بدأت اسرائيل في حرب الاستنزاف باستهداف رادارات الدفاع الجوي المصرية بالصواريخ المضادة للرادارات Anti Radiation Missile ARM و كانت وقتها مصر لا تعرف أي معلومات عن تلك الصواريخ ، و نظرا لخطورة و تطور الأمر تم تكليف المخابرات الحربية المصرية بالأستطلاع عن هذا الأمر لتكتشف أن اسرائيل حصلت على أحدث التقنيات والتكنولوجيا الأمريكية متمثلة في صاروخ " شرايك AGM-45 Shrike " المضاد للرادارات، وكان يعتبر أحدث الصواريخ التي تحتوي على أحدث التقنيات في ذلك الوقت في ترسانة التسليح الإسرائيلية و كان يعمل بتقنية جديدة تتمثل في انه راكب للإشعاع الراداري Beam Riding ، بمعنى أنه يحتوي على باحث سلبي يعتمد على الانبعاثات الصادرة من الرادارات ليقوم بركوبها وتتبعها حتى اصابته للهدف .
و بكل تأكيد كان استخدام الإسرائيليين لهذا لصاروخ في المعركة يعتبر ورقة رابحة للتفوق الجوي لهم بالإضافة الي تحييد قدرات الدفاع الجوي المصري و إصابتها في مقتل عن طريق ضرب الرادارات .
و تم تكليف المخابرات المصرية للمرة الثانية بالحصول على كل ما يكفي من معلومات عن هذا الصاروخ بالإضافة الي تصميماته و الحصول علي عينة من الصاروخ نفسه لدراستها و دراسة كل نقاط ضعفه و إبطال فاعليتها في أرض المعركة . وعلمت المخابرات المصرية أن الصاروخ تم إستخدامه من قبل في الحرب الأمريكية - الفيتنامية.
ومن ثم تمت إتصالات عديدة بين المخابرات المصرية و القيادة العسكرية الفيتنامية عن طريق رجال المخابرات المصرية في فيتنام لمعرفة طرق مواجتهم لهذا الصاروخ , بالإضافة الي الحصول علي تصميماته و بالفعل تجاوبت القيادة الفيتنامية و واصلت إرسال كل ما تملك من معلومات و تصميمات عن الصاروخ للمخابرات المصرية .
بدأ الجيش المصري من خبراء و مهندسين بفحص التصميمات و التقارير عن الصاروخ ودراستها لإيجاد أي نقطة ضعف في الصاروخ يمكن تحييده من خلالها، وتوصلوا لبعض الأفكار والخطط لتحييد الصاروخ و إبطال مفعوله لكنهم كانوا مازالوا مفتقدين الدليل المادي , و هو عينة من الصاروخ نفسه لتقييم ما اذا كانت ستنجح هذه الفكرة بشكل فعال أم لا.
ثم تواصلت المخابرات المصرية مع فيتنام مرة أخري و لكن هذه المرة حصل الجيش المصري علي عينة من الصاروخ بالفعل كانت قد أطلقتها إحدى الطائرات المقاتلة الأمريكية علي بطارية صواريخ " سام-2 " فيتنامية و لكنه أخطأ هدفه و لم ينفجر ، وربما لا أحد يعرف حتي وقتنا هذا كيفية نقل الصاروخ من فيتنام إلى مصر بدون علم المخابرات الأمريكية أو الإسرائيلية.
و من ثم بدأت الدراسات المصرية بالتوسع حول الصاروخ و حول المحاولات لإيجاد نقط ضعفه و تحييد قدراته و إبطال فاعليتهم في أرض المعركة و بعد الأنتهاء من دراسة شاملة حوله , و بالفعل تم إستنتاج تكتيك يعتمد علي تعديل فكرة عمل الرادارات المصرية نفسها عن طريق إطفاء الرادارت عند كشف الطائرات الإسرائيلية لها أو عند إطلاق الصاروخ عليها ليضل الصاروخ طريقه , لأنه كان صاروخ راكب للأشعة الرادارية - اي بعد إطفاء الرادار يصبح الصاروخ قطعة حديد طائرة في الهواء بدون أي توجيه أو أي فائدة .. و لكن توقف الأمر علي التجربة الفعلية - لقد حان وقت التجربة ..
وهنا انتهى دور المخابرات المصرية، ونتقلت المهمة بالكامل لقيادة قوات الدفاع الجوي المصري لدراسة الموضوع وكيفية تجربة التكتيك الجديد الذي سيتبع لابطال فاعلية الصاروخ بشكل عملي.
وبعدها بمدة قليلة تقدمت قوات الدفاع الجوي المصري برئاسة المشير / محمد علي فهمي ( قائد قوات الدفاع الجوي آنذلك ) بخطة إسقاط طائرة الاستطلاع و الحرب الالكترونية الاسرائيلية " ستراتوكروز Boeing 377 Stratocruiser " ( أمريكية الصنع وكانت النسخة الاسرائيلية تحمل اسم " Anak او العملاق بالعبرية " ) للرئيس أنور السادات عن طريق عمل كمين لها بعد دراسة تحركاتها بالكامل لأنها كانت تستطلع مواقع قوات الدفاع الجوي المصري و تقوم بعدة دوريات جوية فوق سيناء ، و كانت هذه الخطة لإستدراج إسرائيل و اختبار قوة الرد الإسرائيلية بصواريخ " شرايك " و تسنح الفرصة لإختبار التكتيكات المصرية المضادة للصاروخ .
( الستراتوكروز كانت اغلى واقوى وسائل الحرب الإلكترونية الإسرائيلية وقتها، حيث كانت مُجهّزة بأنظمة الاستخبار الأشاري Signal Intelligence SIGINT الرادري واللاسلكي لاعتراض الاتصالات والتنصّت عليهاواعتراض نبضات الرادارات المصرية لتحديد مواقعها بدقة ويجعل اصطيادها بالطيران امر سهل ) ، و بالفعل أذن الرئيس السادات رحمه الله بتنفيذ الخطة و كسر اتفاقية وقف إطلاق النار التي كانت قد أقرها مجلس الأمن الدولي في أغسطس 1970.
و في 17 يوم سبتمبر 1971 تمكّن الدفاع الجوي المصري من اسقاط طائرة الحرب الإلكترونية الإسرائيلية " ستراتوكروز " من مسافة 23 كم شرق قناة السويس ومن علي إرتفاع 30 ألف قدم ( 9140 متر ) فوق ارض سيناء بواسطة صاروخي سام-2 من قبل الكتيبة 416 دفاع جوي بقيادة الرائد مهندس / محمد عبدالله أبو نعمة ، في كمين مشترك مع الكتيبة 438 دفاع جوي بقيادة الرائد / حمد عبدالله بجاتو .
و كان طاقم الطائرة مُكوّن من 8 أفراد مُتضمنين نخبة ضباط الجيش الاسرائيلي المُتخصصين في الحرب الالكترونية ، وقتل 7 منهم و هم ( الرائد افرايم ماجن - الرائد زائيف عوفير - النقيب اموس جاى - النقيب يورام حيدت - النقيب الياف انبال - الرقيب اول يتسحاك تامير - العريف دافيد سيري ) بينما نجا مهندس الطيران ( الرائد حانانيا جازيت ) بعد قفزه بالمظلة لكنه قتل فيما بعد متأثرا بأثار وشظايا إنفجار الطائرة .
وبالفعل كما خططت قيادة الدفاع الجوي المصري و توقعت الرد الإسرائيلي ، ردت إسرائيل بمحاولات فاشلة لإخماد الدفاعات الجوية المصرية وضرب المحطات الرادارية بصواريخ " شرايك " المضادة للرادار في اليوم التالي ، وكما وصف المشير / محمد علي فهمي ان الصواريخ جميعها طاشت في الهواء وفشلت في اصابه اهدافها بفضل الاسلوب الذي اتبعه الدفاع الجوي للتصدي لهذا .
وفي اليوم التالي الموافق 18 سبتمبر وجه مجلس الأمن الدولي إتهامات لمصر بشأن كسر إتفاقية وقف النار و إسقاط الطائرة الإسرائيلية و مقتل علمائها، و التي قال الإسرائيليين فيما بعد أنها كانت عملية تستهدف العلماء الإسرائيليين، بينما صرحت قوات الدفاع الجوي أن الطائرة تم قراءتها علي الرادارات المصرية أنها مقاتلة فانتوم أمريكية .
ويقول المشير محمد علي فهمي قائد الدفاع الجوي خلال الحرب :
" لقد كانت هذه العمليه مثالا رائعا لإحكام التخطيط ودقه التنفيذ .. لقد كان هدفنا ان نوقع بالعدو خسارة فادحه بأن نتخير لعمليتنا هدفا دسما يوجع اسرائيل .. فاستقر رأينا علي اصطياد طائرة الاستطلاع الالكتروني باعتبارها اغلي ما تملك اسرائيل من طائرات وكان لابد من الخداع لإستدراج الفريسه. "
تم تسميه عمليه اسقاط " الاستراتوكروز " بإسم العمليه " 27 رجب " لأنها كانت توافق يوم 27 من شهر رجب ، لتسطر تلك العملية أروع أعمال المخابرات المصرية و قوات الدفاع الجوي المصري و التي حسمت دورا رئيسيا في حرب 1973 لتحييد القدرات الإسرائيلية بشكل كبير و تغيير موازين القوى في المعركة .
________________________________
Thunderbolt
و بكل تأكيد كان استخدام الإسرائيليين لهذا لصاروخ في المعركة يعتبر ورقة رابحة للتفوق الجوي لهم بالإضافة الي تحييد قدرات الدفاع الجوي المصري و إصابتها في مقتل عن طريق ضرب الرادارات .
و تم تكليف المخابرات المصرية للمرة الثانية بالحصول على كل ما يكفي من معلومات عن هذا الصاروخ بالإضافة الي تصميماته و الحصول علي عينة من الصاروخ نفسه لدراستها و دراسة كل نقاط ضعفه و إبطال فاعليتها في أرض المعركة . وعلمت المخابرات المصرية أن الصاروخ تم إستخدامه من قبل في الحرب الأمريكية - الفيتنامية.
ومن ثم تمت إتصالات عديدة بين المخابرات المصرية و القيادة العسكرية الفيتنامية عن طريق رجال المخابرات المصرية في فيتنام لمعرفة طرق مواجتهم لهذا الصاروخ , بالإضافة الي الحصول علي تصميماته و بالفعل تجاوبت القيادة الفيتنامية و واصلت إرسال كل ما تملك من معلومات و تصميمات عن الصاروخ للمخابرات المصرية .
بدأ الجيش المصري من خبراء و مهندسين بفحص التصميمات و التقارير عن الصاروخ ودراستها لإيجاد أي نقطة ضعف في الصاروخ يمكن تحييده من خلالها، وتوصلوا لبعض الأفكار والخطط لتحييد الصاروخ و إبطال مفعوله لكنهم كانوا مازالوا مفتقدين الدليل المادي , و هو عينة من الصاروخ نفسه لتقييم ما اذا كانت ستنجح هذه الفكرة بشكل فعال أم لا.
ثم تواصلت المخابرات المصرية مع فيتنام مرة أخري و لكن هذه المرة حصل الجيش المصري علي عينة من الصاروخ بالفعل كانت قد أطلقتها إحدى الطائرات المقاتلة الأمريكية علي بطارية صواريخ " سام-2 " فيتنامية و لكنه أخطأ هدفه و لم ينفجر ، وربما لا أحد يعرف حتي وقتنا هذا كيفية نقل الصاروخ من فيتنام إلى مصر بدون علم المخابرات الأمريكية أو الإسرائيلية.
و من ثم بدأت الدراسات المصرية بالتوسع حول الصاروخ و حول المحاولات لإيجاد نقط ضعفه و تحييد قدراته و إبطال فاعليتهم في أرض المعركة و بعد الأنتهاء من دراسة شاملة حوله , و بالفعل تم إستنتاج تكتيك يعتمد علي تعديل فكرة عمل الرادارات المصرية نفسها عن طريق إطفاء الرادارت عند كشف الطائرات الإسرائيلية لها أو عند إطلاق الصاروخ عليها ليضل الصاروخ طريقه , لأنه كان صاروخ راكب للأشعة الرادارية - اي بعد إطفاء الرادار يصبح الصاروخ قطعة حديد طائرة في الهواء بدون أي توجيه أو أي فائدة .. و لكن توقف الأمر علي التجربة الفعلية - لقد حان وقت التجربة ..
وهنا انتهى دور المخابرات المصرية، ونتقلت المهمة بالكامل لقيادة قوات الدفاع الجوي المصري لدراسة الموضوع وكيفية تجربة التكتيك الجديد الذي سيتبع لابطال فاعلية الصاروخ بشكل عملي.
وبعدها بمدة قليلة تقدمت قوات الدفاع الجوي المصري برئاسة المشير / محمد علي فهمي ( قائد قوات الدفاع الجوي آنذلك ) بخطة إسقاط طائرة الاستطلاع و الحرب الالكترونية الاسرائيلية " ستراتوكروز Boeing 377 Stratocruiser " ( أمريكية الصنع وكانت النسخة الاسرائيلية تحمل اسم " Anak او العملاق بالعبرية " ) للرئيس أنور السادات عن طريق عمل كمين لها بعد دراسة تحركاتها بالكامل لأنها كانت تستطلع مواقع قوات الدفاع الجوي المصري و تقوم بعدة دوريات جوية فوق سيناء ، و كانت هذه الخطة لإستدراج إسرائيل و اختبار قوة الرد الإسرائيلية بصواريخ " شرايك " و تسنح الفرصة لإختبار التكتيكات المصرية المضادة للصاروخ .
( الستراتوكروز كانت اغلى واقوى وسائل الحرب الإلكترونية الإسرائيلية وقتها، حيث كانت مُجهّزة بأنظمة الاستخبار الأشاري Signal Intelligence SIGINT الرادري واللاسلكي لاعتراض الاتصالات والتنصّت عليهاواعتراض نبضات الرادارات المصرية لتحديد مواقعها بدقة ويجعل اصطيادها بالطيران امر سهل ) ، و بالفعل أذن الرئيس السادات رحمه الله بتنفيذ الخطة و كسر اتفاقية وقف إطلاق النار التي كانت قد أقرها مجلس الأمن الدولي في أغسطس 1970.
و في 17 يوم سبتمبر 1971 تمكّن الدفاع الجوي المصري من اسقاط طائرة الحرب الإلكترونية الإسرائيلية " ستراتوكروز " من مسافة 23 كم شرق قناة السويس ومن علي إرتفاع 30 ألف قدم ( 9140 متر ) فوق ارض سيناء بواسطة صاروخي سام-2 من قبل الكتيبة 416 دفاع جوي بقيادة الرائد مهندس / محمد عبدالله أبو نعمة ، في كمين مشترك مع الكتيبة 438 دفاع جوي بقيادة الرائد / حمد عبدالله بجاتو .
و كان طاقم الطائرة مُكوّن من 8 أفراد مُتضمنين نخبة ضباط الجيش الاسرائيلي المُتخصصين في الحرب الالكترونية ، وقتل 7 منهم و هم ( الرائد افرايم ماجن - الرائد زائيف عوفير - النقيب اموس جاى - النقيب يورام حيدت - النقيب الياف انبال - الرقيب اول يتسحاك تامير - العريف دافيد سيري ) بينما نجا مهندس الطيران ( الرائد حانانيا جازيت ) بعد قفزه بالمظلة لكنه قتل فيما بعد متأثرا بأثار وشظايا إنفجار الطائرة .
وبالفعل كما خططت قيادة الدفاع الجوي المصري و توقعت الرد الإسرائيلي ، ردت إسرائيل بمحاولات فاشلة لإخماد الدفاعات الجوية المصرية وضرب المحطات الرادارية بصواريخ " شرايك " المضادة للرادار في اليوم التالي ، وكما وصف المشير / محمد علي فهمي ان الصواريخ جميعها طاشت في الهواء وفشلت في اصابه اهدافها بفضل الاسلوب الذي اتبعه الدفاع الجوي للتصدي لهذا .
وفي اليوم التالي الموافق 18 سبتمبر وجه مجلس الأمن الدولي إتهامات لمصر بشأن كسر إتفاقية وقف النار و إسقاط الطائرة الإسرائيلية و مقتل علمائها، و التي قال الإسرائيليين فيما بعد أنها كانت عملية تستهدف العلماء الإسرائيليين، بينما صرحت قوات الدفاع الجوي أن الطائرة تم قراءتها علي الرادارات المصرية أنها مقاتلة فانتوم أمريكية .
ويقول المشير محمد علي فهمي قائد الدفاع الجوي خلال الحرب :
" لقد كانت هذه العمليه مثالا رائعا لإحكام التخطيط ودقه التنفيذ .. لقد كان هدفنا ان نوقع بالعدو خسارة فادحه بأن نتخير لعمليتنا هدفا دسما يوجع اسرائيل .. فاستقر رأينا علي اصطياد طائرة الاستطلاع الالكتروني باعتبارها اغلي ما تملك اسرائيل من طائرات وكان لابد من الخداع لإستدراج الفريسه. "
تم تسميه عمليه اسقاط " الاستراتوكروز " بإسم العمليه " 27 رجب " لأنها كانت توافق يوم 27 من شهر رجب ، لتسطر تلك العملية أروع أعمال المخابرات المصرية و قوات الدفاع الجوي المصري و التي حسمت دورا رئيسيا في حرب 1973 لتحييد القدرات الإسرائيلية بشكل كبير و تغيير موازين القوى في المعركة .
________________________________
Thunderbolt