جون أفريك: الجزائر تتبرع بالوقود للبنان… فيطرحه فوراً للبيع بالمزاد
نشرت مجلة “جون أفريك” الفرنسي تقريرا بعنوان “الجزائر تتبرع بالوقود للبنان… فيطرحه فوراً للبيع بالمزاد” للصحافي الجزائري فريد عليلات، كشف فيه أنه أمام النقص الخطير في الطاقة الذي يعاني منه لبنان، قررت الجزائر التبرع بـ 30 ألف طن من الوقود. ولأنه غير متوافق مع محطات الطاقة اللبنانية، أعادت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية طرحه للبيع.
وذكر الكاتب بأنه في السبت 17 أغسطس/ آب الماضي، غرق لبنان في الظلام بعد إغلاق محطات توليد الكهرباء بشكل كامل بسبب نقص الوقود. وهو وضع يؤثر بشكل خطير على عمل المطار وميناء بيروت والمستشفيات ومحطات ضخ المياه وحتى السجون. وأنه ردا على هذا الوضع الصعب أعلن
الرئيس عبد المجيد تبون أن الجزائر ستهب لمساعدة لبنان، وأمر مجموعة شركة النفط الحكومية “سوناطراك” بالتدخل الفوري بإمداد محطات توليد الكهرباء اللبنانية بالوقود اللازم لإعادة تشغيلها.
وأشار الكاتب إلى أنه تم الوفاء بالوعد في 27 اغسطس، أي أنه بعد خمسة أيام من مغادرة ميناء سكيكدة الجزائري، رست سفينة الشركة الجزائرية “إن إيكر” محملة بـ 30.049.377 طن من الوقود في طرابلس. وذكرت “سوناطراك” أن هذا الوقود الذي تنتجه معملها في سكيكدة، يتميز بـ”جودة الطاقة العالية” و”محتواه المنخفض من الكبريت، وهو شرط ضروري لإنتاج الكهرباء”. كما تم تقديم شهادة الجودة رقم 109/F-B2024 الصادرة بتاريخ 20 آب/أغسطس إلى السلطات اللبنانية كإثبات. ولكن المفارقة، يؤكد الكاتب “أن هذا التبرع من الجزائر يتحول إلى صداع للبنان”.
الوقود الجزائري، ذو جودة عالية للغاية ويصل سعره إلى 550 دولارًا للطن، ليس هو نفسه المستخدم في محطات الطاقة اللبنانية، والذي هو أقل جودة ويصل سعره 450 دولارًا للطن .
ونقل التقرير عن خبير تجاري لبناني طلب عدم الكشف عن هويته، فإن الوقود الجزائري، وهو في الواقع ذو جودة عالية للغاية ويصل سعره إلى حوالي 550 دولارًا للطن، ليس هو نفسه المستخدم في محطات الطاقة اللبنانية، والذي هو أقل جودة ويصل سعره إلى حوالي 450 دولارًا للطن . وهذان السعران يشملان التوصيل على متن السفينة، أي أنه يتم إصدار فاتورة بهما في ميناء التحميل في البلد المنتج. وبحسب التقرير فمع كلفة الشحن من ميناء سكيكدة الجزائري إلى المرفأ اللبناني، المقدرة بين 1.5 و2 مليون دولار، تصل قيمة حمولة سفينة “إن إيكرت” الجزائرية إلى ما يقارب 18 مليون دولار.
وأشار التقرير إلى تأكيد وزير الطاقة اللبناني سمير فياض، يوم الثلاثاء 28 أغسطس الماضي، أنه
بوصول السفينة الجزائرية فإن “إمدادات الكهرباء يجب أن تتحسن بنسبة 4 إلى 6 ساعات يوميا” بفضل وقود “سوناطراك”. لكن هناك مشكلة، حسب التقرير: رغم جودته العالية، فإن الوقود الجزائري لن يكون متوافقا مع محطات توليد الكهرباء في لبنان، التي تعمل بالديزل. وبحسب الصحافة اللبنانية، فإن شركة كهرباء لبنان (مؤسسة عامة تسيطر على 90% من أنشطة إنتاج الكهرباء ونقلها وتوزيعها في البلاد)، وجهت كتاباً إلى وزارة الطاقة اللبنانية تؤكد فيها حاجتها إلى المازوت، وليس المحروقات لتشغيل محطتي الزهراني ودير عمار المتوقفتين منذ منتصف أغسطس/آب الماضي بعد نقص مخزون الوقود.
مع كلفة الشحن من ميناء سكيكدة الجزائري إلى المرفأ اللبناني، المقدرة بين 1.5 و2 مليون دولار، تصل قيمة حمولة سفينة “إن إيكرت” الجزائرية إلى 18 مليون دولار
وفقًا للوثائق التي اطلعت عليها مجلة “جون أفريك”، تم بيع زيت الوقود الجزائري بالمزاد العلني في السوق العامة، بدءًا من 26 أغسطس، عندما لم تكن سفينة سوناطراك التي تنقل هذه الـ 30 ألف طن قد رست بعد في لبنان. ووفق المجلة فبحسب إحدى هذه الوثائق التي وقعها وزير الطاقة والمياه وليد فياض، يجب على مقدمي العروض في هذا المزاد أن يقدموا، باستخدام طريقة المبادلة، ما يعادل في الوقود ذلك الذي تم نقله على متن السفينة الجزائرية إن إيكر التي “بوليصة الشحن البحري” “(يُشار إليه أيضًا باسم بوليصة الشحن)، تم إصدار العقد الملزم للشاحن والناقل في 21 أغسطس.
ووفق المجلة تشير الوثيقة إلى أن الردود على هذه الدعوة للمزاد، والتي تظل سارية حتى 8 أكتوبر/ تشرين الأول، يجب تقديمها قبل 9 سبتمبر/ أيلول. وفي نهاية هذه العملية، سيقدم مقدم العرض الأعلى لوزارة الطاقة اللبنانية وقودًا أقل جودة – ربما روسيًا أو عراقيًا – وسيقوم بعد ذلك بإعادة بيع الوقود الجزائري في السوق الدولية بسعر أقل، مما يحقق مكاسب رأسمالية كبيرة هذه العملية.
ووفق المجلة يعتقد تاجر جزائري يعمل في سوق النفط الدولية منذ حوالي عشر سنوات أن سوناطراك كان بإمكانها بيع هذه الشحنة بنفسها في الأسواق الدولية وبالتالي تزويد السلطات اللبنانية بالأموال اللازمة لشراء الوقود بنفسها بما يتناسب مع احتياجاتها من الطاقة النباتات. لكن التبرع الجزائري، حسب “جون أفريك” فإلى جانب كونه عملاً من أعمال التضامن والمساعدة المتبادلة تجاه الشعب اللبناني، هو أيضًا عمل دبلوماسي، وتشكل الدعاية التي تمت حول مغادرة السفينة ووصولها “إن إيكر” جزءًا منها.
وفقًا للوثائق التي اطلعت عليها المجلة تم بيع الوقود الجزائري بالمزاد العلني في السوق العامة، بدءًا من 26 أغسطس، عندما لم تكن سفينة سوناطراك التي تنقل هذه الـ 30 ألف طن قد رست بعد في لبنان.
ووفق التقرير فإن
إرسال باخرة محملة بالوقود النشط عالي الجودة يهدف إلى تجنب تكرار الفضيحة التي هزت سوناطراك عام 2020. ففي أبريل/ نيسان من ذلك العام، أطلق القضاء اللبناني تحقيقا في شبهات تسليم زيت الوقود المغشوش من قبل الشركة الجزائرية عبر فرعها، المسجل في جزر “فيرجن” البريطانية إلى “شركة كهرباء لبنان “. وبحسب التقرير يغطي العقد المبرم بين سوناطراك وشركة كهرباء لبنان، والذي دخل حيز التنفيذ عام 2006 ويتم تجديده كل ثلاث سنوات، أكثر من 2 مليار دولار من عمليات تسليم الوقود سنويا. وذكر التقرير أن النائب العام لدى محكمة التمييز في جبل لبنان، غادة عون، كانت قد أمرت في ذلك الوقت، بعد أن أبلغها المبلغون عن المخالفات، بفتح تحقيق في عدة عمليات تسليم جزائرية.
وأشار التقرير إلى أن هذه التحقيقات، التي استمرت 3 أشهر، أسفرت عن توجيه اتهامات لعدد من الأشخاص. ووجهت بعد ذلك لائحة اتهام إلى المديرة العامة لوزارة الطاقة، أورور فغالي، وسركيس حليس، مدير المنشآت النفطية في نفس الوزارة، للاشتباه في وجود تقارير مزورة تتعلق بتسليم هذا الوقود. كما أن طارق فوال، الذي تم تقديمه كممثل لشركة سوناطراك في لبنان، كان أيضًا موضع مذكرة اعتقال دولية.
وذكر التقرير أن سوناطراك نفت حينها أي صلة بين فوال والشركة الجزائرية، ودحضت الاتهامات بتسليم وقود مغشوش. و أشار إلى أنه “على إثر هذه الفضيحة أعلنت الشركة الجزائرية أنها لن تجدد عقد التوريد المبرم مع شركة كهرباء لبنان والذي ينتهي نهاية ديسمبر 2025.