تحليل إخباري: "قمة البحر الميت" تذيب الجليد بين القاهرة والرياض وتخطو بعلاقاتهما على الطريق الصحيح
القاهرة 30 مارس 2017 /رأى خبراء سياسيون أن لقاء القمة الذي عُقد بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، في الأردن الأربعاء من شأنه إذابة الجليد بين القاهرة والرياض في خطوة على "الطريق الصحيح" للعلاقات بين البلدين في ظل إقبال المنطقة على تغييرات كبيرة.
والتقى الرئيس المصري والعاهل السعودي أمس الأربعاء على هامش أعمال القمة العربية الثامنة والعشرين، التي عقدت في منطقة البحر الميت في الأردن، بعد أشهر من توتر العلاقات بين البلدين.
وقالت الرئاسة المصرية في بيان أمس إن الزعيمين أكدا "أهمية دفع وتطوير العلاقات الثنائية في كافة المجالات، بما يعكس متانة وقوة العلاقات الراسخة والقوية بين البلدين".
كما أكدا حرصهما على دعم التنسيق المشترك في ظل وحدة المصير والتحديات التي تواجه البلدين.
وتبادل الزعيمان الدعوات لزيارة بلديهما.
ويأتي لقاء السيسي وسلمان بعد أسبوعين من الإعلان عن استئناف شركة (أرامكو) السعودية توريد شحنات نفط كانت قد توقفت منذ أكتوبر الماضي دون أن تبدي الشركة أي أسباب للقرار.
وتوقفت شحنات النفط السعودي للقاهرة في ظل توتر بين البلدين على خلفية موقف البلدين من ملفات إقليمية، أبرزها الملف السوري.
وكانت مصر صوتت في أكتوبر لصالح مشروع قرار روسي في الأمم المتحدة بشأن سوريا، ما أثار انتقادات سعودية.
ويقول خبراء إن الملف اليمني أيضا مثار خلاف بين مصر والسعودية.
وتشارك مصر في تحالف عسكري عربي تقوده السعودية لدعم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته ضد الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء.
ويرى رئيس مركز (الخليج) للدراسات الاستراتيجية البحريني عمر الحسن، أن الخلاف بين القاهرة والرياض بشأن الملف السوري يكمن في طبيعة وتفاصيل الحل السياسي للأزمة الناشبة منذ أكثر من ستة أعوام.
وقال الحسن في اتصال هاتفي من لندن لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "الحل السياسي الذي تراه مصر لا يفرق فيه وجود الرئيس السوري بشار الأسد، من عدمه، أما السعودية فتعتبر أن الحل السياسي بوجود الأسد لايحل المشكلة، وأنه لابد من رحيله عن أية تسوية".
ولا يعتقد رئيس وحدة الدراسات الخليجية بمركز (الأهرام) للدراسات السياسية والاستراتيجية معتز سلامة، أن يكون ملفا سوريا واليمن هما "فقط" محل الخلاف بين مصر والسعودية أو جوهره.
وقال سلامة ل(شينخوا) "صحيح أن السعوديين يرون أن مصر لا تجاريهم في سياساتهم في سوريا واليمن، لكن لا أعتقد أن هذا هو جوهر الخلاف فقط".
وبرأيه يكمن جوهر الخلاف في أن "التقارب بين المؤسسات المصرية والسعودية لم يكن كما ينبغي بعد زيارة الملك سلمان، بالإضافة إلى وجود عراقيل كبيرة لتنفيذ الاتفاقات".
كما يبدو "أنه كانت هناك وشاية من أطراف أخرى لعرقلة التقارب بين البلدين، بالإضافة إلى الشؤون الداخلية لكل دولة"، حسب سلامة.
وفي أبريل من العام الماضي، قام الملك سلمان بزيارة إلى مصر شهدت توقيع حزمة اتفاقات استثمارية، كان من بينها اتفاقية لترسيم وتعيين الحدود البحرية يتم بمقتضاها نقل تبعية جزيرتين في البحر الأحمر إلى السعودية.
وأثارت هذه الاتفاقية حالة من الجدل في مصر وخرجت مظاهرات للتنديد بها، ولم يقرها البرلمان المصري حتى اليوم.
وفي يناير الماضي أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر حكما نهائيا ببطلان توقيع الحكومة على هذه الاتفاقية في خضم حالة الجفاء بين البلدين.
ولم تكن مسألتا سوريا واليمن سوى مجالا فقط لإعلان الخلاف المصري السعودي عن نفسه في أكتوبر، حسب سلامة.
وخلال الأشهر الماضية لم يصدر تصريح رسمي في القاهرة والرياض يؤكد الخلاف بين البلدين، بل على العكس كانت كل التصريحات تنفي وجود أي توتر أو خلاف، وذلك قبل حدوث انفراجة في منتصف مارس الجاري بالإعلان عن استئناف شركة (أرامكو) السعودية توريد شحنات نفط متعاقد عليها كانت قد توقفت إلى مصر.
وفي حين شكل استئناف شركة (أرامكو) السعودية توريد شحنات النفط إلى مصر وتلقي القاهرة بعضها، مؤشرا على تحسن العلاقات بين البلدين.
كان من شأن لقاء الرئيس المصري والعاهل السعودي أمس في الأردن أن يذيب الجليد بين البلدين ويزيل كثير من العقبات والخلافات، حسب رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية.
وقال الحسن إن الخلافات بين البلدين سيتم حلها بشكل صحيح ومناسب من خلال الحوار بين السيسي وسلمان، مشيرا إلى أن لجانا مشتركة بدأت تعمل لمعرفة مواطن الخلاف وإيجاد الحلول.
وأعرب عن اعتقاده بأن العلاقات بين مصر والسعودية "تسير في الاتجاه الصحيح".
وفي مؤشر جديد على تحسن العلاقات والتقارب بين البلدين، أعلن السفير السعودي لدى القاهرة أحمد بن عبد العزيز قطان، اليوم أن الرئيس المصري سيزور المملكة في أبريل القادم.
وقال قطان"ستكون زيارة ميمونة بإذن الله"، مؤكدا أن الفترة القادمة ستشهد زيادة التعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية والتعليمية بين البلدين.
ويرى رئيس وحدة الدراسات الخليجية بمركز (الأهرام) للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه "من المهم جدا أن يتقارب البلدين، خاصة وأن المنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة جدا من خلال إعادة رسم خريطة المنطقة، وإعادة رسم التحالفات، وإعادة تشكيل النظام الإقليمي".
وحذر من "أن النظام الإقليمي لن يكون عربيا كما كان، نتيجة بروز دور أساسي لدول الجوار".
وأوضح "أن هناك متغيرات كبيرة في المنطقة قد تسمح بوجود أطراف غير عربية فاعلة بالمعادلة كدخول أطراف إقليمية، مثل إيران وتركيا، (..) ووجود طرف فاعل في المعادلة، وهو إسرائيل، والذي لم تتحدد علاقته بالنظام العربي بعد".
وتساءل سلامة عن قدرة النظام العربي على لملمة جراحه واحتواء مايحدث في دول عربية من تدمير وهدم، ودور القاهرة والرياض في هذا الصدد باعتبارهما العاصمتين الأكبر على الصعيد العربي.