اليوم ذكرى معركة نصيبين ?
وكأن التاريخ يعيد نفسه
وفيها خط بردو ?
...................................................................................................................................................................................................................................................................................
تصنف معركة نصيبين التي وقعت بالقرب من الحدود السورية والتركية، ضمن الحروب المصرية السورية الثانية، تلك المعركة التي لقن فيها
الجيش المصري درسا للأتراك العثمانيين، بعد إصرارهم علي نقض المعاهدات في الحروب المصرية السورية الأولي، التي تكفل حق استقلال مصر ومعها الشام، وقيامهم بإثارة التمرد والعصيان ضد إبراهيم باشا، وقواته في الشام.
يوافق اليوم الأربعاء ذكري مرور 181 عاما علي انتصار المصريين في معركة نصيبين، التي اشتعلت وقائعها في مثل هذا اليوم، 24 يونيو من عام 1839م، بين
الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا، و
الجيش العثماني بقيادة حافظ عثمان باشا، والي دمشق العثماني آنذاك.
اشتعلت المعركة بعد أن فشلت المفاوضات بين مصر والدولة العثمانية في تسوية النزاع بطريقة ودية، فأعلن "محمد علي" عن عزمه على قطع العلاقة التي تربط مصر بدولة الخلافة، وذلك بهدف الحفاظ علي استقلال مصر والشام وبلاد الحجاز والسودان وكريت، بعيدا عن براثن العثمانيين.
صمم "العثمانيون" علي اجتياز الحدود المرسومة التي نصت عليها معاهدة كوتاهية، فعبروا نهر الفرات لقتال إبراهيم باشا الذي تحرك من حلب، بعد أن أعطي له والده محمد علي باشا الإذن بأن يتقدم ولا يكتفي بصد الهجوم، بل أن يعبر الحدود ليسحق العثمانيين في عقر دارهم، وهو ما حدث حين كان علي أعتاب الأستانة، لكن ما أوقف ذلك القوي الأوروبية التي ساندت العثمانيين، ثم أجبرت محمد علي باشا لتوقيع معاهدة صلح مجحفة وظالمة.
يؤكد المؤرخون أن
الجيش العثماني قد استراح عدة أسابيع في معسكره، عكس الجنود العرب والمصريين، الذين كان المسير تحت الشمس لملاقاة الأتراك قد أنهكهم، ورغم ذلك وخلال نصف ساعة استطاعت المدفعية المصرية ومعها قوات المشاة السيطرة علي الموقف، وسيطر إبراهيم باشا على المعسكر ومدافعه في حرب دارت رحاها ليلا، كما
تمكن من أسر عشرة آلاف جندي عثماني، ووصل عدد القتلى إلى نحو 7 آلاف قتيل.
فتحت "معركة نصيبين" -التي توصف في بعض المراجع بأنها "نسيب أو نزيب أبواب الأناضول"- الطريق مجددًا أمام إبراهيم باشا، والذي رفع خلالها شعارات القومية العربية للمرة الثانية خلال ثماني سنوات، ولكنه بسبب ضغوط غربية، اكتفى بالسيطرة على بعض تخوم سوريا الشمالية، وبعض المناطق التي كانت تطل مباشرة علي بوابة الأناضول.
في دراسة جامعية تمت مناقشتها بجامعة حلوان، أكدت الباحثة إسراء إبراهيم ،آأن السياسة التي اتبعتها الحكومة المصرية في مجال الإصلاح الزراعي والاقتصادي والتجارى في الشام على المجتمعات، كان لها أبلغ الأثر.
ففيما يخص مجال الزراعة، شجعت الحكومة على زراعة الأرض وإحياء الأراضي البور، وأنشأت بنكا لإقراض الفلاحين ما يحتاجونه من أموال، وأعطتهم البذور والتقاوى، وقضت على غارات البدو وسطوتهم على أراضى الفلاحين ومزروعاتهم؛ فاستعادت القرى عمرانها، ودبت الحياة في الأرض البور، واتسعت مساحة الأرض المزروعة في الشام عموما.
وفي مجال الصناعة، شهدت الصناعات التي اعتمدت على المحاصيل الزراعية نشاطا ملحوظا، وفي مجال التعدين تم استخراج الفحم والقطران والحديد من جبل لبنان، وقد أنشئت إدارة كاملة للتعدين، كما عملت الحكومة المصرية على القضاء على كل العوائق التي وقفت في وجه التجارة في الشام كلها، رغم تحريض العثمانيين لأهالي الشام علي الثورة والعصيان،
بعد معركة نصيبين بأيام قليلة مات السلطان العثماني محمود الثاني كمدا وحزنا، بعد سماعه أنباء هزيمة جيشه وتدميره بالكامل علي يد الجيش المصري ، وقد تولي نجله عبدالحميد الثاني السلطنة العثمانية، وكان مجبرا علي إرسال رسالة لمحمد علي باشا لإيقاف الحرب، تم بعدها عقد اتفاقية مجحفة وظالمة برعاية أوروبية، لتجريد مصر من ثمار انتصاراتها، حيث ساندت القوي الأوربية العثمانيين خوفا من قوة مصر المتنامية.