(منقول) - أمين صديق
أوجه قصور في الوثيقة الدستورية لقوى الحرية والتغيير
أولاً: حول المجلس السيادي:
ورد في الوثيقة الدستورية (قمت بحذف بعض الكلمات ألتي لا تخل بالمعنى لأغراض هذا النقاش)
----
مجلس السيادة الأنتقالي:
تصدر قرارات المجلس بأغلبية ثلثي الأعضاء
يفقد عضو مجلس السيادة منصبه في اي من الأحوال الاتية:
(ب) إعفاؤه بواسطة مجلس السيادة.
(ه) في حالة خلو منصب عضو مجلس السيادة يقوم المجلس التشريعي بترشيح العضو البديل و يعتمد تعيينه بواسطة مجلس السيادة.
----
التعليق:
هل لمجلس السيادة حق عدم إعتماد الأعضاء الذين يتم ترشيحهم لعضويته بواسطة المجلس التشريعي؟
إذا كانت الإجابة نعم فهذه مشكلة، لأنه يمكن تخيل سيناريو يقوم فيه ثلثي عضوية المجلس السيادي بإعفاء عضو من الثلث الاخر وتستمر هذه العملية بطريقة ( الثور الأبيض) حتى تتمكن جهة محددة من الإستحواذ على المجلس السيادي بالكامل.
الهياكل الدستورية لا تصمم بإفتراض حسن النوايا.
ثانياً: حول الأجهزة القضائية:
ورد الاتي في فصول محتلفة من الوثيقة الدستورية:
* (يعين مجلس السيادة مجلس القضاء العالي ويتم تأييد التعيين بواسطة المجلس التشريعي).
التعليق :
من المفهوم أن يكون قرار تعيين أعضاء مجلس القضاء بواسطة المجلس السيادي، لكن كان سيكون مفيداً تمييز هذا عن التعيين للمناصب السياسية بالنص على بعض المعايير و الاليات لإختيار أعضاء المجلس قبل مرحلة إجازة تعيينهم بواسطة المجلس السيادي.
----
* (يتم تشكيل محكمة دستورية مستقلة و منفصلة عن السلطة القضائية وفقاً للقانون الذي يحدد سلطاتها و إختصاصها.
التعليق:
ماهي الضرورة لفصل المحكمة الدستورية عن بقية الجهاز القضائي؟، وبالتحديد لماذا لا تكون مجرد دائرة دستورية في المحكمة العليا وهو الوضع الذي كان عليه الحال قبل إنقلاب الإنقاذ؟
ما معنى النص على محكمة دستورية في وثيقة دستورية دون تحديد إختصاصها في الدستور نفسه وتركه للقانون؟ ترك تحديد إختصاص المحكمة الدستورية - و هو عادة تفسير الدستور - تركه للقانون و ليس تحديده في الدستور نفسه فكرة غريبة جداً واتساءل هل تم إستشارة مختصين بالقانون الدستوري قبل كتابة هذه الفقرة؟
اساساً ما معنى النص على جسم غير محدد؟
-----
* (تتم محاكمة عضو مجلس السيادة أمام المحكمة الدستورية في حال صدور قرار بإتهامه بالخيانة العظمى أو الإنتهاك الجسيم لأحكام هذا الدستور أو السلوك المشين المتعلق بشئون الدولة بأغلبية ثلاثة أرباع المجلس التشريعي).
التعليق:
الخيانة العظمي جريمة جنائية، المحاكمة على الجرائم الجنائية من إختصاص المحاكم الجنائية وليس من إختصاص المحاكم الدستورية!!
ما المقصود ب( الإنتهاك الجسيم لأحكام الدستور )؟ المحكمة الدستورية يمكن أن تلغي قرارات أو قوانين لمخالفتها للدستور. هذا مختلف تماماً عن (معاقبة) الشخص او الجهة التي إنتهكت الدستور لأن خرق الدستور لا يتضمن بالضرورة إرتكاب جريمة.
إذا تضمن خرق الدستور إرتكاب جريمة جنائية (مثلاً الإنقلاب العسكري) فايقاع العقوبة عليها ليس من إختصاص المحكمة الدستورية.
إذا لم يتضمن خرق الدستور جريمة جنائية ( مثلاً التصويت لصالح إجازة قانون مخالف للدستور ) فالمحاسبة على هذا الفعل هي محاسبة سياسية بالتصويت بالعزل من المنصب مثلاً ، و يقتصر إختصاص المحكمة الدستورية على تقرير خرق الدستور و إلغاء القانون المخالف للدستور.
ما هو (السلوك المشين المتعلق بشؤون الدولة)؟ هل هو جريمة جنائية أم شيئ اخر؟ في الحالتين هذا ليس إختصاص المحاكم الدستورية.
ثالثاً: حول تعيين رئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء
ورد في الوثيقة الدستورية (في حالة حل الحكومة، على البرلمان ترشيح رئيس مجلس وزراء ويتم إعتماده بواسطة مجلس السيادة)
و ورد أيضاً (في حالة خلو منصب رئيس الوزراء أو أي من أعضائه تعين قوى إعلان الحرية والتغيير رئيساً أو عضواٌ بديلاً)
---
التعليق:
بالطبع هناك التناقض بين المادتين أعلاه : و ذلك بجعل قوى الحرية و التعيير الجهة المختصة بتعيين رئيس الوزراء و الوزراء في حالة خلو المنصب حتى بدون الإشارة للمجلس السيادي و التشريعي في هذا السياق ، و من ناحية أخرى يكون المجلس السيادي و التشريعي الجهات المختصة بحل الحكومة وإختيار رئيس وزراء ووزراء جدد!!
الأغرب هو أن تكون قوى الحرية و التغيير هي الجسم المختص بتعيين رئيس الوزراء في حالة خلو المنصب: خلو المنصب بديهي أنه سيحدث بعد فترة من بداية الفترة الإنتقالية، وحين يحدث ذلك ما هو الوضع الدستوري لقوى الحرية و التغيير؟
- ماذا إذا حدث إختلاف و إتشقاق في قوى الحرية و التغيير بعد سنتين من بداية الفترة الإنتقالية؟ أي قسم هو المختص بتعيين رئيس الوزراء؟
- ماهي الية إتخاذ القرار داخل قوى الحرية و التغيير إن لم يصدر قرارها بالإجماع؟
هذا ليس إعتراضاَ على الدور السياسي لقوى الحرية و التغيير في الفترة الإنتقالية، لكن بعد إختيار الحكومة الأولى رأي قوى الحرية و التغيير يجب أن يتم التعبير عنه بواسطة البرلمان الإنتقالي (لا يتعارض ذلك مع أنها لا تستحوذ على جميع مقاعد البرلمان) والمجلس السيادي (يجب أن تثق قوى الحرية والتغيير في التقدير السياسي للأشخاص الذين تختارهم لعضوية هذا المجلس)!!
رابعاً: حول التمثيل في البرلمان
ورد في الوثيقة الدستورية (تتكون السلطة التشريعية و الرقابية خلال الفترة الإنتقالية من مجلس يتكون من 120 إلى 150 عضو يتم التوافق عليهم بواسطة القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير . على أن يراعي في عضويته تمثيل القوى المشاركة في التغيير ...).
----
التعليق:
هذه الفقرة محبطة، كنت أتمنى أن يتم النص صراحة على تمثيل قوى سياسية لها وزنها ليست جزءاً من قوى إعلان الحرية والتغيير، القوى المشاركة في التغيير عبارة فضفاضة بعض الشئ.
بالتحديد أكبر حركتين مسلحتين : الحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان ليست جزءاً من إعلان الحرية و التغيير و إن كانت أيدت هذه الثورة منذ بدايتها و ظل عضويتها و مؤيديها نشطين في الحراك. هذه حركات لها مؤيدين بالملايين يجب ألا نتعامى عن هذه الحقيقة ولا يمكن تحقيق سلام دائم دون مشاركتهم في السلطة الإنتقالية، وبالتحديد تمثيلهم في البرلمان.
أيضاً كنت أتمنى النص بوضوح على تمثيل شباب الثورة وتخصيص حد أدنى لتمثيل الشباب دون سن ال 30 في البرلمان .. هذه ليست مجرد قوى مشاركة في التغيير هذه هي القوى التي صنعت التغيير (بإفتراض حدوث تغيير)!!
خامساً: بالنسبة لقوات الشرطة و الأجهزة الأمنية:
(قوات الشرطة و الأجهزة الأمنية .... تخضع لسياسات و قرارات السلطة السيادية و التنفيذية وفق القانون).
قارن هذا مع (الخدمة المدنية القومية .... تتولي إدارة جهاز الدولة ووظائفه بتطبيق وتنفيذ خطط وبرامج السلطة التنفيذية وفق القانون) - لا ذكر للمجلس السيادي هنا.
و أيضاً..
(يتولى مجلس الوزراء الصلاحيات التالية :
4- تعيين و عزل قادة الخدمة المدنية )
لم ترد مادة في الوثيقة تتحدث عن كيفية عزل وتعيين قادة القوات النظامية.
-----
التعليق:
من الممكن تفهم تعقيدات و صعوبة إنتزاع السيطرة الكاملة للمجلس الوزراء على القوات المسلحة, وبالتالي الإقرار بدور للمجلس السيادي.
بالنسبة للشرطة و الأجهزة الامنية :
حسب هذه الوثيقة لن تكون خاضعة تماماً للسلطة التنفيذية (مثل الخدمة المدنية).
بالنسبة للشرطة بالتحديد ما الحوجة لأن يحدد المجلس السيادي (سياساتها) ويقرر بشأنها، إن كان الهدف فعلاً جهاز شرطة خدمي و مهني وليس جهازاً للقمع السياسي؟
السكوت عن كيفية تعيين قادة القوات النظامية في هذه الوثيقة هل سقط سهواً؟ (لم يسقط سهواً تقرير أن صلاحية تعيين وعزل قادة الخدمة المدنية من إختصاص مجلس الوزراء).
الحديث عن (الأجهزة الأمنية) يطول ولا يمكن الإسهاب فيه هنا.
عموماً عبارة (وفق القانون) تفتح باباً واسعاً للإلتفاف على صلاحيات المجلس السيادي المتعلقة بهذه القوات القوات, وهذا شيئ إيجابي.