان هو "مجرد مسألة وقت
" وكانت الحجة التي تذرع بها أن إسرائيل قد أصبحت "في مرمى مدافع المنظمة" من الشمال وأنها تواجه احتمال فقدان "تفوّقها النوعي"العسكري" لأن الولايات المتحدة تمدّ بعض الأنظمة العربية بأسلحة متطورة ولذا فقد تضطر إسرائيل إلى اللجوء إلى عمل عسكري وقائي.


كما أمدّ رئيس الاستخبارات العسكرية في إسرائيل يهو شواعي ساغي الصحافة الإسرائيلية بقدر وافرٍ من المعلومات التي يراد بها الإعلان أن منظمة التحرير الفلسطينية تتلقى إمدادات كبيرة وجديدة من الأسلحة السوفيتية وعلى الرغم من أن الخارجية الأمريكية تلقت هذه المزاعم بحذر وقللت من شأنها إلاّ أن وزير الخارجية هيج أعارها أذناً صاغية بل صرّح بأن الولايات المتحدة الأمريكية تملك تقارير تفيد أن القوات الفلسطينية في الجنوب اللبناني تتلقى صواريخ ومدفعية سوفيتية.

وهذا تطور قد يعرض للخطر جهود الولايات المتحدة الأمريكية الرامية إلى منع اندلاع قتال جديد في تلك المنطقة المضطربة وأوضح هيج أن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر باهتمام إلى "شحنات الأسلحة" هذه وترى أنها تمثل "خطراً محتملاً" على وقف إطلاق النار.
وخلال ربيع 1982 نشرت جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية العديد من التقارير الصريحة التي أكدت احتمال حدوث اجتياح إسرائيلي كبير للبنان وبينما كان احتمال شن إسرائيل عدواناً كبيراً يلقى تغطية صحفية واسعة في داخل إسرائيل وخارجها لم يصدر عن الصحف الأمريكية مثل نيويورك تايمز والواشنطن بوست و"لوس أنجلوس تايمز أي احتجاج على هذا الاجتيـاح الذي قُرعت له الطـبول ولا نجد أي نداء لكي تعمل واشنطن على منـعه.

بل كان هناك غياب بارز لأي تقارير صحفية في ما يتعلق بالحقيقة العسكرية والسياسية لأهداف هذا الاجتياح المحتملة وقد نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" في شـهر فبراير 1982 ست فقرات تصف شعور الناس في مدينة صور تجاه الاجتياح المرتقب وكان ذلك الخبر فريداً من نوعه.

وجاءت زيارة الجنرال شارون إلى الولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر 1981 قبل الهجوم بفترة من أجل تبرير نوايا إسرائيل وأهدافها بعد الاجتياح وقد حرص على الاجتماع بالصحفيين وأكّد أن الاجتياح القادم عمل مشروع للدفاع عن النفس إزاء الخطر الأحمر في الشمال.

وخص شارون مراسلي صحيفة "وول ستريت جورنال" ورؤساء تحريرها بلقاء صحفي استمر ساعتين ونصف الساعة استخدم خلاله الخرائط والبيانات الإيضاحية لشرح أوجُه الخطر السوفيتي وأوضح أن "الإرهاب الفلسطيني كان ولا يزال من أهم الوسائل التي يستخدمها السوفييت لخلق الظروف الملائمة لتوسيع نفوذهم في الشرق الأوسط".

وقد أثمرت جهود شارون إذ صدر مقال افتتاحي في صحيفة وول ستريت جورنال قبل الاجتياح بثلاثة أيام كاد يبلغ حد تشجيع إسرائيل علناً على القيام بالاجتياح فبعد أن أعلمت الصحيفة قراءها أن :
"للحلف القائم بين سورية ومنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، شريكاً أكبر وهو الاتحاد السوفيتي" مضى المقال يقول: "إن المسألة الأكثر إلحـاحاً في الشرق الأوسط الآن هي الطريقة التي ينبغي أن يُعالج بها الموقف السوفيتي ـ السوري ـ الفلسطيني المركز فـي لبنان والخطر الذي يمثله بالنسبة إلى السلام وفي السعي إلى حل هذه المعضـلة من الملائـم أن يستمع صانعو السياسة الأمريكية والأوروبية باهتمام أكبر إلى آراء الإسرائيليين الذين لهم بعض الخبرة بموضوع البقاء على قيد الحياة في الشرق الأوسط


وخلال الأشهر التي سبقت الاجتياح كانت إدارة الرئيس الأمريكي ريجان تعي تماماً الاندفاع الإسرائيلي نحو الهجوم ولا يمكن تفسير حصيلة الأعمال التي قامت بها الإدارة خلال تلك الفترة إلاّ وصفها بأنها منحت إسرائيل موافقة إستراتيجية على الهجوم بينما عمدت من وقت إلى آخر إلى كبح جماحها تكتيكياً.

ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية رفضت اتخاذ أي إجراء لكبح جماح إسرائيل ففي فبراير 1982 وحين بدا كأن العملية العسكرية الكبرى توشك أن تبدأ قدمت هيئة رؤساء الأركان المشتركة Joint Chiefs of Staff خطة طارئة إلى فريق طوارئ خاص بلبنان يرأسه نائب وزير الخارجية وولتر ستوسِلْ وقد رفضت الخطة أن يكون لإسرائيل اهتمام دفاعي مشروع يمتد إلى الأراضي اللبنانية كما توقعت أن يؤدي العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان إلى التعرض لسورية مما قد يُشعل حرباً شاملة تؤدي إلى خطوات معادية لأمريكا تتخذها دول عربية غاضبة.

وقد اقترحت تلك الخطة الطارئة تقديم مبادرة أمريكية ـ سوفيتية مشتركة تجاه لبنان والأمر الأكثر غرابة هو أن الخطة توحي بأن الولايات المتحدة الأمريكية قـد تتورط في قتال جوي إلى جانب إسرائيل في أثناء محاولتها تأمين غطاء جوي فوق لبنان في جو معادٍ كجزء من محاولة لإجلاء الرعايا الأمريكيين عن ساحة القتال والشيء المثير للاهتمام في هذه الخطة هو أنها "رُفضت رفضاً قاطعاً وقد أعلن بعض المسؤولين الأمريكيين/الخائفين من نتائج الاجتياح ـ لمجلة "ميدل إيست بوليسي سيرفي أن الخطة رفضت كلياً.

واتخذت الولايات المتحدة الأمريكية عدة خطوات للتخفيف من الضرر الذي قد يلحقه الاجتياح الإسرائيلي الوشيك بعلاقات الولايات المتحدة الأمريكية بالدول العربية كما سربت الإدارة إلى الصحافة بعض التقارير التي تفيد أنها هددت سرا ًبالانتقام في حال حدوث اجتياح وذلك من طريق تقليص تدفق المساعدات إلى إسرائيل كما أنها سـربت أخباراً مفادها أن الإدارة طلبت أن تبلَّغ مسبقاً بموعد الاجتياح.

وخلال شهرَي فبراير ومارس بدا كأنه قد برز تعارض داخل الحكومة الإسرائيلية بين القوى المؤيدة لشارون الذي كان يرغب في شن الهجوم العسكري الكبير على لبنان قبل الموعد المحدد لانسحاب إسرائيل من الأجزاء الباقية من سيناء في 25 أبريل 1982 وبين الذين كانوا على ما يبدوأكثر حذراً مثل بيجن وكان دافع شارون إلى شن الهجوم قبل 25 أبريل هو إعاقة الانسحاب من سيناء.

وكان من شأن مثل هذا الاجتياح أن يشكل ضغطاً لا يُحتمل على مصر للرد بصورة معادية وهذا ما كان يأمله المسؤولون الإسرائيليون وتخشاه الإدارة الأمريكية فيعطي إسرائيل الذريعة للبقاء في سيناء ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية بذلت الجهود من أجل تأجيل الاجتياح إلى ما بعد 25 أبريل كي تحافظ على مصالحها في ضمان استمرار تنفيذ المعاهدة المصرية ـ الإسرائيلية.

وفي الأسابيع التي سبقت زيارة الجنرال شارون إلى الولايات المتحدة الأمريكية كانت الدلائل على الاستعدادات الإسرائيلية للهجوم قد أصبحت أكثر وضوحاً وإثارة للقلق من أي وقت مضى ففي 10 مايو 1982 أقرت الحكومة الإسرائيلية رسمياً العمل العسكري المنفرد في لبنان وليس الانتقام فقط وقد أوردت صحافة إسرائيل هذا النبأ واعترف رئيس الأركان رفائيل إيتان وللمرة الأولى بأن الجيش الإسرائيلي قد وضع في حالة تأهب وأن الجنود قد حشدواً على طول الحدود الشمالية.

وكانت ملاحظاته التي وردت في حديث صحافي تنم على أن القتال أصبح وشيكاً فقد استطرد قائلاً
"بما أنني قد صرفت مليارات من الدولارات لإنشاء نظام فريد في نوعه فإنني قادر بل مرغم على استخدامه".


وبعد أن أُحيطت الحكومة الأمريكية علماً بِنِية إسرائيل اجتياح لبنان اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية سلسلة من الإجراءات خلال وجود شارون في واشنطن كان من شأنها أن تطمئنه إلى أن تدفّق العتاد سيزداد أكثر مما مضى وقبل أن تحط طائرة شارون في واشنطن أبلغت إدارة الرئيس ريجان الكونجرس الأمريكي بصورة غير رسمية أنها تنوي بيع إسرائيل 75 طائرة إضافية من نوع "F-16" وفي الوقت نفسه تقريباً صوتت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ على جعل شروط المساعدة لإسرائيل أكثر ملاءمة حتى من تلك التي افترضتها الإدارة.

ففي تعديل اقترحه السيناتور آلان كرانستون زادت لجنة العلاقات الخارجية المساعدة الاقتصادية المقترحة بـ 125 مليون دولار حتى أصبحت توازي مدفوعات إسرائيل المبرمجة لديونها للولايات المتحدة الأمريكية والبالغة 910 ملايين دولار عام 1983.

وقال السيناتور تشارلز بيرسي معلقاً علي ذلك
"إنه من أغرب الاقتراحات التي سمعتها في حياتي إنه نقطة تحوُّل تاريخية فللمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكـية يجَعل هذا الاقتراح المجتمع الأمريكي مسؤولاً عن ديون إسرائيل كافة وعن ديونها أيضاً في المستقبل".


وفي هذه الأجواء ألقى وزير الخارجية الأمريكي، ألكسندر هيج خطاباً في 20 مايو 1982 أمام مجلس العلاقات الدولية الأمريكية في شيكاغو (Chicago) قال فيه
"إن تدهور الأوضاع في لبنان خلال العام الماضي، تطلب جهوداً غير عادية لتجنب الحرب وفي أبريل 1981 نجح المبعوث الخاص فيليب حبيب في قمع المواجهة العسكرية في لبنان ولكن لا يمكن السيطرة على النزاع سيطرة دائمة ما دامت المشكلات التي هي في أساسه مستمرة ولا يمكن العالم أن يقف جانباً ليشاهد هذه الدولة الصغيرة تتدهور أكثر فأكثر إلى هاوية العنف والفوضى لقد حان الوقت للنهوض بعمل منسق يدعم سيادة لبنان على أراضيه داخل حدوده المعترف بها دولياً، ويدعم حكومة مركزية قوية قادرة على إنشاء مجتمع مفتوح ديموقراطي وتعددي".


وعَدّ شارون هذا الكلام كضوء أخضر لبدء حربه التي كان قد تفاهم على خطوطها العريضة مع ألكسندر هيج نفسه وكان واضحاً أن الانفجار بات وشيكاً بعد أن تأخر مرات عدة خلال النصف الأول من عام 1982 وأن إسرائيل تفتش عن أي ذريعة لتنفيذ هجومها.

لا ريب أن هذه الكلمات أثلجت قلب شارون وشجعت الكتائب فقد استقبلت النشرة التي يصدرها ممثل القوات اللبنانية المسيحية في واشنطن دعوة هيج إلى الإجراء الجماعي بسرور بالغ
ومما يؤكد عِلم الولايات المتحدة الأمريكية بتوقيت الهجوم الإسرائيلي هو تحرك السفينة " U.S.S. Kennedy" من قاعدتها بالمحيط الهندي إلى الشاطئ اللبناني في أول يونيه 1982 وكذلك تحرك السفينة " U.S.S. Eisenhower" من قاعدتها في نابولي إلى جزيرة كريت وهاتان السفينتان كُلفتا بمراقبة التحركات البحرية السوفيتية خاصة في حالة تصاعد القتال في لبنان.
....................

التعاون الإسرائيلي مع القوى المسيحية في لبنان قبْل الغزو

توجه شارون في زيارة سرية إلى بيروت يومَي 12، 13 يناير 1982 وكان في صحبته مساعد وزير الدفاع إبراهام تامير وقائد قوات الكوماندوزعاموس يارون ومن رئاسة الأركان الجنرال يوري ساغي ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية يهو شواعي ساغي إضافة إلى ممثلي الموساد وجهاز الأمن والدكتور بوريسلاف جولدمان أقلت الجميع طائرة عمودية في رحلة ليلية اتجهت شمالاً نحو جونيه.

كان شارون غير مقتنع بالعمليات الوقائية والانتقامية التي جرت من قَبْلُ في عهد وزير الدفاع السابق عيزرا وايزمان وكذلك ما فعله عام 1978في "عملية الليطاني"، التي كان هدفها إبعاد الفلسطينيين عدة كيلومترات عن حدود إسرائيل كما كان يرى أن إسحاق رابين رئيس الوزراء السابق هو المسؤول عن تعزيز سيطرة سورية على لبنان واحتلالها العسكري له.

وكان شارون يرى ضرورة انسحاب السوريين والفلسطينيين من لبنان وقبل سفرهأكد لرئيس الوزراء بيجن أنه سيعمل على إقناع بشير الجميل بالتعاون مع إسرائيل وبذلك، يمكن تحقيق النصر للمسيحيين.

وأُعدّ لهذا اللقاء بواسطة الموساد وبالتعاون مع "الكتائب" من أجل اجتماع شارون وبشير الجميل وكان شارون يرى أن الوقت قد حان لإشراك مسيحيي شمالي لبنان في عملية غزو إسرائيلية تعالج الأوجه الثلاثة للمشكلة اللبنانية وتعانق الجميل و شارون بحرارة وتبادلا بعض الفكاهات.

والواقع، أن قلّة من الأشخاص كانوا يعلمون أن ركائز حرب لبنان ستُرسَى في هذه الزيارة تلك الحرب التي سميت فيما بعد عملية "سلام الجليل" وكان الكتائبيون وعلى رأسهم بيار الجميل وبشير الجميل ورئيس حزب "الوطنيين الأحرار" الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون يؤيدون التعاون بين "الكتائب" المارونية وجيش الدفاع الإسرائيليمن أجل صد الأخطار المحدِقة بالسلام داخل لبنان خاصة من جانب سورية ومنظمة التحرير.

وفي هذا اللقاء عرض شارون بقناعة شديدة، العديد من أفكاره وخططه أمـام الحاضرين وأكد أن إسرائيل تريد حل المشاكل التي تواجهها جنباً إلى جنب مع المسيحيين اللبنانيين على أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية مشاركة في هذا الحل لأن ذلك من شأنه أن يلزم السوريين والفلسطينيين بالخروج من لبنان.
Wdfdsar1_I11.jpg

وقال شارون لبشير الجميل
إن تطور الأوضاع في المنطقة إضافة إلى استمرار النشاط الإرهابي ضد إسرائيل وضد المصالح الإسرائيلية في العالم يشكل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار المعقود منذ أشهرتحت إشراف المندوب الأمريكي فيليب حبيب وقد يؤدي هذا الخرق في القريب العاجل وربما مع بداية صيف عام 1982 إلى حالة تكون فيها إسرائيل مضطرة إلى تدمير البنية التحتية للمنظمات الإرهابية في لبنان


وأكّد شارون في حديثه أن هدف هذه الزيارة هو تكثيف التعاون مع "الكتائب" من أجل تحرير لبنان من أيدي السوريين والفلسطينيين وأن قَدَر الطرفين بات مشتركاً وأصبحا إخوة في السلاح وعليهما تنسيق مواقفهما وتحضير أنفسهما لكل الاحتمالات.
Wawer1_I6.jpg

وكرّر شارون وعد بيجن بقوله
"لن ندع السوريين يقضون على المسيحيين في لبنان عليكم أن تنفذوا وحدكم بعض العمليات ومن دون مشاركتنا المباشرة ومن جانبنا سنقدم إليكم العون المادي وسندرب قواتكم كما سنقدم إليكم مساعدتنا في مجالات أخرى


وردّ بشير الجميل

أنه يرى أن من أَولى الأمور، تحرير سكان شمال جونيه وعددهم نصف مليون نسمة من السوريين وأصدقائهم وأن تحرير هذه المنطقة سيُرسي أسُس لبنان مسيحي وكما تعلمون، إن من يسيطر على جبل لبنان يستطيع أن يفرض سلطانه على البلاد كلها وأكدّ الجميل أنه في حالة قيام قواته بالهجوم على بيروت كما اقترح شارون فإن السوريين يمكن أن يردوا في منطقة بيروت وأن قواته ليست كافية لمواجهة السوريين وبما أن الإسرائيليين سيكونون منشغلين بالقتال ضد الإرهابيين فإن منطقة جونيه تُصبح لقمة سائغة للسوريين ويجب أن تتنبهوا موجهاً حديثه إلى شارون إلى أن دخول عناصرنا إلى بيروت سيجبركم على الالتقاء بنا للدفاع عن وحدة الأراضي المسيحية في شمالي لبنان.

وبعد انتهاء الاجتماع الموسع بين شارون وقيادته وبشير الجميل وقيادته قاد بشير المجموعة الإسرائيلية إلى بيروت لكي يوضح لها على الطبيعة أوضاع الجانبين المتصارعين في بيروت والخط الفاصل بين بيروت الشرقية وبيروت الغربية كما زار الإسرائيليون مراكز المراقبة حيث يطل المرء على المدينة وخط التماس ومواقع القوات.

وأخذ شارون يتأمل المدينة بواسطة جهاز مراقـبة وكان تفكيره يتركزفي التكتيك الواجب إتباعه عند الهجوم الإسرائيلي على بيروت وقرر شارون أن الوقت قد حان للتدخل من أجل تغيير الواقع اللبناني وإيجاد نظام جديد في البلاد.

وأكّد شارون للجميل
"أنه عندما يحين الوقت لن نتوقف لا عند الليطاني ولا عند الزهراني بل سنواصل تقدمنا شمالاً على طول الخط الساحلي حتى مشارف بيروت وبذلك، سيصبح لديكم الفرصة التاريخية لاستعادة المدينة وقد علمتني هذه الزيارة أنه من أجل السيطرة على بيروت يكفي الاستيلاء على منطقة القصر الجمهوري ووزارة الدفاع المسيطرة على طريق بيروت/ دمشق وطبقاً لرأيي لن تكون أمامكم أي صعوبة للاستيلاء على هذه المنطقة وقطع محور بيروت /دمشق منذ بداية المعارك وستكون بيروت عندها مطوقة وستتمكنون من إفراغ المدينة من المخربين وأعوانهم ووافق بشير الجميل على مقترحات أرييل شارون

وبعد الانتهاء من زيارة مواقع بيروت توجه الإسرائيليون إلى منطقة جبل صنين الإستراتيجية والتي بالسيطرة عليها يمكن السيطرة على بيروت ثم زحلة وشتوره وقال بشير لشارون وهو يشير إلى محور ضهر البيدر
War1_I31.gif

هذه هي المنطقة الحيوية التي تسيطرعلى طريق بـيروت دمشـق فلو بلغتم هذه المنطقة تَوَجّبَ عليكم الاستمرار في عمليتكم للاستيلاء على زحلة وشتوره وبذلك يمكن تحقيق سيطرة مسيحية موحدة على معظم الأراضي اللبنانية
".
وأثناء اللقاء بين شارون وبشير الجميل في حي الأشرفية ببيروت الشرقية في حضور بيار الجميل وكميل شمعون توجه بيار الجميل بالشكر إلى الإسرائيليين لجهودهم من أجل مساعدة مسيحيي لبنان وأكد الجمـيل أن الحرب الأهلية هي السبب الرئيسي لكارثة لبنان الحالية وأن مصير المسيحيين ومستقبلهم مرتبطان بالتعاون مع إسرائيل.

وأكد بيار الجميل أن سورية هي مصدر الخطر الأعظم وأنه في إمكان لبنان تحت حكم المارونـيين، أن يشكل جسراً بين إسرائيل والبلاد العربية أما كميل شمعون الرئيس اللبناني الأسبق فقد أشاد بالروابط بين إسرائيل ولبنانوالتي توثقت منذ بدء الحرب الأهلية وامتدح مناحم بيجن واصفاً إياه بأنه"رجل ثقة".

أمّا شارون فقد أفهم مضيفيه بشكل واضح أن المسيحيين سيحصلون قريباً جداً على الوسائل الكفيلة بتغيير الأوضاع وسيتمكنون من تشكيل حكومة انتقاليةإلى أن يصبح في الإمكان تنظيم انتخابات حرة وخلال هذه الفترة الانتقالية يمكن أن يشغل بشير الجميل منصباً مهماً.

شعر الإسرائيليون بعد هذا اللقاء أنهم توصلوا أخيراً إلى إيجاد طرف يمكن الاعتماد عليه وأن المسيحيين سيدخلون حلبة الصراع بالتفاهم مع إسرائيل وفي الليلة نفسها اتصل شارون بأحد المسؤولين الإسرائيليين وقال له:
وضعت حداً للعبة القط والفأر مع المسيحيين نستطيع الآن أن نمضي قُدُماً لقد استطعت أن أُقيد أرجلهم ومعاصمهم
..................

مناقشة الخطة أمام مجلس الوزراء الإسرائيلي


في أوائل عام 1982أتاحت قضايا الأمن المثارة داخل إسرائيل الفرصة لشارون وإيتان لإقناع الحكومة بضرورة التحرك من أجل العمل داخل لبنان أعـلن الرجلان أمام مجلس الوزراء أنه إذا كان مكتوباً على إسرائيل اتخاذ إجراء عسكري حاسم كما ترى أجهزة الاستخبارات فمن الأجدرإذاً التفكير في لبنان أكثر من الجولان.

وأكدا أن الإسرائيليين عـلى كل حال لا يستطيعون الاستمرار في ترك قواتهم على هذا النحو في جبهتين ولا البقاء طويلاً داخل لبنان بحجة أن الأسرة الدولية تعارض ذلك الإجراء ومن ثم يجب أن تؤدي عملية غزو لبنان إلى الإسراع بإخراج القوات السورية ومنظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وإلى إنشاء حكومة لبنانية موالية لإسرائيل.

وفي واشنطن لتقى ساغي مديرالاستخبارات الإسرائيلية وزيرَ الخارجية الأمريكي ألكسندر هيج وأفهمه بوضوح أن كل انتهاك جديد لوقف إطلاق النارمن جانب الفلسطينيين في الجنوب اللبناني يزيد من قلق القيادة الإسرائيلية في القدس كما أطلعه أيضاً على إعادة بناء التحصينات الدفاعـية الفلسطينية وعلى إعادة توزيع القوات الفلسطينية جنوبي لبنان.

كما حذر الأمريكيين من أنه إذا استمرت انتهاكات وقف إطلاق النار فإن إسرائيل ستتحرك واستمرت الإدارة الأمريكية على رأيها مما أدى إلى تأجيل العملية لعدة أشهر.

وفي لبنان عادت السفن الإسرائيلية لترسو من جديد قبالة جونيه كان الزائرهذه المرة هوالجنرال روفائيل إيتان رئيس الأركان والجنرال ياكونيل آدام إضافة إلى ضباط آخرين ومندوبين عن الموساد ثم تبع ذلك عدة رحلات مكوكية من أجل تنسيق الخطط المشتركة.

وبدأ بشير الجميل في إقامة اتصالات مع مختلف المجموعات في لبنان من أجل إنشاء جبهة موحدة في مواجهة سورية والفلسطينيين. وكان ينتظر بصبر نافذ الوقت الذي تقدم فيه إسرائيل لبنان إليه على طبق من فضة.

وفي القدس ومن أجل إقناع الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين بذل شارون جهداً كبيراً ليؤكد أن إسرائيل لا تنوي إقامة نظام جديد في لبنانولا محاربة السوريين بل هدفها هو القضاء على الخطر الإرهابي وعلى كل كان جميع المراقبين غير مقتنعين بأن هذه العملية لن تورط القدس في نزاع مع دمشق وكانوا يتوقعون أن النتائج ستكون مأساوية والقضية الفلسطينية ستصبح شائكة أكثر فأكثروسيزداد نفوذ الاتحاد السوفيتي في المنطقة وستنزلق إسرائيل في الصراعات التي لا تنتهي بين مختلف الطوائف اللبنانية.

كانت الخطتان اللتان عرضهما شارون واللتان طُرحتا على الحكومة الإسرائيلية ستؤديان بطبيعة الحال الى تفجر الموقف ففي حين كانت "الخطة الكبرى" توصل جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى مشارف بيروت ومحاصرتها وكذلك قطع طريق بيروت ـ دمشق، فإن "الخطة الصغرى" كانت ستوصل جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى مسافة 45 كم إلى الشمال من الحدود الإسرائيلية وكانت الخطة الكبرى ترتكز على مبدأ الاختراق من ثلاثة محاور على جبهة واسعة من جبل حرمون إلى المتوسط والأخرى كانت لا تختلف عنها إلا في الأهمـية فإذا كانت الأولى سـتؤدي حتماً في اتجاهها أكثر نحو الشرق إلى مواجهة مع السوريين فإن الثانية أيضاً كانت تنطوي على نزاع مفتـوح.

وفضلاً عن ذلك فإن الخطة الكبرى ستوقظ في منطقة الشوف الخصومات المحلية الخامدة منذ زمن طويل مما يُحيي بعض الآمال للمسيحيين إذ سيعيد لهم جيش الاحتلال الإسرائيلي سيطرتهم على هذه المنطقة في حين تتولى إسرائيل مهمة الشرطة داخل لبنان وكان من المفترض بعد القضاء على الضغط العسكري السـوري أن تتجاوز الخطة الصغرىمدى الـ45 كم المتوقعة بمعنى انتقال القوات الإسرائيلية إلى تنفيذ أهداف الخطة الكبرى ولكن كان من المحتمل أن يرتفع حجم الخسائر الإسرائيلية بسبب استعداد الجانب الآخر.

ومن وجهة النظر العسكرية اعتمدت الخطة الكبرى على أن تحتل القوات المحمولة جواً بعض المحاور الأساسية قبل السوريين ولكن إذا حدث الانتقال من الخطة الصغرى إلى الخطة الكبرى فإن انتشار القوات الإسرائيلية والفلسطينية على هذه المحاور الإستراتيجية سيتطلب تقدُم المدرعات الإسرائيلية عبْر الجليل على طرقات ضيقة ومتعرجة حيث تصبح المعارك أكثر صعوبة ودموية.

ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية كانت تفكر في أنه إذا استبعدت الخطة الكبرى وجرى تفضيل الأخرى عليها يصبح من الممكن تلافي النتائج المأسوية للحرب لكن، في الواقع سـارت الأمور على غير هذا النحو فخلال شهر فبراير1982 أوشكت الحرب أن تقع على الحدود الشمالية حيث كان الوضع متفجراًإذ كانت الدبابات وقوافل المشاة وشاحنات التموين تشق طريقها بشكل مكشوف وتنتشر في مواقع حساسة.

واستمر كل من بيجن وشارون وإيتان في الإعلان أمام الصحفيين:
إننا لن ندع الإرهابيين يضربوننا تحت غطاء وقف إطلاق النار وهكذا كان بيجن على اقتناع بأن الشكل الذي تضمن فيه إسرائيل أمنها مبرراً تماماً

وفي 12 فبرايراتصل سام لويس السفير الأمريكي بنائب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية حنان باراون وأبلغه أنه وفقاً للمعلومات المتاحة فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعِد العُدة لعملية وشيكة ويبدو أن هذا الأمر لا يأخذ في حسبانه المحادثات الأخـيرة مع فيليب حبيب التي كان هدفَها انفراج في الجو السياسي وحل قضايا المنطقة ومن ثم، الشروع في العمل.

ثم أعرب عن أمنيته أن تكون كل هذه المعلومات دون أساس وإلاّ فإن أزمة جديدة يمكن أن تقع في إطار العلاقات الإسرائيلية/لأمريكية ومن الفور أبلغ باراون رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الرسالة الصريحة وكان رد بيجن على السفير موجزاً:

"معلوماتكم ليس لها أي أساس نرجوكم عدم استخدام التهديدات ضدنا واتركونا نواصل الحوار كما ينبغي أن يكون.


وفي لقاء بين بيجن والسيناتور الأمريكي جـون جلين والسيناتور وليم كوهين
قال بيجن
في ما يختص بوقف الأعمال العسكرية اسمحوا لي أن أطلعكم على الخطوط الكبرى التي تم الاتفاق عليها بيني وبين فيليب حبيب إن وقف الأعمال العسكرية يفترض احترام النقاط التالية:
1. الامـتناع عن أي عمل عدائي فىالبحر والبر والجو ضد أهداف إسرائيلية ولا يقتصر فقط على أعمال التسلل من لبنان.

2. عدم توجيه أي نشاط عسكري ضد لبنان.

3. الامتناع عن أي عمل عدائي ضد المنطقة التي يسيطر عليها حداد (هذا البند غالباً ما انتهكه الفلسطينيون).

4. إن إسرائيل تعُدّ كل عمل إرهابي موجه ضد الإسرائيليين واليهود في العالم انتهاكاً للاتفاق المعقود (هذا البند أيضاً لم يُحترم إذ حدثت هجمات في فيينا وأثينا وروما وبرلين).

وأكّد بيجن أنه خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي، ألكسندر هيج اقترحتُ عليه صيغة حول أننا لن نتدخل، إلاّ للرد على "استفزاز كبير".



.........................................
يتبع.......

 
التعديل الأخير:
"معلوماتكم ليس لها أي أساس نرجوكم عدم استخدام التهديدات ضدنا واتركونا نواصل الحوار كما ينبغي أن يكون.

لاحول ولا قوة الا بالله .. صلف وعنجهية عجيبة .

. إن إسرائيل تعُدّ كل عمل إرهابي موجه ضد الإسرائيليين واليهود في العالم انتهاكاً للاتفاق المعقود

وما علاقة اليهود فى العالم .. تناقد غريب بين ان نفصل نحن بين اليهود فى العالم واسرائيل وبين ان يقول يهود العالم واسرائيل اننا واحد .
والكارثة ان الاعلام فى الدول العلابية والاسلامية يقول بفصل اليهود فى العالم مع اسرائيل .. وان العداء مع اسرائيل .!!!

ولا حول ولا قوة الا بالله .
 
الاجتياح
................
مقدمة
12fl9.jpg


بدأت إسرائيل تنفيذ مراحل الغزو مع تعديل مخططها الذي اشتمل على أربع مراحل ليصبح خمس مراحل لسير أعمال القتال التي بدأت في 4 يونيه 1982 واتسمت كل مرحلة بطابع عسكري مميز وكذلك طابع سياسي برز من خلال ردود فعل الأطراف المعنية بالأزمة على المستويين، الدولي والإقليمي.

كما ظهر، خلال القتال التعاون الواضح بين إسرائيل وقوات الكتائب وكان المتضرر الوحيد من هذه الحرب هو الشعب اللبناني الذي فقد الكثير من أبنائه ودُمّرت مدنه وقراه.

القصف الجوي (4/5 يونيه 1982)


بدأت القوات الإسرائيلية بتوجيه الهجمات الجوية في الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الرابع من يونيه ضد مناطق التجميع الفلسطينية ومواقع عناصر المقاومة وفي الصباح الباكر من اليوم التالي الخامس من يونيه بدأت الطائرات الإسرائيلية في قصف مواقع الفدائيين الفلسطينيين على امتداد وسط وجنوبي لبنان واستمرت الغارات حتى الساعة الثانية عشر والربع وهي تُعَدّ من أعنف الغارات التي شنتها القوات الإسرائيلية ضد لبنان منذ عام 1948.

وتمكنت وسائل الدفاع الجوي الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية من إسقاط طائرتين إسرائيليتين بينما كانت خسائر المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية حوالي 130 قتيلاً و250 جريحاً أمّا المصادر الإسرائيلية فتذكر أن عمليات القصف الجوي خلفت وراءها 150 قتيلاً من المدنيين والفلسطينيين وأعلنت الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين أن الطائرات الإسرائيلية المغيرة ألقت بقنابل عنقودية على منطقة عرمون مما أدى إلى زيادة حجم الخسائر الفلسطينية.


أعمال القتال يوم 6 يونيه
...

أ- الجانب الإسرائيلي

بدأ الغزو البري الإسرائيلي للجنوب اللبناني صباح يوم السادس من يونيه عندما اقتحمت القوات البرية الإسرائيلية جنوبي لبنان تحت ستارمن نيران القاذفات المقاتلة والزوارق البحرية وبمساندة من نيران دبابات ومدفعية القوات المهاجمة وقد تقدمت المفارز المدرعة والمشاة الآلية في السادسة من صباح يوم 6 يونيه عابرة حدود إسرائيل الشمالية في المنطقة التي تسيطر عليها الميليشيات المنفصلة عن الحكومة اللبنانية في الجنوب اللبناني والتي يقودها المنشق الرائد سعد حداد.

واخترقت القوات الإسرائيلية أثناء تقدمها مواقع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وسجل المراقبون الدوليون أن إسرائيل هي التي بدأت إطلاق النيران وهي التي اخترقت الحدود.

وفي الساعة الحادية عشرة قبل الظهر وعلى الرغم من صدور بتاريخ 5 يونيه 1982بإعلان الوقف الفوري لإطلاق النار في لبنان اخترقت الأراضي اللبنانية ثلاث ألوية إسرائيلية معززة بالدبابات وناقلات الجند من ستة محاور في القطـاعات الشرقي والأوسط والغربي على جبهة عرضـها 90 كم من شبعا شرقاً حتى صور غرباً وسط مقاومة عنيفة من القوات المشتركة (الفلسطينية والعناصر الوطنية اللبنانية).

وحاولت القوات الإسرائيلية الحـد من مقاومة هذه القوات بغارات جوية عنيفة وقصف مدفعي وصاروخي مستمر شمل معظم قرى الجنوب والطرق لشل الإمدادات ووصلت حتى شاطئ الدامور والرميلة ومصفاة الزهراني الذي اندلعت فيها النيران وتركز القتال مع القوات المشتركة في محيط مدينة صور لمنع تطويقها مع تنفيذ عمليات إنزال بحري إسرائيلي في رأس العين والبرج الشمالي والقاسمية.

وتقدمت القوات الإسرائيلية على المحاور التالية:
(1) محور الرشيدية ـ صور (2) محور عباسية ـ معشوق (3) محور جسر القاسمية.

(4) محور القعقعية ـ النبطية حيث قُسِّم إلى محورين فرعيين: الأول شرق النبطية والآخر غربها/(5) محور الخردلي ـ سهل الباروك.


كما ذكر مراسل الإذاعة الإسرائيلية أنه في تمام الساعة السابعة وخمس وأربعين دقيقة واصلت القوات الإسرائيلية قصفها براً وبحراً لمدينة صور وأنها نجحت في تنفيذ عمليات إنزال بحري في بلدتَي عدلون والأنصارية وفي الساعة التاسعة والثلث (سعت 2120) مساء يوم 6 يونيه كثفت القوات الإسرائيلية هجماتها على محاور القتال الستة تحت دعم من نـيران المدفعية والصواريخ وإسناد جوي من الطائرات المقاتلة والطائرات العمودية الهجومية المزودة بالصواريخ ونجحت القوات الإسرائيلية في حوالي الساعة العاشرة مساء (سعت 2200) من تنفيذ إنزال جوي بين الشواكير والرشيدية.

ب- القوات المشتركة اللبنانية والفلسطينية

صمدت القوات المشتركة للهجوم الإسرائيلي الشامل وقاتلت بضراوة على كل المحاور مما أدى إلى إعاقة تقدم القوات الإسرائيلية وأوقع في صفوفها العديد من الخسائر أُسقطت لها طائرتَي سكاي هوك وطائرتين عموديتين وأعلنت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) في بيروت أن المقاومة دمرت ثلاث دبابات إسرائيلية بين الرشيدية ورأس العين في الساعة الثانية والربع.

كما دمرت سبع دبابات أخرى وناقلة جند على محور البرج الشمالي وذكرت وفا أنه في الساعة الثالثة والثلث (سعت 1520) بعد ظهر يوم 6 يونيه شددت القوات الإسرائيلية هجماتها المدرعـة، تعززها الطائرات المقاتلة على جميع المحاور كما أتمت عمـلية إنزال بحري ناجح في منطقة الزهراني حاولت القوات الإسرائيلية على محور الخردلي في اتجاه دمشقية، تطويق مدينة النبطية.

واستطاعت قوات المقاومـة إسقاط طائرة عمودية فوق النبطية وفي الساعة الخامسة (سعت 1700) بعد ظهر يوم 6 يونيه أذاعت وكالة "وفـا" تدمير 12 دبابة و18 آلية مدرعة على كل محاور القتال إضافة إلى 11 دبابة كان قد دُمرت في الساعات السابقة وأكدت "وفا" أن المقاومة أحبطت هجمات الإسرائيليين على جسر القاسمية وصور والرشيدية والنبطية والبرج الشـمالي.

العمليات النفسية الإسرائيلية ضد سكّان الجنوب

شنّ الجيش الإسرائيلي عمليات نفسية منذ اليوم الأول للقتال فأصدر عدة بيانات إلى سكان الجنوب بثتها الإذاعة الإسرائيلية جاء فيها:

البيان الأول:

"إن جيش الاحتلال الإسرائيلي اضطُر إلى دخول جنوب لبنان كي يزيل الكابوس الذي يُخيّم على السكان ويعيد الأمن والطمأنينة إلى ما كانا عليه في السابق إن هدف جيش الاحتلال الإسرائيلي هو القضاء على أوكار المخربين فقط مع بذل كل الجهود لعدم تعرض المواطنين العزّل لأي أذى ومن أجل مصلحتكم والمحافظة على سلامتكم التزموا الهدوء والسكينة

البيان الثاني:
"لضمان سلامتكم وسلامة أقربائكم والحفاظ على أرواحكم وممتلكاتكم اتبعوا بدقة ما يلي/ امنعوا العناصر المسلحة من استعمال أحيائكم وبيوتكم، مراكزاً لإدارة قتال عديم الجدوى /لازموا دوركم ولا تغادروها /علقوا على الشرفات قطعة من القماش الأبيض لكي يمكن رؤيتها وتميزها من بُعْد

البيان الثالث:
"حاولوا إقناع المخربين الموجودين في منطقتكم بالتخلي عن أسلحتهم في أقرب وقت ممكن وعدم الاختباء وراء ظهوركم /امنعوهم من أن يكونوا السبب في إزهاق أرواحكم وأرواح أبنائكم وأقربائكم الأبرياء /الرجاء عدم مغادرة بيوتكم أو قراكم لأن الطرق معرضة للقصف".

وحتى الساعة الثانية عشرة والثلث (سعت 1230) بعد ظهر السادس من يونيه استمر القتال بين القوات المشتركة والقوات الإسرائيلية في مدينة صور وضواحيها وفي هضبة النبطية وداخل شوارعها ونتج من ذلك تدمير عدد من الدبابات الإسرائيلية.
..................

أعمال القتال يوم 7 يونيه واحتلال الجنوب

وفي يوم 7 يونيه أغارت الطائرات الإسرائيلية على بيروت مُركِّزة قصفها على جامعة بيروت العربية واصطدمت الطائرات المغيرة بطائرات سورية مقاتلة اشتبكت معها وأسفر القتال الجوي عن سقوط طائرة سورية تحطمت في أحراج العربانية كما أغار الطيران الإسرائيلي ليلاً على العاصمة اللبنانية وأُغلق مطار بيروت الدولي.

وفي إطار العمليات البرية شارك الجيش اللبناني فـي التصدي لهجوم القوات الإسرائيلية على محـور (بيصور ـ عين المير) في قضاء جزين كما أعاقت تقدمها في منطقة كفرفالوس ونتج من ذلك جرح 3 عسكريين من الجيش اللبناني

كما نفّذت القوات الإسرائيلية أضخم عملية إنزال بحري في تاريخها حين أُنزلت أعداد كبيرة من الدبابات في نقاط حاكمة على الطريق الساحلية خاصة في منطقة صور ـ جسر الأولي شمال صيدا ـ الرميلة.

وساند عملية الإنزال بعدد أربعة أسرابF-15،F-16 إضافة إلى عشرات الطائرات العمودية الهجومية مع تنفيذ عمليات إبرار جوي كما قصف الطيران الإسرائيلي المنطقة الممتدة من صيدا والدامور قصفاً كثيفاً.

واتضح من أعمال قتال هذا اليوم أن القوات الإسرائيلية كعادتها تحاول سبق الزمن إذ تقوم باندفاعات سريعة بالدبابات على بعض الطرق يصاحبها إنزالات بحرية مختلفة بالدبابات في محاولة للإيهام باحتلال مساحات واسعة من الأراضي بينما كانت الحقيقة أن العديد من المواقع لا تزال تقاتل ببسالة في مخيم البرج الشمالي ومخيمَي الرشيدية والبص بالقرب من مدينة صور.

وكذلك كان الحال في مدينة صور نفسها والنبطية والتلال المحيطة بها في مرتفعات علي الطاهر والشقيف وإقليم التفاح وحاصبيا والحاصباني وغيرها على امتداد عمق الجبهة وكان الجانب الإسرائيلي قد تكبد ما يقرب من 400 قتيل وجريح ودُمِّر له نحو خمسين دبابة و40 ناقلة جند إضافة إلى إسقاط خمس طائرات مقاتلة وعمودية.

أعمال القتال على المحاور المختلفة بعد ظهر يوم 7 يونيه

بعد ظهر يوم 7 يونيه دارت معركة عنيفة مع القوات الإسرائيلية المتقدمة في اتجاه الجيَّة من منطقة جسر الأولي وعندما حاولت العناصر الآلية الإسرائيلية التي تم إنزالها في منطقة جسر الأولي التقدم في اتجاه الجيَّة واشتبكت القوات المشتركة معها ودمرت لها ثلاثاً من آلياتها المدرعة كما نجحت عناصر الدفاع الجوي في تدمير طائرة عمودية تحمل آلية مدرعة أثناء محاولة إنزالها أمام القلعة البحرية في مدينة صيدا فضلاً عن فشل المحاولات الإسرائيلية لإنزال آليات برمائية في منطقة الاستراحة في صوروإجبارها على الانسحاب حتى منطقة رأس العين.

وفي القطاع الأوسط/ استمرت محاولات القوات الإسرائيلية للسيطرة على مخيم البرج الشمالي من خلال أربع هجمات متتالية بقوة كتيبة مشاة آلية ولكنها لم تحقق سوى نجاحات طفيفة.

وفي منطقة الزهراني/ تمكنت القوات الإسرائيلية في مساء يوم 7 يونيه من إنزال قوات محمولة جواً ومعها بعض الآليات وبمعاونة الطائرات العمودية المسلحة بالصواريخ وتقدمت القوة إلي مثلث الزهراني ثم في اتجاه الغازيَّة ونجحت القوات المشتركة في إيقاف اندفاع القوات الإسرائيلية على محور زحلة ـ ميماس وردتها على أعقابها.

وفي المحور الساحلي/ ومنذ الساعة الثامنة مساء (سعت 2000) حاولت القوات الإسرائيلية التقدم إلي صيدا حيث نجحت القوات المشتركة في إيقاف تقدمها عند رأس السعدياتوفي صور اسـتمر القتال بشدة على أطراف المدينة وقامت القوات الإسرائيلية بأربعة محاولات للتقدم تجاهها حيث تمكنت القوات المشتركة من صدّها ودمرت تسع دبابات.

سقوط قلعة الشقيف

يقول المقدم زوف قائد الحملة الإسرائيلية التي احتلت قلعة الشقيف:
لقد تلقيت أمراً من قائد اللواء الجنرال يكوتئيل آدام في حوالي الخامسة (سعت 1700) من مساء يوم الأحد 7 يونيه بمهاجمة قلعة الشقيف وتطهيرها من القوات الفلسطينية المتمركزة فيها وأُبلغتُ بأن عليّ أن استوليّ على الحصن من أيدي الفلسطينيين المرابطين فيه وكان تحت قيادتي 9 دبابات و17 ناقلة جند مدرعة وفي الساعة السابعة والنصف (سعت 1930) كنت مع قواتي على بعد عشرات الأمتار فقط من الحصن دون أن نواجه أي مقاومة ونزل العديد من الجنود من مدرعاتهم واقتربوا مني وبينما كنت أرد على استفسارات الجنود استعداداً لاقتحام الحصن فُتحت علينا النيران من كل جانب لقد أمطرونا بالقذائف الصاروخية والبازوكا وتعالى الصراخ والصياح بين الجنود لقد قُتل في الحال جميع الجنود الذين كانوا خارج دباباتهم ومدرعاتهم وأخذت أصرخ بالجنود للتقهقر إلى الخلف لإعادة التنظيم والانتشار لم يكن هناك أي مجال للنجاة لقد وقعنا في المصيدة. استمر تبادل إطلاق النيران بيننا وبينهم حتى العاشرة ليلاً (سعت 2200) وفي تلك الأثناء وصلتنا تعزيزات كبيرة وتم إخلاء القتلى والجرحى، ولم يبقَ من قواتي (90 جندياً، 7 ضباط) سوى سبعة جنود فقط كما دُمِّرت الدبابات والآليات المدرعة كان عدد الفلسطينيين 33 فرداً من قوات فتح ولم نأسر أي فرد منهم لأنهم قاتلوا حتى الموت ولم يستسلم أحد لقد دهشت من ضراوة مقاومة هؤلاء الفلسطينيين إننا لم نحسن تقدير قوتهم الحقيقية

الموقف العسكري في نهاية يوم 7 يونيه

في القطاع الأوسط/ وصلت القوات الإسرائيلية إلى صرفند على مسافة 15 كم شـمال شرق النبطية وبذلك أصبحت لا تبعد أكثر من ثلاثة كيلومترات عن عيشية حيث توجد عناصر متقدمة سورية تعمل كمفارز للقوات السورية.

في القطاع الشرقي/ وصلت القوات الإسرائيلية إلى بلدة كاليا على مسافة 25 كم شمال الجليل (أصبع) وخمس كيلومترات شمال غرب حسبية وهي آخر موقع للسوريين في الطرف الجنوبي لسهل البقاع كما سقطت مدينة حاصبيا في أيدي القوات الإسرائيلية.

وعلى الساحل/ تقدمت القوات الإسرائيلية حتى صارت في اتجاه الجسر القديم على نهر الأولى شمال مدينة صيدا.

بعد 7 يونيه 1982 وضح أن أهداف الحرب أصبحت لا تقتصر على إبعاد نيران الفلسطينيين عن مستعمرات الشمال بل تجاوزته إلى:
إخلاء الجنوب اللبناني من الفلسطينيين.
تدمير بِنية منظمة التحرير الفلسطينية العسكرية في كل أنحاء لبنان.
إخراج القوات الأجنبية وتحديداً السورية من لبنان.
إيجاد نظام سياسي جديد، أكثر مرونة، في لبنان.

أعمال القتال يوم 8 يونيه واحتلال الشوف وقطع طريق بيروت/ دمشق

تمكنت القوات الإسرائيلية قبل ظهر يوم 8 يونيه من احتلال منطقة الشوف الأعـلى وتقدمت على محورين حيث تمكنت من احتلال مرج بعقلينوالمختارة وبيت الدين والمعاصر وكفرينرخ وبتلون ومزرعة الشوف ووصلت إلى الباروك ثم استطاعت اجتياح الشوف الأعلى.

واستمرت العمليات العسكرية على ساحل الشوف من خلدة حتى السعديات التي أنزل فيها الإسرائيليون وحدات من رجال الكوماندوز معززة بالآليات وتعرض الإسرائيليون في هذه الأماكن لهجمات عدة، شنتها القوات المشتركة الأمر الذي دفعهم إلى الاستعانة بالطائرات والزوارق التي قصفت المنطقة الساحلية كما حدثت عدة اشتباكات بين الطائرات السورية والطائرات الإسرائيلية سقط فيها عدد من طائرات الطرفين داخل الأراضي اللبنانية.

وخلال الليل قامت إسرائيل بعملية إنزال بحري على مشارف الدامور أمّا بالنسبة إلى مدينة صور فقد أعلن تيمور جوكسيل المتحدث باسم قوة الطوارئ الدولية في لبنان
صور تحترق وأنها خلت من سكانها بعد أن أحكم الإسرائيليون سيطرتهم عليها وأضاف أنه يوجد عدد قليل من الوحدات الإسرائيلية في هذه المدينة تركها الجيش الإسرائيلي خلفه قبل أن يتجه نحو صيدا والدامور


وفي صيدا تمكن الإسرائيليون من تطويق المدينة وعزلها عن بقية المناطق ودارت عدة اشتباكات داخل المدينة وحول تلالها وتمكنت القوات الفلسطينية من صد هجوم إسرائيلي على مخيم عين الحلوة على مشارف صيدا وفي جبل الشوف جنوب شرق بيروت توغلت المدرعات الإسرائيلية في حركة دائرية نحو منطقة إقليم الخروب والدامورحيث تحتشد القوات الفلسطينية والمتقدمة على مسافة 17 كم جنوب بيروت على الساحل.

كما قصفت المدفعية الإسرائيلية القرى اللبنانية شرق الطريق ولا سيما المختارة وبيت الدين وكان هذا الزحف الإسرائيلي في جبل الشوف يهدف إلى تطويق منطقة الدامور من جهتَي الجبل والبحر إذ ترابط قوات إسرائيلية أخرى على الساحل من صيدا إلى السعديات (21 كم جنوب بيروتعلى مسافة 5 كم من الدامور).

وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية
"أن القـوات السورية في منطقة جزين، في القطاع المتقدم لقوة الردع العربية ـ وسط الجنوب اللبناني ـ تقهقرت صوب بلدة مشغرة، عند مدخل وادي البقاع، التي تبعد عشرة كم شرقي جزين وكانت جزين 35 كم شرق صيدا قد تعرضت لقصف المدرعات الإسرائيلية التي تقدمت من منطقة صيدا صوبها حيث جرت الاشتباكات الجوية والبرية بينها وبين القوات السورية

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية
إن الجنود السوريين الذين كانـوا يدافعون عن جزين انسحبوا بعد قصف جوي مكثف دام أكثر من ساعة إلى سهل البقاع وجبل الشوف وإن الإسرائيليين وصلوا إلى مشارف المدينة ثم مروا بطريق الجبل المؤدي إلى إقليم الخروب حيث ترابط حشود ضخمة من القوات الفلسطينية واللبنانية المشتركة

أمّا المتحدث العسكري السوري فقد ذكر
أن القوات السورية المرابطة في بلدة جزين والمناطق المحيطة بها قد اشتبكت في معارك عنيفة مع القوات الإسرائيلية الموجودة في موقعين شمالي غربها وجنوبي غربها في بلدة روم على مسافة 6 كم من جزين وأعلن المتحدث عن وقوع معركة جوية فوق جزين حيث تصدت وسـائل الدفاع الجوي السوري للمقاتلات الإسرائيلية المهاجمة في جزين وأسقطت إحداها غربي البلدة وتدخـل الطيران السوري لمنع المقاتلات الإسرائيلية من قصف هذه المناطق وقد أُسقطت طائرة إسرائيلية وأُصيبت طائرتان سوريتان

وفي بلدة كترمايا ـ الشوف سقط مائة ضحية لبنانية بين قتيل وجريح، من المدنيين حيث وقعت مجزرة رهيبة نتيجة إغارة الطائرات الإسرائيلية على جامع كترمايا والحي السكني المحيط به حين كان أهالي البلدة مجتمعين في الجامع لتأدية واجب العزاء ولم يتمكن أحد من إنقاذ من بقي حياً تحت أنقاض المنازل المهدمة بسبب استمرار الغارة الإسرائيلية لمدة ساعتين متواصلتين.

واعترفت البيانات العسكرية الإسرائيلية بمصرع 25 جندياً إسرائيلياً وجرح 96 آخرين وأسر جندي واحـد في الوقت الذي أصبحت فيه صور وصيدا والدامور والطرق التي تربط الدامور بالشوف وصيدا ببيروت وصور بصيدا وأطراف خلدة والناعمة متفرقة ومتباعدة لقطع أوصال مناطق الجنوب اللبناني بعضها عن بعض.

وبنهاية هذه المرحلة أصبح معظم الجنوب اللبناني في أيدي القوات الإسرائيلية وسقطت الدامور أهم معقل للمقاومة الفلسطينية كما دفعت إسرائيل بنحو 15 ألف جندي إضافي إلى الجبهة من أجل تطوير الهجوم.
.......................................

المواجهة السورية / الإسرائيلية

14ge5.jpg

أخذت المواجهة السورية / الإسرائيلية التي ظهرت بوادرها بعد اجتياح الشوف الأعلى بُعداً جديداً زاد من احتمال تفجّر الموقف حين قصفت إسرائيل بطاريات الصواريخ السورية (سام ـ 6) في سهل البقاع بعد معركة جوية عنيفة وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن 22 طائرة سورية قد أُسقطت.

واستطاعت إسرائيل من خلال معلومات استطلاع دقيقة واستخدام تكنولوجيا متقدمة حصلت عليها من الولايات المتحدة تدمير بطاريات الصواريخ السورية في سهل البقاع وبعد سلسلة من التجارب تمكنت من تنفيذ هذه العملية على مرحلتين:


أ- عملية الاستطلاع (6 ـ 8 يونيه)


أعدت القوات الإسرائيلية نفسها خلال هذه المرحـلة لمهاجمة قواعد وبطاريات الصواريخ (أرض/جو) السورية في سهل البقاع بعد أن تمكنت من الحصول على جميع البيانات الإلكترونية والرادارية السورية باستخدام كافة وسائل الاستطلاع المتيسرة لديها من طائرات الاستطلاع الموجهة بدون طياروطائرات الاسـتطلاع الإلكتروني (E2C) والطائراتBoing 707.

وتم خلال هذه المرحلة تحديد الترددات الرئيسية والتبادلية والمواقع الرئيسية والتبادلية وكذا جميع أنواع الرادارات المستخدمة في كل بطارية صواريخ وفي الوقت نفسه نفذت عملية إبرار جوي في منطقة مرتفعات الباروك بقوة سرية مشاة مدعمة تطل على منطقة انتشار الصواريخ السورية بسهل البقاع.

ب- عملية التدمير (9 ـ 10 يونيه)
15fi6.jpg


وجهت القوات الجوية الإسرائيلية خلال هذه المرحلة ضربة جوية منفصلة إلى مواقع الصواريخ السورية في سهل البقاع يوم 9 يونيه 1982 بالتسلسل التالي:

(1) أعاقت طائرات الاستطلاع والإعاقة الإلكترونية البوينج (707 ) الشبكات اللاسلكية للإنذار والمراقبة بالنظر.

(2) استطلعت الطائرة (E2C) مواقع الصواريخ السورية والقوات الجوية السورية واستخدمت في السيطرة على أعمال قتال القوات الجوية الإسرائيلية عند تنفيذها الضربة الجوية.

(3) حلقت طائرات المشاغلة شوكار بعد تركيب عواكس رادارية بها على الحد البعيد لمناطق تدمير بطاريات الصواريخ وأدى هذا الإجراء إلى تشغيل القوات السورية رادارات الإنذار وقيادة النيران للتفتيش والاشتباك مع هذه الأهداف.

(4) بعد التأكد من طريق طائرات الاستطلاع الإلكتروني وطائرات القيادة والسيطرة من أماكن مواقع الصواريخ السورية وتحديد توزيعها بدقة، أُطلقت الصواريخ الموجهة ضد الرادارات وفي الوقت نفسه تم قصف بطاريات صواريخ أرض/جو (سام SAM) بواسطة المدفعية والصواريخ من أعلى جبل الباروك.

(5) بعد إتمام عملية القصف بالصواريخ الموجهة ضد الرادارات السورية وتحت ستر أعمال الإعاقة الإلكترونية الإيجابية من طائرات الإعاقة أو المصادر الأرضية وجهت المجموعة الضاربة من الطائرات الإسرائيلية ضربات جوية إلى مواقـع بطاريات الصواريخ السورية بمعدل طائرتين إلى 4 طائرات لكل بطارية لاستكمال تدميرها بواسطة القنابل التقليدية والصواريخ الموجهة جو/أرض مع الاسترشاد بنتائج آخر استطلاع إلكتروني للطائرات الموجهة بدون طيار. وتمكن الطيران الإسرائيلي، خلال هذه العملية من تدمير 18 ـ 19 بطارية صواريخ أرض/جو.

(6) وفي ضوء رد الفعل السوري الذي دفع نحو 80 طائرة لصدّ الهجمات الجوية الإسرائيلية على مواقع الصواريخ تعامل الجانب الإسرائيلي معها من خلال كمائن مدبرة من طائرات F-15 ، وF-16 تطير على ارتفاعات منخفضة مع استخدام طائرة الإنذار المبكر والقيادة والسيطرة (E2C) في كشف وتحديد أعداد الطائرات المهاجمة ونوعيتها كما استُخدامت طائرات Boing 707 في أعمال الإعاقة اللاسلكية والرادارية على شبكات التوجيه السورية.

(7) واستغلت الطائرات الإسرائيلية F-15 ، وF-16 قدراتها في الاشتباك بالصواريخ جو/جو مع الطائرات السورية من نوع Mig-23 من خارج مدى رمي صواريخ الطائرات السورية واستطاعت تدمير 36 طائرة سورية خلال هذه المعركة.

(8) أعادت القوات الإسرائيلية الهجمة الجوية على بطاريات الصواريخ السورية بعد 40 دقيقة من الهجمة الأولى لإحداث أكبر قدر من الخسائر كما كررت هجومها يوم 10يونيه فدمرت 4 بطاريات SAM-6 وفي الواقع اتسمت هذه العملية بالاستخدام واسع النطاق للمعدات الإلكترونية الحديثة


استمرار العمليات البرية يوم 9 يونيه


استمرت العمليات الإسرائيلية في الشوفَين الأعلى والأوسط والساحل الممتد من خلدة إلى السعديات مروراً بالدامور وفي الجنوب والبقاع الغربي.

في الشوف الأعلى/ توقف التقدم الإسرائيلي عند مشارف عين زحلـتا بعد يوم من التراشق المدفعي مع الدبابات السورية المتمركزة في منطقة المديرج ومحاور طريق بيروت ـ دمشق وأدخلت إلى المنطقة أرتال جديدة من الآليات الإسرائيلية انتشرت في القرى المحيطةكما تقدم الإسرائيليون نحو الشوف الأوسط من محورين ووصلوا إلى شحيم ومشارف كفرحيم .

أمّا على المحور الساحلي/ فقد كثفت إسرائيل عملياتها البرية والبحرية والجوية وتمكنت من احتلال الداموركما نفذت القوات الإسرائيلية عمليات إبرار بحري في منطقة خلدة حيث اشـتبكت في معركة ضارية مع القوات الفلسـطينية التي تمكنت من تدمير 7 دبابات والاسـتيلاء على ناقلتَي جند إسرائيليتين واضطرت القوات الإسرائيلية بعد هذه المعركة إلى تجميع قواتها في اتجاه تلال الدوحة.

وكانت إسرائيل تهدف من وراء ذلك إلى غلق كل المنافذ من بيروت وإليها، استعداداً لحصارها وأعلنت إذاعة إسرائيل أن جميع الزعماء والمسؤولين الفلسطينيين بمن فيهم ياسر عرفات أصبحوا محاصرين في بيروت.

وفي الجنوب/ استمر القتال حول مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا ولم تتمكن القوات الإسرائيلية من دخوله لكنها أحكمت الحصار حول المدينة من جميع الجهات.

وفي القطاع الشرقي/ تقدم الإسرائيليون في اتجاه عين عطا في البقاع الغربي ودارت ليلاً معارك بالدبابات والآليات المدرعة على محور برج الزهور واضطرت القوات السورية إلى نسف نقطتَي عبور لمنع تقدم القوات الإسرائيلية في اتجاه البقاع الغربي.

وفي إطار شن الحرب النفسية تابعت الإذاعة الإسرائيلية بث بيانات قيادة الجيش الإسرائيلي إلى المدنيين والمقاتلين بهدف القضاء على معنوياتهم وجاء في بيان موجه إلى مدينة صيدا
"لقد استجاب إخوانكم سكان صور لنداء جيش الاحتلال الإسرائيلي فأخلوا مدينتهم ليتركوا المجال مفتوحاً أمـام قواتنا لتطهير المدينة يا سكان صـيدا من أجل مصلحتكم وللمحافظة على سلامتكم غادروا منطقة الخطر على جناح السرعة وسيتيح لكم جيش الاحتلال الإسرائيلي إمكان العودة إلى منازلكم بأمن وكرامة في أقرب وقت".
.................................
يتبع...
 
التعديل الأخير:

أعمال القتال يوم 10 يونيه/ تدفق الإمدادات الإسرائيلية
....
الموقف العسكري على المحاور المختلفة

دخل الغزو الإسرائيلي للبنان يومه السابع واتسعت رقعة انتشاره فأصبح يواجه مزيداً من المقاومة ووقع بين القوات الإسرائيلية والقوات السورية والقوات المشتركة عدة معارك على محور البقاع الغربي والشوفَين الأعلى والأوسط فيما فشلت محاولات عديدة للإنزال على شاطئ خلدة مما جعل الإسرائيليين يكثفون غاراتهم الجوية وقصفهم البحري والبري في بيروت والجبل والبقاع كما استمرت المقاومة في الجـنوب خاصة حول مخيمَي عين الحلوة والميومية.

وفي ضوء هذه المقاومة دفعت القوات الإسرائيلية بإمدادات جديدة شملت نحو 330 دبابة و280مركبة مدرعة وأعداد كبيرة من المدفعية والهاونات ويمكن تحديد الموقف على المحاور المختلفة كالآتي:

في بيروت/ قصف الطيران الإسرائيلي منذ الصباح أحياء المنطقة الغربية من العاصمة وضاحيتها الجنوبية كما قصف المدينة الرياضية ومنطقة الفاكهاني ومخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة ومحيط مطار بيروت وصحراء الشويفات / خلدة وأدى هذا القصف إلى وقوع أعداد كبيرة من القتلى والجرحى بين المدنيين.

وعلى الطريق الساحلي/ أُحبطت محاولات إنزال إسرائيلية في خلدة وللمرة الثانيـة مما جعل الإسرائيليين يقصفون بعنف الخط الساحلي حتى الناعمة وعرمون والدوحة والدامور.

وفي الشوف الأعلى/ تبودل القصف المدفعي بين القوات الإسرائيلية في منطقة الباروك والقوات السورية، في المديرج على طريق بيروت ـ دمشق الدولي شمل عدة قرى في الشوف، والمتنَين الأعلى والشمالي وتخلل القصف معارك جوية وقصف الإسرائيليون جسر المديرج بعد قتال ضد المدرعات السورية المنتشرة حتى ضهر البيدر وعلى التلال المشرفة على منطقتَي الشوف وعاليه.

وفي الشوف الأوسط/ أحبطت القوات المشتركة محاولة تقدم القوات الإسرائيلية من كفرمتى في اتجاه قبرشمون في قضاء عاليه ودار قتال عنيف سقط فيه عدد من القتلى والجرحى من الجانبين وحاولت القوات الإسرائيلية تحقيق الاتصال بين مواقعها في المنطقة ومواقعها على الساحل لكنها لم تنجح في ذلك.

وفي البقاع/ أغارت الطائرات الإسرائيلية على طريق بعلبك ـ حمص وقذفت بصواريخها قافلة من السيارات المدنية كانت متوجهة إلى الأراضي السورية فسـقط 60 قتيلاً و200 جريح معظمهم نازحون من مناطق القتال.

المنطقة الغربية من بيروت/ تمكن الجيش اللبناني من تعزيز مواقـعه في المنطقة الغربية من بيروت وضاحيتها الجنوبية وأُرسلت وحدات مدرعة إلى الحمام العسكري وثكنة هنري شهاب ومطار بيروت ومحلة المتحف مقر قيادة منطقة بيروت العسكرية وأُعطيت هذه الوحدات أوامر بالتصدي للقوات الإسرائيلية الغازية.
...............

البيانات العسكرية للأطراف المختلفة

في إسرائيل أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون في حديث إلى الإذاعـة الإسرائيلية
أن الحشود الإسرائيلية الضخمة في الجولان تستهدف إقناع القيادة السورية بأنه ما من فرصة أمامها لخوض حرب ضد إسرائيل بأمل إحراز نصروأوضح أنه منذ اللحظة التي بدأنا فيها تخطيط العملية وضعنا أمام أعيننا بذل كل جهد من أجل عدم الدخول في حرب ضد سورية كما أنه ليس للسوريين سبب للتورط في حرب لا شأن لهم بها وأن إسرائيل لا تريد شن حرب ضد سورية ولكن يتعين على سورية عدم عرقلة عملياتنا الخاصة بالقضاء على فاعلية العمليات الفلسطينية في لبنان كما أعلنت إسرائيل أن خسائرها بلغت في ذلك اليوم 100 قتيل و600 جريح
.


وفي لبنان/ أعلنت جمعية الهلال الأحمر أن حصيلة العدوان الإسرائيلي وحتى يوم 10 يونيه 1982 فاقت أكثر من عشرة آلاف شهيد وجريح من المدنيين نساءً وشيوخاً وأطفالاً أما الإسرائيليون فقد أعلنوا أنّ خسائرهم منذ بداية الغزو 68 قتيلاً و420 جرحى و8 مفقودين.

وفي سورية/ أعلن متحدث عسكري سوري بأن القوات السورية خسرت في قتالها ضد إسرائيل 194 قتيلاً و314 جريحاً و83 دبابة وعدداً من بطاريات الصواريخ والطائرات المقاتلة والعمودية.

الموقف الإسرائيلي بعد انتهاء الأسبوع الأول من القتال

مع انتهاء الأسبوع الأول من العملية العسكرية الإسرائيلية كان يمكن ملاحظة المؤشرات التالية:
أ. دفعت إسرائيل إلى هذه العملية أعداداً ضخمة من القوات البرية والجوية والبحرية بلغت نسبتها إلى أعداد المقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين 1:8 في بداية القتال 1:12 أثناء القتال.

ب. ركّزت إسرائيل جهودها الرئيسية في الشريط الساحلي في الأيام الأولى بهدف الوصول إلى أقرب نقطة تمركز من العاصمة اللبنانية.

ج. تعمدت الحكومة الإسرائيلية التعتيم على أهداف العملية الحقيقية مما أربك الوضع الدولي والعربي إضافة إلى بعض أعضاء الحكومة أنفسهم.

د. لم يقدم رئيس الحكومة ووزير الدفاع تقييماً صحيحاً في شأن حجم العملية وأهدافها وعلى الرغم من وصول القوات الإسرائيلية إلى مشارف بيروت إلا أنها كانت لا تزال تخوض المعارك.

هـ. على الرغم من التفهم الأمريكي التام لدوافع العملية العسكرية في لبنان والدعم المطلق لها فإن تبايناً بدأ يظهر بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية في ما يتعلق بكيفية التسوية السياسية

وقف إطلاق النيران /يوم الجمعة 11 يونيه

بينما كانت إذاعة إسرائيل تعلن في الثانية فجراً أن وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ على كل جبهات لبنان استمرت الطائرات الإسرائيلية في قصف كل من بيروت والجبل والبقاع كما شاركت القطع البحرية الإسرائيلية في قصف الأماكن الساحلية خاصة بعد فشل محاولة جديدة للإنزال البحري في منطقة الأوزاعي.

وأكّدت بعض المصادر الصحفية أن حجم القوات الإسرائيلية في لبنان وصل بنهاية يوم 11 يونيه، إلى نحو 100 ألف جندي
وأعلنت دمشق الموافقة على وقف إطلاق النارعلى أساس الانسحاب الإسرائيلي الشامل من الأراضي اللبنانية أما منظمة التحرير الفلسطينية فقد حددت موقفها برسالة بعثت بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، السيد خافيير بيريز دي كويلار مؤكدة التزامها بوقف إطلاق النار في ضوء قرارَي مجلس الأمن رقمي 508 ، 509 أما البرقيتان الرقمان 386، 387 في 12 يونيه فهما يوضحان موقف لبنان تجاه وقف إطلاق النار.

الموقف العسكري على المحاور المختلفة

المحور الساحلي/ لم يتوقف إطلاق النار على المحور الساحلي إذ استمرت المعارك عنيفة على الخط الممتد من الأوزاعي وخلدة وبرج البراجنة والشويفات وخط سوق الغرب ـ عاليه وحاولت إسرائيل تنفيذ عملية إبرار بحري في منطقة خلدة ولكن "القوات المشتركة" وحركة "أمل" تمكنتا من صدّها مما أدى إلى لجوء إسرائيل إلى القصف البحري والجوي المركز ضد هذه المنطقة.

وفي الدامور/ تمكنت المقاومة الفلسطينية من قتل الجنرال يكوتئيل آدام ومرافقيه أثناء اجتماعهم في الدامور ويكوتئيل هو الرجل الثاني في رئاسة الأركان الإسرائيلية وبعد مقتل الجنرال آدام أخذ الإسرائيليون ينتقمون من الدامور ويهدمونها تهديماً بواسطة الطيران الإسرائيلي أمّا المنازل التي بقيت في أعقاب القصف الجوي المكثف فقد هدمتها الجرافات الضخمة (البلدوزرات).

وفي صيدا/ في الجنوب اللبناني أوردت تقارير أولية للصليب الأحمر اللبنانى أن ثمة ألف قتيل على الأقل وثلاثة آلاف جريح في صيدا. وأن الوضع أصبح مأسوياً في المدينة بسبب نقص الغذاء والماء والمواد الطبية وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن عدد النازحين في جزين يُقدر بنحو 200 ألف شخص معظمهم من سكان صيدا الذين هجروها نتيجة للقصف الإسرائيلي العشوائي
وفي بيروت قصفت القوات الإسرائيلية أحياءها مما أدى إلى إصابات عديدة بين المدنيين.

الخسائر الإسرائيلية في نهاية يوم 11 يونيه

ذكر الناطق العسـكري الإسرائيلي

أن 23 جندياً إسرائيلياً قُتلوا و240 جرحوا، و11 فقدوا في معارك يومَي الخميس والجمعة 10 و 11يونيه 1982. وبذلك ترتفع الخسائروفق البيانات الإسرائيلية إلى 91 قتيلاً و660 جريحاً و19 مفقوداً منذ بدء الغزو الإسرائيلي للبنان
..........................

أعمال القتال يوم 12 يونيه

في اليوم التاسع للاجتياح الإسرائيلي للبنان أعلنت إسرائيل قبول وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية في بيروت ابتداء من التاسعة ليلاً (سعت 2100) مشددة على أن ذلك لا يعني إجراء مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية وصدر هذا الإعلان نتيجة لتحركات دبلوماسية سوفيتية للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية.

وكذلك نتيجة للدور السياسي الذي مارسته المملكة العربية السعودية مع الجانب الأمريكي حيث تم الاتصال بين وليّ العهد السعودي الأمير فهد بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي رونالد ريجان كذلك تمت اتصالات عدة بين ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وبعض المسؤولين السعوديين وأعلنت القوات المشتركة موافقتها على وقف إطلاق النار.

وبالفعل ساد الهدوء فجأة جبهات القتال في بيروت والضاحية الجنوبية والساحل الممتد من الأوزاعي حتى خلدة صعوداً إلى منطقة عالية وكالعادة وقبل بدء سريان وقف إطلاق النار صعّـدت إسرائيل عملياتهـا التي استمرت طوال النهار وتخللتها اشتباكات ضارية على محور خلدة ـ الأوزاعي.

حيث أُحبطت 5 محاولات إنزال إسرائيلية مهدت لها إسرائيل بقصف من البحر والجو على أحياء سكنية في عمق المنطقة الغربية والضاحية الجنوبية ومطار بيروت وقرى منطقة عاليه وحوصر عدد من الإسرائيليين على خط الساحل في محيط فندق فرساي بعد فشلهم في التقدم تجاه الأوزاعي.

قرر شارون العمل على جبهة عاليه/ بحمدون ضد القوات السورية وذلك بهدف إبعاد السورييـن عن قطاع الجبل اللبناني وعُدّ ذلك بداية جولة جديدة من الحرب وتطوراً لا بدّ منه في عملية كان يجب أن تكون تسميتها الحقيقية "فرض نظام جديد في لبنان".

واستمرت معركة الجبل/على محور عاليه ـ بحمدون، أربعة أيام، إلى أن حسمها سلاح الجو في مصلحة الجيش الإسرائيلي ولا شك أن معركة الجبل، قد وفرت لإسرائيل موقفاً تفاوضياً أفضل من السابق.

وبعد 18 ساعة من القصف الجوي الإسرائيلي على أحياء بيروت أعلنت إسرائيل من طرف واحد وقف العمليات العسكرية ضد بيروت والضواحي الجنوبية في برج البراجنة وحي السلم وخلدة والجب وكان هذا الإعلان مفاجئاً لكل الأوساط السياسية والعسـكرية التي أكدت عنف المواجهة التي قوبلت بها إسرائيل وفشلها في تحقيق أي تقدم جديد على محور خلدة/ الجبل وأن هذه المواجهة كانت السبب في إسراعها بالموافقة على وقف إطلاق النار.

وفي صيدا /عجزت القوات الإسرائيلية عن التقدم داخل المدينة لأن القوات المشتركة استطاعت من خلال تشكيل مجموعات فدائية مسلحة إيقاع الذعر بين صفوف الإسرائيليين أمّا عن الأضرار التي نزلت بالمدينة فهي جسيمة وتفوق كل تصور فقد أحال القصف بعض أحيائها إلى أفران من الأسمنت والبشـر حتى يخيل الناظر إلى الدمار أنه أمام ستالينجراد Stalingrad أخرى.

وعلى الرغم من مرور سبعة أيام منذ اختراق القوات الإسرائيلية للأراضي اللبنانية إلاّ أن صيدا ومخيم عين الحلوة استمرا في مقاومة الغزو الإسرائيلي وتركّزت المعارك على المدخل الشمالي الشرقي ومحور جسر الأولي شرحبيل، والنافعة حتى حدود ضاحية القياعة.

أمّا الموقف على الساحة السياسية على المستويَين الأمريكي والإسرائيلي فقد أوضحه السفير غسان تويني لوزير الخارجية فؤاد بطرس مؤكداً أن الموقف الأمريكي يدور حول وحدة لبنان وتقوية الحكم المركزي وتحقيق أمن إسرائيل.

أمّا موقف إسرائيل فيجيء على لسان سفيرها إلى الولايات المتحدة الأمريكية موشي أرينز الذي يطالب بتوقيع اتفاق سلام بين لبنان وإسرائيل يؤدي إلى سحب جميع القوى والجيوش الأجنبية من لبنان.
..........................

أعمال القتال يوم 13 يونيه

الموقف العسكري

وسعت إسرائيل نطاق اجتياحها للبنان فاحتلت قواتها ليلاً بلدة بعبدا والسرايا والمستشفى الحكومي بها ثم واصلت تقدمها إلى "ضاحية الحدث" وأدركت بعد منتصف الليل مشارف الشويفات ورافـق هذه القوات إلى بعبدا وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون.

وقعت هذه التطورات الخطيرة على إثر انهيار وقف إطلاق النار، الذي بدأ تنفيذه يوم 11 يونيه، وتجدد القتال على محور خلدة ـ الأوزاعي ورافقه قصف مدفعي وصاروخي من البر والبحـر والجو شمل عدة أحياء في المنطقة الغربية من بيروت والضاحية الجنوبية والمطار وصدّت القوات السورية والقوات المشتركة وحركة أمل تقدم الإسرائيليين على محور خلدة واتهمت إسرائيل بخرق وقف إطلاق النار.

وفي هذه الأثناء انتشرت الآليات الإسرائيلية في بعبدا ثم تقدمت إلى "الحدث" عبْر مشـارف الأنطونية ثم دخلت أحياء الحدث بعد أن دمرت موقعاً للجيش اللبناني ووصلت، فجراً إلى مشارف الشويفات وبذلك أصبح الإسرائيليون يحيطون بالقصر الجمهوري ويبعدون عن العاصمة نحو ستة كيلومترات.
.............................................
يتبع...
 
تشديد الحصار حول بيروت (14 يونيه/31 يوليه)
..........................

مقدمة
...
تُعدّ هذه المرحلة أطول مراحل القتال إذ استمرت نحو شهر ونصف الشهر شدّدت إسرائيل خلالها الحصار حول بيروت من أجل تحقيق مكاسب سياسية وعلى الرغم من إعلان وقف إطلاق النار إلاّ أن هذه المرحلة شهدت نماذج متعددة من القتال وعلى الساحة السياسية بدأ الحديث يدور حول خروج المنظمات الفلسطينية من لبنان كما استمرت الجهود السياسية من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة وفي الوقت نفسه كانت إسرائيل تخطط لمرحلة جديدة للقتال تقتحم خلالها العاصمة اللبنانية من أجل تحقيق المكاسب السياسية التي خططت لها.


أعمال القتال يوم 14 يونيه

وسّعت إسرائيل نطاق احتلالها لمشارف بيروت في محاولة لعزل العاصمة عن الضواحي والجبل وتقدمت قواتها حتى وصلت في منتصف الليل إلى "عين سعادة" في الجزء الشمالي وفي اتجاه المنطقة الشرقية من بيروت كما تحركت بعض القوات الإسرائيلية المتمركزة في بعبدا في ثلاثة اتجاهات لاستكمال إحكام الطوق حول بيروت وتم تمركزها دون مقاومة.

أ. المجموعة الأولى: تقدمت إلى ضهور الشويفات ومفترق عرمون وقطعت جسراً يصل مفترق عرمون بمفترق بشامون وعززت قواتها على طريق المعروفية ـ بسابا.

ب. المجموعة الثانية: عبرت طريق الشام وتحركت من الحازمية إلى الفياضية واليزرةوأقامت مراكز ثابتة لها في أماكن عدة منها مركز قبالة ثكنة الجيش اللبناني في الفياضية وآخر قرب منزل قائد الجيش اللبناني العماد فيكتور خوري.

ج. المجموعة الثالثة: سلكت طريق الحازمية / جسر الباشا وتوجهت إلى المكلِّس فمنصورية المتن ثم تمركزت على الطريق الذي يربط المتن الشمالي بالمتن الأعلى.

كما دفعت القيادة الإسرائيلية لواءً مدرعاً لتعزيز منطقة بعبدا حيث تمركز أمام المبنى الجديد لوزارة الخارجية اللبنانية قبالة القصر الجمهوري اللبناني.

وفي الجنوب اللبناني واصلت القوات الإسرائيلية محاصرتها مخيم عين الحلوة كما بدأ الجيش الإسرائيلي حملة مطاردة للفلسطينيين في المناطق التي احتلها بالجنوب واحتجز نحو 12 ألف لبناني وفلسطيني كانوا قد لجأوا إلى مركز الصليب الأحمر الدولي ثم أُخلي سبيل اللبنانيين واحتفظ بالفلسطينيين الذي نُقلوا إلى مركزين في منطقة جنوب صور.

وعن الخسائر الإسرائيلية صرح رئيس الأركان الإسرائيلي بأن خسائر الجيش الإسرائيلي في معارك لبنان حتى ذلك اليوم بلغت 170 قتيلاً و700 جريح.
...................

أعمال القتال يوم 15 يونيه

واصل الإسرائيليون تقدمهم في ضواحي بيروت وعلى مشارفها واحتلوا بيت مري في المتن الشمالي ودير القلعة كما عززوا مواقعهم على طريق الجسر الذي يربط المتنَين الشمالي والأعلى.

وفي بعبدا انتشرت القوات الإسرائيلية في البلدة وفي "الحدث" والحازمية واقتحمت القوات الإسرائيلية ليلاً بلدة الشويفات وقامت بقصف صحراء الشويفات امتداداً من خلدة حتى محيط المطار.

وفي المقابل قطعت القوات الإسرائيلية طريق بيروت / دمشق الدولي في محلة الجمـهور إضافة إلى عدة طرق في قرى قضاء عاليه ووجّه الإسرائيليون رسالة طالبوا فيها القوات السورية المنتشرة في بيروت والضواحي بإخلاء مواقعها فرفضت القوات السورية ذلك الطلب مؤكدة استمرار وجودها دفاعاً عن الأراضي اللبنانية والشعب اللبناني.
أذاع راديو دمشق بياناً رسمياً أعلن فيه أن قوات الردع السورية تلقت إنذارا من قوات الغزو الإسرائيلية بإجلاء مدينة بيروت وما جاورها من القوات السورية التي يبلغ عددها 1000 جندي وإن السلطات السورية رفضت هذا الإنذار وأبلغت العميد سامي الخطيب قائد هذه القوة أنها موجودة هناك بطلب من السلطة الشرعية في لبنان
كما تجدد القتال بين القوات السورية (قوة الردع) والقوات المشتركة، من جهة والقوات الإسرائيلية من جهة أخرى على محور خلدة /صحراء الشويفات واستخدم فيه نيران الدبابات والمدفعية.

وفي صيدا تمكنت القوات المشتركة من صدّ هجوم إسرائيلي على مخيم عين الحلوة ومن ثم قصفت القوات الإسرائيلية المنطقة من البر والبحر والجو من دون أن تتمكن من اقتحام المخيم.

وأصبح من الواضح أن القوات الإسرائيلية ماضية في توسيع رقعة احتلالها وتصعيد الموقف فقد بدأت بتعزيز مواقعها شرق وشمال شرق بيروت على نحو يمكنها من تحقيق السيطرة على المخيمات الفلسطينية من الخلف واستمرار مهاجمتها من الجنوب مع تطويق المواقع السورية المدافعة على طـريق دمشـق فضلاً عن الاقتراب من مرتفعات صنين بما يسمح لها بالسيطرة على البقاع.

كما وضح من الإجراءات الإسرائيلية أن الإسرائيليين ينوون البقاء لفترة طويلة إذ حولوا منطقة الشوف إلى مركز تجمع عسكري كبير يضم مستودعات ومستشفيات وأراضٍ لهبوط الطائرات العمودية.
...........................

أعمال القتال أيام 16 /17 /18 يونيه

اقتصرت العمليات العسكرية في الضاحية الجنوبية لبيروت على عدة اشتباكات وقعت بين القوات السـورية العاملة في قوات الردع والقوات المشتركة من جهة والقوات الإسرائيلية من جهة أخرى أما في الجنوب فقد ركزت القوات المشتركة نشاطها في بعض العمليات خلف الخطوط ضد المواقع الإسرائيلية في صور وصيدا.

وفي غضون مآسي الحرب كان انقطاع الماء والكهرباء عن بيروت عاملاً من عوامل إرهاق الشعب اللبناني الصامد وقد عانى المواطنون في بيروت المحاصرة أشد العناء من هذا السلاح الذي استعمل ضدهم بقسوة كما قصفت القوات الإسرائيلية الضاحية الجنوبية في بيروت موقعة العديد من الإصابات في برج البراجنة وحي السلّم فضلاً عن إحراق عدة طائرات لبنانية مدنية على أرض المطار.

وواقع الأمر أن وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه إسرائيل بناء على طلب المبعوث الأمريكي فيليب حبيب لم يستمر إذ استأنفت المدفعية الإسرائيلية قصف الضاحية الجنوبية على طول المحور الممتد من الأوزاعي إلى مطار بيروت ومخيمات برج البراجنة وصبرا وشاتيلا وصحراء الشويفات.

وفي 16 يونيه 1982 انضمت وبصفة رسمية وعلنية ميليشيات حزب "الكتائب" اليميني اللبناني إلى قوات الغزو الإسرائيلي في المعارك الدائرة ضد معاقل المقاومة الفلسطينية المحاصرة داخل القطاع الغربي من بيروت.

وقالت وكالات الأنباء:
إن قوات الغزو والقوات المناوئة استولت على المعقل الفلسطيني في "كلية العلوم" بضاحية كفار شيما جنوب شرقي بيروت وذكر ضابط كتائبي أن ميليشياته تلقت أمراً بمهاجمة المواقع الفلسطينية في الوقت نفسه الذي وجه فيه بشير الجميل قائد الميليشيات "الكتائبية" نداءً لإنقاذ بيروت من التعرض للمصير الذي تعرضت له صيدا وصور وذكرت الأنباء أن مدفعية الكتائب ظلت تقصف "كلية العلوم لمدة ساعتين قبل أن تقتحمها قوات الغزو وأن سقوط كلية العلوم يجعل المدرعات الإسرائيلية على المداخل الجنوبية لمخيم اللاجئين في برج البراجنة وعلى حافة ممر الإقلاع الرئيسي في مطار بيروت


وعن الخسائر الإسرائيلية حتى 17 يونيه 1982 ذكر رئيس شعبة الطاقة البشرية في الجيش الإسرائيلي اللواء موشيه ناتينف
أن خسائر الجيش الإسرائيلي في معارك لبنان بلغت 214 قتيلاً و1114 جريحاً وأن لدى الجيش الإسرائيلي 149 أسيراً سورياً ونحو 5 آلاف مخرب
......................
التمديد للقوات الدولية في لبنان

دُعي مجلس الأمن إلى الانعقاد، للنظر في التمديد للقوات الدولية في 15 يونيه 1982 وهو الموعد الأقصى لانتهاء ولايتها واقترحت الولايات المتحدة الأمريكية أن يكون التمديد لفترة ثلاثة أشهرواتفق الجانبان اللبناني والأمريكي على مشروع قرار يؤكد القرارَين 508 و509 أمّا الاتحاد السوفيتي فكان يوافق على التمديد المؤقت.
............................

أعمال القتال خلال الفترة من 19 إلى 22 يونيه

تجددت الاشتباكات خلال تلك الفترة في الجزء الجنوبي الغربي من بيروت كما نفذت إسرائيل عملية إبرار جوي بالطائرات العمودية ـ بقوة غير معلومة الحجم على قمة جبل ظهر القضيب بالقرب من بلدة الأرز شمال شرق بيروت بالقرب من الطريق الذي يربط بين طرابلس عاصمة شمال لبنان بسهل البقاع شرقي لبنان.

وبهذا العمل تتضح النية الإسرائيلية في مواصلة الزحف صوب الشمال من طريق محور جبل لبنـان وبذلك يمكن إسرائيل تهديد مدينة طرابلس التي تعَدّ المنفذ إلى الشمال وإلى سورية مع إمكان تهديد الخطوط الخلفية للقوات السورية في سهل البقاع.

ووجّه الجنرال أمير دوري قائد المنطقة الشمالية في إسرائيل تحذيراً إلى سورية من إذاعة القوات المسلحة الإسرائيلية قال فيه
"إنه إذا لم تعِ سورية الدرس الذي تلقته في المعارك السـابقة فسنكون مضطرين إلى القيام بعمل واسع النطاق"

ومن ناحية أخرى عززت القوات الإسرائيلية خلال تلك الفترة مواقعها في منطقة الشوف ومنطقة خلدة والمطار كما قصفت ضواحي العاصمة اللبنانية قصفاً مدفعياً مكثفاً شمل مختلف ضواحي بيروت الغربية فقصفت البحرية الإسرائيلية الجزء الساحلي من بيروت الغربية وكذلك المشارف الجنوبية للعاصمة فضلاً عن أن وحدات مدرعة إسرائيلية حاولت التقدم نحو بلدتَي بحمدون والمنصورية في الجبال القريبة من شرق بيروت حيث تقدمت على ثلاث محاور في منطقة عاليه وذلك بهدف احتلال المنصورية وتطويق منطقة عاليه ومحاصرة القوات السورية فيها وقطع طريق بيروت/ دمشق.

وتمكنت تلك القوات وسط تغطية من نيران المدفعية الكثيفة من احتلال بلدة منصورية بحمدون كما نشب قتال بالدبابات بين الإسرائيليين والقوات السورية تدخلت فيه الطائرات الإسرائيلية التي قصفت ضهور عاليه وتلال سوق الغرب وبحمدون والعبادية والجمهور وردت القوات السورية بقصف مواقع الإسرائيليين في بعض قرى قضاءَي عاليه والشوف.

كذلك تزايدت حدة الاشتباكات بين سورية وإسرائيل بهدف السيطرة على طريق بيروت / دمشق الدولي وبعد قصف مركز من الطيران والمدفعية الإسرائيليين استطاعت القوات الإسرائيلية أن تحتل مراكز مهمة في عاليه وبحمدون على مسافة 16 كم من بيروت.
..........................

أعمال القتال خلال الفترة من 23 إلى 25 يونيه

على الرغم من وقف إطلاق النار إلا أن تلك الفترة شهدت نماذج متعددة من القتال:

أ. ففي محور الجبل تجدد القتال بين القوات السورية والقوات الإسرائيلية واستخدم الجانبين نيران الدبابات والمدفعية كما شمل القتال بين الجانبين محاور عاليه ومنصورية بحمدون في اتجـاه حمدون ـ الضيعة. وكذلك منطقة البقاع شرقي بحيرة القرعون كما استمرت القوات الإسرائيلية في تدعيم قواتها في الجبل ومنطقة الدامور وعلى امتداد الطريق الساحلي من الجيَّة حتى خلدة.
وأعلن ناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أنه خلال المعارك التي دارت بين قواته والقوات السورية، سقط له ثلاثة قتلى وثمانية وأربعون جريحاً.
ب. وفي منطقة بحمدون تمكنت القوات الإسرائيلية من الاستيلاء على جزء من طريق بيروت ـ دمشق عند بلدة بحمدون الواقعة على مسافة 16 ميلاً شرق بيروت بعد قصف مدفعي وجوي للمواقع السورية والفلسطينية ووقعـت معركة جوية بين السوريين والإسرائيليين أُسقطت خلالها طائرتان سوريتان من طرازميج وخلال هذه المعركة تمكنت القوات السورية والفلسطينية من تدمير 17 دبابة إسرائيلية وحاملة جند وقُتل وجُرح 85 جندياً إسرائيلياً طبقاً لِمَا أذاعته المصادر الفلسطينية في 24 يونيه 1982.

أما المصادر الإسرائيلية فقد أعلنت أن خسائرها بلغت 28 قتيلاً و160 جريحاً كما أنها دمرت بطاريتَي صواريخ مضادّة للطائرات من نوع (Sam 6) كان السوريون قد دفعوا بها إلى جبهة القتال.

ج. وفي بيروت تعرض الجزء الغربي من بيروت لقصف مركز بالطائرات والزوارق البحرية مما ألحق به دماراً هائلاً وأدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى من المدنيين كما هاجم الطيران الإسرائيلي الضواحي المحيطة ببيروت والقرى شرقيها.

د. وفي إسرائيل، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن قوات ميليشيات الكتائب استولت على بلدة "الجمهور على بعد خمسة كيلومترات شرق بيروت وأن القوات السورية انسحبت من منطقة عاليه بعد الخسائر التي مُنيت بها مما يتيح للقوات الإسرائيلية السيطرة بلا منازع على الطريق الدولي بين دمشق وبيروت وأوضحت إذاعة إسرائيل أن سيطرة قوات الكتائب على الجمهور يُعدّ نقطة تحول في المعارك لأنها أول مرة تشترك فيها الكتائب بشكل مباشر في المعارك إلى جانب القوات الإسرائيلية.
..................................

الموقف العسكري يومَي 1 و 2 أغسطس

بدأت القوات الإسرائيلية منذ فجر اليوم الأول من أغسطس 1982 شن هجوم وحشي واسع النطاق على محورين براً وجواً على القطاع الغربي من بيروت بقوة لواءَين مشاة آلية واستولت القوات الإسرائيلية تعززها الدبابات ومدفعية الميدان على المقر الرئيسي لمطار بيروت وملتقى الطرق الإستراتيجية عند ميدان كوكودي وأصبحت بذلك على مسافة 5كم من وسط العاصمة اللبنانية فضلاً عن مهاجمة طريق بيروت ـ صيدا.

وكانت حصيلة القصف الجوي والمدفعي الذي استمر 14 ساعة مقتل أكثر من165 شخصاً وجرح 400 شخص من المدنيين وغرقت بـيروت وضواحيها تحت وابل من القذائف أوقع أضراراً جسيمة ودماراً لم يسلم منه حي من الأحياء.

وأصبحت الدبابات والمدفعية الإسرائيليتان على مشارف المخيمات الفلسطينية في صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة في الوقت الذي أحاط فيه الفك الآخر للكماشة ببيروت الغربية من جهة الشرق عند الخط الذي يفصل منطقتيها الشرقية والغربية وأصبح مخيم برج البراجنة محصوراً بين القوات الإسرائيلية التي ترابط على محور الحدث ـ بعبدا، وتلك التي تهاجم مطار بيروت الواقع غربي المخيم .

وقد أشارت المصادر الإسرائيلية في شأن نتائج هذا الهجوم ضد بيروت إلى أن القوات الإسرائيلية واجهت مقاومة عنيدةوصلبة على جميع المحاور الأمر الذي عرقل تقدمها بل أوقفه تقريباً وأوقع في صفوف الجيش الإسرائيلي إصابات جسيمة جداً فاقت في يوم واحد مجموع ما أُعلن في شأنه خلال شهر يوليه كله.

وبات من المرجح أن شارون لن يرضى بأقل من إبادة المقاومة الفلسطينية، أفراداً وقيادة ومؤسسات. فكانت كثافة القصف براً وبحراً وجواً تزداد ضراوة كلما توالت الأنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق سياسي، في شأن إخلاء المقاومة الفلسطينية بيروت.

وعلى الرغم من موافقة ياسر عرفات وقيادة المنظمة على الخروج من بيروت فقد عاشت العاصمة اللبنانية المحاصرة يومَين قتالين من القصف الرهيب وكان واضحاً أن هذا القصف ينطوي على رغبة شارون في تحقيق الميزات التالية:
أ. إنزال أكبر قدر من الخسائر بصفوف المقاتلين الفلسطينيين.

ب. الرد على الخسائر الجسيمة التي تكبدتها القوات الإسرائيلية المحيطة ببيروت في أثناء محاولاتها التقدم نحو مواقع منظمة التحرير.

ج. تكثيف الضغط على المقاومة الفلسطينية لتقديم المزيد من التنازلات قبْل الإنسحاب.
......................................
الموقف العسكري يوم 4 أغسطس

وفي الرابع من أغسطس 1982 وتحت ستر تمهيد نيراني من المدفعية والهاونات بدأت القوات الإسرائيلية هجومها على بيروت الغربية، على ثلاثة محاوربقوة 3 ألوية مشاة آلية و لواءَي مظلات وبعد 16 ساعة من القصف المدفعي والجوي تحولت بيروت الغربية إلى مدينة للأشباح تشتعل فيها الحرائق.

كما قصف الطيران الإسرائيلي المخيمات الفلسطينية وعلى الرغم من أن المدرعات الإسرائيلية تمكنت من اختراق الدفاعات الفلسطينية في غير موقع وسيطرت على منطقتَي المتحف الوطني والأوزاعي إلا أن القوات الفلسطينية استمرت في السيطرة على مواقعها في منطقة الميناء ووسط مدينة بيروت
وأعلنت إذاعة بيروت:أن القوات السورية التي كانت متمركزة عند أحد الحواجز في مدخل منطقة الأوزاعي انسحبت، ظهر اليوم مع تقدم القوات الإسرائيلية الأمر الذي يسّر لهذه القوات أن تتقدم وتحتل منطقة الأوزاعي
.................
الموقف العسكري يوم 5 أغسطس

استأنفت القوات الإسرائيلية هجومها البري على مواقع المقاومة الفلسطينية في بيروت الغربية تحت ستار من القصف المدفعي والدبابات فتمكنت من اختراق الدفاعات الفلسطينية والوصول إلى امتداد طريق "كورنيش المزرعة" الذي يُعَدّ الشريان الرئيسي لبيروت الغربية إلى ملتقَى طرق "بربير" الإستراتيجي الذي يتحكم في طرق القطاع وفي مداخل مخيمَي صبرا وشاتيلا.

واستمر القتال مع القوات الإسرائيلية على المحاور الثلاثة للهجوم الإسرائيلي على بيروت الغربية من اتجـاه الضاحية الجنوبية للقطاع وعند منطقة ممر المتحف ومنطقة المرفأ وواصلت القوات الإسرائيلية تقدمها حتى أصبحت على مشارف المخيمات الفلسطينية الثلاثة صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة.

وأعلنت المصادر اللبنانية أن 250 مدنياً قتلوا على الأقل و670 أصيبوا وفي الوقت نفسه أعلنت المصادر الإسرائيلية أن 84 جندياً إسرائيلياً أُصيبوا ولقي 19 آخرون مصرعهم خلال اشتباكات يومَي 4 و5 أغسطس 1982.
................................

الموقف العسكري يومَي 6 و 7 أغسطس

وفي السادس من أغسطس واصلت القوات الإسرائيلية هجومها الواسع النطاق ضد مواقع القوات الفلسطينية بهدف إسقاطها واجتياح بيروت الغربية وعلى الرغم من استخدام إسرائيل لكافة أنواع الأسلحة فإن المقاومة الفلسطينية حالت دون تنفيذ القوات الإسرائيلية لمخططها واعترفت إسرائيل بأنها دفعت ثمناً باهظاً لكي تتقدم بضعة كيلومترات شمال مطار بيروت للاستيلاء على حي الأوزاعي.

كما دارت معارك عنيفة بين قوات المقاومة الفلسطينية وقوات الغزو الإسرائيلية في منطقة ميدان سباق الخيل التي تبعد 200م غربي ممر المتحف وتحت ستر تمهيد نيراني بدأ في الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه حيث حاولت القوات الإسرائيلية التقدم نحو المواقع الفلسطينية ولكن أمكن صدّها كما قصف الإسرائيليون حرج الصنوبر بالقرب من منطقة أرض سباق الخليل الأمر الذي أدى إلى اشتعال النيران فيه.

علاوة على قصفهم مبنى برج المرّ وهو مرصد وموقع مهم قرب الميناء ويمثل مركزاً مهماً لمنظمة التحرير الفلسطينية وتمكنوا من تدمير هذا البرج فتحول إلى ركام من الأنقاض وبنهاية هذا اليوم أُعلن عن وقف إطلاق النيران العاشر.

وأعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن إسرائيل خسرت في هذه المعارك 21 دبابة و18 ناقلة جند مدرعة و5 جرافات و3 دقاقات ألغام وقتل وجرح 64 جندياً كما أعلنت مصادر إسرائيلية أخرى أن خسائر إسرائيل، منذ بداية العملية وحتى 7 أغسطس 1982 بلغت 323 قتيلاً، و11 مفقوداً بخلاف الجرحى إضافة إلى ثلاثة أسرى
........................................

الموقف العسكري يوم 9 أغسطس

قصفت المدفعية الإسرائيلية الأحياء والمواقع في برج البراجنة وحتى المتن الأعلى كما قصف الطيران الإسرائيلي أماكن تمركز القوات السورية والمخيمات الفلسطينية ومواقع "القوات المشتركة".
............................

الموقف العسكري يوم 10 أغسطس

استأنفت الطائرات الإسرائيلية قصفها لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضواحي الجنوبية لبيروت أي في الوقـت الذي دخلت فيه مساعي المبعوث الأمريكي فيليب حبيب لتحقيق الانسحاب السلمي للمقاومة الفلسطينية من بيروت مرحلة حاسمة إثر إعلان الحكومة الإسرائيلية ذلك اليوم موافقتها من حيث المبدأ على مشروع فيليب حبيب للانسحاب الذي وافقت عليه الحكومة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية.

ولكن إسرائيل وضعت شرطين جديدين وهما أن تحصل الحكومة الإسرائيلية على قائمة محددة بأسماء الدول المستعدة لاستقبال المقاومة الفلسطينية وأن تتسلم إسرائيل قائمة عددية بالمقاتلين الذين ستستقبلهم كل دولة مع ضرورة أن يغادر الفلسطينيون بيروت قبل أن تتخـذ القوة الدولية مواقعها داخل المدينة.

كما واصلت القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية في بيروت وضاحيتها الجنوبية ودفعت بصورة مفاجئة، قوة تتكون من 40 دبابة إلى منطقة جبيل ثم غزّزتها بوحدات من المشاة الآلية في خطوة تحمل معنى التحرك عسكرياً في اتجاه الشمال وفرض وجود أمر واقع هناك قبل وصول القوات الدولية إلى بيروت وفي الوقت عينه وضع العراقيل أمام عملية التفاوض.
وأعلنت المصادر الإسرائيلية أن خسائر هذا اليوم هي إصابة ثلاثة جنود ومقتل اثنَين نتيجة إصابة سيارتهما بلغم في القطاع الأوسط بالقرب من عين زحلتا
..................................

الموقف العسكري يوم 11 أغسطس

استأنفت الطائرات الإسرائيلية قصفها المكثف للمواقع الفلسطينية في بيروت الغربية والذي اشتركت فيه السفن الحربية والدبابات والمدفعية وقد استهدف القصف الإسرائيلي مخيم برج البراجنة وضاحيتي شاتيلا والفكهاني.

ثم أوقفت إسرائيل إطلاق النيران عند حلول المساء، للمرة الحادية عشرة بعد أن شجب العالم بأسْره الغارات الانتقامية الإسرائيلية على بيروت طوال الأيام الماضية وأعلنت المصادر الإسرائيلية مقتل جندي وإصابة تسعة آخرين نتيجة إطلاق النار بين الجانبَين.
...........................
الموقف العسكري يوم 12 أغسطس

وفي الثاني عشر من أغسطس1982 وعلى مدى إحدى عشرة ساعة كاملة ومن خلال 220 غارة جوية و44 ألف قذيفة حاولت إسرائيل تدمير مباني بيروت الغربية وأدت هذه الغارات إلى مقتل وجرح أكثر من 500 مواطن فلسطيني ولبناني وتدمير 800 منزل في ضوء تقدُّم القوات الإسرائيلية لا سيما في جبل لبنان نحو الشمال خارقة قرارات الأمم المتحدة وموسعة رقعة انتشارها في الأراضي اللبنانية إذ وصل إلى شمال جبيل وجّه الاتحاد السوفيتي في 12 أغسطس، دعوة ملحّة لعقد جلسة علنية لمجلس الأمن من الفور للنظر في الوضع المتدهور.

وبناءً على طلب الاتحاد السوفيتي دعي مجلس الأمن إلى الانعقاد للنظر في الوضع المتدهور في لبنان وتقدمت مجموعة عدم الانحياز بمشروع قرار إلى مجلس الأمن وبعد إجراء بعض التعديلات ووافق عليه بالإجماع تحت الرقم (518) في 12 أغسطس 1982.


بدأت ترتيبات دخول القوة الدولية متعددة الجنسيات إلى بيروت للفصل بين القوات الإسرائيلية والفلسطينية تمهيداً لترحيل المقاومة وتوجهت إلى الساحل اللبناني قوة بحرية أمريكية تتكون من خمس سفن تحمل على متنها 1800 جندي من مشاة البحرية الأمريكية للاشتراك في القوة متعددة الجنسيات التي ستشرف على انسحاب الفدائيين الفلسطينيين.
13yk0.jpg

وعن الموقف العسكري أعلنت المصادر الإسرائيلية أن خسائرها منذ بداية القتال في لبنان بلغت 331 جندياً إسرائيلياً وأُصيب 2011 آخرون وفُقد 12 جندياً وأُسر 3 جنود.

وعلى مستوى مجلس الأمن جرت المشاورات في شأن إصدار القرار الرقم (519) للتمديد للقوات الدولية على أساس أن تكون مدة التمديد في حدود شهرَين وتم التصويت على القرار في جلسة علنية انتهت بالموافقة من 13 دولة وامتناع دولتَين هما بولندا والاتحاد السوفيتي
كما أعلنت تونس أن جانباً كبيراً من قيادة المنظمة الفلسطينية من بينهم ياسر عرفات سوف يتوجهون إلى تونس وأضافت بأن ياسر عرفات سيرافقه 50 شخصاً من قيادات منظمة "فتح" .


وفي الثامن عشر من أغسطس1982 أعلنت المصادر الفلسطينية التي اشتركت في مفاوضات فيليب حبيب لتسوية أزمة بيروت أن الخطة أصبحت جاهزة وتشتمل على النقاط التالية:

أ. الوقف التام لإطلاق النيران.

ب. إتمام عملية الجلاء عن بيروت سلمياً ووفقاً لجدول زمني محدد وتشرف قوات فضّ الاشتباك الدولية على عملية الجلاء.

ج. يخضع الفلسطينيون من غير المقاتلين الذين سيبقون في لبنان للقوانين اللبنانية.

د. تنتشر القوات الدولية مع بداية إجلاء القوات الفلسطينية ضماناً لأمن الفلسطينيين واللبنانيين المقيمين ببيروت الغربيـة ولمسـاعدة الدولة اللبنانية وتضم هذه القوات 800 جندي فرنسي و800 جندي أمريكي و400 جندي إيطالي يتعاون معهم 300 جندي لبناني.

هـ. تقدر فترة عمل هذه القوة بشهر واحد قابل للتجديد بناء على طلب الدولة اللبنانية في حالة الضرورة.

و. تتم عملية الإجلاء بحراً من ميناء بيروت إلى قبرص وبراً عبْر طريق بيروت دمشق بعد أن ينسحب الجيش الإسرائيلي منه وهو الانسحاب الذي يُعدّ ضرورياً لتأمين الإجلاء ويتحرك الجيش اللبناني بالتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية ضماناً للأمن .

ز. إنهاء عملية الانسحاب خلال أسبوعين وفي وضح النهار على أن يحمل المقاتلون الفلسطينيون معهم الأسلحة الخفيفة من بنادق ومسدسات وتسلم الأسلحة الثقيلة للجيش اللبناني.

ح. تغادر وحدات جيش التحرير الفلسطيني لبنان بالطريق البري إلى سورية وينضم الجنود السوريون في قوة الردع العربية في بيروت إلى القوات السورية المرابطة في البقاع وفي الشمال اللبناني.

وفي العشرين من أغسطس 1982 انسحبت القوات الإسرائيلية من ميناء بيروت وحلت محلها قوات تابعة للجيش اللبناني قوامها 600 جندي استعداداً لاستقبال طلائع القوات المتعددة الجنسيات فضلاً عن أن قوة فرنسية سوف تنتشر في محيط مرفأ بيروت مع الجيش اللبناني.

كما اكتملت جميع الإجراءات الضرورية لتأمين النجاح للخطوة الأولى من تنفيذ مشروع الحل السياسي لمدينة بيروت وذلك بانتقال الدفعة الأولى من المقاتلين الفلسطينيين التي بلغ عدد عناصرها 400 مقاتل إلى الميناء حيث سينقلون بحراً بالسفينة اليونانية "أفروديت Aphrodite" إلى ميناء لارناكا Larnaca القبرصي ترافقها قطع حربيـة أمريكية وفرنسية وإيطالية ومن هناك ينقل جواً إلى عمان 265 مقاتلاً وإلى بغداد 135 مقاتلاً.

وسلّمت منظمة التحرير الفلسطينية إسرائيل أسيرين هما الطيار آهارون أهياز والجندي روني عوش وجثث تسعة جنود آخرين.
................................

خسائر الحرب اللبنانية (يونيه ـ أغسطس 1982)

الجانب الإسرائيلي

قدّرت تقارير المعاهد الإستراتيجية العالمية حجم الخسائر الإسرائيلية بنحو 350 قتيلاً 2000 جريح وثلاث طائرات قتال وثلاث طائرات عمودية وما يقرب من 80 دبابة و100 عربة مدرعة.

كما صدر عن الجيش الإسرائيلي البيانات التالية: (332 قتيلاً، و12 مفقوداً و4 أسرى و2011 جريحاً). وبعد الانسحاب الإسرائيلي الجزئي من لبنان والتي تم في شهرَي أغسطس وسبتمبر 1983 صدرت إحصائية عن الخسائر الإسرائيلية والتي قُدرت بـ 517 قتيلاً
و3000جريح.

الجانب الفلسطيني واللبناني والسوري

بلغ عدد القتلى (915 17) والجرحى (203 30) موزعين كالآتي :

470 قتيلاً/ 697 جريحاً من المدنيين اللبنانيين في الجنوب اللبناني
7251 قتيلاً 3842 جريحاً من الفلسطينيين والقوات المشتركة في صور وعدلون والبص والبرج الشمالي والرشيدية وقرى قضاء صور.
2391 قتيلاً و588 1 جريحاً من المدنيين اللبنانيين 1374 قتيلاً و 8516 جريحاً من الفلسطينيين والقوات المشـتركة والقوات السورية في صيدا والمية مية وعين الحلوة والرميلة والجيَّة والسعديات والدلهمية وسبلين ووادي الزينة والدامور.

458 قتيلاً، 797 جريحاً من المدنيين اللبنانيين و348 3 قتيلاً و 169 5 جريحاً من الفلسطينيين والسوريين في الشوف وعالية والبقاع الغربي.

436 قتيلاً، 589 جريحاً من المدنيين اللبنانيين، 587 قتيلاً و 989 جريحاً من الفلسطينيين والقوات المشتركة والسوريين في الناعمة وخلدة والأوزاعي .

5155 قتيلاً، 13911 جريحاً من القـوات المشتركة والفلسطينيين والسوريين والمدنيين في بيروت والضاحية الجنوبية.


.................................
تم بحمد الله
 
التعديل الأخير:
والكارثة ان الاعلام فى الدول العلابية والاسلامية يقول بفصل اليهود فى العالم مع اسرائيل .. وان العداء مع اسرائيل .!!!ولا حول ولا قوة الا بالله .

نعم اخى شريف انهم يبحثون عن اى مبرر لتنفيذ مخططاتهم الشريرة ...........ولكن (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)
.......................
فيديو عن اسقاط الطائرات السورية فى لبنان عام82
[youtube]http://kadmous.org/wp/?p=419 [/youtube]
او
 
التعديل الأخير:
صور تنشر لأول مرة عن الأنزال البرمائي الأسرائيلي ، جنوب بيروت


Operation "Peace For Galilee"(1982), tank crew member saying his morning prayers while standing-by for orders to move into Lebanon.
shotb82o.jpg

shotb82i.jpg

Operation "Peace For Galilee"(1982), Centurion tank entering hold of landing craft for sea journey to destination in southern Lebanon.



د. يحي الشاعر
 
موضوع مرتب ومنظم وحوادث كثيرة الف شكر لك على الموضوع الجميل
 
لم يعي بنو صهيون الدرس... يظنون لبنان لقمة سائغة...ولكنها الصخرة التي تحطم غرورهم ... رغم المآسي
 
شكرا لك الموضوع رائع ولكن اردي ان اسال اين كانت الجيوش العربية الجرارة وقتها
 
لقد عشت تلك الفترة و ما ازال اذكر الطيران الحربي السوري و هو يتوجه نحو لبنان مسلحا بالصواريخ و القنابل لللاشتباك مع الطيران المعادي و للتصدي لارتال قواته البرية الغازية حيث كانت الطائرات الحربية السورية تمر باجواء دمشق و هي في طريقها للمعركة وما ازال اذكر معركة جوية شاهدتها بعيني بين طائرة اسرائيلية و سورية حيث تمكنت طائرة اسرائيلية من التسلل لاجواء دمشق فطاردتها طائرة سورية مبغ 21 كما اذكر فاضطر الطيار الاسرائيلي الى التخلص من قنابله عندما راى نفسه مطاردا و قد حلقت الطائرة الاسرائيلية فوق منزلي حيث تمكنت الطائرة السورية من اسقاط الطائرة المعادية خلف جبل قاسيون و كذلك ما ازال اذكر وسائط الدفاع الجوي السوري و هي تتصدى للطائرات المعادية التي كانت تنجح في التسلل لاجواء دمشق و كنت اراها كيف كانت تطلق صواريخها على الطائرات المعادية و كيف كانت تتدمر هذه الطائرات و كلها من الطرازات المتطورة ف 15 و ف 16
 
لقد عشت تلك الفترة و ما ازال اذكر الطيران الحربي السوري و هو يتوجه نحو لبنان مسلحا بالصواريخ و القنابل لللاشتباك مع الطيران المعادي و للتصدي لارتال قواته البرية الغازية حيث كانت الطائرات الحربية السورية تمر باجواء دمشق و هي في طريقها للمعركة وما ازال اذكر معركة جوية شاهدتها بعيني بين طائرة اسرائيلية و سورية حيث تمكنت طائرة اسرائيلية من التسلل لاجواء دمشق فطاردتها طائرة سورية مبغ 21 كما اذكر فاضطر الطيار الاسرائيلي الى التخلص من قنابله عندما راى نفسه مطاردا و قد حلقت الطائرة الاسرائيلية فوق منزلي حيث تمكنت الطائرة السورية من اسقاط الطائرة المعادية خلف جبل قاسيون و كذلك ما ازال اذكر وسائط الدفاع الجوي السوري و هي تتصدى للطائرات المعادية التي كانت تنجح في التسلل لاجواء دمشق و كنت اراها كيف كانت تطلق صواريخها على الطائرات المعادية و كيف كانت تتدمر هذه الطائرات و كلها من الطرازات المتطورة ف 15 و ف 16
اليس في كلامك مبالغه بعض الشي كيف تهرب طائرة اف-15 او اف-16 من الميغ 21!!!
 
انا اروي هنا ما شاهدته بعيني ولا يهمني ما تدعيه وسائل الاعلام عن تفوق الطيار الاسرائيلي حيث كل ما ارويه شاهدته بعيني المجردة و قد اثبت الزمان جبن الاسرائيليين و قد فعل مثل ذلك الكثير من الطيارين الاسرائيليين في حرب 1973 على الجبهة السورية حيث القى العديد منهم حمولتهم قبل الدخول في القتال مع الطيران و الدفاع الجوي السوري مما دفع القيادة الاسرائيلية عندها الى ربط الطيارين الاسرائيليين بجنازير الى مقاعدهم كي لا يقفزوا من طائراتهم قبل دخول القتال لجبنهم الشديد اما بالنسبة لللاف15 فقد اسقطتها ميغ 21 سورية منذ عام 1979 في معركة جوية فوق لبنان و قد اعترفت اسرائيل عندها بشكل غير مباشر بخسارتها تلك و لدي صور من عدة مصادر لمقاتلات اسرائيلية من نوعي ف15 و ف16 لحظة الرمي عليها من مقاتلات ميغ 21 سورية فوق سهل البقاع اللبناني في حرب 1982 نشرت الصور في مجلة جيش الشعب السورية في عدد صدر ابان حرب 1982 و ساقوم بتحميلها مع صور غيرها لحطام ف15 اسرائيلية اسقطت فوق لبنان عندما تتوفر الامكانية لذلك
 
عودة
أعلى