حينما اتخذ الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون عام 1836 قرارا بعدم تجديد العقد للبنك الأمريكي Second Bank of the United States الذي كان يستقبل أموال الدولة على شكل إيداعات، أصبحت الدولة تعاني من غياب مؤسسة تقوم بدور مشابه لما يقوم به البنك المركزي. وهكذا كانت السيولة النقدية في نيويورك تتذبذب على إيقاع الدورات الزراعية. فيشهد كل فصل خريف انخفاضا للاحتياطي بسبب شراء المحاصيل وهو ما كان يؤدي إلى ارتفاع سعر الفائدة المخصص لجذب الودائع. ثم اعتاد المستثمرون الأجانب على إيداع أموالهم في نيويورك للاستفادة من سعر الفائدة المرتفع
ar.m.wikipedia.org
في بداية عام 1907، ألقى المصرفي
يعقوب شيف Jacob Schiff من كوهين، لاوب وشركاه (Kuhn, (Loeb & Co خطاباً أمام الغرفة التجارية بنيويورك كان يتضمن هذا التحذير:" إذا لم يكن لدينا بنكاً مركزياً يمتلك الرقابة الكافية على الموارد اللازمة للائتمان، سوف يتعرض هذا البلد لأكبر الأزمات المالية عنفاً وخطورة عرفها في تاريخه
[64].". و في نوفمبر عام 1910، دعا
الدريش Aldrich إلى مؤتمر عقد سراً وضم أبرز رجال المال الأمريكيين. وقد تم عقد المؤتمر في نادي Jekyll Island، الذي يطل على ساحل ولاية جورجيا الفسيح، وكان على جدول أعماله موضوع السياسات النقدية والنظام المصرفي.
حضر المؤتمر الدريش ،أ. ب. اندراوس(مساعد وزير المالية) وبول واربورج(ممثل شركة كوهين، لاب وشركاه) وفرانك فرانك فندرليب(الذي خلف جيمس ستيلمان مدير بنك نيويورك الوطني) هنري.ب. دافيسون (الشريك الرئيسي في شركة ج.ب. مورجان)و شارل د. نورتون (مدير البنك الوطني الأول في نيويورك التابع لمورجان) وبنجامين سترونج (ممثل ج.ب.مرجان). وقام كل هؤلاء بإعداد مشروع بنك الاحتياطي الوطني
[65] (national reserve Bank)
وبعد ذلك بعدة سنوات، كتب مؤسس مجلة فوربس، ب.س. فوربس:
"تخيلوا مجموعة مكونة من أبرز المصرفيين في البلاد، يخرجون خلسة من نيويورك، في عربة قطار خاص، تغشاهم عباءة الليل، يقطعون في سرية تامة كيلومترات عدة نحو الجنوب، ثم يركبون زورقا غامضاً، يحطون به خفية على جزيرة خاوية إلا من بعض الخدم الأوفياء، يقضون بها أسبوعا يتبعون إجراءات سرية كعدم مناداة شخص باسمه بصوت عال خوفاً من أن يعرف الموظفون هويتهم ويكشفون للجمهور أكثر مغامرات المالية الأمريكية غرابة وسرية. أنا لا اختلق شيئاً بل أكتفي بنشر، وللمرة الأولى، القصة الحقيقية لوقائع تحرير تقرير الدريش Aldrich، المؤسس لنظامنا المالي."
نقلها جرفين Griffin عام 1998.
وقد تم نشر التقرير النهائي للجنة الوطنية النقدية في 11 يناير 1911 وتم مناقشته في الكونغرس على مدار عامين. ولم يتم التصويت على القانون الخاص بإنشاء
البنك الاحتياطي الفيدرالي إلا في 22 ديسمبر 1913. وصدق الرئيس وودرو ويلسون على القانون ودخل حيز التنفيذ في ذات اليوم بتأسيس بنك الاحتياطي الفيدرالي للولايات المتحدة
[66]. وتم تعيين شارل هاملينWoodrow Wilson رئيسا للاحتياطي الفيدرالي، وأصبح بنجامين سترونج، الذراع الأيمن لمورجان،، رئيساً لبنك الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك، أكبر مصرف إقليمي يمتلك مقراُ دائماً في اللجنة الدائمة للسوق المفتوحة الفيدرالية
[67]. وفي عام 1913، كتب لويس برانديز Louis Brandeis، أحد فقهاء القانون بهارفارد، والذي كان أحد المستشارين الرئيسيين للرئيس ويلسون في الشئون الاقتصادية، كتاباً بعنوان " أموال الآخرين وكيف يستخدمها المصرفيون" ينتقد فيه الأقليات المالية المسيطرة وبنوك رجال الأعمال أو (بنك الاستثمار) الذي يراه العنصر السائد
[68] في النظام المصرفي. ويحلل الأدوار المختلفة التي يقوم بها المصرفيون والخلافات القائمة على المصالح والتـأثير الكبير على المؤسسات الأخرى. وقد شرع في تأملات أدت فيما بعد إلى إصدار قانون البنوك Glass-Steagall Act لعام 1933 والذي تم فيه فصل عمليات الإيداع عن الاستثمار.
لجنة بوجو