إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي

YOOBA

عضو مميز
إنضم
3 أغسطس 2016
المشاركات
1,703
التفاعل
6,054 0 0
-ترمب.jpg

أصدرت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2017، خطتها لما تعرف بـ "إستراتيجية الأمن القومي الأميركي". وتنطلق الخطة الجديدة من شعار حملة ترامب الانتخابية "أميركا أولًا". وتحدّد الإستراتيجية الجديدة مصادر التهديد لقوة أميركا وحلفائها في ثلاث مجموعات: القوى المنافسة وتحدّدها في روسيا والصين، والدول المارقة وتحدّدها في إيران وكوريا الشمالية، والمنظمات الإجرامية و"الجهادية الإرهابية" العابرة للحدود.

نقد مقاربات الإدارات السابقة
تُوجِّه الإستراتيجية الجديدة لإدارة ترامب نقدًا مبطنًا إلى إدارات أميركية سبقتها، خصوصًا المقاربتين الأمنيتين القوميتين لإدارتَي سلفَيْه جورج بوش الابن وباراك أوباما. وتشمل انتقادات ترامب تركيز إدارات سابقة على "التعاون" مع الحلفاء، وأطراف دولية أخرى، على حساب المصالح الأميركية. ويذكر مثالًا على ذلك توقيع اتفاقيات تجارية دولية جائرة بحق الولايات المتحدة، والاستثمار في بناء دول أجنبية وإهمال البناء في الولايات المتحدة. كما أنه انتقد عدم إصرار الإدارات السابقة على أن يدفع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) مخصّصاتهم للحلف كاملة؛ وهو ما سدّد ثمنه دافع الضرائب الأميركي والقوات العسكرية الأميركية. وانتقد كذلك عدم التصدّي لكوريا الشمالية مبكرًا، قبل أن تتحوّل إلى تهديد نووي حقيقي. وغمز من قناة "الصفقة الكارثية" مع إيران، عام 2015، فيما يتعلق ببرنامجها النووي، كما انتقد وضع قيود على إنتاج الطاقة أميركيًّا، وعدم تعزيز الأمن على الحدود الأميركية للحد من موجات الهجرة غير الشرعية. وانطلاقًا من نقده ذاك، أعلن أن إدارته ستعطي الأولوية لمصالح الولايات المتحدة.

"التنافس" بين "دول ذات سيادة"
يقوم عماد الإستراتيجية الأمنية القومية الجديدة للولايات المتحدة على افتراض وجود تنافسٍ دوليٍّ على المصالح بين أطراف مختلفة، على أساس أن "السباق نحو القوة ثابتٌ تاريخيٌّ لا يتغير". وترى إدارة ترامب أن هذا التنافس يجب أن يكون بين دولٍ "ذات سيادة"، وأنه
"يقوم عماد الإستراتيجية على افتراض وجود تنافسٍ دوليٍّ على المصالح بين أطراف مختلفة، على أساس أن "السباق نحو القوة ثابتٌ تاريخيٌّ لا يتغير""
"أفضل أمل لعالم يسوده السلام، وللمصالح القومية الأميركية". غير أن الإستراتيجية الجديدة تنبّه إلى أن التنافس اليوم تشارك فيه دول مارقة، مثل كوريا الشمالية وإيران، ومنظمات إرهابية وإجرامية عابرة للقارات. وحتى ضمن "الدول ذات السيادة"؛ تشكك المقاربة في دور دولتين مركزيتين، وهما روسيا والصين، على أساس أنهما لا تقبلان قواعد النظام الدولي القائم على النفوذ الأميركي. وتخلص الوثيقة إلى أن المجموعات الثلاث السابقة "تنافس في الساحات السياسية والاقتصادية والعسكرية، كما تستخدم التكنولوجيا والمعلومات لتسريع المنافسات، بهدف تغيير توازنات القوى الإقليمية لمصلحتها". وإزاء تلك التحدّيات، تؤكّد الإستراتيجية الجديدة أن الولايات المتحدة ستكون لديها الإجابة عن "تصاعد المنافسة الدولية سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا"؛ ذلك أنه "كما أن الضعف الأميركي يأتي بالتحدّيات، فإن القوة والثقة الأميركيتين تمنعان الحرب وتعزّزان السلام".
5a375c76d4375061438b45ef.jpg


ركائز الإستراتيجية الجديدة
للتصدّي للتحديات السابقة في سياق "التنافس"، فإن الإستراتيجية الجديدة تنطلق من "الواقعية المبدئية"، وتسترشد بالمصالح القومية الأميركية، وتتطلب "دمج كل عناصر القوة القومية والمنافسة بكل وسيلة متاحة لنا". وتحدّد الإستراتيجية أربع ركائز لتحقيق ذلك، هي:
1.حماية الشعب الأميركي ونمط عيشه، ويتم ذلك من خلال:
• تعزيز أمن الحدود الأميركية، بما في ذلك بناء جدار على الحدود الجنوبية مع المكسيك، لمنع تسلل المهاجرين غير الشرعيين، أو "إرهابيين" محتملين، وإعادة النظر في قوانين الهجرة وما فيها من ثغرات.
• الاستمرار في مواجهة "الجهاديين الإرهابيين" وهزيمتهم، هم وأيديولوجيتهم العنيفة، ومنع انتقالها إلى الولايات المتحدة، وانتشارها فيها، خصوصًا عبر الفضاء الإلكتروني.
• تفكيك المنظمات الإجرامية العابرة للقارات، كعصابات المخدّرات.
• تعزيز الأمن الإلكتروني الأميركي، في ظل الهجمات والقرصنة الإلكترونية المتصاعدة.
• الحد من انتشار الأسلحة الكيماوية والجرثومية والنووية، ومنع وصولها إلى أعداء الولايات المتحدة، وتعزيز الدفاعات الأميركية للتصدّي لأي هجومٍ بأسلحة دمار شامل، بما في ذلك كوريا الشمالية.
2. تعزيز الازدهار الأميركي. بحسب ترامب، تعترف الإستراتيجية الأمنية القومية، لأول مرة، أن "الأمن الاقتصادي هو أمن قومي". ويضيف: "الحيوية الاقتصادية، والنمو، والازدهار الداخلي، هي ضرورات للقوة والتأثير الأميركيين الخارجيين"، ويتحقق ذلك من خلال:
• تحديث البنية التحتية الأميركية كاملة، من طرق وجسور ومطارات واتصالات وممرّات مائية.
• بناء علاقات اقتصادية خارجية عادلة ومتبادلة، ووضع حد للعلاقات التجارية المختلة والمجحفة بحق الولايات المتحدة.
"ليس الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي السبب الرئيس في أزمات المنطقة، بل التهديد الإيراني وتهديد التنظيمات الإرهابية"

• تعزيز الهيمنة الأميركية في مجال الطاقة، عبر رفع القيود عن استغلال مخزونات الطاقة الأميركية الوفيرة، بما في ذلك، الغاز الطبيعي، والفحم، والبترول، والطاقة المتجددة.
• الريادة في البحث العلمي، والتكنولوجيا، والاختراع.
3. الحفاظ على السلام عبر القوة. يرى ترامب أن "الضعف هو أقصر الطرق لوقوع الصراعات، والقوة التي لا تضاهى هي أنجع الوسائل للدفاع". ولذلك، فإن الإستراتيجية الجديدة تدعو إلى:
• تعزيز القدرات التنافسية الأميركية، في مجال الردع والأسلحة الحديثة، وأسلوب القيادة العسكرية ومقاربة الأخطار.
• تجديد القدرات العسكرية الأميركية، من حيث التسليح والصناعة والعمل الاستخباراتي، وفي مجال الحروب الإلكترونية، فضلًا عن تعزيز السيطرة الأميركية في مجال الفضاء، ووقف أي اقتطاعاتٍ في الموازنة العسكرية، إذا كانت تؤثر سلبيًّا في ذلك.
• تعزيز القدرات التنافسية الدبلوماسية، وجعل الدبلوماسية الأميركية في خدمة المصالح القومية الأميركية، بما في ذلك المصالح الاقتصادية.
4. تعزيز النفوذ الأميركي في العالم.. يشدّد ترامب، في هذا البند، على أن النفوذ الأميركي على الصعيد العالمي مرتبط بقوة أميركا داخليًّا. كما أنه يشدّد على أن أميركا ستحافظ على تحالفاتها الدولية، شريطة أن يقوم الحلفاء أيضًا بالأدوار المطلوبة منهم، وأن يكون التعاون متبادلًا. وتفيد الوثيقة بأن الولايات المتحدة ستدافع عن قيمها، من دون محاولة فرضها على أحد، وفي هذا نقد ضمني لفكرة تصدير الديمقراطية، أو التضامن مع قضايا مثل حقوق الإنسان في الخارج.

الشرق الأوسط في الإستراتيجية الجديدة
لم يغب الشرق الأوسط عن الإستراتيجية الأمنية الأميركية الجديدة، غير أن حضوره كان عبر أزماته. فبحسب هذه الإستراتيجية، تهدف الولايات المتحدة إلى أن لا يكون الشرق الأوسط "ملاذًا آمنًا أو أرضًا خصبة للإرهابيين الجهاديين، وأن لا تهيمن عليه أي قوةٍ معاديةٍ للولايات المتحدة، وبأن يبقى مصدرًا لاستقرار سوق الطاقة العالمي". وعلى الرغم من أن الشرق الأوسط كان دائمًا على رأس الأجندة الأمنية القومية للولايات المتحدة، عبر إداراتها المتعاقبة، بما في ذلك إدارتَي بوش وأوباما، فإن إدارة ترامب تُحَمِّلُ، ضمنيًّا، إدارتيهما مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في الإقليم والمتعلقة "بالتوسع الإيراني، وتنامي الأيديولوجيا الجهادية، والركود الاجتماعي والاقتصادي، والمنافسات الإقليمية التي هزّت الشرق الأوسط". ووفق تلك المقاربة، فإن إصرار إدارة بوش على إحداث تحول ديمقراطي في الشرق الأوسط، ومحاولة إدارة أوباما فك ارتباطها بهذه المنطقة، لم يحصّنا الولايات المتحدة من مشكلاتها. وعلى الرغم من ذلك، لا تقدّم إستراتيجية إدارة ترامب حلولًا لمشكلات الإقليم على نحو مختلف جوهريًّا عن الإدارات السابقة، بل إنها تغرق في توصيف المشكلات كما يلي:
• تمثّل المنطقة موطن المنظمات الإرهابية الأخطر في العالم، وأهمها "داعش" و"القاعدة"، وقد ساهمت هذه المنظمات في إحداث حالة من اللااستقرار في المنطقة.
• استغلت إيران هذه الحالة، لتوسيع نفوذها في المنطقة من خلال وكلائها وشركائها، وهي تواصل زعزعة استقرار المنطقة وإدامة العنف فيها. هذا فضلًا عن استمرارها في تطوير برنامج صواريخها الباليستية، وتعزيز قدراتها الاستخباراتية، وشن الهجمات الإلكترونية، على الرغم من توقيع الاتفاق النووي عام 2015.
• ليس الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي السبب الرئيس في أزمات المنطقة، بل التهديد الإيراني وتهديد التنظيمات الإرهابية (وهذا التحليل مماثل للموقف الرسمي الإسرائيلي).
• يدرك زعماء كثيرون في المنطقة هذه المعطيات، ويعملون مع الولايات المتحدة على مكافحة التطرّف والإرهاب، والتصدّي لجهود إيران التخريبية في المنطقة، وهم يرون في إسرائيل شريكًا في ذلك.
"النفوذ الأميركي على الصعيد العالمي مرتبط بقوة أميركا داخليًّا. وأميركا ستحافظ على تحالفاتها الدولية، شريطة أن يقوم الحلفاء أيضًا بالأدوار المطلوبة منهم"

trump_-_mcmaster.jpg

خلاصة
تتمثّل الإستراتيجية المعلنة في ورقةٍ تجمع بين الشعبوية القومية ومواقف اليمين المتشدّد في السياسة الخارجية، بما في ذلك لغة ومفردات تجنبت الإدارات السابقة استخدامها، ومواقف المؤسسة الحاكمة ومحاولاتها كبح نزوات الرئيس. وقد نجحت الإستراتيجية الجديدة، في رأي المدافعين عنها، في التوفيق بين تفادي السقوط في فخ الانعزالية، وعدم الانجرار إلى تحالفاتٍ دوليةٍ لا تكون الولايات المتحدة القائدة فيها، ولا يتقاسم الحلفاء الأعباء كما يفترض بهم. ويذهب هؤلاء إلى أنها تمثّل عودةً إلى نظرةٍ عالمية، توحي بحقبة "القوى العظمى" في القرن التاسع عشر، ضمن سياق المنافسة، وتكون الدبلوماسية في خدمتها، وليس تنظيمًا وإدارةً لنظام تعاوني بين الحلفاء. غير أن حلفاء أميركا قلقون من سياسات إدارة ترامب تجاه ملفات عديدة، منها التوتر المتصاعد مع كوريا الشمالية، فضلًا عن تهديد الاتفاق النووي مع إيران، وفي المواقف الضبابية من أزمة الخليج، وعدم وضوح العلاقة مع روسيا، والشكوك في الالتزام المطلق بأمن أوروبا، إضافة إلى العبث بمسيرة السلام الفلسطينية - الإسرائيلية المجمدة ... إلخ.
هذه كلها عوامل تثير شكوكًا لديهم حول موثوقية الحليف الأميركي، وقدرته على القيادة. وإضافة إلى ذلك، تقوم الإستراتيجية على التناقض عند الحديث عن "النظام الدولي"، إذ إنها تجادل بأنه أضرّ بالولايات المتحدة، ولكنها، في الوقت ذاته، تتهم روسيا والصين برفض النظام الدولي القائم ومحاولة تخريبه. وهو ما دفع بعض الناقدين إلى اتهام إدارة ترامب بالانضمام إلى تَيْنِكَ الدولتين، في رفض أسس النظام العالمي القائم حاليًا. وعلى الرغم من أن ترامب فاخر بأن الإستراتيجية الجديدة تمثّل ترجمة لأفكاره، فإن من يقارن الخطاب الذي كشف فيه عن هذه الإستراتيجية، بوثيقة الإستراتيجية نفسها، سيجد بينهما تناقضًا بينًا في عدد من الملفات. وهو ما يوحي أنها عكست توازنات المهنيين المحترفين والسياسيين والأيديولوجيين داخل إدارته. فمثلًا، لا تستخدم الوثيقة تعبير "الإرهاب الأصولي الإسلامي" الذي أورده ترامب في خطابه، بل تستخدم بدلًا منه "الجهاديين الإرهابيين". وفي حين تشير الوثيقة إلى روسيا نحو اثنتي عشرة مرة، وانتقدت تدخلها في شؤون البلدان الأخرى، وتتهمها بمحاولة إضعاف الولايات المتحدة، فإن ترامب لم يشر إلى روسيا إلا مرة، إلى جانب الصين، واصمًا كلتيهما بـ "القوى المنافسة".
باختصار، قد يكون ترامب مؤمنًا بأن الولايات المتحدة تخوض منافسة دولية، ليس مع الخصوم فحسب، بل مع الحلفاء كذلك. وقد يكون مقتنعًا بأن الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة التي ينبغي لها أن تقود وتقرر عالميًّا، غير أن هذا لا يغير من الواقع شيئًا. فحتى الملفات الأهم لإدارة ترامب، وتحديدًا الملف النووي الكوري الشمالي، لا يمكنها حله من دون التعاون مع قوى "منافسة" وعلى رأسها الصين وروسيا. وهنا يكمن الفرق بين الشعارات الانتخابية و"الواقعية السياسية" التي تقول إدارة ترامب إنها تسترشد بها.


مر

استراتيجية الأمن القومي الأمريكي وأعمدة الإخضاع الأربعة


%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A.jpg


في تعليقه الرسمي على «استراتيجية الأمن القومي الأمريكي» للعام 2018، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن «الأمة التي لا تحمي رخاءها في الداخل، لا تستطيع حماية مصالحها في الخارج. والأمة التي ليست مستعدة للانتصار في حرب، هي أمة ليست قادرة على منع حرب». وأضاف: «الأمة التي لا تفخر بتاريخها، لا يمكن أن تكون واثقة من مستقبلها. والأمة التي ليست متأكدة من قيمها، لا يمكن أن تستجمع إرادة الدفاع عنها».
ولكن هذه اللغة المثالية لم تكن تخفي حقيقة المضامين الفعلية المعاكسة التي تتخذها سياسات الولايات المتحدة، سواء في الداخل على أصعدة خيانة القيم الأمريكية ذاتها، وانتهاك الحقوق المدنية للمواطن والإخلال بالممارسة الديمقراطية، أو في السياسة الخارجية وحروب التدخل العسكري ومحاباة أنظمة الاستبداد والتخلف. كذلك فإن عبارات ترامب الفضفاضة لا تطمس وقائع السياسات التي تعتمدها الإدارة الراهنة وتتسبب في اختلال علاقة أمريكا مع العالم خارج المحيط، وفي عزلتها شبه التامة، كما في انفرادها مع إسرائيل في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.
والاستراتيجية الجديدة تقوم على أربعة أعمدة، هي حماية أرض الوطن، وتعزيز الرخاء الأمريكي، والحفاظ على السلام عبر القوة، وتوطيد المصالح الأمريكية. وعلى المستوى العملي، يعني العمود الأول فرض المزيد من إجراءات حظر السفر إلى أمريكا، وبناء أسوار عازلة مع الأمم الأخرى، وإعادة إحياء مفهوم «الحدود» بوصفه ركناً وقائياً ودفاعياً. والعمود الثاني سبق أن ترجمته الإدارة الجديدة في إطلاق حروب التبادل، أو إعادة النظر في اتفاقيات تنظيم التجارة الدولية، بالإضافة إلى تنشيط مبيعات الأسلحة بمليارات الدولارات.
العمود الثالث، ورغم أنه يسترجع عقيدة رونالد ريغان القديمة، فإنه يضيف إليها بعداً جديداً هو رفض إدراج اتفاقيات المناخ ضمن المخاطر التي تهدد السلام العالمي، وفي الآن ذاته إدراج حماية الاقتصاد الأمريكي ضمن العناصر الأولى والمرتكزات الكبرى للأمن القومي الأمريكي. وأما بصدد العمود الرابع، فإن تنويعات الحديث عن صيانة المصالح الحيوية للولايات المتحدة لا تكاد تغيب عن أي صفحة من الصفحات الـ68 لاستراتيجية 2018.
وحول الشرق الأوسط، ضمن باب «الاستراتيجية في سياق إقليمي»، يقول التقرير صراحة إن الولايات المتحدة تبحث عن شرق أوسط ليس مرتعاً للإرهابيين الجهاديين، ولا تهيمن عليه قوة معادية لأمريكا، ويسهم في سوق طاقة عالمي مستقر. لكن وقائع العقود الأخيرة تشهد أنّ أجهزة الاستخبارات المركزية، بترخيص مباشر من البيت الأبيض، هي التي كانت وراء هندسة «الصناعة الجهادية» في أفغانستان، والتي سوف تنطلق في مشارق الأرض ومغاربها بعد جلاء السوفييت. وأما إيران، التي تشير إليها الاستراتيجية الجديدة مراراً، فإنها لم تصبح قوة إقليمية مهيمنة إلا نتيجة الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003. ومعروفة، أخيراً، طبيعة السياسات النفطية التي ظلت واشنطن تمليها على السعودية، أو تفرض تطبيقها على العراق في ظل الاحتلال الأمريكي.
وإذا صح أن هذه الاستراتيجية الجديدة تهتدي بعقلية ترامب في كثير من مفاصلها، فالصحيح أيضاً أنها ليست طارئة تماماً على استراتيجيات سابقة لها، وتظل في الجوهر وفية لاستراتيجية أصلية، عمادها إخضاع العالم وتسخيره لإرضاء الولايات المتحدة، حتى في أوج الانعزال عنه.



 
«العدو هو طهران».. كيف ستكون استراتيجية أمريكا في الشرق الأوسط عام 2018؟
Ibrahim-200x200-1-64x64.jpg


GettyImages-897242322-768x512.jpg


عامٌ يقترب من النهاية، وآخر جديدٌ قادمٌ في الأرجاء، وما زالت منطقة الشرق الأوسط هي إحدى أبرز المناطق المشتعلة في العالم أجمع، وما زال الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، يتغير مع مرور الوقت، ولا يستقر على حالٍ واحدٍ؛ وذلك نظرًا لانعدام خبرته السياسية في نظر العديد من المحللين.


وخلال الأشهر الثلاثة القليلة الماضية، حدثت الكثير من الأحداث المحورية في الشرق الأوسط، ساهمت في لفت نظر وانتباه العالم؛ من كركوك إلى سوريا، ومن بيروت إلى صنعاء، ومن التهديدات الإيرانية على الأهداف السعودية والإمارات، إلى الهجمات الإسرائيلية على حزب الله وإيران في الأراضي السورية، مما شكَّل نمطًا يدل على اتساع العديد من الأزمات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، في ظل غياب استرتيجية توجيهية للولايات المتحدة الأمريكية في نظر بعض المحللين.

ومن هنا يحاول هذا التقرير، بالاستعانة التي أصدرها ، وكتبها الدبلوماسي الأمريكي المرموق، ، الخبير في أمور الشرق الأوسط، وسفير الولايات المتحدة السابق في عدة مناطق في الشرق الأوسط، مثل تركيا، والعراق، وعضو لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، والتي حاول فيها أن يضع توقعاته وتحليلاته لعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالشرق الأوسط، أن يجيب على سؤال كيف ستبدو الأوضاع بين الولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأوسط في عام 2018؟

ترامب يتعلَّم وغير مستقر على حال
من المعروف عن دونالد ترامب في نظر المراقبين صفة التسرع؛ فدائمًا ما يتخذ القرارات ، مثلما حدث في قرار حظر دخول المسلمين للولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك يمكننا فهم الغارة الجوية الأمريكية على سوريا، وكيف تمت بسرعة شديدة بعد مجزرة خان شيخون بعدد قليل من الساعات والأيام.


صفة أخرى تعيب دونالد ترامب في موقعه الحالي في نظر بعض المراقبين، وهي انعدم خبرته السياسية، فهو لم يتول أية مراكز سياسية من قبل، وإنما كانت رؤيته السياسية دائمًا نابعة من منظور المصلحة الشخصية، وذلك نظرًا لكونه رجل أعمال في المقام الأول، وذلك طبقًا لما أكدت عليه المفكرة والصحافية الكندية، في كتابها الأخير « ».

اقرأ أيضًا:

ونتيجةً لذلك، فإن عددًا من المحللين يرون أن ترامب حاليًا في طور تكوين أفكاره السياسية الخالصة، الخاصة بالسياسة الخارجية وغيرها، والتي قد تختلف عن أفكاره وقت الحملة الرئاسية عامي 2015، و2016، ولذلك فهو متذبذب بشدة في الوقت الحالي، وقد يتخذ إجراءات متناقضة مع أفكاره وقت الحملة، ومن ضمنها رأيه في حل الأزمة السورية الذي تغيَّر لنقيضه في أقل من أربعة شهور من بداية فترة حكم الرئيس الأمريكي.

على مدار ما يقرب من ست سنوات منذ بداية الصراع في سوريا في 2011، ظلت الولايات المتحدة الأمريكية – في عهد رئيسها السابق باراك أوباما – في صف كل من هو ضد النظام السوري، وبالتالي في مواجهة ضد كل من يؤيد أو يدعم نظام بشَّار الأسد، بدايةً من إيران، وانتقالًا إلى روسيا، أو حتى حزب الله. كما أكدت الولايات المتحدة على لسان مسئوليها على مدار هذه السنوات؛ سواء كان بارك أوباما، أو هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة، أو حتى جون كيري، وزير الخارجية الحالي، أو غيرهم، على أنها لن تدعم بشَّار الأسد بأي شكل من الأشكال، كما أنها لا توافق على أي حل للأزمة يتضمن وجود بشَّار الأسد في السلطة، أو في مستقبل سوريا بأي شكل من الأشكال.

ولكن، بوصول الرئيس الجديد، دونالد ترامب، إلى الحكم، فإنه جاء في بداية الأمر برؤية تجاه الأزمة السورية تتمثل في عدة نقاط أبرزها التوقف عن دعم المعارضة السورية بأي شكل من الأشكال، وذلك رغم طلبها المساعدة منه، بالإضافة إلى التحالف ودعم نظام بشَّار الأسد عن طريق التحالف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فضلًا عن اعتباره أن «تعزيز نظام الأسد هو الطريق الأفضل للقضاء على التطرف الذي ازدهر في فوضى الحرب الأهلية، والذي يهدد الولايات المتحدة»، ولكن الوضع اختلف تمامًا بعد مرور أربعة أشهر فقط من بداية حكم ترامب؛ فتغير ترامب من الصديق الوفي والداعم للأسد لعدوه الذي يقاتله؛ حيث شرع في ضرب مواقع سورية تابعة للنظام السوري بعدد من الصواريخ بعد ما عُرف إعلاميًا باسم «مجزرة خان شيخون».

كيف تبدو الاستراتيجية السياسية للولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط في 2018؟
تتمثل أهمية منطقة الشرق الأوسط للولايات المتحدة الأمريكية في ظل اعتبار المنطقة جزءًا من المنطقة الجغرافية الأوسع المتمثلة في أوروبا وآسيا « »، والتي يكمن أمنها ضمن الأهداف الأمريكية الرئيسية منذ عام 1917.

ومنذ عام 1947 تقريبًا، اعتُبر الشرق الأوسط مصدرًا للصراعات والنزاعات، التي يصل مداها وتأثيرها إلى مختلف دول العالم؛ حيث تكمن أهمية الشرق الأوسط للولايات المتحدة في اعتباره عنصرًا أساسيًا في نظام الأمن العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

ومن هنا، فإن الولايات المتحدة ترى أن الفشل في حل النزاعات في المنطقة يؤثر على أمنها، وأمن حلفائها، وحتى على الاستقرار الأمريكي الداخلي، وذلك مثلما حدث في موجات الهجمات العنيفة التي شهدها عام 2017 في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، والتي جاءت بالأساس من منطقة الشرق الأوسط، في ظل تصاعد تأثير تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في منطقة الشرق الأوسط، وانتقاله منها إلى أوروبا والولايات المتحدة.



وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك عددًا من الأزمات المختلفة الأخرى التي تمس الولايات المتحدة، وقادمة بالأساس من الشرق الأوسط، مثل أزمة تدفق اللاجئين من سوريا، والتهديدات الناجمة عن أسلحة الدمار الشامل التي استخدمت بكثرة مؤخرًا في سوريا، مثل الأسلحة الكيماوية وغيرها، ووصولًا إلى أزمة الطاقة والنفط في عدد من المناطق في المنطقة، والتي تؤثر بشكلٍ رئيسي على الاقتصاد الأمريكي والعالمي.

اقرأ أيضًا:

ويرى جيفري، أن الولايات المتحدة الأمريكية الآن أمام فرصة كبيرة للاستفادة من شركائها الأمنيين في المنطقة، خاصةً في ظل تفوق الإدارة الأمريكية إلى جانب شركائها في المنطقة، على إيران من وجهة نظره، حتى ولو كانت مدعومة من قِبل روسيا؛ حيث تأتي الغالبية العظمى من صادرات النفط من منطقة الشرق الأوسط من شركاء الولايات المتحدة، بحسبه.

تدعيم علاقة الولايات المتحدة بحلفائها في المنطقة سيمكِّنهم من صد أي أحلام إيرانية باعتبارها قوة ثورية دينية قادرة على حشد حلفاء محليين من المنطقة من الشيعة الذين يشكلون 15% من سكان الشرق الأوسط، خاصةً في ظل استعداد غالبية الشيعة في المنطقة لدعم إيران بشدة، في الوقت الذي لم يشعروا بالقلق فيه تجاه دعمها لنظام بشَّار الأسد في قمع المعارضة، واستخدام الأسلحة الكيماوية، بحسب ما يقوله جيفري.

إيران هي الخطر الرئيسي الأول في المنطقة للولايات المتحدة
مع اعتبار زوال «داعش»، بعد انتصار المعارك المختلفة في الرقة، والموصل، وغيرهم، فإن الخطر الرئيسي الآن للويات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط أصبح يتمثل في إيران، خاصةً في ظل اعتبارها دولة تطمح للهيمنة في المنطقة، في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية المختلفة، والتي تصب في مصلحتها.

اقرأ أيضًا:

ويرى جيفري أن الطموح الإيراني للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط ليس فقط أهم ما يميز إيران في الوقت الحالي، وإنما اعتبارها قوة ثورية ، أي مدعومة بحكم ديني، جعلها نقطة مهمة تصب في مصلحة إيران؛ حيث إنها تعمل على تحفيز التهديدات الإقليمية والعنف المتطرف، وذلك مثلما حدث في حالة صعود «داعش»؛ فقد أدى قمع الأنظمة العربية السنية للبدائل الشيعية في المنطقة دون إيران في العراق وسوريا، إلى تحوُّل «داعش» من فرقة تنظيمية صغيرة في الموصل في 2012، إلى قوة إقليمية كبرى بحلول عام 2014، مما يعني أننا الآن نخاطر أمام تكرار نفس السيناريو.



ومن المتوقَّع للخطة الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط لعام 2018، أن تعمل في البداية على تحليل استراتيجية إيران في المنطقة، وذلك من أجل تجنب التصادم معها في الوقت الذي تتقدم فيه إيران في عدد من دول المنطقة التي يتواجد فيها إدارات ضعيفة، خاصةً أن التواجد الإيراني في هذا الوقت سيكون عن طريق إيران نفسها، وليس عن طريق المجموعات الموالية لإيران والمتواجدة محليًا في عدد من الدول العربية مثلما كان يحدث سابقًا؛ ربما بالتدخل العسكري المباشر عن طريقها، وبالتالي فإن «جيفري» يرى أنه من المتوقع للولايات المتحدة الأمريكية أن تعمل على تدعيم الدول القومية في المنطقة، والتصرف بشكل أسرع تجاه الإخفاقات من قبل الأنظمة العربية الضعيفة في المنطقة، وذلك من أجل سد أي محاولات لانتشار الجماعات المسلحة، أو أي ثغرات تستغلها إيران من أجل التدخل في المنطقة، مثلما هو الحال في الوقت الحالي في اليمن.

هل سيؤدي تدعيم العلاقات مع العراق لوقف النفوذ الإيراني؟
الجبهتان الرئيسيتان اللتان ستركز عليهما الولايات المتحدة الأمريكية على الأرجح بخلاف إيران هما سوريا والعراق؛ ففي العراق، يبدو أن العلاقات الأمريكية العراقية أكثر استقرارًا في الوقت الحالي، خاصةً في ظل تشارك وجهات النظر بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء العراقي، حيدر العبَّادي؛ حيث يشتركان سويًا في معاداة إيران، ويشاركهم في ذلك عدد من رجال الدين الشيعي في العراق، وذلك طبقًا لما جيمس جيفري، الذي كان سفيرًا للولايات المتحدة في العراق من قبل.

وخلال عام 2018، من المتوقع أن تعمل الولايات المتحدة على تدعيم العلاقات مع الإدارة العراقية، ومحاولة دمج العراق في المجتمع الإقليمي والعالمي، خاصة بعد القضاء على جميع المناطق التي كانت مركزًا لتواجد أفراد «داعش» من قبل، بما في ذلك إعادة الإعمار، والمساعدة في قطاع الطاقة في العراق.

كما أنه من المتوقَّع أن تضغط الولايات المتحدة من أجل استمرار وجود التدريب العسكري الأمريكي للجنود العراقيين، وذلك لمنع عودة ظهور أي أفراد من قِبل «داعش» مرة أخرى، ومن أجل ضمان عدم اعتماد العراق على إيران للدعم العسكري في حالة حدوث ذلك.

وفي الوقت نفسه، يرى جيفري أنه يجب ألا تعتمد العراق بشكلٍ رئيسي على الولايات المتحدة، وتتحول إلى برلين الغربية الشرق أوسطية، لأن ذلك غير مُجد في الوقت الحالي، ولكن الأولى لها ألا تسمح لإيران، ولا للولايات المتحدة، بالتحكم الكامل في السلطة العراقية، وفي حالة سماح الحكومة العراقية لإيران بالتدخل في شئونها، فإنها بذلك ستخسر الدعم الاقتصادي، والدبلوماسي الأمريكي.

لماذا ستبقى القوات الأمريكية في سوريا؟ وإلى متى ستبقى؟
وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» على لسان ، إريك باهون، وذلك في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أن القوات الأمريكية الموجودة في سوريا ستبقى طالما كان ذلك ضروريًا لضمان عدم عودة أعضاء تنظيم الدولة «داعش»، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستحافظ على التزامها على أرض المعركة، وستدعم شركاءها في المنطقة بحسبه من أجل وقف الجماعات الإرهابية، واستعادة الأراضي المفقودة، وتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة.

وأكد باهون أن التواجد الأمريكي في سوريا سيظل مرتبطًا بالأوضاع هناك، ولن يكون هناك جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من هناك.

ولسنوات، عملت كل من الولايات المتحدة، وروسيا، في حملات منفصلة في سوريا من أجل القضاء على «داعش»، وفي الوقت الحالي، فإن روسيا، مع حلفائها في سوريا، النظام السوري بقيادة بشَّار الأسد، وإيران، قد أعادوا السيطرة على غالبية المدن السورية التي سيطر عليها «داعش» من قبل، وبالتالي فإنهم يشككون في الوقت الحالي في استمرار وجود واشنطن في سوريا، في ظل تخوفات من اشتراكها في صراعات طويلة المدى مثل تلك التي حدثت في أفغانستان، والعراق، من قبل.

المختلف في تصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية هذه المرة هو أنه أكد أن القوات الأمريكية في سوريا ستبقى من أجل «صد المؤامرات والهجمات الخارجية»، وذلك في إشارة منه إلى زيادة النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وسوريا في الفترة الأخيرة.

اقرأ أيضًا:

قد تصدق الولايات المتحدة هذه المرة بأن وجودها هو من أجل ضمان عدم عودة «داعش» بالأساس، ولكنه أيضًا يطعن في حرية روسيا وإيران في سوريا. وإضافةً إلى حلفاء الولايات المتحدة المحليين في الداخل السوري مثل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فإن هناك حلفاء آخرين غير محليين يعملون أيضًا عسكريًا في سوريا، مثل تركيا، وإسرائيل، ولهم هدف مشترك مع الولايات المتحدة وهو احتواء إيران، وذلك بحسب جيمس جيفري.

ولدى الولايات المتحدة ما على الأرض في سوريا، وذلك بزيادة 251 جنديًا عما كان الوضع في يونيو (حزيران) الماضي، ساعدوا في تدريب وإرشاد القوى المختلفة الشريكة للولايات المتحدة في حربها ضد «داعش»، ومن أبرزها «قسد»، والتي يغلب عليها الطابع الكردي، والتي تقاتل «داعش» ضمن التحالف الدولي الذي تقوده لمحاربة «داعش»، في الوقت الذي تعتبر فيه كل من روسيا، وإيران، وسوريا، أن التواجد الأمريكي في سوريا غير قانوني.

وفي الوقت نفسه، يحاول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المشي على جميع الحبال؛ بحيث لا يخسر حليفه المحلي في سوريا، المتمثل في «قسد»، وأيضًا ألا يخسر حليفه الدولي في المنطقة، وهو تركيا، ولكن النفوذ التركي وتأثيره القوي في المنطقة دفع الرئيس ترامب في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ، رجب طيب أردوغان، أثناء بحثهم الأوضاع في سوريا، بأن الولايات المتحدة ستوقف إعطاء الأسلحة والدعم العسكري للمقاتلين الأكراد من «قسد»، وذلك نظرًا للتاريخ الطويل من النزاع بين الأكراد والنظام الحالي في تركيا؛ حيث أكد ترامب أن وقف تسليح الأكراد هي خطوة كان لا بد من تنفيذها منذ وقتٍ طويل.

القضية الفلسطينية تتصدَّر من جديد.. توتر العلاقات مع الحليف أردوغان
عادت القضية الفلسطينية لتصبح الحديث الشاغل مرة أخرى في الأوساط السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، خاصةً في ظل الضغط الشعبي، والتظاهرات التي خرجت في مناطق عدة، والتي تضغط على الحكومات العربية، وحكومات الشرق الأوسط، باتخاذ إجراءات حاسمة تجاه هذه الأزمة.

اقرأ أيضًا:

ونتيجة لذلك، ستظل أزمة القدس عاملًا رئيسيًا فيما يخص إعادة تشكيل علاقة الولايات المتحدة بمنطقة الشرق الأوسط في عام 2018، وذلك بعد أن أدت إلى ظهور فجوة في العلاقات بين الولايات المتحدة، وأحد أكبر حلفائها في المنطقة، تركيا، بعد أن كانت في أقربها مثلما ذكرنا في الفقرة السابقة بعد محاولة طي الخلاف بين وجهتي نظريهما تجاه الوضع في سوريا؛ حيث هاجم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نظيره الأمريكي، ترامب، بسبب قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

sddefault.jpg


و إن «القدس خط أحمر بالنسبة للمسلمين»، مؤكدًا أن القرار الأمريكي الأخير يمكن أن يؤدي بتركيا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل مرة أخرى، بعد أن ، بعد انقطاع دام لمدة ست سنوات بسبب داعمين لفلسطين برصاص قوات خاصة من البحرية الإسرائيلية حينما اعترضت السفينة « » المتجهة بالمساعدات إلى غزة من أجل كسر الحصار عليها في عام 2010، والتي أُطلق عليها اسم « ».

بشكلٍ عام.. كيف كانت السياسة الخارجية الأمريكية خلال 2017؟
الخطوة الأبرز في السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط بعد أزمة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في 2017، هي ، وذلك في تغيير غريب في السياسة الخارجية الأمريكية في أبريل (نيسان) الماضي، وذلك نظرًا لتأييد ترامب لنظام الأسد من البداية.

اقرأ أيضًا:

وبالإضافة إلى ذلك، فقد ساهم ترامب في تشويه صورة الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها ركيزة ومصدرًا رئيسيًا لحقوق الإنسان والديمقراطية في العالم،؛ مما قلل من مكانتها الدبلوماسية في العالم؛ حيث عمل ترامب خلال فترة حكمه في الأشهر الستة الماضية على تعميق وتحسين علاقته بعدد من القادة المشهورين باستبدادهم، وقمع شعوبهم، ومخالفة الديمقراطية، وانتهاك العديد من حقوق الإنسان؛ مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك سلمان، ملك السعودية، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينج، والرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي، وغيرهم من القادة الشموليين في جميع أنحاء العالم، بحسب ما صحيفة «الجارديان» البريطانية.

اقرأ أيضًا:

وبدلًا من أن تكون صورة الولايات المتحدة الي تصدرها لنفسها دائمًا أنها راعية للديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، أدى تأييد ترامب في عام 2017 لهؤلاء القادة وغيرهم إلى كثرة الانتهاكات التي يفعلونها ضد شعوبهم، وضد حقوق الإنسان من وجهة نظر العديد من المراقبين داخل تلك البلدان. وفي المقابل، عمل ترامب على تسطيح علاقاته مع دول الاتحاد الأوروبي، التي ما زالت ترفع شعارات الإصلاح الديمقراطي في العالم، وتطالبه بها طوال.


على جانب آخر فإن الجولات الخارجية لترامب، كانت مليئة بالمواقف الكوميدية؛ ربما بقصدٍ أو بدون قصد، ولكن من المؤكد أنها تجعل من نفسه، ومن الولايات المتحدة مزحة يضحك عليها العالم كله في نظر الكثيرين. لا يستقر ترامب على حال واحد؛ فكل حين برأيٍ مختلف، وذلك انطلاقًا من مصلحته الشخصية، القائمة بالأساس على رأس المال، وذلك نظرًا لكون ترامب رجل أعمال بالأساس قبل أن يكون رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية مثلما الكاتبة والصحافية الكندية، في أكثر من مناسبة.

اقرأ أيضًا:

وعلى الوجه الآخر، وعلى الرغم من أن ترامب لديه العديد من السقطات فيما يخص السياسة الخارجية الأمريكية، إلا أن النقطة الإيجابية الوحيدة فيما يخص السياسة الخارجية الأمريكية في عام 2017، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية، انه لم يبدأ حربًا؛ حيث علَّقت الصحيفة البريطانية في لها في يوليو (حزيران) الماضي بعنوان «الخبر السعيد هو أن دونالد ترامب لم يبدأ حربًا»، وذلك في إشارة منها إلى التي كانت على وشك البداية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، لتؤكد أن هذه النقطة تظل نقطة إيجابية، وبالتالي فليس لديه وصمة عار بحسبها مثل تلك التي فعلها جورج بوش الابن – على سبيل المثال في بدايته – عبر شنه الحروب والتدخلات العسكرية في عدد من البلاد، بالإضافة إلى احتلال العراق، كل هذه التدخلات التي فعلها بوش الابن كلفت الولايات المتحدة الكثير والكثير من الأموال، والأرواح، والانتقادات، والعداء.
 
عودة
أعلى