بيان وزير الخارجية السابق جون كيري
إن قرار الرئيس ترامب اليوم حول إيران خطير، ويخلق أزمة دولية. إنه يُعّرض مصالح الأمن القومي الأميركي للخطر، وتلك المصالح التي تواجه أقرب حلفاءنا. إنه تخلي متهور عن الحقائق لصالح الأنا والأيديولوجيا من قبل الرئيس الذي يُفضل أن يلعب لعبة عالية المخاطر، لعبة الدجاجة، مع الكونغرس وجرف إيران بدلاً من الاعتراف بأن الاتفاق النووي فعّال. ويحدوني وطيد الأمل في أن البلدان الستة الأخرى الموقعة على الصفقة تثبت للعالم ما هو السلوك المسؤول، وأن تلتزم بهذا الاتفاق، بغض النظر عن الاتهامات المزيفة والاستفزازات المزعومة التي طرحها الرئيس ترامب.
لا أستطيع أن أخبركم لماذا لا يستطيع الرئيس الاعتراف بما تقوله الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA بالإضافة لحلفائنا وحتى البالغين في إدارته بأن كل شيء صحيح: لقد التزمت إيران حتى النهاية بالاتفاق النووي، وطالما أنهم يقومون بذلك فإننا وحلفائنا في أمان أكثر من عدم تطبيقهم له. ولكن مهما كانت أسباب ترامب، فإن الواقع يتمثل أنه من خلال زعزعة الاتفاق فإن الرئيس يضعف يدنا ويبعدنا عن حلفائنا، ويقوي المتشددين الإيرانيين، ويجعل حل أزمة كوريا الشمالية أكثر صعوبة، ويخاطر بتقريب الولايات المتحدة من مواجهة وصراع عسكري.
يجب على حلفائنا وكونغرسنا، الذين بقوا في غرفة مع السلطة، أن يتصرفوا الآن كالبالغين الوحيدين في الغرفة لحماية مصالحنا الوطنية. لقد خدمت في مجلس الشيوخ لمدة أكثر من 28 عاما، لا أستطيع أن أتخيّل عن لحظة أكثر أهمية من تلك التي كانت فيها الأصوات أكثر برودة وحكمة تجاه مسؤولية أكبر لوضع السياسة على المسار الصحيح. وهذا يعني رفض خطة الرئيس والتوخي من المناورات التشريعية التي من شأنها تفكك الاتفاق نهائياً وإلقاء حلفاءنا اللوم على الولايات المتحدة، وهو ما يؤدي إلى تبديد قيادتنا للعالم ونفوذنا.
الرهانات هائلة للكونغرس. وعليهم أن يرفضوا كل الجهود التشريعية التي تنسف هذا الاتفاق، لأن ثمانية تقارير متتالية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية تثبت امتثال إيران ولم يقدم الرئيس أي دليل على عكس ذلك. وعليهم أن يقفوا ثابتين بغض النظر عن موقفهم من الصفقة قبل عامين، فإن التصويت لإعادة التفاوض حول الاتفاق النووي من جانب واحد دون التفاوض حوله لن ترفضها إيران فحسب، بل ستقود على الفور إلى دق إسفين بين الولايات المتحدة وشركائنا الذين كانوا معنا في المفاوضات ومن الضرورة أن نكون معهم لإبقاء الصفقة النووية تحت السيطرة. تفكك هذا الاتفاق في حين إيران تمتثل لميثاق الاتفاقية سوف يستدعيكم إلى التساؤل ما إذا كان بلدنا يفي بكلمته وهو ما يجعل من الصعب للغاية التوصل إلى اتفاقات أخرى بشأن التحديات الدولية الملحة، وتلك هي وصفة لأمريكا المعزولة، أمريكا لوحدها، والشرق الأوسط على حافة الهاوية.
إذا كنت ترغب في قياس المخاطر، فقط تذكر أين كنا قبل هذه الصفقة. عندما بدأنا التفاوض، كانت إيران دولة على عتبة النووية، كانت على بُعد شهرين أو ثلاثة أشهر ليتوافر معها ما يكفي من المواد لصنع القنبلة النووية. وكان ذلك بعد سنوات من عقوبات معوقة متعددة الأطراف والتي لم تبطئ من تقدمها النووي مقدار ذرة. وبسبب الاتفاق، قامت إيران بإزالة 97% من مخزونها من اليورانيوم، ودمرت جوهر مفاعلها في المياه الثقيلة، ودمرت أكثر من 13,000 جهاز طرد مركزي، ووقفت تخصيب اليورانيوم تحت الأرض في مفاعل فوردو، وأتاحت المراقبة الأكثر تطفلاً لأي بلد على الإطلاق. وبسبب هذه الصفقة، اليوم اختراق النووي الإيراني وابطاء وصول إيران على عتبة النووية مضى عليه أكثر من عام، وسيستمر الاختراق لمدة عشر سنوات على الأقل، وهذا ما كان القصد من تحقيقه، وهو بالضبط هدف وروح وجوهر الصفقة. كنا نعلم من ضربات القلب إذا كانوا يغشون أو لا وكانوا يعلمون أن العالم كله سوف يُحّملهم المسؤولية. الصفقة فعّالة وتعمل على حل القضية الوحيدة التي كان القصد من حلها.
لقد لوّث الرئيس مياه التفاوض وجعل من السهل على المخاوف المشروعة التمييز بين جهود الباب الخلفي وبين قتل الصفقة. ما رأيناه اليوم يفتقر للحس السليم والتفكير الاستراتيجي وإلى القول لا شيء يمتُ إلى النضج بصلة. الكونغرس الآن يحصل على فرصة ليثبت بأنه وصل للبلوغ ويعمل في مصلحة الأمن القومي الحقيقي لأميركا. إن البلد والعالم حقاً يراقبون الوضع.