حاول الكثيرين إيجاد مسوغ للموقف المغربي من الأزمة الخليجية مع اختلاف المنطلقات بين حسني النية ومصطادين في المياه العكرة
وهنا لا بد من التوضيح للأخ العزيز أبو سلطان الذي ذكر أحداث الحسيمة وهو في الحقيقة مدخل حاول بعض الجزائريين من خلاله تفسير الموقف المغربي والذي أرجعوه حسب زعمهم للخوف من الذراع الإعلامية لدولة قطر
احداث الحسيمة ليست بالخطورة التي يروج لها في الاعلام وانا اتحدث هنا انطلاقا من انتمائي لهذه المنطقة المعنية ومتعاطف مع الحراك الشعبي ومتابع له عن قرب ومنتقد شرس لمنهجية الجناح المحافظ في الدولة في التعاطي معه
وعكس ما يروج الأزمة في المغرب يمكن ان تحل بتحرك واحد من الملك وهذا هو المطلب الأساسي للساكنة لانعدام الثقة في المؤسسات الوسيطة ولمكانة الملك.. الأشكال ليس مادي لان هناك أموال رصدت ومشاريع تكفي لتحقيق جميع مطالب الساكنة ويزيد وإنما نفسي وسيكولوجي ومقاربة حكومية فاشلة... الى غير ذلك من أمور كثيرة لا داعي للإطالة كي لا نخرج عن الموضوع لكن خلاصة الموضوع انه ليس بالمشكل الذي ستلوى من خلاله ذراع المغرب
هناك من أشار الى هدية الامير تميم للملك المتمثّلة في قصر وهذا مبرر مثير للسخرية فالملك ورث عن والده قصور او اقامات ملكية في اهم المدن المغربية اضافة الى فرنسا وحتى اليونان وهذا من المؤاخذات التي نآخذها على الملك .. لذلك القول بان قصر تميم اثر على الموقف المغربي هو امر مثير للسخرية
جانب المنافع الاقتصادية هو الاخر منافي للمنطق اذ كيف نخسر الامارات ثاني اكبر اقتصاد عربي وتأثير سياسي واول مستثمر عربي في المغرب بفارق كبير وعلاقات سياسية متميزة, وكيف نخسر السعودية اول قوة عربية اقتصاديا وسياسيا وثاني اكبر مستثمر عربي في المغرب من اجل قطر التي لا تملك استثمارات كبيرة في المغرب وطالما عانى المغرب من ذراعها الإعلامية بسياسة ترمي التدخل في الشؤون الداخلية ودعم طرف سياسي على أطراف اخرى اخرها الانتخابات الماضية عبر قنوات الجزيرة والمحور ... فَلَو كانت المنافع الاقتصادية هي المحدد للموقف المغربي لانحاز الى الحلف المقاطع
اذا كانت للمغرب مصلحة فهي في خليج قوي ومتحد وعودة للمياه الى مجاريها بين الدول الخليجية
وأي شخص لديه بصيرة سيدرك من من الدول تريد الخير للخليج وتسعى لاصلاح ذات البين وبين من يقتات على القذارة والمشاكل طمعا في مكانة مفقودة من الذين أقاموا الليالي الملاح احتفالا بالخلاف الخليجي للشماتة ممنين النفس باستمرار الخلاف ليس لاضعاف قطر فقط ولكن إنهاك واضعاف دول الخليج مجتمعة ويمنون النفس بتفجر خلافات اخرى مع دول خليجية وغير خليجية (لن أخوض اكثر من هذا في هذه النقطة فاللبيب بالاشارة يفهم)
كلامي هذا ليس دفاعا عن موقف المغرب لانه بلدي فمن يعرفني جيدا يعرف مواقفي السلبية التي اتخذها وانتقاداتي الموجهة الى الملك قبل الوزراء غير واضع لنفسي خطوط حمراء لكن الموقف الأخير للمغرب أشجعه وهو الموقف الذي تمنيته طوال فترة الصمت المغربي.. الا وهو محاولة إصلاح ما يمكن انصلاحه مع التزام قطري صارم بعدم الاضرار باي شكل من الأشكال باشقاءها
كما انني لست من المتعاطفين مع الاخوان والأحزاب الاسلاموية ولعل بعضكم يتذكر موقفي الداعم للانقلاب التركي على اردوغان عكس التوجه العام في المنتدى آنذاك ، بسبب عدم ثقتي في مشاريعها للمنطقة وتدخلها في شؤون العرب. اذكر بمواقفي الشخصية هذه حتى لا يحاول البعض ربطي بالإخوان كما ان مواقفي من السياسة القطرية كانت دائما سلبية لكن التحديات تقتضي بذل المستحيل لجمع الشمل
على. الشعوب العربية ان تفهم ان بلداننا أصبحت تكافح وتتهددها مخاطر وجودية ما يحدث في المنطقة ليس بالهين الازمات اصبحت على ابوابنا جميعا فبين دول تعاني من حروب أهلية ودوّل تعاني هشاشة اقتصادية ودوّل كنّا ننظر اليها كنموذج للتعاون العربي الإقليمي المشترك ينبغي الاقتداء به نراها تتفكك وتتجه رويدا نحو الانعزال ووراء كل هذا قوى إقليمية ودولية تترصد للإقتيات على جثث دولنا بعد ان يصيبها الوهن من الصراعات البينية
قطر ارتكبت اخطاء كثيرة ولا يمكن لوم السعودية على مواقفها امام ما رأيناه من تسريبات صادمة
لكن مع ذلك ما يحدث أشبه بتأديب الأخ الكبير لاخيه الصغير وما على بقية الإخوة الا إصلاح ذات البين والتنبيه على الأخ الأصغر بالكف عن تصرفاته وقطع الطريق على ممتهني النفخ على الجمر والانغماس في القذارة
بالنسبة للبعض ممن اخرجوا ما في صدورهم من حقد على المغرب أرد عليهم بمثل مغربي دارج يقول ما معناه: أهل الميت صبروا والعزاية (المعزين ) كفروا
فبدل ان يأتي اللوم على الموقف المغربي من إرسال مواد غذائية الى قطر من سعوديين وإماراتيين وبحرينيين نجد هؤلاء تفهموا وعكسهم غير المعنيين من دول معينة نفثوا سمومهم وحقدهم
لهؤلاء أقول التاريخ وحده كفيل بالحكم على المواقف وصوابها وسيبين من سعى حقا لقوة ووحدة الخليج وعمل من اجل ذلك ومن لا يرى قوته الا في ضعف الاخر