العراقييـــن كانـــوا أحـــد ضحاياهـــا !!
نمـــــاذج القـــــردة التـــــي حكمــــت العديـــــد مـــــن الجيـــــوش العربيـــــة
نمـــــاذج القـــــردة التـــــي حكمــــت العديـــــد مـــــن الجيـــــوش العربيـــــة
نماذج القردة Monkey models هو التعيين غير الرسمي الذي أعطى من قبل الجيش السوفيتي إلى نسخ الأجهزة العسكرية (بشكل عام عربات مدرعة، طائرات، قذائف) ذات القابلية والقدرات دون المستوى جداً بالمقارنة مع التصاميم الأصلية، حيث كانت هذه النماذج مقصودة في الغالب لأغراض التصدير. بالنسبة لدبابات المعركة، نماذج القردة صدرت بتعيين واسم مماثل تقريباً كما في التصميم السوفيتي الأصلي original design، لكنها في الحقيقة افتقرت إلى العديد من الميزات الأصلية المتقدمة أو الغالية. فقد كانت هذه الدبابات مجهزة بأنظمة سيطرة على النيران من درجة أدنى، مستوى تدريع منخفض، تفتقر في الغالب إلى حماية NBC ومجهزة بذخيرة دون المستوى substandard. على سبيل المثال عرض السوفييت نماذج متقادمة من قذائف الطاقة الحركية المثبتة بزعانف، أمثال 3BM-12/15/17 عيار 125 ملم، التي وجهت للاستخدام مع عائلة الدبابات T-72. هذه صممت بشكل محدد للتصدير وكانت تتحصل على قابلية اختراق أقل بكثير مما تمتلكه النماذج السوفييتية الأصلية.
ففي كتابه "من داخل الجيش السوفييتي" Inside the Soviet Army الذي صدر العام 1982 ويتناول التنظيم العام ومذهب واستراتيجية القوات المسلحة السوفيتية، يتحدث الكاتب "فيكتور سوفروف" Viktor Suvorov عن المفاجأة التي تنتاب البعض عند مشاهدة بساطة الأسلحة السوفيتية، لكن في الحقيقة كل نوع من هذه الأسلحة ينتج بمغايرين أو بديلين مختلفين، أحدهما متكامل المواصفات والآخر هو نموذج القرد. ويضيف الكاتب أنه رأى اثنان من مغايرات عربة المشاة القتالية BMP-1، أحدها الذي هو معد لاستخدامات الجيش السوفيتي والآخر يقصد توجيهه لأصدقاء الاتحاد السوفيتي من الدول العربية. لقد كان بإمكانه كما يذكر حساب ثلاثة وستون اختلاف ألحق بالمغاير الثاني المخصص للتصدير أو "نموذج القرد" مقارنة بالنسخة الأصلية. من بين أهم هذه الاختلافات، عدم تجهيز مدفع العربة بنظام للتلقيم نصف الآلي semi-automatic وكذلك افتقادها لأداة مختصة باختيار نوع القذيفة. بينما في النسخة السوفيتية، المدفعي فقط يضغط الأزرار الملائمة والقذيفة التي يطلبها ستنزلق إلى حجرة الإطلاق. في النموذج المبسط، هذه العملية برمتها كان يجب أن تؤدى بشكل يدوي. علاوة على ذلك، المدفع لم يكن يتحصل على أداة استقرار stabilising system. في النموذج المبسط، البرج يدار والمدفع يرفع بطريقة ميكانيكية. في النسخة السوفيتية من العربة، هذا الأمر ينجز بشكل كهربائي والنظام الميكانيكي موجود فقط للدعم في حال إخفاق الأول. أيضاً النسخة التصديرية كانت مسلحة بصاروخ Malyutka، في حين أن النسخة السوفيتية كانت مزودة بالصاروخ الأحدث Malyutka-M، الذي يختلف عن النموذج الآخر في قدرات اختراقه وتحسين خصائص طيرانه. نموذج القرد كان بدون بطانة رصاص على جدران العربة الداخلية، والتي يفترض أنها تحمي الطاقم من اختراق الإشعاع النووي. أنظمة الرؤية البصرية كانت بسيطة للغاية، كما هو الحال بالنسبة لأجهزة الاتصالات. العربة لم تتحصل على كاشف آلي للتحذير من تسرب الغاز أو الإشعاع radiation/gas detector لمقصورة العربة. النسخة التصديرية لم تكن مجهزة بنظام آلي للغلق المحكم ولا بنظام لترشيح الهواء air filtration، للاستعمال في ظروف التلوث الشديد جداً، والعديد من الأنظمة الأخرى كانت مفقودة. وعندما سقط بعض نماذج القردة هذه بيد الاختصاصيين الغربيين، هم كسبوا انطباع خاطئ جداً false impression عن قابليات القتال الحقيقية للعربة BMP-1 وغيرها من الدبابات السوفيتية.
قصة المعاناة العراقية تعود في الأصل للعام 1976، عندما قرر وزير الدفاع السوفييتي آنذاك "دمتري أستينوف" Dmitriy Ustinov تخصيص T-72 كدبابة التصدير القادمة لزبائن السوفيت بدلاً من الدبابة T-62، وبشكل خاص لشركاء حلف وارسو Warsaw Pact (الممارسة السوفيتية كانت تسمح لزبائن التصدير ببناء وإنتاج مغايرات للدبابة T-72 متخلفة لنحو جيل خلف نظيراتها السوفيتية من ناحية حماية الدرع وأنظمة السيطرة على النيران). هذه النسخ التصديرية كانت عنصر هام في الحالة العراقية، خصوصاً مع كون جميع الدبابات T-72 التي بحوزتهم من هذا النمط أو النموذج، وهذه تضمنت بشكل عام دبابات T-72، T-72M و.T-72M1 اشترى العراق دفعته الأولى البالغة 100 دبابة T-72 Ural-1 من الإتحاد السوفيتي في العام 1979-1980 وكانت الدبابات مجهزة بمحدد مدى بصري من نوع TPD-2-49 (بدلاً من محدد المدى الليزري الذي شوهد لاحقاً على النسخ T-72M وT-72M1). ومقارنة بتلك التي يستخدمها الجيش السوفيتي، هي اختلفت بشكل رئيس في تصميم المقطع الأمامي للبرج من حيث حماية الدرع، بالإضافة إلى نوعية الذخيرة المستخدمة ونظام الحماية من الأسلحة الإشعاعية (أخذت هذه الدبابات جزء مهم في المرحلة الأولى للحرب العراقية الإيرانية).. بعد اندلاع الحرب مع إيران، حدد الإتحاد السوفيتي مبيعاته إلى العراق في الوقت الذي كانت فيه القيادة السوفييتية تتملق للإيرانيين أيضاً. على أية حال، شجع الإتحاد السوفيتي شركاءه في حلف في وارسو لأخذ مكانه في عمليات التصدير. هكذا وفي يناير العام 1982 باعت بولندا العراق دفعة من 250 دبابة T-72M. وفي شهر سبتمبر من نفس السنة، رفع الإتحاد السوفيتي حظر التسلح على نظام صدام حسين وبدأ ثانية ببيع دبابات T-72 إلى العراق. في المجمل، كان هناك حوالي 1100 دبابة من هذا النوع قد سلمت للجيش العراقي لاستخدامها من قبل قوات النخبة المسماة "الحرس الجمهوري" Republican Guard خلال الحرب مع إيران. ونتيجة لسياسة التصدير السوفيتية، زبائن مثل العراق لم يتلقوا دبابات تقارن بالنوعية الأفضل لتلك التي في خدمة الجيش السوفيتي آنذاك.
عند اندلاع حرب الخليج العام 1991، الجيش العراقي كان لديه حوالي 1000 دبابة T-72M وT-72M1 من كلتا المصانع السوفيتية والبولندية. هذه الدبابات تركزت في معظمها لدى الفرق المدرعة التابعة لقيادة قوات الحرس الجمهوري Republican Guards. لقد أدت هذه الوحدات بشكل سيئ جداً بسبب ضعف تقنيات الدبابات المستخدمة، والتأثيرات المنهكة لأسابيع من القصف الجوي لطيران التحالف. العديد من معارك الدبابات حدثت في الليل أو في ظل ظروف الطقس السيئة، حيث الدبابة T-72 كانت عمياء عملياً. نظام سيطرة على النيران السيئ في الدبابات العراقية أثبت لكي يكون سبب رئيس في سقوطها وفشلها المفاجئ مع بداية المعركة. فقد اعتمدت الدبابات T-72 على أنظمة الرؤية الليلية النشطة تحت الحمراء أو تكثيف وتضخيم الصورة السلبية للرؤية الليلية، بينما في المقابل الدبابات أمريكية M1A1 كانت تتحصل على تقنيات التصوير الحراري thermal imaging. لقد أتاحت مثل هذه الأنظمة، بالإضافة لمقومات أخرى، القدرة لدبابات M1A1 على مشاغلة غريمتها T-72 بشكل نموذجي من مديات تتراوح ما بين 2500-3000 م قبل هم يمكن أن يشاهدوا أو يرصدوا من قبل أطقم الدبابات العراقية. أنظمة التصوير الحراري thermal sights كانت مفيدة ليس فقط في الليل، بل في ساعات النهار أيضاً، خصوصاً عندما كانت الأحوال الجوية كثيراً ضبابية وساحة المعركة حجبت بالدخان. المناظير الحرارية يمكن أن ترى خلال معظم هذه الظروف لتحديد وتعيين مكان الأهداف المعادية، بينما العراقية T-72 كانت لحد كبير مغيبة عن مجرى العمليات. وفي العديد من الحالات الموثقة، الدبابات العراقية دمرت حتى قبل أن تتمكن من البدء بمشاغلة الدبابات الأمريكية.