معركة المنصورة الجوية : كابوس إسرائيل الذي تأبي الاعتراف به

yasoo63

عضو
إنضم
21 نوفمبر 2007
المشاركات
324
التفاعل
292 0 0
معركة المنصورة الجوية : كابوس إسرائيل الذي تأبي الاعتراف به




3552281910.gif




بقلم الدكتور ديفيد نيكول وشريف شارمي

المنصورة ، قاعدة جوية مصرية في وسط دلتا النيل ، يتم استخدامها حصرا من جانب قوات الجوية المصرية.

وفقا للمصادر المصرية ففي الرابع عشر من أكتوبر 1973 ، وقعت أكبر معركة جوية في حرب رمضان أو حرب تشرين (حرب يوم كيبور) ، في هذا اليوم اسقط الطياريين المصريين سبعة عشر طائرة إسرائيلية من طراز فانتوم اف-4 ، الدكتور الدكتور ديفيد نيكول وشريف شارمي أرخا لتلك المعركة في مقال نشر في مجلة القوات الجوية الشهرية بعددها الصادر في يناير 1996 ، هذا الموضوع هو التسجيل الكامل لهما لتلك المعركة.

حتى الآن ترفض إسرائيل الاعتراف بحدوث تلك المعركة أبدا ، وتنكر أنها تكبدت خسائر مماثلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قامت القوات الجوية المصرية بتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية في شبة جزيرة سيناء التي كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي وقتها في اليوم الأول من حرب أكتوبر 1973 ، قدمت تلك الهجمات الجوية مساهمة كبيرة في نجاح العرب خلال الفترة الأولي من الحرب . داخل مصر نفسها نظر إلي تلك الهجمات علي أنها المفتاح الذي يعتبره العرب نصرا حققوه ضد إسرائيل.

هذا أمر معروف جيدا ، ومن المسلم به أيضا خارج منطقة الشرق الأوسط ، لكن كان هناك الكثير من العمل الجوي خلال الفترة المتبقية من حرب أكتوبر قام خلالها المصريين وحلفائهم السوريين ، لكن هذا العمل يعتبر حقق نتائج أقل من ذلك بكثير ، تفاصيل تلك العمليات التي حدثت في الفترة المتبقية من الحرب لم يكن قد تم الإعلان عنها مؤخرا ، واحدة من تلك الاشتباكات كان هاما بما فيه الكفاية للحكومة المصرية لتغيير اليوم الذي يحتفل فيه (بعيد القوات الجوية) من الثاني من نوفمبر إلي الرابع عشر من أكتوبر من كل عام ، لإحياء ما تشير إليه القوات الجوية المصرية باسم "معركة المنصورة الجوية".

فجر يوم الرابع عشر ، أكتوبر من العام 1973 ، اليوم التاسع من الحرب التي يطلق عليها العرب (حرب رمضان) ، وتدعي في إسرائيل باسم (حرب يوم الغفران) ، تسعة ألوية مدرعة من الجيشين الثاني والثالث المصريين يشنون هجوما في محاولة لتوسيع نطاق الجسور الموجودة على الجانب الشرقي من قناة السويس ، دعم هذا الهجوم طائرات من طرازات ميج-17 وسو-7 وسو-20 إضافة إلي الميراج ، أقلعت الطائرات من قواعدها في غرب القناة ودلتا النيل ، وبدورها قدم الغطاء لهذه الطائرات التي كانت أساسا تقوم بمهام القصف للأهداف الإسرائيلية الأرضية ، مقاتلات من طراز ميج-21 من الجناح الجوي 104 ، معظم هذه المقاتلات كانت تتمركز في قاعدة المنصورة الجوية.

eaf_mig-21mf_8304_001.jpg

رسم توضيحي لمقاتلة ميج-21 MF مصرية ، التي كانت قوام ثلاثة أسراب شكلت معا الجناح الجوي 104 في القوة الجوية المصرية ، سربين من هذه الأسراب كانت في قاعدة المنصورة الجوية ، وسرب تمركز في طنطا ، هذا الرسم الفني بواسطة توم كوبر.

وردا على ذلك ، جربت القوات الجوية الإسرائيلية حظها للمرة الرابعة -بعد فشلها لثلاث مرات- لتدمير الجناح الجوي 104 ، وبالتالي استعادة التفوق الجوي الذي كانت تتمتع به سابقا عندما حطمت الجيش المصري في يونيو 1967.

أطلق الإسرائيليين غارات ضد القواعد الجوية في المنصورة ، طنطا ، والصالحية . في الواقع كانت قواتهم الجوية قد بذلت جهدا فاشلا لمهاجمة المنصورة أيام 7 ، 9 و 12 أكتوبر ، لكن هذه الهجمات فشلت لاختراق القوات الجوية المصرية التي كانت صعبة المراس ومعها صواريخ الدفاع الجوي المخيفة ونيران المدفعية المضادة للطائرات ، لاحقا اعترف الإسرائيليين بفقدان 22 طائرة في سابع يوم -أسوأ أيامهم في الحرب علي الجبهة المصرية-.

أنه الهجوم الإسرائيلي الرابع ، قرروا أن يكون أكثر هجماتهم عزما وقوة ، مع أكثر من 100 طائرة من طرازي أف-4 فانتوم و A-4 سكاي هوك لشن محاولة لضرب القاعدة الجوية الضخمة في المنصورة ، توج الهجوم بقتال متواصل تقريبا لمدة لا تقل عن 53 دقيقة ، وفقا للتقديرات المصرية هناك أكثر من 180 طائرة اشتركوا في القتال بوقت واحد ، الغالبية العظمي منها كانت إسرائيلية.

idf-af_f-4e_69_sqn.jpg


هذه الطائرة أف-4 فانتوم ذات الترقيم 183 كانت في الخدمة بسرب (المطارق 69) عام 1973 ، من المؤكد أن واحدة من طائرات فانتوم-2 التابعة لهذا السرب فقدت يوم 14 أكتوبر ، وإن كان ذلك -وفقا لمصادر إسرائيلية- قد حدث بسبب النيران الصديقة ، وتم إنقاذ الطاقم بسلام . الطائرة ذات ترقيم 183 نجت من الحرب ، وتم تعليمها برمز تحقيق قتل واحد فيما بعد ولكن لبعض الوقت فقط ، ، وتظهر هنا بهذا التخطيط الفني وهي مسلحة بالبود ALQ-101 ECM المستخدم في إجراءات الحرب الالكترونية -كانت تلك ميزة لم تحظي بها مصر في الحرب- ، علي الجناح الأيسر صواريخ سبارو الأمريكية ، وأربعة صواريخ سايدوندر (اثنان تحت كل جناح) ، وخمسة قنابل للقصف الأرضي M-117 مكانها تحت خط منتصف الطائرة ، فضلا عن أثنان من صواريخ سبارو معلقان في الخلف . كانت القدرة على حمل مثل هذه الأحمال الضخمة عبر مسافات شاسعة بسرعات عالية واحدا من الأسباب التي جعلت طائرات الفانتوم ذات شهرة في الشرق الأوسط ، في الواقع كانت الفانتوم مشهورة جدا ، أنه خلال تلك الحرب بل وحروب تلتها كانت أي مقاتلة إسرائيلية تظهر في السماء يتم ذكرها بأنها (فانتوم) ، فهل كان هذا هو الحال مع 17 طائرة فانتوم أو الشبح كما كانت تسمي أيضا ، ذكر أنه قد تم تدميرها بواسطة القوات الجوية المصرية .في الرابع عشر من أكتوبر.

بالإضافة إلى تفوقها العددي ، كان لدي القوات الجوية الإسرائيلية اليد العليا أيضا في أنواع الطائرات ، تدريب الطيارين ، خبرات الطيارين . أما الميزة الوحيدة لدي المصريين كانت تكمن في حقيقة أن الطيارين ، الموجهين الأرضيين وعمال الصيانة كانوا يقاتلون دفاعا عن قلب مصر ، كما كانت معنويات أفراد القوات الجوية المصرية ترتفع باطراد منذ أن قامت طائراتهم لأول مرة بضرب الغزاة في أعقاب حرب يونيو 1967 الكارثية.

الجناح الجوي 104 ، كان منخرط تماما في القتال منذ اليوم الأول ، السادس من أكتوبر ، لم يكن فقد يقدم الغطاء الجوي للقوات البرية ، بل قام بشن هجمات ضد القوات البرية الإسرائيلية كما كانت تدافع عن المجال الجوي فوق المنصورة ، وكان من المتوقع بشكل واضح قيام الإسرائيليين بمحاولة أخري لبدء هجوم ضد المنصورة ، مع ذلك يبدو كل شيئا هادئا إلي حد بعيد في الثالثة من ظهر ذلك اليوم الأحد الرابع عشر من أكتوبر ، خلال ذلك كانت الحرب في سيناء في أوجها ، المصريين يحتفظون بعدد من مقاتلات الميج-21 في حالة تأهب قصوى في نهاية المدرج ، كان الطيارين في قمره القيادة كل في مقاتلته ثابتا تحت شمس مصر الحارقة.

eaf_mig-21mf_8451_001.jpg


طائرة سلاح الجو المصري ميج-21 MF بمواصفاتها القياسية ، في العام 1973 كانت لا تظل بنفس التمويه الذي تسلمته من الاتحاد السوفيتي ، وفي الفترة ما بين 1970-1972 كانت معظم الطائرات أيضا لا تزال بالعلم القديم لسلاح الجو المصري مع اثنين من النجوم الخضراء في منتصف العلم بدلا من النسر الذهبي ، كما يمكنك أن تلاحظ أيضا شارة صغيرة (سيفين متقاطعين) باللون الأسود علي مقدمة الطائرة ، مع ذلك فأن هوية الوحدة الجوية التي تميزت بهذين السيفين علي أجسام طائراتها الأمامية لا تزال غير معلومة.

الثالثة والربع ظهرا ، مراكز المراقبة الجوية على ساحل دلتا النيل تقوم بإبلاغ القيادة العليا للقوات الجوية المصرية بأن 20 من طائرات الفانتوم قادمة من جهة البحر ، تحلق في اتجاه الجنوب الغربي نحو بورسعيد والدلتا ، اللواء طيار الركن وقتها محمد حسني مبارك (كان وقتها قائد القوات الجوية المصرية ، وأصبح فيما بعد رئيسا لمصر بين عامي 1981 : 2011) يتلقي البلاغ ويصدر أوامره إلي اللواء أحمد عبد الرحمن نصر ، قائد الجناح 104 بالدفع بـ 16 طائرة ميج-21 ، كانوا يقومون بمظلة جوية لحماية القاعدة الجوية في المنصورة ، لا أكثر من ذلك ، وفوق كل هذا تلقي الطيارين تعليمات بعدم الاندفاع والاشتباك مع العدو قبل أن يقوم هو بالدخول لمهاجمة أهدافه بشكل فعلي.

هذا الأمر وضع الطيارين في حيرة ، فلقد توقعوا أن يتم إرسالهم ضد طائرات العدو التي تم كشفها الآن . لكن قائد القوات الجوية المصرية كان قد تعلم الكثير عن التكتيكات الإسرائيلية ، المعرفة المكتسبة من خلال التجربة التي كانت مريرة في الكثير من الأحيان عبر معارك حرب الاستنزاف في نهاية الستينات . تقول أنه في الواقع يميل الإسرائيليين إلي اتباع نمط محدد عندما يقوموا بتنفيذ هجماتهم ، هذه التكتيكات تجعلهم يأتون علي ثلاث دفعات ، في البداية موجة من المقاتلات بهدف جذب المصريين وتشتيتهم عن ما يدافعون عنه ، ثم موجة ثانية من طائرات الهجوم الأرضي مع مقاتلات لحمايتها بهدف قمع وسائل الدفاع الجوي المصري ، يلي ذلك الموجة الثالثة والأخيرة وهي الموجة الرئيسية وتتكون من طائرات قصف أرضي تتوجه مباشرة إلي الهدف.

بناء على ذلك ، اعتبرت قيادة القوات الجوية المصرية أن تلك الموجة من طائرات الفانتوم لم تكن تزيد عن شرك وطعم يريد الإسرائيليين أن يبتلعه المصريين ، بالتالي لم تصدر الأوامر لمقاتلات الميج بالخروج ورائهم لاعتراضهم ، وفي هذه الأحوال ظلت الفانتوم الإسرائيلية لا تقوم بشيء سوي الطيران حول بعضها البعض في دوائر ، بعد أن فشلت في جذب مقاتلات الميج-21 بعيدا عن المنصورة ، ثم تراجعت مرة أخري إلي البحر تجر أذيال الخيبة.



map_nile_delta_1973_el_mansoura.jpg


هذه الخريطة توضح التالي : السهم الأزرق دون تقطعات هو خط سير الموجة الإسرائيلية الأولي ، الخط علي اليمين ذو التقطعات المتباعدة خط سير الموجة الإسرائيلية الثالثة ، أما الخط علي اليسار فهو الموجة الإسرائيلية الثالثة.
هذه الدوائر البيضاء التي بداخلها أسهم حمراء تنظر إلي الأعلى هي مواقع صواريخ الدفاع الجوي المصرية
أما الدوائر ذات اللون الأحمر والأبيض والنقطة السوداء فهي تشير إلي مواقع القواعد الجوية المصرية


في حوالي الثالثة والنصف عصرا ، قيادة الدفاع الجوي -وهو سلاح منفصل متميز عن قوات الجيش والقوات الجوية في القوات المسلحة المصرية- ، ترسل تحذيرا جديدا ، هذه المرة ما يقرب من ستين طائرة إسرائيلية دفعة واحدة ، من المرجح أن تكون من طراز فانتوم تقترب من ثلاثة اتجاهات مختلفة نحو بلطيم ودمياط وبورسعيد ، مارشال القوات الجوية مبارك يعطي أوامره للمقاتلات بالاعتراض ، وفي نفس الوقت انتهز الفرصة كي يشرح لطياريه التواقين للقتال ، لماذا لم يعطيهم أمر القتال من قبل؟ ، بدوره اللواء طيار أحمد نصر (الذي أصبح قائدا للقوات الجوية المصرية فيما بعد) أصدر مسارات اعتراض محددة ، في الوقت الذي كانت فيه 16 طائرة من طراز ميج-21 في الجو فعلا تقوم بمظلة جوية أرسلوا للقتال ضد طائرات العدو ، كان دورها مهاجمة التشكيلات الإسرائيلية الثلاثة في محاولة لجعلها تتبعثر وتصبح بالتالي أكثر عرضة لباقي طائرات الجناح الجوي 104 ، وتندفع في الوقت ذاته 16 طائرة أخري من قاعدة المنصورة الجوية ، جنبا إلي جنب مع تشكيل من ثماني طائرات من طنطا ، لدعم هذه الطائرات التي كانت فعليا في الجو . الثالثة و 38 دقيقة أبلغت محطات الرادار المصرية القيادة العليا بأن موجة أخرى من الطائرات الإسرائيلية بعدد 16 طائرة قادمة علي ارتفاع منخفض جدا من نفس الاتجاه ، فسارعت علي الفور الطائرات الثمانية المتبقية في قاعدة المنصورة الجوية للإقلاع ، في حين تم تكليف ثمانية طائرات أخري ميج-21 بالطيران من قاعدة أبو حماد ومساندة زملائهم ، كانت المعركة الجوية التي تلت ذلك شرسة للغاية ، مع ما يقارب من 162 طائرة بين فانتوم وسكاي هوك اشتبكت في نهاية المطاف مع 62 مقاتلة ميج-21.

idf-af_f-4e_119_sqn_001.jpg


السرب رقم 119 (الخفاش) كان متمركزا في قاعدة (تل نوف) عام 1973 ، هذه السرب عاني من بعض الخسائر في وقت مبكر خلال حرب أكتوبر ، خصوصا أثناء الضربة الكارثية ضد صواريخ الدفاع الجوي السوري في السابع من أكتوبر ، هناك أيضا السرب 201 Haachat الذي خسر في مهمة واحدة فقط خمسة طائرات دفعة واحدة ومع ذلك فأنه ظل يعمل ، هذه الطائرة الفانتوم أف-4 تظهر وهي تحمل واحدة من أمراء الحرب في حرب أكتوبر أنه بود الحرب الإلكترونية ALQ-119 ECM ، البود يظهر علي الجهة اليسري من الطائرة ، هناك تسليح سايدوندر تحت الجناح الأيسر ، مع خمسة قنابل M-117 أسفل خط منتصف الطائرة ، الخلجان الخلفية للطائرة تحمل إما ثلاثة قنابل MK-82 للقصف الأرضي أو السايدوندر للقتال الجوي ، أما علي اليمين تحت الجناح باتجاه الداخل يمكن حمل قنبلتين MK-82.

في حوالي الساعة 3:52 ، التقط الرادار المصري موجة جديدة من الطائرات الإسرائيلية ، قدر عدد الطائرات في تلك الموجة بحوالي 60 طائرة بين فانتوم وسكاي هوك ، مجددا يحلقون علي ارتفاع منخفض للغاية ويطيرون من نفس الاتجاه كالموجات السابقة ، يعتقد أن مهمتهم كانت ضرب أي أهداف لم تستطيع الموجة الثانية أن تدمرها ، لذا سارعت الآن ثمانية طائرات من طراز ميج-21 للطيران من قاعدة انشاص الجوية للتصدي لها ، ومع اقتراب تلك الموجة الثالثة من الطائرات الإسرائيلية من التحليق فوق قرية دكرنس أحدي قري دلتا النيل دخلوا في قتال جوي متلاحم أو DogFight ، لقد كانت طائرات الموجة الإسرائيلية الثانية تفر نحو الشرق هربا من المقاتلات المصرية ، أما المصريين فقد هبطت 20 طائرة منهم لإعادة التزود بالوقود علي الأرض -كانت الطائرات المصرية لا تملك القدرة علي الطيران المستمر إلا لمدة ساعة مقابل ثلاث أضعاف المدة للطائرات الإسرائيلية- ، هبط الطيارين المصريين بنجاح بينما كانت المعركة تدور فوق رؤوسهم وبسرعة عادوا للإقلاع واعتراض الطائرات الإسرائيلية مجددا . حينها يبدو أن قائد الموجة الإسرائيلية الثالثة قد أدرك أن الهجمات السابقة له قد فشلت بالفعل ، وأن الجو به أكثر مما كان متوقعا من المقاتلات المصرية -رغم أنهم أقل منهم بمراحل- ، وأن ما عليهم الآن هو الفرار . لقد عبرت آخر الطائرات الإسرائيلية الساحل مرة ثانية في الرابعة وثمانية دقائق . كانت معركة المنصورة الجوية قد انتهت.

أنها العاشرة بتوقيت القاهرة المحلي ، راديو القاهرة يبث الخبر التالي (البيان رقم 39 : معلنا أنه كان هناك اليوم عدد من المعارك الجوية فوق المطارات المصرية ، معظمها جري بكثافة فوق دلتا النيل ، وأن قواتنا قد أسقطت 15 طائرة للعدو في مقابل سقوط ثلاث طائرات مصرية ، بينما تم إسقاط عدد أكبر من الطائرات الإسرائيلية من قبل قوات الجيش والدفاع الجوي فوق سيناء وقناة السويس).

من جانبها ، أعلنت الإذاعة الإسرائيلية، في وقت مبكر من صباح اليوم التالي ، أن سلاح الجو الإسرائيلي قد اسقط 15 طائرة مصرية ، وهذا الرقم خفض لاحقا إلى سبعة.

بعد تحليل أكثر تفصيلا عقب نهاية الحرب ، رفعت القوات الجوية المصرية أرقامها الأصلية وتؤكد الآن أن نتائج معركة المنصورة الجوية كانت كالتالي : 17 طائرة إسرائيلية قد تم تأكيد سقوطها ، في مقابل ستة مقاتلات مصرية من نوع ميج-21 ، ثلاثة منها تم تدميرها بواسطة العدو ، أثنين تحطمتا بسبب فراغ الوقود قبل أن يتمكن الطيارين من العودة بها إلي القواعد ، أما الطائرة الأخيرة فلقد انفجرت بسبب تطاير حطام انفجار طائرة فانتوم ، كان قائد الطائرة المصرية قد دمرها لتوه لكن علي مسافة قريبة للغاية.

أثنين من الطيارين المصريين قد استشهدا ، البقية قاموا بالقفز بالمظلات بشكل آمن ، إذا كانت هذه الأرقام أرقاما دقيقة فيبقي أن يتم النظر بها ، لكن معركة المنصورة الجوية التي وقعت فوق كيلومترات قليلة من المدينة التي كانت تحمل نفس الاسم عندما صدت الجيش الصليبي الغازي لأرض مصر قبل 723 عاما من حرب أكتوبر ، كانت بالفعل نصرا مصريا ، فأن المدينة الصغيرة ذات الجامعة التي يترجم أسمها إلي (المنتصرة) قد عاشت مرة أخري تحمل أسمها وتطبقه.

أصوات من قمرة القيادة :


مدحت عرفة ، أصبح ضابطا كبيرا فيما بعد بالقوات الجوية المصرية :

لم أكن قد تزوجت بعد ، كانت القاعدة هي منزلي ، إلي هذا الحد كانت مهماتي الرئيسية هي ضرب أهداف العدو الأرضية ليلا . في السابع من أكتوبر (خلال أول محاولة إسرائيلية لتدمير القاعدة الجوية المنصورة) ، أصبت عندما ضربت فانتوم إسرائيلية العربة الجيب التي كنت أستقلها ، انقلبت السيارة ، في ذلك الوقت لم أشعر بأي ألم وطرت في غارة جوية ضد مواقع العدو في سيناء مساء اليوم التالي ، لكن الألم بدأ في الظهور بعد عودتي إلي القاعدة ، نصحني زملائي بالذهاب إلي المستشفي ، هناك قمت بعمل أشعة علي ذراعي وأظهرت أن بعض العضلات ممزقة ، نصحني الطبيب بأن أخذ أجازة وقد وعدته أن أفعل ذلك في أقرب وقت ، وأن أراجع مستشفي القوات الجوية في القاهرة ، لكن مثلي مثل الطيارين المصابين بإصابات طفيفة لم أفعل.

تمكنت من إصابة طائرة فانتوم في الثاني عشر من أكتوبر وقدمت قصصا أخري عديدة ، لكن في النهاية لم أستطيع تحريك يدي ، ولذا أمرت يوم 18 أكتوبر أن أظل علي الأرض . لكن في يوم معركة المنصورة كنت أضع ضمادة علي كتفي وأجلس في طائرتي ضمن (الحالة الأولي) في مجموعة من أربعة طائرات ميج-21 تعمل كاحتياطي لأي طارئ ، وتلقيت أمر الطيران حوالي الثالثة والنصف.

كانت المعركة قد بدأت حينما وصلنا إليها فعلا عقب دقيقتين فقط ، كان منظرا مخيفا لأنه لم يسبق لي أن رأيت الكثير من الطائرات في منطقة واحدة. لم نكن نتقاتل قتالا تلاحميا DogFight فحسب ، كنا أيضا نحذر الطيارين زملائنا إن نجح العدو في أن يكون خلف ذيل طائراتهم ، لقد أنقذنا حياة العديد الكثير من الطيارين بهذه الطريقة ، قمت بالهبوط عندما قارب الوقود في طائرتي علي النفاذ ، لكني استطعت أن أعود مجددا للطيران وأشارك عدد من مقاتلاتنا الميج في مطاردة الإسرائيليين الذين كانوا ينسحبون شرقا.

أحمد يوسف الوكيل ، عمل برتبة كبيرة عقب ذلك في سلاح الجو المصري :

كان مقررا أن أكون ضمن المجموعة التي تقوم بالطيران في قاعدة المنصورة الجوية ، كنا سربين للاعتراض والدفاع الجوي ، في حين سيكون السرب الثالث في طنطا ويعمل للدفاع عن القاعدتين معا ، قبل 14 أكتوبر كانت خسائرنا لا شيء ، في ذلك اليوم كنت أحلق مع ثلاثة طيارين آخرين ، اعترضنا ست طائرات فانتوم ، لذلك قسمنا نفسنا إلي قسمين وهاجمنا طائرات العدو.


بدأت طائرات الفانتوم في إلقاء حمولتها من القنابل الأرضية كي تكون قادرة علي الدخول في قتال تلاحمي DogFight معنا ، قمت بضرب واحدة بمدفع الطائرة الرشاش لأنها كانت قريبة للغاية مني ، قريبة لدرجة أنه لا يمكن استخدام الصواريخ ، انفجرت الطائرة الإسرائيلية ورأيت أثنين من المظلات تنفتح ويقفز طاقم الطائرة منها ، في ذلك الوقت لم أكن أعلم عدد الطائرات التي اشتركت في المعركة ، فوجئت تماما عندما علمت بالرقم ، كنا جميعا نلقي النكات ، كانت واحدة منها (اللعنة ، هناك اختناقات مرورية على أرض الواقع في مصر ، الآن أصبح هناك في الجو أيضا).

نصر موسي ، خدم في القوات الجوية المصرية حتى رتبة اللواء:

حلقت بالميج-21 في مهمة للدفاع الجوي خلال حرب أكتوبر ، كنت في قاعدة المنصورة الجوية ، ، أبلغنا في 5 أكتوبر/تشرين الأول أن الحرب ستبدأ غدا ، في الرابع عشر من أكتوبر كان هناك هجوم عنيف علي قاعدة المنصورة الجوية ، وصدرت لنا الأوامر بالاشتباك ، كنا ثمانية طائرات ، عندما كنا نقوم بالإقلاع شاهدنا طائرات فانتوم تقترب لتدخل أهدافنا في مدي أسلحتهم ، لذلك قمنا علي الفور بزيادة السرعة ، وقمنا بإلقاء خزانات الوقود الإضافية من الطائرة وهاجمنا ، سرعان ما حصلت علي طائرة فانتوم بين يدي ويمكن أن أضربها ، لكني تذكرت القاعدة الذهبية عليك تأمين ذيل طائرتك قبل أن تهاجم طائرة العدو.

عندما نظرت في مرآة الطائرة رأيت طائرة فانتوم تصطف خلفي ، قمت بشكل مفاجئ بعمل دوران ضيق يمينا ، مما وضعني في ذيل الطائرة التي كانت تحاول أن تكون خلفي ، ومن ثم قمت بإسقاطه بواسطة المدفع الرشاش للطائرة ، لقد أسقطت الطائرة وقتلت الطيار ، فلم تنفتح أي مظلات . لقد كان سهلا أن نسقط الفانتوم بالميج-21 ، فيما بعد حينما حصلت القوات الجوية المصرية علي بعض طائرات الفانتوم حوالي العام 1980 ، قمت بالتحليق عليها وعرفت كم هي ثقيلة ، بعد أن اشتركت في المعركة ظللت فيها لمدة 30 دقيقة ، كانت كمية الوقود في طائرتي حينما لمست عجلاتها أرض ممر المطار هي صفر.

أحمد ناصر ، خدم في القوات الجوية المصرية برتبة كبيرة فيما بعد :

هذه المعركة الجوية التي استمرت لدقائق ، كانت أطول معركة معروفة من حيث المدة بين المقاتلات النفاثة ، في سبعة دقائق فقط كانت مقاتلاتنا الميج تهبط تتزود بالوقود وتعيد التسليح ثم تقلع مجددا ، كانت عملية الإقلاع نفسها تستغرق ثلاثة دقائق ، لكن الطيارين المصريين قلصوا المدة إلي دقيقة ونصف ، أعتقد أن هذا أمر فريد من نوعه ، ويثبت كم كنا مدربين تدريبا جيدا ، خلال المعركة كانت طائراتنا تقاتل كل طائرتين إسرائيليتين بطائرة واحدة ، ومع ذلك سجلنا بشكل جيد ، كان هناك أيضا فروسية أثناء القتال ، ملازم أول طيار يسمي محمد أيوب اسقط طائرة فانتوم ، كان أيوب الذي يقاتل كالفرسان قريبا للغاية من الطائرة التي أسقطها ، انفجارها أدي بدوره إلي سقوط طائرته.

الاثنين محمد ، والطيار الإسرائيلي هبطا بالمظلات بشكل قريب للغاية من بعضهما البعض ، تقريبا كاد الفلاحين علي الأرض أن يقتلوا الطيار الإسرائيلي لكن الطيار المصري الشهم محمد أنقذه من بين أيديهم ، تم نقله إلي المستشفي وإنقاذه وبقي حيا ، في الواقع هناك أحدهم قد زار طيار الفانتوم في المستشفي في اليوم التالي ، هذا الشخص كان الملازم أول طيار محمد أيوب.

قدري عبد الحميد ، عميد متقاعد من القوات الجوية المصرية :

في الرابع عشر من أكتوبر ، اشتبكت في معركة جوية ، كنا عائدين من دورية جوية قتالية ، لم يكن لدي إلا قليل من الوقود ، جائت موجة من طائرات الفانتوم لتهاجم قاعدتنا . كانوا يأتون (في مثل هذه الغارات الإسرائيلية السابقة) ، الطائراتين الأثنتين التي تأتي في البداية سوف تسقط قنابل عنقودية علينا لابقاء المدفعية المضادة للطائرات تطلق نيرانها بشكل مستمر ، عندما كانت هذه الطائرات الفانتوم F-4 خالية من التسليح الخاص بالهجوم الأرضي وتحمل الصواريخ التي تستخدم لقتال الطائرات دخلنا في قتال جوي متلاحم في معركة شرسة كانت علي اليمين من قاعدة المنصورة الجوية ، كان قتال من الجحيم ، أينما التفت كنت أري فانتوم وراء ميج ، وميج وراء فانتوم ، قمت بالدخول خلف فانتوم وفتحت نيران مدفعي ، لكن في تلك اللحظة توقف محركي ، حاولت إعادة تشغيله لكني فشلت ، لقد كانت طائرتي خالية من الوقود.

هولاء الطيارين الإسرائيليين كان مستواهم جيد بشكل حقيقي -لم يكن هذا مستوي الأداء الذي عرفناه منذ بداية الحرب ، هولاء الطياريين الذين قاتلناهم في المنصورة كانوا أفضل إما أنهم كانوا طيارين أجانب أو طيارين من الرتب العليا أصحاب الخبرة الكبيرة ، فلقد خسروا الطيارين الجدد القليلي الخبرة ضد غابة الصواريخ المصرية علي طول قناة السويس- ، لكن مدفعي أطلق الطلقات والطائرة في هذه الحالة ، أصابت الطلقات طائرة فانتوم فانفجرت وكأنها الشمس كان ذلك علي يمين المطار ، بالقرب من ورش الصيانة التابعة له ، كنت قد شاركت في هذا القتال لمدة ثلاث أو أربع دقائق ، وهذه مدة طويلة . لكي أكون صادقا لم أشاهد ذلك ، لقد أطلقت النيران فأنفجرت الطائرة مرة واحدة ، كان لدي مشاكل خاصة وقتها ، كنت أريد أن أقوم بهبوط اضطراري ، لكن ذلك كان تفكيرا مجنونا ، إذا كنت قد حاولت ، كنت سألقي مصرعي ، لأن هناك طائرات فانتوم قد وصلت إلي الممر وألقت قنابل عليه ، فكان وقتها يعج بالثقوب والحفر ، لذا قمت بالقفز بالمظلة علي ارتفاع 50 مترا ، أصبت بكسر نتيجة الضغط ومكثت في المستشفي بين أربعة إلي خمسة أيام ثم عدت إلي السرب ، لكني لم أستطيع الطيران باقي فترة الحرب.



5_by_elminiawey-d7hd7g4.png
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
بصراحة، ومن وجهة نظري الشخصية، اليوم الأكثر فخرًا في تاريخ مصر من 6 أكتوبر، هو يوم معركة المنصورة الجوية. لو الاسرائيليين اتحججوا إن يوم كيبور كان يوم العيد وإننا هجمناهم على غفلة، فمعركة المنصورة الجوية كانت نموذج الإتقان، والاستبسال، وإتمام العمل لغاية آخره، هذا غير التضحية والوطنية والفداء وكل المعاني دي.

في 6 أكتوبر كانت المنظومة الضخمة شغالة، بفوضاها وموتها، تحكمها كترة الأعداد والمزاحمة بالأكتاف وضغط الجموع..

إنما في 14 أكتوبر كان فيه جراحين بيبدعوا في غرفة العمليات، كان فيه موسيقار عالأرض وعوّادين بيعزفوا في السماء، كانت عملية دقيقة وصعبة، انتصر فيها إتقان الشطار الذين غزلوا برجل حمار، على عمال الماكينات المشهورين الذين لم يقدروا ان ينافسوا صنعة اليد المصرية.

وفي التاريخ الحربي، فيه معارك بيبقى الفضل فيها لتقدم السلاح، دي معارك شبه يومية بينتصر فيها الأحدث ولا تاخذ حيز في الأخبار.

وهناك معارك بيبقى الفضل فيها لتدريب القوات، أو لعدد القوات المشاركة، هذه معارك ليست مهمه جدا، إلا للضحك والتسالي.

وفيه نوع نادر من المعارك، العامل الأهم فيها هو القائد الذي بيخطط قبل المعركة، ويدير التغيرات المفاجئة في المعركة باحتراف، ويحرك الناس اللي تحت قيادته صح، وكل واحد فيهم يلتزم بالأوامر حرفيًا، مهما كانت التضحية. دي كانت معركة المنصورة الجوية.

القصة إن الاسرائيليين بعد ما اخذوا على قفاهم يوم 6 أكتوبر، حاولوا يعملوا هجمات مضادة، على الأرض وفي السماء، موجة وراء التانية وراء التالتة، ومعرفوش يعملوا أي إنجاز، كله صفر صفر، بسبب الوحوش اللي كانوا على الأرض، وبسبب الحماية الجوية اللي في السماء. ففكروا إن الحل الوحيد في تدمير المطارات المصرية اللي بتطلع منها المقاتلات من شمال الدلتا، زي ما عملوا في 67. قرروا يضربوا مطارات المنصورة وطنطا، ولو عملوها كان زمان طيرانهم ضرب كل اللي عالأرض وأباد الجيش كله ودخلوا القاهرة وخلصت القصة، لكن المصريين غيروا التاريخ للعكس.

واللي حصل إن الاسرائيليين عملوا خطة ماكرة، بما إنهم ميقدروش يهجموا من ناحية الشرق من فوق قناة السويس عشان حائط الصواريخ، فبدأوا الهجوم من الشمال الشرقي بسرب طائرات كطعم لصيد المصريين، بحيث تقترب ثم تهرب فيتبعها المصريين فالطريق يبقى فاضي لضرب المطارات. لكن مبارك وقتها كان بيدير المعركة من الأرض وحس إن فيه شئ مش مظبوط، قال للطيارين المصريين طاردوهم لغاية بورسعيد واحموا السما في المنطقة دي، ومحدش يروح وراهم، عملوها مرة واتنين، وساعة الظهر الكمين بقى واضح، أسراب كتيرة دخلت من الشمال بأعداد ضخمة، 164 طيارة اسرائيلية بتهجم مرة واحدة، قصاد 62 طيارة مصرية بس! وكل هدفها تدمير مطارات الدلتا. بس مبارك كان محضر نفسه كويس جدًا.

مش بحب كلام الإنشاء والتفخيم الكثير، لكن الحقيقة والأرقام إن معركة المنصورة الجوية كانت أكبر معركة طيران في التاريخ بعد الحرب العالمية التانية، وكانت أطول معركة جوية متصلة في التاريخ. 53 دقيقة من قتال الفايترز، والطيار اللي يلقط ذيل التاني يفحمه في الجو. في المعركة دي المصريين بطائرات ميج روسية قديمة، أسقطوا 17 طيارة فانتوم وسكاي هوك! واتضرب من المصريين 3 طيارات بس، غير 3 طيارات سقطوا بسبب نفاد الوقود (لأن خزان الميج صغير ومش بيكفي قتال طويل، والطيار المصري قاتل لآخر نقطة وقود)، غير طيار مصري تاني دخل في حطام طيارة اسرائيلية في الجو بطيارته بعد ما نسفها.

إجمالي القوة المصرية يومها كانت 62 طيارة ميج قديمة، وإجمالي القوة الاسرائيلية كانت 160 طيارة فانتوم حديثة + 4 طيارات سكاي هوك. والمصريين انتصروا النصر العظيم ده.

الدرس اللي تتعلمه من المعركة دي إن المصري باسه شديد و يقدر، بالتعب والتدريب والإتقان والجهد، يقدر يتدرب عالمعدات الأجنبية ويفوق اللي صنعها في إتقان تشغيلها، ويقدر يعمل أحسن منها كمان. يقدر في الموسيقى يبقى عمر خيرت، وفي التمثيل يبقى عمر الشريف، وفي المخابرات يبقى عمر سليمان، وفي الحضانة يبقى عمر هندي. مصر ولّادة، وهتفضل تجيب كفاءات، بس الرك عالتدريب والتعليم.

كل سنة وانتم طيبين.
يا مصريين ويا محبي مصر
 
بصراحة، ومن وجهة نظري الشخصية، اليوم الأكثر فخرًا في تاريخ مصر من 6 أكتوبر، هو يوم معركة المنصورة الجوية. لو الاسرائيليين اتحججوا إن يوم كيبور كان يوم العيد وإننا هجمناهم على غفلة، فمعركة المنصورة الجوية كانت نموذج الإتقان، والاستبسال، وإتمام العمل لغاية آخره، هذا غير التضحية والوطنية والفداء وكل المعاني دي.

في 6 أكتوبر كانت المنظومة الضخمة شغالة، بفوضاها وموتها، تحكمها كترة الأعداد والمزاحمة بالأكتاف وضغط الجموع..

إنما في 14 أكتوبر كان فيه جراحين بيبدعوا في غرفة العمليات، كان فيه موسيقار عالأرض وعوّادين بيعزفوا في السماء، كانت عملية دقيقة وصعبة، انتصر فيها إتقان الشطار الذين غزلوا برجل حمار، على عمال الماكينات المشهورين الذين لم يقدروا ان ينافسوا صنعة اليد المصرية.

وفي التاريخ الحربي، فيه معارك بيبقى الفضل فيها لتقدم السلاح، دي معارك شبه يومية بينتصر فيها الأحدث ولا تاخذ حيز في الأخبار.

وهناك معارك بيبقى الفضل فيها لتدريب القوات، أو لعدد القوات المشاركة، هذه معارك ليست مهمه جدا، إلا للضحك والتسالي.

وفيه نوع نادر من المعارك، العامل الأهم فيها هو القائد الذي بيخطط قبل المعركة، ويدير التغيرات المفاجئة في المعركة باحتراف، ويحرك الناس اللي تحت قيادته صح، وكل واحد فيهم يلتزم بالأوامر حرفيًا، مهما كانت التضحية. دي كانت معركة المنصورة الجوية.

القصة إن الاسرائيليين بعد ما اخذوا على قفاهم يوم 6 أكتوبر، حاولوا يعملوا هجمات مضادة، على الأرض وفي السماء، موجة وراء التانية وراء التالتة، ومعرفوش يعملوا أي إنجاز، كله صفر صفر، بسبب الوحوش اللي كانوا على الأرض، وبسبب الحماية الجوية اللي في السماء. ففكروا إن الحل الوحيد في تدمير المطارات المصرية اللي بتطلع منها المقاتلات من شمال الدلتا، زي ما عملوا في 67. قرروا يضربوا مطارات المنصورة وطنطا، ولو عملوها كان زمان طيرانهم ضرب كل اللي عالأرض وأباد الجيش كله ودخلوا القاهرة وخلصت القصة، لكن المصريين غيروا التاريخ للعكس.

واللي حصل إن الاسرائيليين عملوا خطة ماكرة، بما إنهم ميقدروش يهجموا من ناحية الشرق من فوق قناة السويس عشان حائط الصواريخ، فبدأوا الهجوم من الشمال الشرقي بسرب طائرات كطعم لصيد المصريين، بحيث تقترب ثم تهرب فيتبعها المصريين فالطريق يبقى فاضي لضرب المطارات. لكن مبارك وقتها كان بيدير المعركة من الأرض وحس إن فيه شئ مش مظبوط، قال للطيارين المصريين طاردوهم لغاية بورسعيد واحموا السما في المنطقة دي، ومحدش يروح وراهم، عملوها مرة واتنين، وساعة الظهر الكمين بقى واضح، أسراب كتيرة دخلت من الشمال بأعداد ضخمة، 164 طيارة اسرائيلية بتهجم مرة واحدة، قصاد 62 طيارة مصرية بس! وكل هدفها تدمير مطارات الدلتا. بس مبارك كان محضر نفسه كويس جدًا.

مش بحب كلام الإنشاء والتفخيم الكثير، لكن الحقيقة والأرقام إن معركة المنصورة الجوية كانت أكبر معركة طيران في التاريخ بعد الحرب العالمية التانية، وكانت أطول معركة جوية متصلة في التاريخ. 53 دقيقة من قتال الفايترز، والطيار اللي يلقط ذيل التاني يفحمه في الجو. في المعركة دي المصريين بطائرات ميج روسية قديمة، أسقطوا 17 طيارة فانتوم وسكاي هوك! واتضرب من المصريين 3 طيارات بس، غير 3 طيارات سقطوا بسبب نفاد الوقود (لأن خزان الميج صغير ومش بيكفي قتال طويل، والطيار المصري قاتل لآخر نقطة وقود)، غير طيار مصري تاني دخل في حطام طيارة اسرائيلية في الجو بطيارته بعد ما نسفها.

إجمالي القوة المصرية يومها كانت 62 طيارة ميج قديمة، وإجمالي القوة الاسرائيلية كانت 160 طيارة فانتوم حديثة + 4 طيارات سكاي هوك. والمصريين انتصروا النصر العظيم ده.

الدرس اللي تتعلمه من المعركة دي إن المصري باسه شديد و يقدر، بالتعب والتدريب والإتقان والجهد، يقدر يتدرب عالمعدات الأجنبية ويفوق اللي صنعها في إتقان تشغيلها، ويقدر يعمل أحسن منها كمان. يقدر في الموسيقى يبقى عمر خيرت، وفي التمثيل يبقى عمر الشريف، وفي المخابرات يبقى عمر سليمان، وفي الحضانة يبقى عمر هندي. مصر ولّادة، وهتفضل تجيب كفاءات، بس الرك عالتدريب والتعليم.

كل سنة وانتم طيبين.
يا مصريين ويا محبي مصر
الله عليك
 
التفوق الجوى الاسرائيلي فى وقت حرب اكتوبر لا يعني ان طيارينا لم يقوموا ببطولات و اشهرها معركة المنصورة
 
كنت لسه النهارده فى أول شارع بورسعيد بجوار
مديرية الأمن بالمنصوره
و قرأت المكتوب على الجرافيتى
عن لويس و نابليون و جنرالاته و معركة المنصوره الجويه
و السطر الأخير المدينه التى لم تهزم منذ تأسيسها 1219 م
بس الواضح ان بنا و بين الفرنسيس تاريخ طويل
 
التعديل الأخير:
الوضع لطيارين المصرين كان صعب نفسيا , فكيف هوه شعورك لتصعد بطائره قيل هنا تابوت طائر و متخلفه تقنيا و في ذهنك احداث معركة عوفيرا الجويه التي كانت فيها 28 مقاتله ضد مقاتلين اسرائيليتين ,وانتهت بسقوط 7 مقاتلات و لا خسائر في الجانب الاسرائيلي رغم المباغته و المفاجئه التي تمت للاسرائيلين
 
إلى العلا في سبيل المجد حاملين لهذا الشعار استطاع جنودنا الانتصار بخامس اكبر معركه جويه علي الاطلاق
بل والاشرس علي الاطلاق
شاء من شاء وأبى من أبي فقد حقق جنودنا نجاحا باهرا برغم محدوديه التقنيات
wp_ss_20161007_0003.png
 
كل عام ومصر بخير كل عام والجندي المصري شوكه في حلق كل من كره :) :):p
ربنا يديم علينا ايام النصر ‎:)‎ ‎:p
 
الوضع لطيارين المصرين كان صعب نفسيا , فكيف هوه شعورك لتصعد بطائره قيل هنا تابوت طائر و متخلفه تقنيا و في ذهنك احداث معركة عوفيرا الجويه التي كانت فيها 28 مقاتله ضد مقاتلين اسرائيليتين ,وانتهت بسقوط 7 مقاتلات و لا خسائر في الجانب الاسرائيلي رغم المباغته و المفاجئه التي تمت للاسرائيلين

الحمد لله اخي الكريم الجندي المصري سؤاء في البر او الجو كان يخرج باتجاه المعركه يعرف ان احتمال الشهاده اقرب منه للحياه ومع ذلك لم يتراجع وخاصة الطيارين بعد الهزيميتنين في 56(لم اكن لاعتبرها هزيمه) و 67
ولكنه استطاع كسر حاجز الخوف وكل ذلك بتوفيق من الله وطائره متأخر بجيل كامل
 
الطيارين المصريين اجبروا الفانتوم الاسرائيليه على الطيران على ارتفاعات عاليه والتى تبرع فيها الميج 21
 
الرئيس الاسبق مبارك اثبت انه محنك و عبقري و يستحق منصب قائد القوات الجوية بكل جدارة .
 
عودة
أعلى