يواجه جاستين ترودو رئيس وزراء كندا، فضيحة سياسية قوية قد تنهي مستقبله السياسي، ودفعت القضية أحد مستشاري ترودو المقربين منه للاستقالة، ما قد يؤثر على انتخابه مرة أخرى.
وبحسب صحيفة "لا ليبراسيون" البلجيكية، فإن الفضيحة بدأت باستقالة وزيرة العدل والنائب العام السابق، جودي ويلسون-رايبولد، كما دفعت القضية رئيسة مجلس الخزانة جين فيلبوت، ومستشار ترودو، جيرالد باتس للاستقالة.
تتعلق الفضيحة بتقديم شركة المقاولات الكندية العملاقة "إس إن سي لافالين" رشاوي لمسؤولين ليبيين وآخرين من عائلة القذافي في الفترة بين 2001 و2011 تقدر قيمتها بـ 48 مليون دولار للحصول على عقود مربحة في ليبيا.
واتهمت ويلسون-رايبولد ترودو ومساعديه بالضغط عليها لقبول اتفاق تسوية مع الشركة، والتغاضي عن تهم الفساد الموجهة إليها، قائلة إن ترودو ومعاونوه حاولوا إقناعها بأن محاكمة الشركة قد تتسبب في خسارة الكثير من الوظائف، وبالتالي أصوات الناخبين، وأوضحت أنها تعرضت لتهديدات أدت إلى تخليها عن منصبها، حيث نقلها ترودو من منصبها كوزيرة للعدل إلى تولي شؤون المحاربين، لكنها استقالت بعض أسابيع.
وذكرت الصحيفة البلجيكية أن رئيس وزراء كندا لم ينكر تحدثه مع وزيرة العدل السابقة لكنه قال إن التقارير عن هذا الأمر "غير محترمة"، مؤكدا أن واجبه حماية الوظائف الكندية، في إشارة إلى خطر فقدان الوظائف حال إدانة الشركة التي توظف نحو 50 ألف شخص في أنحاء العالم.
فيما دعت المعارضة الكندية إلى استقالة ترودو في وقت يتم فيه التحقيق مع سياسيين آخرين، حيث تواجه الشركة اتهامات بالرشوة والفساد تقدر بنحو 36 مليون دولار لمسؤولين ليبيين بين عامي 2001 و2011، وجاء الساعدي القذافي نجل الرئيس السابق معمر القذافي، على رأس قائمة من تلقوا الرشى.
فيما كشفت شبكة "بي بي سي" عن علاقة الساعدي بالشركة التي تمتد إلى ما يتجاوز الرشوة، إذ ذكرت تقارير أن الشركة عرضت عليه منصب نائب الرئيس لشؤون المغرب عام 2008، براتب سنوي قدره 150 ألف دولار، وعقد لمدة ثلاث سنوات.
وطلبت الشركة من الحكومة الكندية آنذاك منح الساعدي القذافي تصريحًا للعمل في البلاد، بحجة مساهماته في توسع الأعمال في دول المغرب العربي، حيث تم الكُشف عن هذه المعلومات في 2012، بعد مصادرة الشرطة الكندية لوثائق من مقر الشركة، وقالت الشرطة آنذاك إن الوثائق التي عثرت عليها تدين الشركة بتقديم رشى، والتحايل لتجريد أصحاب الأسهم من عشرات الملايين من الدولارات.
كما كشفت الوثائق تورط عدد من كبار الموظفين في الشركة في محاولة تهريب أفراد من أسرة القذافي إلى المكسيك بعد مقتل القذافي في 2011، لكن الشركة أصدرت بيانا أنكرت فيه علاقتها بالأمر.
وعلى مدار عشر سنوات، نفّذت الشركة أعمال بناء في ليبيا بقيمة مليارات الدولارات، من بينها مشروعات للري وشبكات المياه، وبناء سجون، ومطار، وأظهرت الوثائق أن الشركة دفعت الكثير من فواتير الإقامة والحراسة والسفر الخاصة بزيارة الساعدي القذافي لكندا عام 2008.
سعت الشركة إلى التوصل لاتفاق تسوية مع الحكومة بدلًا من المحاكمة، وقالت إنها غيرت من طريقة إدارة أعمالها وتخلصت من مصادر الفساد، وهو ما رفضته ويلسون-رايبولد.
بينما قالت فيلبوت إن قرار استقالتها، رغم كونها من أكبر مساعدي ومؤيدي ترودو، يرجع لقناعتها "بأهمية الالتزام بقيمي ومسؤولياتي الأخلاقية، وواجباتي الدستورية. الشخص يدفع ثمن التمسك بمبادئه، لكن ثمن التخلي عنها أكبر بكثير".
جدير بالذكر أن شركة "إس إن سي لافالين" واحدة من أكبر شركات المقاولات الكندية، ومقرها مقاطعة كيبيك، التي تعتبر أهم المقاطعات بالنسبة لحزب ترودو الليبرالي.
ويواجه ترودو أزمة سياسية طاحنة بعد أن فقد اثنين من أهم داعميه في الحكومة، هما مساعده جيرالد باتس، ورئيسة مجلس الخزانة، جين فيلبوت، فيما ُرجح محللون أن يقدم مسؤولون آخرون في الحكومة استقالتهم ممن ذكرت ويلسون-رايبولد أسمائهم في التحقيقات.
وتحقق مفوضية النزاهة الكندية في الاتهامات التي ذكرتها ويلسون-رايبولد، لتقف على حقيقة خرق أي قواعد لتضارب المصالح، وتقول ويلسون-رايبولد إن رئيس الوزراء وفريقه لم يخرقوا أية قوانين، لكنه تصرف "بشكل غير لائق".
ويبدو أن القضية ستستخدم للضغط على ترودو في في الانتخابات القادمة، حيث طالب رئيس حزب المحافظين، أندرو شيير، بالفعل باستقالة ترود، وقال إنه خسر "السلطة الأخلاقية" اللازمة للقيادة، فيما رجح محللو خو الليبراليين الانتخابات القادمة ومشنقة فضيحة إس إن سي لافالين معقودة حول رقابهم.
صورة أرشيفية لنجاشي كندا ملوحا بعلم المثليين جنسيا.