بوابة الاقتصاد الجزائري

بلغ الدين المحلي للجزائر 18 تريليون دينار (حوالي 136 مليار دولار أمريكي)، أي ما يعادل 50% من ناتجها المحلي الإجمالي.

لا يُمثل الدين المحلي الذي يعادل 50% من الناتج المحلي الإجمالي خطرًا بالضرورة على دولة ذات اقتصاد متنوع، وقاعدة صناعية قوية، وقدرة إنتاجية قادرة على توليد دخل مستقر. في مثل هذه الدول، غالبًا ما يُستخدم الدين لتمويل الابتكار، أو البنية التحتية، أو الصادرات، مما يُولد الثروة ويسهل سدادها.

لكن في الجزائر، الوضع مختلف تمامًا: لا يزال الاقتصاد معتمدًا على المحروقات، والقطاع الصناعي ضعيف، والصادرات غير المرتبطة بالطاقة ضئيلة، والمؤسسات العامة تستهلك مليارات الدولارات دون تحقيق عوائد.

هذا يعني أن الدين لا يُمول خلق الثروة، بل يُموّل فقط بقاء نظام اقتصادي غير فعال.

نتيجة لذلك، تُراكم الدولة الديون دون زيادة قدرتها على سدادها، مما يُشكل خطرًا كبيرًا. وإذا انخفضت أسعار النفط، فلن يكون أمام الدولة بديلٌ لمواجهة هذا الوضع، مما قد يؤدي إلى أزمة ميزانية خطيرة، وعودةٌ أشدّ وطأةً إلى طباعة النقود، وانخفاضٌ أسرع في قيمة الدينار.

يتحدث النظام عن "دينٍ داخليٍّ مُتحكّمٍ به"، بينما تشير جميع الدلائل إلى عكس ذلك. ففي بلدٍ يتمتع باقتصادٍ سليم، يعني التحكّم في الدين وجود خطةٍ واضحة، ومؤشراتٍ شفافة، واستراتيجيةٍ للسداد، والأهم من ذلك كله، اقتصادٍ منتجٍ قادرٍ على امتصاص الصدمات. أما في الجزائر، فلا وجودٌ لأيٍّ من هذا. فالدين يتزايد لأن الدولة تُنفق أكثر مما تُنتج، ولأن المؤسسات العامة تُحافظ على بقائها بفضل القروض المصرفية، ولأن الميزانية تعتمد بشكلٍ شبه كاملٍ على المحروقات.

عبد الكريم زغيلش
 
إنّ رفع الأجور في الجزائر ورفع النقطة الإستدلالية، في ظلّ الظروف الاقتصادية الحالية، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى زيادة التضخم. لماذا؟ لأن الدولة تضخّ مزيدًا من المال في سوق لا ترتفع فيه القدرة الإنتاجية، ويبقى فيه العرض محدودًا، وتعتمد فيه الاقتصاد الوطني على الاستيراد بشكل كبير. النتيجة واضحة: مال أكثر يطارد نفس كمية السلع. الأسعار ترتفع، والقيمة الحقيقية للأجور تتراجع.

في سياق هشّ كهذا، لا يمكن لقيمة أي زيادة في الأجور أن تصمد أكثر من 90 يومًا. بمعنى آخر، المبلغ الإضافي يَتآكل تدريجيًا، يفقد قوته الشرائية، ويصبح بلا أثر. الآلية بسيطة: إذا ارتفعت الأسعار أسرع من الرواتب، فإن أي زيادة اسمية تُمحى خلال بضعة أسابيع. المواطن يظن أنه ربح، لكنه في الواقع يدفع أسعارًا أعلى، وفي النهاية يعود إلى نفس النقطة, بل أحيانًا إلى وضع أسوأ.

لنفترض أن عاملاً يحصل على زيادة قدرها 10 آلاف دينار.
في اقتصاد مستقر، كان من المفترض أن تحسن هذه الزيادة مستوى معيشته.
لكن في السوق الجزائرية الحالية، يواجه هذا المبلغ مباشرة موجة إرتفاعات عامة في الأسعار:
المواد الغذائية ترتفع بـ10 إلى 20٪،
السوق الموازية للعملات تلتهب، ما يرفع تلقائيًا أسعار كل ما هو مستورد.
بعد 90 يومًا على الأكثر، يصبح ما كان يُساوي 10 آلاف دينار يعادل فعليًا 11 آلاف أو 12 آلاف دينار من حيث القوة الشرائية.
العامل لم يربح شيئًا: لقد حصل فقط على مال تبخّر داخل عجلة التضخم, أوراق بلا قيمة.
قبل الزيادة كان في جيبك 10 أوراق وبعدها أصبح في جيبك 12 ورقة لكن بعد 90 يومًا على الأكثر تستطيع أن تشتري بها نفس الشيء... أو أقل.
لكن الكتلة المالية في سوق تتضخم, والدينار يفقد أكثر فاكثر من قيمته, وهذا التضخم تعيش به بقية السنة.

ما دام الإقتصاد غير منتج، وغير متنوع، وغير قائم على قاعدة صناعية حقيقية، فإن رفع الأجور يشبه محاولة ملء دلو مثقوب: ما تعطيه الدولة اليوم، تبتلعه الأسعار غدًا.
الحل الحقيقي ليس في طبع المزيد من الأموال، بل في خلق المزيد من القيمة.
ويستحيل خلق المزيد من القيمة بدون جلب الإستثمارات الأجنبية, والمستثمرين الأجانب لا يأتون الى الديكتاتوريات الغير مستقرة سياسيا.

عبد الكريم زغيلش
 
نحو إنشاء فرع دولي للشركة الوطنية سونلغاز سنة 2026...
 
صناعة توربينات الغاز.. زخم عربي تقوده السعودية والجزائر
 
يقال أنه التصميم الجديد للمركب الرياضي الجديد لقسنطينة....
FB_IMG_1763384494639.jpg
FB_IMG_1763384497600.jpg
FB_IMG_1763384503786.jpg


 
عودة
أعلى