21/10/2018
إنتاج الزيتون لهذا العام يقدر بنصف إنتاج 2017 (الجزيرة)
عاطف دغلس-نابلس
حيرة ألمّت بالمزارع الفلسطيني عبد السلام عواد وهو يطالع أشجار الزيتون عندما ذهب لتفقدها، وزاد اندهاشه أكثر بعد قطف ثمارها وعصرها، فهذا الموسم لم يأت على قدر توقعه ولم يف حتى بحاجته الخاصة.
سيضطر عوَّاد -الذي ينحدر من قرية عورتا قرب
نابلس بالضفة الغربية- لشراء الزيت لبيته بعد أن كان يبيعه. ليس وحده من سيفعل ذلك في ظل ما بات مؤكدا من شح في إنتاج للزيت الفلسطيني للعام الجاري، يقدره المختصون بأقل من نصف الإنتاج السنوي الذي يبلغ نحو عشرين ألف طن، مرجعين ذلك لعوامل الجو وأمراض أصابت شجر الزيتون.
وصل منتوج عوّاد لأقل من ربع محصوله السنوي، فمن نحو ثلاثمئة كيلوغرام أنتج خمسين فقط، ويقول إن ما حصل لا يكفيه ثلث السنة، حيث يستعمل وعائلته المكونة من تسعة أفراد نحو 150 كيلوغراما سنويا "ولا أعرف كيف سأسد العجز في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي أعيش".
جناية المستوطنين
إضافة للظروف الطبيعية يواجه الرجل معاناة مع المستوطنين، فهم يضعون يدهم على ثلث أرضه ويحرمونه من الوصول إليها والاعتناء بها مرة أو مرتين في العام للحراثة ومثلها لقطف الزيتون، وتتمثل اعتداءاتهم بالقطع تارة ورشها بالمواد السامة وإغراقها بالمياه العادمة تارة أخرى.
الاحتلال يمنع المزارعين من الوصول لأراضيهم داخل المستوطنات أو بمحاذاتها (الجزيرة)
وأدى ذلك لتلف نصف أشجار عوَّاد التي تزيد على مئتين، وزاد الطين بلة أنه رغم وجود تنسيق أمني (تصريح) يسمح لهم بالدخول لأرضهم لقطف زيتونهم فإن الجنود منعوا الكثير منهم بحجة "الرفض الأمني".
وتشير تقديرات إحصائية لمكتب
الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن المستوطنين دمروا أكثر من 5500 شجرة زيتون العام الماضي، ويؤكد مزارعون أن إرهابهم تجاوز قطع الأشجار إلى مهاجمة المزارعين بأراضيهم وسرقة المحاصيل.
ودق تدهور الموسم ناقوس الخطر عند عوَّاد وحوالي مئة ألف أسرة فلسطينية تعتمد على الزيتون كمصدر دخل لها، حيث يُشكل الزيتون -حسب بيان للمركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية- نحو نصف إجمالي الإنتاج الزراعي
بفلسطين، أي ما قيمته 25% من الاقتصاد بالضفة.
ورغم شذوذ بعض المواسم كما في سنة 2006 حين وصل إنتاج الزيت إلى 34 ألف طن وانخفاضه عام 2009 لنحو خمسة آلاف طن، فإن متوسط الإنتاج -حسب مدير مجلس الزيت الفلسطيني فياض فياض- يقدر الآن بعشرين ألف طن سنويا أو أكثر بقليل.
المرض أصاب الورق والثمر بالمناطق الغربية من الضفة (الجزيرة)
الجو والمرض
يعزو فياض الانخفاض لأسباب عدة أهمها الأمراض التي أصابت الزيتون، لا سيما المناطق الغربية وخاصة بمدن الشمال الفلسطيني، ومنها مرض "ذباب أوراق وثمار الزيتون" الذي غزا المكان وقت الإزهار.
كما أدى لتراجع الموسم تأرجح حالة الجو بين انقطاع للمطر فترات طويلة ثم هطوله بأوقات غير ملائمة وسقوط حبات بَرَد كبيرة وارتفاع للحرارة خلال النهار فترات طويلة.
وارتفعت أسعار الزيت (ثمانية دولارات للكيلوغرام الواحد) إلا أن هذا برأي فياض لن يحل أزمة المزارع الذي فقد 90% من إنتاجه، كما أن نسبة إنتاجيته المقدرة بـ 10% لا تفي بحجم "التكاليف العالية" في رعاية أرضه وزيتونه، ويقول إن المزارع بات بحاجة إلى "صندوق درء المخاطر".
رامز عبيد مدير دائرة الزيتون بوزارة الزراعة
الجزيرة
هذه المخاطر -وفق رامز عبيد مدير دائرة الزيتون بوزارة الزراعة الفلسطينية- تتمثل أولا بارتفاع كلفة الإنتاج، وما يترتب عليها من مديونية على المزارع وعجزه عن سداد التزاماته وبالتالي عزوفه عن رعايتها.
كما تبرز طبقة التجار "الجشعين" الذين يستغلون انخفاض الإنتاج "بتهريب" زيت آخر أو "غش" الموجود بتطعيمه بأنواع أخرى من الزيت، وبالتالي ضرب المحصول الأصلي.
ويشكل الزيتون حوالي 45% من مساحة الأراضي المزروعة بفلسطين، والمقدرة بمليوني دونم تقريبا (الدونم يساوي ألف متر مربع) حيث يزرع 850 ألف دونم بنحو 11 مليون شجرة.
ويقول عبيد إن معدل إنتاج الكيلوغرام الواحد من الزيت يصل لأربعة دولارات، وهو سعر الزيت العالمي، بينما يبيع الفلسطيني زيته بستة دولارات للكيلو، ويضيف "الفائدة لا تكافئ تعبه وانتظاره طوال العام".
ورغم شح الموسم اتفق فياض وعبيد على أن تصدير الزيت تجاريا أو بشكل "أمانات" للمقيمين الفلسطينيين بالخارج سيتم، ولكن ستتراجع الكمية (من نحو أربعة آلاف طن إلى ألف تقريبا) خاصة وأن تجارا لديهم التزامات بذلك، وبالمقابل سيكتفي الزبون المحلي بكميات أقل بسبب غلاء الأسعار.