– الرايس ابراهيم التازي : رئيس دار صناعة السفن بالإسكندرية ( – بعد 770 هجرية )من تازة إلى مصر ==
هذا علَم تازي من صنف أعلام تازة الذين تنحدر أصولهم إما من المدينة أو الأحواز لكنهم ظهروا واشتهروا أو نبغوا خارجها، هي شخصية عسكرية مغربية – كما يذهب إلى ذلك عبد الهادي التازي – لعبت دورا دوليا في تاريخ العصر الوسيط وتبوأت منصب رئيس دار الصناعة الحربية بالإسكندرية المدينة المصرية الشهيرة ذات الميناء الكبير على البحر المتوسط .
تغيب عنا بالطبع – كحال عدد من أعلام تازة – معلومات أساسية حول تاريخ ميلاد ونشأة إبراهيم هذا، فضلا عن الظروف التاريخية والأسرية التي أدت به إلى الهجرة نحو الديار المصرية، ونحن نعرف أن توجه المغاربة نحو الشرق ( إما قصد حج بيت الله الحرام أو طلبا للعلم ….) كان أمرا جاريا منذ أقدم فترات التاريخ العربي الإسلامي بهذه الديارويزيد الأمرَ تعقيدا والتباسا اشتهار الرايس إبراهيم بكونه لا فقط من رواد الجهاد البحري المغاربة، بل أيضا من أبرز الأسماء المغربية التي جاهدت بقايا الصليبيين في البحرالمتوسط وأمام السواحل المصرية، فمدينة تازة كما هو معروف ( ومعها أحوازها ) ليست مدينة بحرية أو ساحلية ( تقع في البر الداخلي للمغرب بين الريف والأطلس ) ولم يُعرف عنها شيء في هذا المضمار، وإنما المفترض انطلاقا من الإشارات الإخبارية والتاريخية، أن يكون الرايس إبراهيم قد عاش في مدينة مغربية ساحلية أو هاجر مبكرا إلى الديار المصرية وتدرج في الجيش المملوكي ( كان المماليك البحرية هم الذين يحكمون مصر خلال هذه الفترة التاريخية ) حتى أصبح ما أصبح عليه من قيادة الجهاد البحري ورئاسة دارالصناعة الحربية (أو صناعة السفن ) بالإسكندرية .
على أن إسم الرايس إبراهيم التازي ظهرخلال القرن الثامن الهجري في سياق رواسب الصراع البحري بين الدولة الإسلامية في مصر المجسدة في المماليك وبقايا الإمارات الصليبية في البحر المتوسط وخاصة بجزيرة قبرص، وظلت السواحل المصرية بالبحر المتوسط هدفا لعدد من هجمات هؤلاء الصليبيين، هذا ولخص الأستاذ المؤرخ عبد الهادي التازي الدور الذي قام به إبراهيم التازي كما هو الشأن بالنسبة لعدد من القادة المغاربة الذين شاركوا بفعالية سواء في الجهاد البري أو البحري ضد الصليبيين منذ عهد صلاح الدين الأيوبي يقول صاحب ” التاريخ الديبلوماسي بالمغرب ” نقلا عن مخطوطة ” الإلمام ” للنويري الإسكندري المحفوظة بدار الكتب المصرية :” وفي يوم الخميس الرابع والعشرين من شعبان سنة تسع وستين وسبعمائة ( 14 أبريل 1368 م) قدم الرايس التازي من جزر الإفرنج ( قبرس ) إلى الإسكندرية بأسارى النصارى…..فارتجت لقدومه وماجت بأهلها ساعة وروده فخرج أهلها منها إلى موضع مناراتها…والمسلمون بالساحل يضجون بالتكبير للعلي القديرولم تبق مخدرة إلا خرجت من خدرها ولا مصونة إلا برزت من كُنِّها، وكان وصول التازي إلى لمينة ضحى نهار، فزغزغت له الأحرار والجواري، فدخل الإسكندرية على فرس عربية على رأسه طرطور يقال له بلغة الإفرنج ” كاسترا (Castora ) وعلى بدنه ( Veston ) محتزم عليه بحياصة جلد معلق عليها خنجر مجوهر، وكان من خلف فرس الرايس المذكور أسارى الإفرنج ” (71) كما نجح الرايس ابراهيم التازي مرة اخرى في صد غارات البحرية المسيحية على سواحل الإسكندرية سنة 770 هج واستقبله السلطان المملوكي أشرف شعبان وتباحث معه في شأن خطير يتعلق بفتح جزيرة صقيلة وضمها إلى بلاد الإسلام وبالطبع غزا الرايس إبراهيم الجزيرة لكن دون فتحها فانتهبها وهزم عساكرها ثم كر راجعا بالأسلاب والأسارى في المشهد الذي وصفه النويري سابقا ونقله عبد الهادي التازي وكل ذلك جاء كرد فعل على مهاجمة سواحل الإسكندرية من طرف المسيحيين واستغاثة سلطان مصربأبي فارس المريني .
يذكر المؤرخ المقريزي من جهته أن من تسلم قيادة الأسطول الحربي في مصر سنة 769 هج 1368 م هو الحاج محمد التازي المغربي الذي أبلى بلاء حسنا في الهجوم على الإفرنج، حيث قتل منهم جماعة وأسر باقيهم، وأنه لما تقدم وتمثل بين يدي الحاكم المصري خلع عليه وأنعم عليه بجميع ما أحضره من غنائم على حد قوله (72).
كما ويفرد النويري صفحات تاريخية في وصف الأعمال البطولية التي قام بها قائد الأسطول المصري ورئيس دار الصناعة بالإسكندرية الرايس ابراهيم التازي المغربي الذي عُرف ببطولته في الجهاد ضد الصليبيين المنتصبين بمواقع وجزر في البحر المتوسط، وقد أرجع النويري هذه الانتصارات العسكرية إلى اختصاصهم ( يعني المغاربة ) في هذا الميدان بقوله :” والفرنج لا يقهرهم سوى المغاربة، وذلك لمخالطتهم لهم بجزيرة الأندلس، فيعرفون طرق حربهم وطعنهم وضربهم في بر وبحر ” .
وفي نفس المنحى يؤكد الباحثان أحمد مختار عبادي وعبد العزيز سالم بدورهما نجاح الرايس ابراهيم التازي في غاراته على جزر العدو، وفي صد غارات جديدة على مدينة الإسكندرية سنة 770 هج / 1369 م (73).
وهكذا فإن الرايس ابراهيم لم يكن إلا مغربيا ينتسب إلى الموقع الذي كان يعرف في القديم باسم (الرباط ) والذي لم يكن يعني سوى تازة وليس ما يسمى رباط لفتح، وكان إبراهيم هذا واحدا من المغاربة الذين خدموا في سفن مصر والشام وبرز من بين قادتهم وشغل منصب دار الصناعة، بل وتطوير هذه الصناعة بالمعايير المعتمدة في ذلك الزمن .
ومثلما هو الشان بالنسبة للعديد من أعلام تازة، فإنه لا يُعرف تاريخ ميلاد أووفاة للرايس إبراهيم التازي، وإن كان الراجح عندنا أنه ولد في بداية القرن الثامن الهجري وتوفي في نهايته، والمعروف أيضا اهتمام المغاربة في عهد المرينيين بالأساطيل البحرية بدليل كارثة غرق أسطول ابي الحسن المريني قبالة سواحل تونس سنة 749 هج .
هذا علَم تازي من صنف أعلام تازة الذين تنحدر أصولهم إما من المدينة أو الأحواز لكنهم ظهروا واشتهروا أو نبغوا خارجها، هي شخصية عسكرية مغربية – كما يذهب إلى ذلك عبد الهادي التازي – لعبت دورا دوليا في تاريخ العصر الوسيط وتبوأت منصب رئيس دار الصناعة الحربية بالإسكندرية المدينة المصرية الشهيرة ذات الميناء الكبير على البحر المتوسط .
تغيب عنا بالطبع – كحال عدد من أعلام تازة – معلومات أساسية حول تاريخ ميلاد ونشأة إبراهيم هذا، فضلا عن الظروف التاريخية والأسرية التي أدت به إلى الهجرة نحو الديار المصرية، ونحن نعرف أن توجه المغاربة نحو الشرق ( إما قصد حج بيت الله الحرام أو طلبا للعلم ….) كان أمرا جاريا منذ أقدم فترات التاريخ العربي الإسلامي بهذه الديارويزيد الأمرَ تعقيدا والتباسا اشتهار الرايس إبراهيم بكونه لا فقط من رواد الجهاد البحري المغاربة، بل أيضا من أبرز الأسماء المغربية التي جاهدت بقايا الصليبيين في البحرالمتوسط وأمام السواحل المصرية، فمدينة تازة كما هو معروف ( ومعها أحوازها ) ليست مدينة بحرية أو ساحلية ( تقع في البر الداخلي للمغرب بين الريف والأطلس ) ولم يُعرف عنها شيء في هذا المضمار، وإنما المفترض انطلاقا من الإشارات الإخبارية والتاريخية، أن يكون الرايس إبراهيم قد عاش في مدينة مغربية ساحلية أو هاجر مبكرا إلى الديار المصرية وتدرج في الجيش المملوكي ( كان المماليك البحرية هم الذين يحكمون مصر خلال هذه الفترة التاريخية ) حتى أصبح ما أصبح عليه من قيادة الجهاد البحري ورئاسة دارالصناعة الحربية (أو صناعة السفن ) بالإسكندرية .
على أن إسم الرايس إبراهيم التازي ظهرخلال القرن الثامن الهجري في سياق رواسب الصراع البحري بين الدولة الإسلامية في مصر المجسدة في المماليك وبقايا الإمارات الصليبية في البحر المتوسط وخاصة بجزيرة قبرص، وظلت السواحل المصرية بالبحر المتوسط هدفا لعدد من هجمات هؤلاء الصليبيين، هذا ولخص الأستاذ المؤرخ عبد الهادي التازي الدور الذي قام به إبراهيم التازي كما هو الشأن بالنسبة لعدد من القادة المغاربة الذين شاركوا بفعالية سواء في الجهاد البري أو البحري ضد الصليبيين منذ عهد صلاح الدين الأيوبي يقول صاحب ” التاريخ الديبلوماسي بالمغرب ” نقلا عن مخطوطة ” الإلمام ” للنويري الإسكندري المحفوظة بدار الكتب المصرية :” وفي يوم الخميس الرابع والعشرين من شعبان سنة تسع وستين وسبعمائة ( 14 أبريل 1368 م) قدم الرايس التازي من جزر الإفرنج ( قبرس ) إلى الإسكندرية بأسارى النصارى…..فارتجت لقدومه وماجت بأهلها ساعة وروده فخرج أهلها منها إلى موضع مناراتها…والمسلمون بالساحل يضجون بالتكبير للعلي القديرولم تبق مخدرة إلا خرجت من خدرها ولا مصونة إلا برزت من كُنِّها، وكان وصول التازي إلى لمينة ضحى نهار، فزغزغت له الأحرار والجواري، فدخل الإسكندرية على فرس عربية على رأسه طرطور يقال له بلغة الإفرنج ” كاسترا (Castora ) وعلى بدنه ( Veston ) محتزم عليه بحياصة جلد معلق عليها خنجر مجوهر، وكان من خلف فرس الرايس المذكور أسارى الإفرنج ” (71) كما نجح الرايس ابراهيم التازي مرة اخرى في صد غارات البحرية المسيحية على سواحل الإسكندرية سنة 770 هج واستقبله السلطان المملوكي أشرف شعبان وتباحث معه في شأن خطير يتعلق بفتح جزيرة صقيلة وضمها إلى بلاد الإسلام وبالطبع غزا الرايس إبراهيم الجزيرة لكن دون فتحها فانتهبها وهزم عساكرها ثم كر راجعا بالأسلاب والأسارى في المشهد الذي وصفه النويري سابقا ونقله عبد الهادي التازي وكل ذلك جاء كرد فعل على مهاجمة سواحل الإسكندرية من طرف المسيحيين واستغاثة سلطان مصربأبي فارس المريني .
يذكر المؤرخ المقريزي من جهته أن من تسلم قيادة الأسطول الحربي في مصر سنة 769 هج 1368 م هو الحاج محمد التازي المغربي الذي أبلى بلاء حسنا في الهجوم على الإفرنج، حيث قتل منهم جماعة وأسر باقيهم، وأنه لما تقدم وتمثل بين يدي الحاكم المصري خلع عليه وأنعم عليه بجميع ما أحضره من غنائم على حد قوله (72).
كما ويفرد النويري صفحات تاريخية في وصف الأعمال البطولية التي قام بها قائد الأسطول المصري ورئيس دار الصناعة بالإسكندرية الرايس ابراهيم التازي المغربي الذي عُرف ببطولته في الجهاد ضد الصليبيين المنتصبين بمواقع وجزر في البحر المتوسط، وقد أرجع النويري هذه الانتصارات العسكرية إلى اختصاصهم ( يعني المغاربة ) في هذا الميدان بقوله :” والفرنج لا يقهرهم سوى المغاربة، وذلك لمخالطتهم لهم بجزيرة الأندلس، فيعرفون طرق حربهم وطعنهم وضربهم في بر وبحر ” .
وفي نفس المنحى يؤكد الباحثان أحمد مختار عبادي وعبد العزيز سالم بدورهما نجاح الرايس ابراهيم التازي في غاراته على جزر العدو، وفي صد غارات جديدة على مدينة الإسكندرية سنة 770 هج / 1369 م (73).
وهكذا فإن الرايس ابراهيم لم يكن إلا مغربيا ينتسب إلى الموقع الذي كان يعرف في القديم باسم (الرباط ) والذي لم يكن يعني سوى تازة وليس ما يسمى رباط لفتح، وكان إبراهيم هذا واحدا من المغاربة الذين خدموا في سفن مصر والشام وبرز من بين قادتهم وشغل منصب دار الصناعة، بل وتطوير هذه الصناعة بالمعايير المعتمدة في ذلك الزمن .
ومثلما هو الشان بالنسبة للعديد من أعلام تازة، فإنه لا يُعرف تاريخ ميلاد أووفاة للرايس إبراهيم التازي، وإن كان الراجح عندنا أنه ولد في بداية القرن الثامن الهجري وتوفي في نهايته، والمعروف أيضا اهتمام المغاربة في عهد المرينيين بالأساطيل البحرية بدليل كارثة غرق أسطول ابي الحسن المريني قبالة سواحل تونس سنة 749 هج .