تهكم على شيخ الإسلام : إعلام القاصى والدانى بأخطاء الوهم الكبير ابن تيمية الحرَّانى 45
بقية: الفصل الأول: مصطلحات بين يدي البحث
* معنى العالم: [عبارة عن كل ما سوى الله تعالى من الموجودات، وسُمِّي بذلك لأنه يعلم به الله تعالى من حيث أسمائه وصفاته، أي أنه علامة ودليل على وجود صانعه – جل ثناؤه -].
* ومعنى حدوث العالم: [أنه موجود بعد عدم، أي أن حدوثه غير مشكوك فيه لمن تأمَّل]، وبعبارة أخرى: [أنه يجب للعالَم (كل ما سوى الله تعالى) الحدوث، كما يجب لِمُحْدِثِهِ – جل ثناؤه - القِدَم].
* دليل حدوث العالم: إن حدوث العالَم دليل على وجود الله تعالى، فالمُحْدِثُ – وهو الله جل ثناؤه – هو المُخْرِجُ للعالَم من العدم إلى الوجود. ونزيدك إيضاحًا فنقول:
1- لو كان الله – جل ثناؤه – غير قديم، بأن كان حادثًا لافْتَقَرَ إلى مُحْدِثٍ، فيلزم الدور أن التسلسل، وهما محالان، فيكون حدوثه محالاً، فثبت قِدَمُهُ وهو المطلوب.
2- أن العالم لو لم يكن له مُحْدِثٌ بل حدث بنفسه، أي ترجح وجوده على عدمه من غير مُرَجِّحٍ، لزم أن يكون أحد الأمرين المتساويين في العقل مساويًا لصاحبه راجحًا عليه بلا سبب مُرَجِّحٍ، وهذا محال لأنه جمع بين النقيضين.
3- كما ثبت كَوْنُ العالَم حادثًا بما يلي:
(أ) بالمشاهدة: كالحركة بعد السكون، والضوء بعد الظلمة، والسواد بعد البياض، والحرارة بعد البرودة، إلى غير ذلك، والعكس.
(ب) بالبرهان: فإن ما شوهد سكونه – مثلاً – على الدوام كالجبال، أو حركته على الدوام كالكواكب جاز أن يثبت له العكس وهو عدم الحركة، أو عدم السكون، إذ لا فرق بين جِرْمٍ وجِرْمٍ، وإذ جاز عَدَمُها استحال قِدَمُهَا؛ لأن ما ثبت عدمه استحال قِدَمُه فتكون حادثة، فحينئذ تكون جميع الأعراض حادثة، ويلزم من حدوثها حدوث جميع الأجرام والجواهر؛ لعدم انفكاكها عن الأعراض الحادثة، وكل ما لا ينفك عن الحادث فهو حادث، فظهر أن جميع العالم من أعراضه وأجرامه وجواهره حادث، أي موجود بعد أن لم يكن([1]).
ج- بطريق القياس عند المناطقة، هكذا:
* العالَم حادث [مقدمة صغرى].
كل حادث مفتقر إلى محدث [مقدمة كبـرى].
إذن: العالَم مفتقر إلى محدث [نـتـيـجـة].
* العالَم قام به المتغير [مقدمة صغرى].
كل ما قام به المتغير حادث [مقدمة كبـرى].
إذن: العالَم حادث [نـتـيـجـة]([2]).
الفصل الثاني: نصوص أقوال ابن تيمية بـ(حوادث لا أول لها) أو بـ(قِدَمِ العالَم)
1- قال ابن تيمية: (وأين في القرآن امتناع حوادث لا أول لها)([3]).
2- وقوله: [قلت: (هذا من نمط الذي قبله، فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث) قوله: (لو كانت حادثة في الأزل لكان الحادث اليومي موقوفًا على انقضاء ما لا نهاية له) قلنا: لا نسلم، بل يكون الحادث اليومي مسبوقًا بحوادث لا أول لها([4])].أ.ﻫ.
3- وقوله: (وما أكثر أهل الحديث ومن وافقهم فإنهم لا يجعلون النوع حادثًا بل قديمًا، ويفرقون بين حدوث النوع، وحدوث الفرد من أفراده كما يفرق جمهور العقلاء بين دوام النوع ودوام الواحد من أنواعه([5])). أ.ﻫ.
* قلت: هذا الكلام من عجائب ابن تيمية الدالة على سخافة عقله قوله بقدم العالَم النوعي
مع حدوث كل فرد معين من أفراد العالم، بل إنه أراد أن يجعل كلامه هذا هو منطوق كلام أهل الحديث!! وهذا افتراء على علماء الحديث، وافتئات على الشريعة الإسلامية، فسبحان قاسم العقول وكاسر مَنْ ادَّعَى أنه من الفحول!!.
4- قال ابن تيمية: (وإذا كان النوع من لوازم الواجب، امتنع وجوب الواجب بنفسه بدون النوع، ونوع الحوادث ممكن بنفسه ليس فيه واجب بنفسه، فيكون نوع الحوادث صادرًا عن الواجب بنفسه، فلا يجب قدم شيء معين من أجزاء العالم، لا الفلك ولا غيره، وهو نقيض قولهم([6])).أ.ﻫ.
* قلت: يتابع ابن تيمية الفلاسفة في مسألة قدم العالم في أن الله – تعالى عما يقولون ويعتقدون – مُوجِبِ بالذات، لا فاعل بالإرادة، فهو موجب بذاته لشخص العالم، عند الفلاسفة، وهو موجب بذاته لنوع العالم عند ابن تيمية، وفي كلا القولين نفي لإرادة الله تعالى، وهو كفر صريح عند علماء الأمة الإسلامية، وأما ادعاؤه أن قوله هذا نقيضُ قول الفلاسفة فادعاءٌ باطل غير صحيح؛ لأنه لا يفترق عنهم إلا بأنه أوجب النوع (أي: يلزم من وجوده تعالى وجود تسلسل الحوادث إلى غير بداية)، وهم أوجبوا الشخص هنا (أي: قائلون بقدم العالم بالفرد) مع أنه قائل بقدم العالم نوعًا وفردًا من قبل ومن بعد!!.
والبقية العدد القادم إن شاء الله تعالى.
([1]) [الجوهر: ما قام بنفسه] و[العَرَض: المتحيز بتبعيته للجوهر] و[الجِرْم: الجسد].
([2]) انظر: [شرح الخريدة البهية] لسيدي أحمد الدردير، [ص138 - 143]، ط1. 2010م، دار البصائر - القاهرة، تحقيق د/ مصطفى أبو زيد، وط3. 2014م، خاصة بالمعاهد الأزهرية (1/57 – 62) تحقيق أ.د/ فتحي أحمد عبد الرازق. و[تهذيب واختصار شروح السندسية] ص120 – 125، ط1. 2005م، دار المصطفى، اختصار وتهذيب د/ عمر عبد الله كامل.
([3]) كذا في كتابه [درء تعارض العقل والنقل] والمسمى أيضًا [موافقة صحيح المنقول لصحيح المعقول] (1/118) ط. 1997م، دار الكتب العلمية – بيروت، تحقيق: عبد اللطيف عبد الرحمن.
([4]) المرجع السابق (1/388).
([5]) المرجع السابق (2/148).
([6]) المرجع السابق (2/151).