أراك هذه الأيام تنثر رسائل تُكتَب لك توجهها لهذا الطرف تارة ولذاك الطرف تارة أخرى من موقع الفوقية وتمجيد الذات، فبلغ بك الإنتفاخ حدا تحسب نفسك الرخيصة في موقع المرشد الأعلى في العراق، وقد غرّك اتّباع ضعاف العقول لك وخوف ضعاف القلوب منك وطمع ضعاف النفوس فيك، تتشدق بالعراق وأنت البلاء الذي فتك به، وتتحدث عن شعب العراق وأنت أحد أهم أسباب هوانه وبؤسه .
قل لي بربّك إن كان لك معبود غير هواك: بأي خصيصة وأي مسوّغ تسلّطت على العراق وشعبه فأفسدت وأهلكت وجنيت؟!
ما أنت سوى واحد من آلاف طلبة الحوزة الفاشلين في الدراسة، فهل تفتّقت عبقرية لك وأنت تقرأ المتون؟ وهل أشير لك بالبنان كأستاذ ناجح يتباهى الطلاب بالتتلمذ على يديه؟ وهل نبغ لك صيت بالتقدم في الدرس يتحدث به أساتذة الحوزة وطلابها؟!
الجواب لا.
هذا فضلا عن أن تكون واصلا مرحلة البحث الخارج أو متخرجا منها بدرجة اجتهاد أو تكون من ذوي التأليفات النافعة والكتب القيّمة. هل أنت من العقول المفكرة فيما يتصل بإدارة المجتمعات البشرية وتنمية الموارد؟
الجواب لا.
هل أنت الدماغ السياسي المليء بالثقافة السياسية وخبرة السياسي المحنك العارف بدهاليز السياسة وآلياتها؟!
الجواب لا.
هل أنت المناضل الذي قضى عقوداً من حياته في النضال السياسي والإجتماعي وعرك الحياة بعجرها وبجرها؟!
الجواب لا.
إذن بأية ميزة تسيّدت وبأية خصيصة تسلّطت؟!
من هوان الدنيا على الله أن يتحكّم مثلك بمقاليد بلد قامت فيه أول حضارة في المجتمع البشري، يتحكم لأن قطيعا من البهائم- في صورة بشر- يتبعونه في السراء تبعية عمياء لا لشيء إلا لأنه ابن محمد صادق الصدر في سياق ثقافة شيعية زنديقة تقدّس الأشخاص، وتلعب بمصائر طائفتها ومقاديرهم العناوينُ التي ما أنزل الله بها من سلطان.
نعم، أقولها وبملء الفم، لقد تسلّطت في الوقت الضائع والظرف المائع والحال الفاقع فأوجدت جيش المهدي بدلاً من إيجاد الإستقرار، وهادنتَ الإحتلال بذريعة تعليمات المرجعية ولم ترفع بوجه المحتل فوهة بندقية إلا حين خفت أن تخرج من المولد من دون حمص، وكنت مع المشروع الطائفي ومن أبرز أعمدته ، وأمعنت في ترويع السنة وتهجيرهم واحتلال مساجدهم وقتل شبابهم ، وكذلك في ابتزاز الشيعة والتسلط عليهم.
أما الدولة ومؤسساتها فحدث عن "الحواسم" و لا حرج، وكنت- وما زلتَ- فوق الدولة وقوانينها.
وأما الفساد ، فيجب أن تُبدأ ملفاته بك، وأما قمع الحريات فأنت جُذَيلُها المحكك. تفاعلت في نفسك مشاعر الثأر والإنتقام فكنت أحد معرقلي المصالحة الوطنية ، بينما لم تحرّك كرامتك- و هي مفقودة في الواقع- شعرة من إبهام رجلك، فوضعت يدك بيد أعداء أبيك ومحاربيه وقتلته الحقيقيين من عمائم الشيعة في إيران والعراق تغليباً للطائفية.
ها أنت تلبس أقنعة التقية وتتفنن في كلماتها الخادعة ، بينما لا تحسن جملة مفيدة من دون لحن.
تبيع الأقوال وتخلط الأوراق وتتاجر بالدين والوطنية.
تمجّد بالعراق وأنت أحد خاطفيه ، وتدعو للتكنوقراط ولستَ منهم ، فيا عجبا إذا كانت التكنوقراطية مقوّمة لمناصب الوزراء والمدراء ، فكيف بمن في مثل وضعك في البلد؟ ألا يجب أن يكون من التكنوقراط أو بمستوى مماثل؟
إذا كانت قد حَلَت لك الدنيا فلن يصفو لك كدرها، وإذا لم تتب وترجع لله خارجاً من عظائم ذنوبك، فسيلاحقك عارها وتنتظرك نارها.