الحُكومة تُفكر في إجراءات تَحفيزية للقضاء على التهرّب الضَريبي والسُوق المُوازية
يعتقد الخبراء أن الحكومة باتت أمام ضرورة تبني إجراءات تَحفيزية، وأخرى ردعية تساهم في مكافحة التهرّب الضَريبي وتخفيض الكتلة المتداولة في السُوق المُوازية، والذي لن يتأتى إلا من خلال استحداث قوانين توازن بين خلق الثروة والضرائب بالنسبة للمستثمرين خاصة، والتجار عموما، مما تمنكهم تلك الإجراءات من توسيع أنشطتهم.
تعمل السلطات العليا في البلاد خلال السنتين الأخيرتين على تبسيط الاجراءات الجبائية للمستثمرين لتعبئة مواردها من جهة، ومكافحتها للتهرب الضريبي من جهة أخرى عبر جملة من القوانين.
في الوقت الذي دعا فيه خبراء اقتصاديون إلى إحداث توازن بين خلق الثروة والضرائب، بتوسيع الأنشطة الاقتصادية لتكون محركا أساسيا لحركة دوران الأموال واستقطابها أكثر نحو السوق المالية المنتظمة بعيدا عن السوق الموزاية.
تضمن قانون المالية لسنة 2023 في الجزائر مجموعة من التدابير الضريبية التي تهدف إلى دعم الاستثمار وتبسيط الإجراءات الجبائية وتعبئة الموارد ومكافحة الغش الضريبي، وفق ما جاء في بيان للمديرية العامة للضرائب نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، ففي الشق المتعلق بمكافحة الغش الضريبي، فإن قانون المالية نص على توسيع مجال إجراء التحقيق حول الوضعية الجبائية الشاملة للضريبة على الثروة، حيث سيتم إجراء عملية الرقابة في مجال التحقيق المعمق للوضعية الجبائية على الضريبة على الدخل والضريبة على الثروة في آن واحد.
خفض للضرائب لخلق الثروة
وتأتي هذه الاجراءات سعيا من الحكومة لاستقطاب الأموال المتداولة في السوق الموازية نحو السوق المالية المنتظمة، وتسهيل عمل المستثمرين وتشجيعهم على توسيع نشاطاتهم في مجالات مختلفة، دعما للاقتصاد الوطني والرفع من الانتاج أيضا، ومن أجل بلوغ هذا الهدف، دعا الخبير الاقتصادي الهواري تيغرسي في تصريح أدلى به لـ ” الاقتصاد ديزاد” إلى خفض الضرائب على المستثمرين، للوصول إلى تحقيق ارتفاع في خلق الثروة والنشاط الإنتاجي في الجزائر وإحداث توازن بين خلق الثروة والضرائب.
وأشار تيغرسي إلى إمكانية خفض الضريبة كمرحلة أولى والتوسيع من قيمتها، للوصول إلى استقطاب الأموال الموجودة في السوق الموازية، ومنه نعطي للمستثمر أكثر ثقة لتوسيع نشاطه الاستثماري في السنوات القادمة، مشددا على ضرورة تفعيل الرقمنة لمعرفة العمليات النقدية وتبني دفع رقمي حقيقي وشفاف في المعاملات النقدية، ومراقبة المتعاملين الاقتصاديين، مؤكدا على أن إجراءات الرقمنة هي التي ستخفض الأموال المتداولة في السوق الموزاية إلى 50 بالمائة.
وللوصول إلى استثمار منتج وداعم للاقتصاد الوطني، نوه الخبير الاقتصادي بوجوب تذليل العقبات التي يواجهها المستثمرون خاصة ما تعلق بارتفاع الضرائب والضغط الضريبي عليهم، وذلك من خلال تبسيط القيمة الضريبية وتخفيضها ودعم الانتاج الوطني ومنه إحداث توزان بين خلق الثروة والضرائب.
وتابع ذات الخبير قوله، أن قيمة الضرائب في الجزائر مرتفعة تصل إلى 53 بالمائة، ضف إلى ذلك الرسوم المرتبطة بالعمال ما يصل إلى 60 بالمائة، هذا ما يجعل المستثمرين يعزفون عن توسيع نشاطهم ويتجهون نحو السوق الموازية لتخزين أموالهم هناك.
التحصيل الضريبي وتأثيره على الناتج الوطني الخام
وبخصوص المداخيل الضريبية والمستحقات الضريبية أو ما يعرف بالتحصيل الضريبي في الجزائر، فهي تقريبا 20 بالمائة أي بمعنى أن 80 بالمائة موجودة في السوق الموازية، وبالتالي فإن الحركية في سوق الاموال الوطنية المنتظمة ضعيفة من حيث حركة دورانها، ما سيؤثر على الناتج الوطني الخام، بمعنى آخر أنه إذا كانت كمية النقود ثابتة أو ضعيفة فإنها ستؤثر على الناتج الوطني الخام، وبالتالي فلن ينتعش هذا الأخير إلا إذا كانت حركة الأموال الناتجة عن الأنشطة الاقتصادية الموسعة سريعة ( حركة تداول النقود). يوضح ذات الخبير .
توزان مالي وحفاظ على احتياطي الصرف الأجنبي
وكان قد كشف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون في تصريح سابق، أن حجم الأموال المتداولة في السوق الموازية بالجزائر تقدر ب10 آلاف مليار دج أو ما يعادل 90 مليار دولار، مؤكدا أن الاصلاحات الهيكلية التي شهدها مجال الاستيراد سمحت للجزائر بتحقيق توازنها المالي والحفاظ على احتياطاتها من الصرف الأجنبي.
كما ذكر الرئيس تبون في ذات السياق، تمكن الجزائر بفضل الاصلاحات الهيكلية التي تقوم بها بخفض فاتورة وارداتها إلى حوالي 31 مليار دولار مقابل أكثر من 60 مليار دولار قبل عشر سنوات، لافتا إلى أن ما عرفته فاتورة الاستيراد بعد تطبيق الاصلاحات هو “انخفاض هيكلي وليس ظرفي”.
وجدد السيد الرئيس تأكيده أن الجزائر اليوم لا تعرف أي عجز في ميزانها التجاري، موضحا أن عائدات البلاد من المحروقات وغير المحروقات كفيلة اليوم بتغطية كلفة الواردات بدون الحاجة إلى اللجوء لاحتياطي الصرف الوطني.