هزيمة 67 على الجبهة السورية بالتفصيل والبلاغات العسكرية والسياسية

التطاول على الشرائع الاسلامية والاساءة للمعتقدات والمقدسات الاسلامية وانحلال اجتماعي و تفسخ أخلاقي وضعف الوازع الديني والجهل بفنون القتال وأساليب القتال والجهل بطبيعة الأرض وكم الخيانة الكبير والهائل ....


بعض من أسباب الهزيمة
 
وجود أفراد منتشرين في صفوف الحزب والجيش، يعملون باتصال مباشرة مع شبكات التجسس، التي كان لها أثر كبير في إعطاء المعلومات الهامة في أوقاتها مسهلين بذلك للطيران المعادي حسن ضرب الأهداف بدقة عجيبة. ولا غرابة في هذا الأمر، فكوهين وشركاؤه هم خير مثال على ما نقول

مما يلفت النظر هنا، ويؤكد أن جواسيس العدو وعملاءه منتشرون في كل مكان، وعلى أعلى المستويات، هو أن شكراء كوهين أمثال صلاح الضلي، وسليم حاطوم، وأمين الحافظ حين سقطوا، لم يسقطوا بسبب صلتهم به، وإنما سقطوا بسبب تكتل أو انتماء سياسي معين، ضمن أحد أجنحة حزب البعث..

ورغم أن معظم هؤلاء الشركاء قد وقعوا – بعد سقوطهم- في يد السلطة الجديدة - عقب حركة 23 شباط - فإنهم لم يحاكموا، ولم يعد فتح ملف قضية كوهين، التي لفلفها عهد أمين الحافظ، فلو كان في المسؤولين الجدد، أقل مستوى من الإخلاص والنزاهة، أفلم يكن من أول القضايا التي يبادر إلى معالجتها بدقة وحذر وسرية، هي قضية الجاسوس الأول الذي رشح لعضوية القيادة القومية لحزب البعث، كما رشح أكثر من مرة ليصبح وزيراً في حكومة ذاك الحزب، ولم يمنعه من ممارسة الوزارة إلا رفض رؤسائه (في إسرائيل) حرصاً على بقائه صديقاً للجميع؟
 

إشاعة الفوضى والانحلال في الأخلاق، وتشجيع السفلة على الاجتراء على مقدسات الشعب، ومعتقداته – وهذا من طبيعة كل حكم يقوم على الطغيان – في ظل حماية الدولة، وفي صور شتى... تراوحت بين التهتك والفجور في سلوك طبقات معينة يرعاها الحزب، وعلناً على مرأى من كل الشعب..

ومروراً بالبرامج والمقالات والأغاني والحفلات التي ترعاها الدولة وتنشرها أجهزتها الإعلامية، الرسمية وشبه الرسمية.. وانتهاءً بمفاخرة القادة والحكام والضباط بل وحتى رئيس الدولة.. بسلوكهم الفاجر، ولا أخلاقيتهم، التي بها يحكمون (في كل شأن من شؤون الحكم)..

وليس أبلغ في الدلالة على هذا من مقالة تبجح بها واحد من رؤساء الدولة البعثيين (الفريق أمين الحافظ) أمام مؤتمر صحفي ضم مندوبين عن وكالات الأنباء وعدد من الصحف المنتشرة في العالم كله.. وقف خلالها يدافع عن سلوك ربيب الحزب الماجن.. سليم حاطوم، وأمثاله من ضباط الحزب، مع (....) أبرزهن الحزب ورعاهن، مثل المغنية "لودي شامية" وغيرها كثيرات

كان ذلك في عام 1964، وفي مؤتمر صحفي عقد لإيضاح كثير من قضايا الدولة والأمة، وقد استشهد الحافظ المذكور – للدفاع عن الضباط الحزبيين الذين لاكت الألسنة سمعتهم - بالعديد من الأبيات الشعرية، مثل البيت:

كتب القتل والقتال علينا وعلى الغايات جر الذيول.

أو ليس هذا الذي نراه، تطبيقاً حرفياً لما أورده حكماء صهيون في (بروتوكولاتهم)، من: "تحكيم السفلة، في الشعوب الأممية" ليتسنى لأبناء صهيون "القفز على ظهور الحمير، لإنهاء سلطة الدول الأممية"؟؟​
 
وضع أبناء السنة في الصفوف الأمامية وتهريب العلويين
====


عقيد كمال مقصوصة ضابط من الذين عينوا في مراكز التجنيد، والذين تقع دعوة الاحتياط في حدود مسؤولياتهم.

ولقد استدعي إلى القيادة العامة (مبنى الأركان العامة في دمشق)، ليشهد اجتماعاً عقده الحزبيون.. ليقرروا سلسلة من الإجراءات والأعمال "للدفاع عن البلاد"، وذلك بعد سقوط القنيطرة، وبعد أن أصبحت دمشق مهددة بالغزو الإسرائيلي.

وفي خلال المناقشة، طالبوه بدعوة لواءي احتياط من أبناء (دمشق ، حمص، حماة، حلب). فاستغرب العقيد المذكور هذا الطلب.. ونبه القائد الذي يطالبه إلى أن دعوة الاحتياط لا يمكن أن تتم على أساس هذا التقسيم (أبناء المدن، ومن الطوائف غير العلوية)، وأن دعوة الاحتياط عادة تتم على أساس دعوة الألوية المعبأة سابقاً مثلاً (اللواء 90، اللواء 80، اللواء 60 احتياط.. إلخ).

أما دعوة الاحتياط، من أبناء مدن معينة، ومن أبناء طوائف معينة، واستثناء غيرهم من أبناء المناطق والطوائف الأخرى، فهذا أمر فريد من نوعه في تاريخ الجيش، ومستحيل التطبيق لأن أجهزة شعب التجنيد ومكاتب النفير، لا تملك الإحصاءات الجاهزة التي تمكنها من تنفيذ تلك الدعوة المريبة لبعض قوى الاحتياط.

عندها تصدى منطق التعصب والإجرام لمنطق الحق والإخلاص، فأصروا عليه أن ينفذ ما طلب منه وإلا.. ثم ألحقوه ببعض النعوت التي لا تليق بإنسان كريم..

... وجد العقيد المذكور – رحمه الله - أن الأمر مطبوخ مسبقاً، وأن هذه الجريمة الجديدة، معدة ومهيأة لوضع صفوة شباب هذه المدن في وجه القوات الإسرائيلية المتفوقة، بغية تركها للعدو فريسة يقضي عليها، وبذلك يتم لهم إذلال تلك المدن، والقضاء على أي أمل لديها بالمقاومة.. وأدرك كذلك أنهم يريدونه لتنفيذ تلك الجريمة.. ليحمل وزرها، وينجوا –هم- أمام الشعب، فرفض، ورد التحدي، وأفهمهم أن هذه الجريمة لن تتم وهو حي، عندها عاجله أحدهم بإطلاق الرصاص عليه، فقتل على الفور، وصعد إلى ربه مظلوماً!

ولكن المجرمين.. بعد أن وجدوا البطل أصبح جثة هامدة، هالهم الأمر، وحاروا كيف يغطون جريمتهم، فحمل وألقي من الطابق الثاني لمبنى الأركان.. وأشاعوا أنه "انتحر"، ونقل إلى المستشفى العسكري.. ثم سلمت جثته إلى ذويه، ومنعوا من تشريحها، كما أجبروا على دفنه سراً دون أن تكون له جنازة أسوة بأي إنسان آخر.. وذلك خشية افتضاح الأمر، وانقلاب الجنازة إلى ثورة ضدهم.

رحم الله كمال مقصوصة، فقد ذهب إلى ربه الذي نسأله أن يكتبه شهيداً من سادة الشهداء.. قال كلمة الحق في وجه سلطان جائر، فمنع باستشهاده تنفيذ جريمة خطط لها البعثيون.. وفوت عليهم ما دبروا.. فجزاه الله عن هذا الشعب كل خير.. وعوضه فسيح جناته، وجعله قدوة لغيره من الذين لم تستيقظ فيهم كوامن البطولة حتى اليوم.

رحم الله الشهيد.. ورحم الله كل الشهداء الذين ماتوا ثابتين صادقين.. ولا رحم الله الذين ماتوا فارين مولين الدبر.. وشلت أيدي المجرمين الذين نفذوا تلك الجريمة الفريدة في تاريخ الشعوب.
 

شهادة وزير الصحة في حكومة البعث عن سقوط القنيطرة
============


أذيع نبأ سقوط القنيطرة في اليوم العاشر من حزيران ، وكان عبد الرحمن الأكتع وزير الصحة يومذاك في جولة ميدانية جنوب القنيطرة ،

يقول سمعت نبأ سقوط القنيطرة يذاع من الراديو ، وعرفت أنه غير صحيح لأننا جنوب القنيطرة ولم نـر جيش العدو ، فاتصلت هاتفياً بحافظ الأسد وزير الدفاع وقلت لـه : المعلومات التي وصلتكم غير دقيقة ، نحن جنوب القنيطرة ولم نـر جيش العدو !!! فشتمني حافظ الأسد بأقذع الألفاظ ومماقالـه لي : لاتتدخل في عمل غيرك يا( ... ) ، فعرفت أن في الأمر شيئاً !!؟
 
شهادة سامي الجندي أحد كبار مفكري البعث عن سقوط الجولان ويكشف خبايا خطيرة
===================



ويقول الدكتور سامي الجندي في كتابه ( كسرة خبز ) ص 17 ([1]) : ( ... أسئلة كثيرة ترد إلى الأذهان : لماذا لم يطلب الحكم السوري وقف إطلاق النار مع مصر والأردن مادام الاستمرار في القتال مستحيلاً !!!؟

كما يقول الجندي : إن إعلان سقوط القنيطرة قبل وصول العدو لها بأكثر من يوم ، أمر لايمكن فهمه بتأويل حسـن .

ويتابع الجندي قوله : إن تداعي الأفكار البسيطة يربط بين عدم وقف إطلاق النار والحدود سليمة والالحاح بل الاستغاثة لوقف إطلاق النار بعد أن توغل الجيش الإسرائيلي في الجولان ، ويخلص إلأى الاستنتاج بوجود خـطة ما ..

ويكمل الجندي فوجئت لما رأيت على شاشة التلفزيون مندوب سوريا في الأمم المتحدة يعلن سقوط القنيطرة ووصول قوات إسرائيل إلأى مشارف دمشق ، والمندوب الإسرائيلي يؤكد ألأن شيئاً من ذلك لم يحصل ..

قال لي الدكتور إبراهيم ماخوس ( وزير خارجية البعثيين يومذاك ) أنها كانت خطة ماهرة ل ( إرهاب ) العالم من أجل إنقاذ دمشق ..

انتهى كلام الجندي ..

وفي كلام الجندي ( وهو وزير إعلام البعثيين ، ثم سفيرهم في باريز خلال الحرب ) في هذا الكلام اعتراف من ماخوس ( وزير الخارجية ) أن سقوط القنيطرة خطة مدبرة ، واعتراف من مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة بأن دولته لم تحتل القنيطرة ..

=====

يقول سامي الجندي في معرض حديثه عن الجولان:

"لقد نبهت حكومتي منذ 1965 إلى أنها تنوي احتلاله (100) كنت أعارض دائماً في حرب مع إسرائيل أعرف فيها أننا خاسرون(101)..."

ويتابع الجندي: "آرائي كلها دون استثناء كانت ضد الحرب، لم أخف أبداً أن الحكم يعد لهزيمة، ولا استرداد فلسطين.

"نعم! نعم!.." لم تكن هناك أية بادرة للنصر، ولا أعني أنه كان يعد لهزيمة نفسه.. وإنما لهزيمة العرب الآخرين، كي يبقى (الثوري) الوحيد، سيد المناخ الثوري العربي.."

ثم يقول: "وكنت مؤمناً –وما زلت- أن إسرائيل ليست حريصة على الاعتراف بها، ولو شاءت لحصلت عليه، لأنه يفقدها مبرر (الدفاع) عن نفسها، واحتلال أرض أخرى سنة 1970(102).

"لم إذن اختارني الدكتور ماخوس لهذه المهمة، وهو لم يعدم الأشخاص ولا الوسيلة للاتصال بإسرائيل؟ ثارت أقاويل في باريس نفسها عن أمين منظمة الحزب التابعة لدمشق. وأنا – هنا بيت القصيد – متأكد من أن اتصالات جرت عن طريق أكثر من دولة "ثالثة" وفي أكثر من عاصمة.

ثم يقول:" عندما نتتبع فصول معركة الجولان، نجد أن العسكريين الذين قاموا فعلوا دون أوامر، أما الذين صدرت إليهم فقد انسحبوا بناء على خطة.. ترى ما هي الخطة؟تم إخلاء الجولان من السكان منذ 5 حزيران.. لماذا؟

لست بحاجة للقول أن إعلان سقوط القنيطرة قبل أن يحصل أمر يحار فيه كل تعليل نبنيه على حسن النية.. إن تداعي الأفكار البسيطة، يربط بين عدم وقف إطلاق النار والحدود سليمة(103)، والإلحاح بل الاستغاثة لوقفه بعد أن توغل الجيش الإسرائيلي في الجولان، ويخلص إلى الاستنتاج بوجود خطة.

فوجئت لما رأيت على شاشة التلفزيون (في باريس)، مندوب سورية في الأمم المتحدة (الدكتور جوج طعمة) يعلن سقوط القنيطرة، ووصول قوات إسرائيل إلى مشارف دمشق، والمندوب الإسرائيلي يؤكد أن شيئاً من ذلك لم يحصل(104).

إذن.. كانت هناك لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين.. وبوساطة أكثر من دولة ثالثة.. وقبل حرب حزيران التي نفذت فيها المسرحية اللئيمة..فما الذي دار في تلك الاجتماعات.. ومن ومن الذي نفذ هذه اللقاءات؟!

هذا جانب ستكشفه الأيام تباعاً.. وعلى الذين يعون، متابعته وتقصيه.. خشية أن يضيع بين الركام الهائل الذي تقذف به المطابع والإذاعات كل يوم..
 

الدكتور سامي الجندي (( اسماعيلي - السلمية -ريف حماة)).. حين يصرح بهذا الأمر، فإن خطورة مثل هذا التصريح، تقع في كون الجندي هذا، رجلاً غير عادي، ومطلعاً على كثير من الخفايا والأسرار.. في أخطر فترة سبقت تنفيذ المؤامرة، فترة الإعداد لها ورسم خططها والتفاصيل والأدوار فيها.

سامي الجندي ذاك، هو أولاً من الشرذمة الأولى التي أسست حزب البعث العربي الاشتراكي وساهم في كثير من أعماله التنظيمية، وصوغ عقيدته، والدعاية له.. ونشر أفكاره في المجالات التي يعشش فيها الحقد الطائفي، ممتزجاً بالكره والحسد الطبقيين.. وهما أهم مناخين تربى فيهما قادة حزب البعث.. وتكونت مقومات شخصياتهم..

وسامي الجندي.. هو من الأوائل الذين شاركوا في حكم سورية باسم حزب البعث – صراحة - فكان عضواً في القيادة القطرية.. ثم وزيراً للإعلام.. ثم رشح أكثر من مرة لرئاسة الوزارة.. ولا ندري سبب رفضه.

وسامي الجندي.. شارك في الأعمال والمؤسسات والمؤتمرات التي عقدت على مستوى الجامعة العربية، لمعالجة قضايا الأمة المصيرية.. وكان أبرز عمل له هو مشاركته في لجنة المتابعة التي انبثقت عن مؤتمرات القمة العربية..

وسامي الجندي أخيراً.. سفير سوريا في فرنسا.. في باريس.. التي شهدت كثيراً من اللقاءات بين مسؤولين أو مبعوثين شخصيين غير رسميين، لمسؤولين عرب.. وبين جوانب مماثلة من جانب العدو..


سامي الجندي هذا.. وبلهجة الـ(...) الذي خانه شركاؤه، فلبس زيفاً لبوس التقوى، وقرر فضح شركائه تمهيداً لتنصله من المسؤولية.. يقول
 

شهادة أخرى عن سقوط الجولان
====


تتحدث ألسنة المطلعين في أوساط السوريين. عن أمر لا يقل خطورة عن هذا الذي صرح به الجندي..

يقول الملازم الأول: "...."(لم يكشف عن اسمه)، عضو الوفد السوري إلى لجنة الهدنة المشتركة.. ما يلي:

"إنه استدعي إلى مكتب الدكتور يوسف زعين، رئيس الوزارة البعثية، بتاريخ 9 حزيران 1967 الساعة العاشرة ليلاً.. فوجد عدداً من أفراد لجنة الرقابة الدولية في مكتب الزعين، برفقة السفير (....) في دمشق.. فكلف الضابط المذكور بالترجمة بين رئيس الوزارة ومخاطبيه..

قال السفير: إذا لم تسحب القيادة السورية قواتها من الجولان.. فإن القوات الإسرائيلية لن ترتضي هدفاً يتوقف زحفها عنده إلا دمشق..

وهنا سأل الزعين: وما هي الحدود التي تريد إسرائيل الوقوف عندها؟..

أجاب السفير: هل عندكم خريطة؟..

فأبرز الملازم الأول المذكور خريطته، وهنا وضع السفير عدداً من النقاط التي يجب أن يمر بها خط الحدود الجديد.. وتتوقف عنده القوات الإسرائيلية.. إذا قامت السلطات البعثية بسحب قواتها خارجاً عنه..
...

وافق الدكتور زعين "يقول الملازم الأول المترجم".. ووعد السفير بتحقيق ما طلب.. وغادر الجميع مكتب رئاسة الوزراء على هذا الأمل..

وفي الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم التالي.. صدر بلاغ سقوط القنيطرة، على النحو الذي شرحناه وأوضحناه في أكثر من موضع..

وفي الوقت نفسه كذلك ملأت جو الجولان الشائعات الخانقة.. عن أوامر الانسحاب المزعومة.. فكان الهروب الكبير.. ودخلت القوات الإسرائيلية أرضنا الكريمة.. راكبة إلى نزهة عسكرية.. دونما خوف من صدام حقيقي يشتتها أو يفنيها..!

==========

 

رئيس أركان الجيش السوري لم يتم اخباره واطلاعه عن بلاغ 66 لسقوط الجولان
=========


وجه بعضهم سؤالاً حول هذا الموضوع إلى اللواء أحمد سويداني، قائد الجيش البعثي السوري يوم المحنة.. فأجاب:

"أنا.. كمسؤول لم أستشر في البلاغ الذي أعلن سقوط القنيطرة.. وكمواطن.. سمعته من الإذاعة كغيري.."!

فمن هي اليد الخفية التي وقعت ذلك البيان وأمرت بإذاعته؟ ستبدي ذلك الأيام.. مهما طال الوقت.. وإن غداً لناظره قريب!
 

شهادة سعد جمعة رئيس وزراء الأردن
============


... ظهر الخامس من حزيران 67) اتصل سفير دولة كبرى في دمشق بمسؤول كبير ودعاه إلى منزله لأمر عاجل وهام!! وتم الاجتماع في الحال،

نقل السفير للمسؤول السوري نص برقية عاجلة من حكومته، تؤكد أن سلاح الجو الإسرائيلي قد قضى قضاء مبرماً على سلاح الجو المصري وأن المعركة بين العرب وإسرائيل قد اتضحت نتائجها منذ الساعة التاسعة من ذلك الصباح، وأن كل مقاومة أرضية ستورث خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات لا مبرر لها، وأن إسرائيل لا تنوي مهاجمة النظام السوري، بعد أن يستتب لها تأديب جمال عبد الناصر!

وبانتهاء الزعيم المصري .. تتفتح الآفاق العربية أمام الثورية البعثية من المحيط إلى الخليج، وأن إسرائيل – من قبل ومن بعد - بلد اشتراكي يعطف على التجربة الاشتراكية البعثية.. خاصة البعثية العلوية، ويمكنها أن تتعايش وتتفاعل معها لمصلحة الكادحين في البلدين.. وقد يكون ذلك منطلقاً نحو تسوية نهائية على أسس الأخوة الاشتراكية، ولذا فمن مصلحة سوريا.. مصلحة الحزب ومكاسب الثورة، أن تكتفي بمناوشات بسيطة لتكفل لنفسها السلامة!

وذهب المسوؤل السوري ليعرض ما سمعه لتوه على رفاق القيادة القومية والقيادة القطرية.. إلى آخر القيادات! وكانت الطائرات الإسرائيلية في تلك اللحظة تدمر المطارات السورية والطائرات الجاثمة – براحة - فوقها، مما أضفى على الموقف جو المأساة!

وعاد الرسول السوري، غير بعيد، ليبلغ السفير استجابة الحزب والحكومة والقيادات، لمضمون البرقية العاجلة! وهكذا كان!..

غير أن إسرائيل بعد أن أنهت العمليات الحربية في الجبهتين الجنوبية والشرقية، اتجهت بثقلها إلى الجبهة الشمالية، بعد أن مهدت لهذه الحركة المفاجئة بحرب نفسية، فسقط خط (ماجينو) السوري، دون قتال، وسحبت القوات الأمامية لحماية مكاسب الثورة.. وبطولات الحاكمين في دمشق!

... وقال معلق راديو دمشق ذلك المساء: "الحمد لله لقد استطاعت قواتنا الباسلة حماية مكاسب الثورة أمام الزحف الإسرائيلي! الحمد لله الذي أفسد خطة العدو وقضى على أهدافه الجهنمية!.. إن إسرائيل لن تحقق نصراً يذكر، طالما أن حكام دمشق بخير!!

وليت شعري، ما الذي كان يعيق إسرائيل عن المضي في فسحة إلى دمشق!.. لكنها لا تريد، ولن تريد، إذ ليس في الإمكان أبدع مما هو كائن".

----

5- "... ولما كنت أعتقد أن المبرر الوحيد لغلطة ترتكب هو الدرس الذي يمكن استخراجه منها، يهمني أن أوضح هنا – دون أن أحاول إلقاء مسؤولية الفشل المشترك على فريق معين- أن عاملين اثنين، أوصلانا – والنزاع في مستهله- إلى ما انتهينا إليه، وجعلانا ندفع الثمن غالياً.

فمن جهة فوت علينا تأخر الطيران السوري في التدخل فرصة ذهبية، كان يمكن أن ننتهزها لقلب الموقف لمصلحة العرب، فلولا تردد السوريين، لكنا قد بدأنا عمليات القصف الجوي في وقت مبكر، ولاستطعنا اعتراض القاذفات المعادية وهي في طريق عودتها إلى قواعدها، بعد قصفها القواعد المصرية وقد فرغت خزاناتها من الوقود ونفدت ذخيرتها، وكان بإمكاننا حتى مفاجأتها وهي جاثمة في مطاراتها تملأ خزاناتها استعداداً لشن هجمات جديدة، فلو قُيّض لنا ذلك لتبدّل سير المعركة وتبدلت نتائجها..

"الزمن وحده سيعطي تفسيراً لمسائل عديدة، لكن ما تأكدت منه هو أن الطيران السوري لم يكن مستعداً يوم 5 حزيران للحرب.."

".... لأننا كنا ننتظر السوريين، فبدون مساعدة طائراتهم الميغ لا يمكن أن يسفر قصف قواعد إسرائيل عن نتيجة مهمة، ومنذ الساعة التاسعة – من صباح الخامس من حزيران - اتصلت قيادة العلميات الجوية بالسوريين، فكان جوابهم أنهم بوغتوا بالأحداث. وأن طائراتهم ليست مستعدة، وأن مطارداتهم تقوم برحلة تدريبية. وطلبوا إمهالهم نصف ساعة، ثم عادوا وطلبوا إمهالهم ساعة، وفي العاشرة والدقيقة الخامسة والأربعين كرروا الطلب نفسه فوافقنا، وفي الحادية عشرة لم يعد بالإمكان الانتظار فأقلعت الطائرات العراقية من قاعدتها لتنضم إلى سلاحنا الجوي وتساهم في القيام بالمهمة المشتركة المنوطة بسلاح الطيران.

وكان من نتيجة الاستمهال المذكور من جانب السوريين، أن عملياتنا الجوية لم تبدأ إلا بعد الحادية عشرة صباحاً...

لنقارن بين هذا الكلام.. بل هذه الوقائع المخزية، وبين ما قاله المسؤولون البعثيون، قبيل الحرب.

قالوا: "... إن طائرات سلاح الطيران السوري، قامت بعده رحلات استطلاعية فوق إسرائيل، كانت آخرها 14/5/1967 وعند الظهر..إن طائراتنا توغلت عشرات الكيلومترات في مهمة استطلاعية وقد انطلقت المدافع المضادة، وصواريخ (هوك) الإسرائيلية على الطائرات السورية التي قامت بمهمتها وعادت إلى قواعدها..

إن سلاح الطيران السوري أصبح في المستوى الذي يمكنه من القيام بواجبه على أكمل وجه، وله مهمات محددة ومرسومة بموجب الخطة الموضوعة..

إن سلاح الطيران السوري تطور تطوراً كبيراً بعد ثورة 23 شباط 1966 من حيث الكمية والنوع والتدريب، وأصبحت لديه زيادة كبيرة في عدد الطائرات وهي من أحدث الطائرات في العالم وأفضلها تسليحاً، كما ازداد عدد الطيارين وارتفع مستوى التدريب".

كان هذا التصريح قبل الحرب بنصف شهر بالتمام والكمال، فماذا جرى لسلاح الطيران هذا، الجاهز، القوي، المدرب، الـ..، الـ.. إلخ.. إلخ.. خلال نصف شهر، فقط، حتى فقد فاعليته وقعد كالأرنب الذي انخلع قلبه لمجرد رؤيته الثعلب متجهاً نحوه يريد افتراسه؟..

ولكن.. تكفي الإشارات العابرة، التي تصدر من صحافة العالم المطلعة على أكثر مما نستطيع نحن الإطلاع عليه من بواطن الأمور..


ولنسمع مجلة "تايم" وهي تقول:

"... أنقذ الهجوم الإسرائيلي على سورية، خلال حرب حزيران، النظام البعثي المتطرف فيها..".

==========
============

خاتمة

6- وفي الختام.. لا بد من لفت الانتباه على الذي يجري على خطوط وقف إطلاق النار كل يوم..

فبعد أن استعرضنا أكثر من رواية للمؤامرة، وبعد أن نقلناها –على ذمة رواتها- ودونما التعرض لها بالتفصيل وبالإثبات أو النفي، لأن ذلك غير ممكن بما لدينا من دلائل وحيثيات.. لا بد لنا من أن نثبت –للتاريخ- موقف القوات المتحاربة على جبهات القتال، في مواجهة العدو.

ففي الوقت الذي نرى فيه كل يوم تصعيداً متزايداً للصدام، وبالأسلحة المختلفة، وبالمستويات القتالية المتدرجة نحو الاتساع والشمول، على جبهتي مصر والأردن. مع إسرائيل.

في هذا الوقت نجد الجو هادئاً هدوء عش زوجي في فترة شهر العسل، بين الإسرائيليين وقوات حزب البعث.. لا يعكره الخلافات البسيطة، كالخلافات التي تقع بين عروسين حول ما يجب أن يتعايشا، أو حول أفضل مكان يقضيان فيه السهرة.

وفي الوقت الذي نجد اليوم –وكل يوم- عشرات الرجال ينطلقون من الجبهات المختلفة، لضرب الوجود الإسرائيلي الدخيل في كل جانب على أرضنا.. نرى الحدود "الجديدة" بين سوريا وإسرائيل، مغلقة في وجه كل التنظيمات الفدائية.. ومن يتحدث عن تحرير الجولان، أو العمل الفدائي على أرض الجولان.. يلقى مصيره الأسود على أيدي الجلادين من بني النصيرية المتسترين باسم حزب البعث.

وزيادة في التضليل، الذي برع فيه حزب البعث، وتمادى في سلوك سبيله إلى أبعد مما يمكن لأحد أن يمضي.. ناسياً أن تضليله قد عاد عليه بأبشع فضيحة، جعلته يبدو أمام الناس سخيفاً كسخف النعامة حين تدفن في الرغام رأسها لتوهم الصياد بأنها ضللته.

بمثل هذه الصفاقة والقحة.. يلجأ حزب البعث الحاكم.. المجرم إلى التضليل.. وإلى مطالبة غيره بمواقف الرجولة والبطولة التي عجز عنها.. حتى بدا مثل (...) تطالب الناس بأن يكونوا نساكاً...

بمثل هذه الروح التي تنز بالحقد، وتفيض بمعاني الإجرام يطالب حزب البعث غيره من الدول بأن تفتح حدودها لحرية العمل الفدائي.. بل ويرسل مجموعات من مرتزقته، ليؤدوا بعض العمليات التمثيلية عبر حدود الأردن ولبنان، لذر الرماد في العيون، ولتحويل الأنظار عن قصوره وفجوره وصفاء عيشه مع قوات إسرائيل التي احتلت الجولان وتمتعت بخيراته.

بهذه الروح.. يرسل حزب البعث أفراداً من وحداته النظامية متسترة باسم التنظيمات الفدائية "الصاعقة" ليشوهوا معنى الفداء، عبر حدود غيره من الدول.. بينما يغلق حدوده مع العدو في وجه كل تنظيم فدائي مناضل شريف، وكأنه لا يحكم بلاداً احتل العدو جزءاً منها.. وكأن تحرير تلك الأراضي – إن كان وارداً لدى حزب البعث كأمنية ليس إلا - يقع على كاهل غيره من الدول.. بينما هو يتمتع في الولوغ في الدماء والحرمات..

إن مثل هذه الأفعال.. تقع كل يوم، تحت سمع وبصر الأمة العربية المنكوبة.. ثم يبح دعاة حزب البعث حلوقهم.. يطالبون الأمة العربية بالفداء.. ويدعون أنهم.. أهل الحرب وحدهم، وهم الذين ما حاربوا.. ولن يحاربوا(113).. بل يسعون لجر الأمة إلى نكبة رابعة تزيدها إذلالاً.. وتضاعف التعداد من أبنائها المشردين.. وتقدم للعدو أرضاً جديدة يثبت عليها وجوده اللقيط..!

هذا موقف نسجله دونما زيادة في التفاصيل، فراغب الزيادة قادر عليها، ويجد ضالته في بطون الصحف.. وفيما تنقله كل يوم أجهزة الإعلام عبر إذاعات العالم.

هذا موقف لا نجد فيه إلا الحرص على رعاية الوجود الصهيوني على أرضنا.. تباركه قيادة حزب البعث وتسهر على راحته أجهزته العسكرية والمدنية على السواء.

ولكن هذا ليس هو – أبداً - موقف المخلصين من أبناء الشعب.. فإلى هؤلاء.. وخاصة الرابضين في المخافر الأمامية والمواقع المتقدمة.. نطير صرخة استغاثة، ونطلق صيحة إنذار.. أن اقتدوا بإخوانكم في الأردن ومصر.. واضربوا الوجود الصهيوني.. افتعلوا الحوادث أنتم.. لتجروه إلى مجزرة عقب مجزرة.. لا تتركوا له راحة أبداً.. فإن سكوتكم هذا.. ليس له تفسير أمام الله والأمة.. إلا أنه التواطؤ.. أو الخنوع الذليل، تفضيلاً لمصلحة الرتبة والراتب.. على كرامة الأمة ومصيرها ومستقبلها، وفي هذا لعمري من الجريمة ما يعدل التواطؤ.. إن لم نقل إ
 

في هذه المناسبة، يقودنا الواجب إلى استطراد بسيط نستوقف القارئ خلاله برهة لنذكره بأمور هامة سبق أن جرت في تاريخ الجيش والبلاد.. لتلقي ضوءاً ساطعاً يكشف جوانب خطيرة من البلوى التي نزلت بهذه الأمة.

فلو عدنا إلى عام 1963 – أي قبل النكبة والعهار الأكبر بأربع سنوات تقريباً- وعلى وجه التقريب.. في شهر تشرين الأول من العام نفسه، صرح العقيد أحمد المير ((اسماعيلي -قائد الجولان))(و كان يومذاك برتبة مقدم) لإحدى الصحف اليسارية قائلاً: "لقد اشتاقت سلاسل الدبابات للنزول إلى دمشق، لسحق المؤامرات" وجاء هذا التصريح، بعد مالا يزيد عن أربعة أشهر على حادث 18 تموز الذي نفذه الناصريون بزعامة جاسم علوان، وهاجموا يومها الأركان العامة ودار الإذاعة وبعض المعسكرات الهامة، ثم فشلت المحاولة هذه، وأعقبتها موجة من أعمال الإعدام والإرهاب والاعتقالات.. وكان للواء السبعين المدرع، دور كبير جداً في إحباط تلك المحاولة، حيث نزلت الدبابات – فعلاً- بسلاسلها، لتنشر الرعب والإرهاب بحجة قمع المؤامرات، وحين صرح العقيد المذكور بذاك التصريح، كان قائداً لذلك اللواء الذي حوله الحزب الحاكم في سورية، من وحدة ضاربة ضد أعداء البلاد، إلى وحدة ضاربة ضد الشعب كله.

وعقب حرب حزيران العار، عين العقيد هذا عضواً في القيادة القومية لحزب البعث، مكافأة له على دوره في (.. خدمة الحزب والثورة).

وفي عام 1965 وعقب موجة من قرارات التأميم، أصدرتها السلطة في سوريا، وشملت عدداً من المؤسسات الصناعية والتجارية، قام (اللواء) أحمد سويداني((سني-درعا)) – وكان يومذاك رئيساً لشعبة المخابرات، وبرتبة مقدم – قام بتدبير مؤامرة جر إليها الشعب كله وفي مقدمته طبقة التجار وقسم من علماء المسلمين، وحدثت يومها مجزرة الجامع الأموي في دمشق، وأعقبتها موجة رهيبة من الاعتقالات وأحكام الإعدام، وقام السويداني نفسه، بالإشراف على أعمال التعذيب والاضطهاد وإهانة علماء وفضلاء المجتمع، في ظل رئاسة وتشجيع الفريق أمين الحافظ رئيس الدولة يومذاك.

هذان موقفان بارزان، لقائدين، هما أكبر قائدين مباشرين يجب أن يسألا، عن الذي حدث في الجبهة (الجولان) خلال حرب حزيران من عام 1967 – وقفاهما ضد الشعب الأعزل المغلوب على أمره.. أردنا أن نذكر بهما.. ليكونا نموذجين واضحين لمواقف كل رجال السلطة البعثيين وأتباعهم.. ضد الشعب كله..

ولإجراء المقارنة بينها وبين مواقف الأشخاص أنفسهم، ضد عدو البلاد الأخطر والأكبر، وفي هذا ما يغني عن كثير من البيان:
 

بعض من أوجه الخيانة

رفض الضباط العلويون تنفيذ هجوم معاكس وزحفو باتجاه دمشق لحماية البعث من الجماهير
========


في صباح يوم الجمعة (9/6/1967م) ـ بعد الخرق الصهيوني ـ أمر اللواء أحمد سويداني اللواء السبعين ( دبابات ت 54 يومذاك أحدث دبابات الجيش السوري ) ، أمره أن يقوم بالهجوم المعاكس على القوات الصهيونية التي خرقت قطاع الجبهة ، ولكن قائد اللواء ( عـواد بـاغ ) ـ أفضل شخصية عسكرية باقية في الجيش يومذاك ـ وكان يشغب رئيس شعبة عمليات الجيش ، عارض اللواء سويداني بقيام هجوم معاكس نهاراً بدون غطاء جوي ، وتكفل بتنفيذ الهجوم المعاكس ليلاً ، وتراجع السويداني وفوض الأمر للواء عـواد بـاغ ... الذي أمر قائد اللواء السبعين ( العقيد عزة جديد ((علوي)) ) بتنفيذ الهجوم المعاكس والتحرك ليلاً ليكون في الصباح على تماس بالعدو وينتشر للهجوم عند ذلك ، ولايستطيع طيران العدو التدخل عندما تتداخل القوات ببعضها ...

إلا أن ( العقيد عزة جديد -ابن عم صلاح جديد) حامي الثورة ونظام البعث ، رفض الأوامـر ، بحجـة عدم التحرك بدون حماية جوية ، واتصل مع صلاح جديد وحافظ الأسد فشجعاه على ذلك ... ورفض ( العقيد عزة جديد ) الأوامر ... ورفض أن يشـن هجوماً معاكساً على القوات الصهيونية المنهكة من القتال في سيناء والتي نقلت بعد أربعة أيام للقتال في الجولان ، رفض الأوامر العسكرية .... وضاعت الجريمة ولم يحاكم ... بل استمر حامي حمى الثورة والنظام ... وفي ( 1970) كنت طالباً عنده في اللواء السبعين ... وكان متفرعناً يعامل العقيد ( عبدالله الشواف ) ابن دورته ، وقائد دورتنا ، كما يعامل العسكري المجنـد ...

وفي الليل تحرك اللواء السبعون ... ليقوم بتحرك معاكس ... نحو دمشق .. وليس نحو الجولان ...ووصل دمشق في الليل نفسـه ، واستقر في بساتين الغوطـة وحدائقها ...


 
ويقول الضابط المسرح رئيس عمليات الاستطلاع في الجولان سابقا: خليل مصطفى ( ص 188) : إن الذي ثبت لدينا حتى الآن ...أن القوات الإسرائيلية لم تطأ أرض القنيطرة ( رغم كل تلك المخازي والجرائم التي شرحناها ) إلا بعد إعلان سقوطها بما لايقل عن سبع عشرة ساعة ...

فقد خرقت قوات العدو الجبهة يوم الجمعة (9/6) حوالي الظهر ، بقوة لواءي دبابات ، ولكن العدو لم يستطع التقدم بحرية بسبب المقاومة الفردية ، ولاقى مقاومات فردية شرسـة وعنيفة في المقاومة ، لذلك كان تقدمه في حذر شديد ، يتوقف عند أول بادرة مقاومة ولو كانت طلقة من بندقية ... وينتظر الطيران أن يدمرها ...

وعندما أذيع بيان سقوط القنيطرة كانت أقرب وحدات للعدو تشتبك مع مقاومات بطولية فرديـة ابعثت من نقطـة القلع ، وتل العزيزيات ... ( انظر رواية دماء على الجولان ) ..

وكان البلاغ المذكور ، بلاغ سقوط القنيطرة ، والمقاومات الفردية على أشدها ، فانهارت القوى الجبارة ، التي أظهرت بطولات الرجال الأوفياء لأرضهم وبلدهم ، ودخل في روعـهم أن مقاومتهم لم تـعد مجـديـة ، وذلك بعد انقطاع الاتصالات معهم ، وهروب القادة المسؤولين ، لذا قرر هؤلاء الأبطال الانسحاب ليلتحقوا بوحداتهم ويتابعوا القتال معها ..

وبعد أن انسحبوا ، ووجدوا القنيطرة مازالت سليمة ، أسقط في أيديهم ، وحاروا في فهم ذلك الواقـع المخـزي ...

وخلاصة القول في حرب (1967م) أنها كانت مسرحية ، هدفها كسر شوكة عبدالناصر ، واحتلال الجولان من قبل الصهياينة ، واحتلال الضفة الغربية والقدس ، وقدتـم ذلك كلـه . وممايؤكد ذلك أن خسائر الجيش السوري التي أذاعتها الحكومة كانت (115) عسكرياً فقط ([2])، وهم الذين لم يتقيدوا بأمر الانسحاب ، فضلوا أن تمر الدبابات الإسرائيلية على أجسادهم ؛ كما حصل في تل العزيزيات([3]) .
وكانت مواقف بطولية ذكرت أحدها في رواية ( دماء على الجولان ) وسأذكر بعضها في حلقة قادمة إن شاء الله تعالى ...


[1] ـ نقلاً عن عبد الغني النواوي في مؤامرة الدويلات الطائفية ص 419 .

[2] ـ في (23 شباط 1966 ) قاد سليم حاطوم مغاويره وهجم على منزل الرئيس محمد أمين الحافظ ، فدافع الجنود (حرس الرئيس ) وكثير منهم من البدو ، دافعوا حتى الموت ، وكان عدد القتلى أكثر من (200) عسكري ، أي أكثر من خسائر سوريا في حرب حزيران .

[3] ـ انظر رواية دماء على الجولان ، للكاتب خالد الأحمد . ومعظمها أخبار واقعية جمعها الكاتب ممن اشـتركوا في حرب (1967م) .
 
عبيلي العلبة دخان وناولني القداحة ...الجيش السوري هالهربان ضباطو هربو ع القرداحة

==

أغنية اسرائيلية دأبت اسرائيل بثها على اذاعتها بعد حرب 67 تستهزئ بالجيش السوري وقيادته القرداحية
 




وضعية قوات الطرفين في بداية المعركة
========



(1) قوات
011.jpg

الجيش العربي السوري
--------

عند اندلاع الحرب كانت قوات الجيش العربي السوري مؤلفة من: خمسة ألوية مشاة عاملة مع لواء مشاة ميكانيكي عامل، ولواءي دبابات عاملين، وأربعة ألوية مشاة احتياطية، وألوية وأفواج القوى الجوية والدفاع الجوي وكتائب الحرس الوطني، متوضعة في المناطق التالية:


أ ـ قيادة الجيش الميداني:
===========


مقرها القنيطرة، بإمرة رئيس أركان الجيش العربي السوري اللواء أحمد سويداني.


ب ـ في النسق العملياتي الأول:
==========


• مجموعة الألوية 12، قائدها العقيد الركن أحمد محمود الأمير، قيادتها في القنيطرة ومكونة من:
--------------------​

- اللواء 8 مشاة، قائده المقدم الركن علي أصلان، يدافع عن القطاع الأوسط من الجبهة.

- اللواء 32 مشاة، قائده المقدم الركن مصطفى شربا، يتحشد في منطقة تل يوسف إلى الجنوب من القنيطرة.

- اللواء 123 مشاة قائده العقيد الركن محمد عيد، ويتحشد في منطقة كفرحور إلى الشمال الشرقي من القنيطرة.

- اللواء 44 مدرع، قائده المقدم الركن عزت جديد، ويتحشد جنوب القنيطرة في منطقة العدنانية ـ بريقة.


• مجموعة الألوية 35: قائدها العميد الركن سعيد الطيان، قيادتها في منطقة الجوخدار-الرفيد ومكونة :
---------------------

- اللواء 19 مشاة، قائده المقدم الركن ميشيل حداد، يدافع عن منطقة فيق ـ سكوفيا ـ العال (القطاع الجنوبي من الجبهة).

- اللواء 80 مشاة احتياط، قائده العقيد إبراهيم كاخيا، يتحشد في منطقة الخشنية- القصبية.

- اللواء 17 ميكانيكي، قائده المقدم صلاح نعيسة، يتحشد في منطقة الرفيد-الجوخدار.


• اللواء 11 مشاة مستقل، قائده المقدم الركن ممدوح عبارة، يدافع عن منطقة بانياس - مسعدة - واسط (القطاع الشمالي من الجبهة).

• كتائب الحرس الوطني: دافعت خمس كتائب من الحرس الوطني عن الحد الأمامي (نطاق الحيطة)، وقد بلغ تعدادها أكثر من ألفي عنصر، قوام كتائب الحرس الوطني وتعدادها والمواقع التي كانت تدافع عنها 1967


ج ـ في النسق العملياتي الثاني:
=======

• مجموعة الألوية 42 قائدها العميد الركن عبد الرزاق دردري، مقرها في سعسع على النطاق الدفاعي الثاني ومكونة من:

- اللواء 25 مشاة، قائده العقيد الركن إسماعيل هلال، ويتحشد في منطقة كفر قوق شمال غرب قطنا.

- اللواء 60 مشاة احتياط، قائده العقيد الركن سميح السيد ويتحشد في منطقة الكسوة.


د ـ في احتياط القيادة العامة:
========

- اللواء 23 مشاة، قائده العقيد الركن سميح سباعي، ويتمركز في المنطقة الساحلية (اللاذقية).

- اللواء 50 مشاة احتياط، قائده العقيد الركن شفيق عبدو، ويتمركز في المنطقة الوسطى (حمص).

- اللواء 14 دبابات، قائده المقدم الركن مصطفى طلاس، ويتمركز في منطقة القطيفة.

- الكتيبة 102 استطلاع، قائدها النقيب رزق الياس، وتتحشد في منطقة خان أرنبة شرق القنيطرة (احتياط مضاد للإنزالات الجوية المعادية).

- المدفعية: اللواء 27 (خمس كتائب مدفعية)، مع 4 كتائب مدفعية مستقلة، وفوج مدفعية م/د.


هـ ـ القوى الجوية والدفاع الجوي:
============


- اللواء الثالث الجوي: يحوي سربين من الطائرات ميغ 21(42 طائرة) الجاهز منها 34 طائرة مع 47 طياراً، ويتمركز في مطارات: الضمير، السيكال، المحطة الرابعة.

- اللواء السابع الجوي: يحوي سربين من الطائرات ميغ 17 (33 طائرة) مع 32 طياراً، يتمركز في مطاري المزة وبلي.

- أفواج الدفاع الجوي: ثمانية أفواج موزعة لحماية الأهداف الهامة والمطارات في القطر، وينتشر فوج واحد منها في منطقة الجبهة.


و ـ القوى البحرية خلال عدوان 1967:

===========


قوام القوى البحرية عام 1967:

- زوارق صاروخية ثنائية طراز 183 عدد 6

- زوارق طوربيد طراز 123 عدد 18

- كاسحة قاعدية عدد 2

- قناص عدد 2

- وحدات تأمين مختلفة.



 

قوات العدو التي هاجمت الجبهة السورية:
===========

وفق الوثائق الإسرائيلية هاجمت الوحدات المعادية التالية يومي 9 - 10/6 القوات السورية في الجولان:


• في مواجهة القطاع الشمالي، الذي يدافع عنه اللواء 11 مشاة:
---------------------


- هاجم اللواء 45 دبابات بقيادة المقدم "موشي باركوخفا" باتجاه بانياس - مسعدة - القنيطرة.

- هاجم اللواء الأول جولاني بقيادة العقيد "يونا افرات" باتجاه تل العزيزيات - القلع - بقعاتا - القنيطرة.

- هاجم اللواء الثامن دبابات بقيادة العقيد "ابراهام مندلر" باتجاه العقدة - واسط - القنيطرة.

- هاجم اللواء 37 مدرع بقيادة العقيد "أوري روم" باتجاه تل شيبان - واسط - كفر نفاخ - السنديانة.


• وفي مواجهة القطاع الأوسط الذي يدافع عنه اللواء 8 مشاة:
---------------



- هاجم اللواء الثالث مشاة بقيادة المقدم "عموئيلشكيد" معزز بكتيبة من اللواء الخامس مشاة، باتجاه الجمرك ـ كفر نفاخ.

- هاجم اللواء التاسع دبابات "هرئيل" باتجاه راوية ـ العليقة ـ الخشنية (نسق ثاني).


• وفي مواجهة القطاع الجنوبي الذي يدافع عنه اللواء 19 مشاة:
-----------------


- هاجم اللواء الثاني مشاة بقيادة العقيد يهودا غافيش باتجاه عين غيف (شرق بحيرة طبريا)،

- كما هاجمت كتيبة ناحال (مشاة) باتجاه مزرعة عز الدين، وقوة مظليين من فرقة بيلد باتجاه فيق

- العال تعززها كتيبة منقولة على الحوامات.

وقد تمكن العدو الإسرائيلي من تحقيق تفوق بمعدل أربعة إلى واحد لصالحه في قطاع الخرق الذي اختاره في القطاع الشمالي من الجولان هذا بالإضافة إلى السيطرة الجوية التامة على أرض المعركة.
 

سير الأعمال القتالية
=======


002.jpg


عندما انتقلت القوات الإسرائيلية إلى الهجوم على الجبهة المصرية صباح 5/6، كانت القوات السورية في حالة الجاهزية القتالية العالية، فرفعت القيادة السورية درجة الجاهزية إلى الكاملة، وبموجب خطة / رشيد/ المنسقة مع القيادة المصرية قام سلاح الجو السوري سعت 12,50/5/6 بتوجيه ضربة جوية ضد المطارات الإسرائيلية في المنطقة الشمالية(1) (مطار سان جين، مطار رامات دافيد، مطار مجيدو)، كما تم قصف مصفاة حيفا، وعادت الطائرات السورية إلى قواعدها ماعدا ثلاثة طائرات ميغ 21 أصيبت أثناء تنفيذها لمهماتها.

وفي الساعة 14,15 وجه الطيران المعادي ضربة جوية إلى المطارات السورية دمر فيها 75% من الطائرات.

وفي الساعة 16,00 يوم /5/6 أصدر قائد الجيش الميداني أمراً إلى كافة التشكيلات لتنفيذ العملية التعرضية /نصر/، رداً على الهجوم الإسرائيلي على الجبهتين المصرية والأردنية، وحدد الساعة/س/ في الساعة 5,00 صباح 7/6، حيث تكون القوات السورية قد عبرت نهر الأردن.

وقد بدأت القوات بالتحرك إلى قاعدة الانطلاق ليلاً على ثلاثة محاور ضيقة تصل المرتفعات السورية بوادي الحولة، وتكبدت هذه القوات نتيجة القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي خسائر كبيرة أثناء تحركها، وفقدت عدة وحدات اتجاهها، ووصل بعضها إلى قاعدة الانطلاق دون توفر تأمينات كاملة للعبور، الأمر الذي أدى إلى إخفاق عملية العبور على الاتجاه الرئيسي (اتجاه جسر بنات يعقوب - مشمارهايردن)، بينما نجحت بعض الوحدات على الاتجاه الثانوي في القطاع الشمالي ووصلت إلى مستوطنة "شنير" ومستعمرة "شرياشوف".

وفي مواجهة هذا الموقف طلبت القيادة السورية من القيادة الموحدة في مصر سعت 6,00 من يوم 7/6 الموافقة على انتقال القوات السورية للدفاع، وإرسال لواء مشاة ميكانيكي من سورية إلى الأردن ليشارك القوات الأردنية القتال في الضفة الغربية فوافقت القيادة الموحدة على هذا الطلب، وبقيت القوات السورية يومي 7 - 8/6 تعيد ترتيب أوضاعها الدفاعية تحت القصف الجوي والمدفعي، وتقوم برمي أهداف العدو في سهل الحولة وقواته المتحشدة في المستعمرات المقابلة.

وفي يوم 8/6 نقل الطيران الإسرائيلي كامل جهده الجوي إلى الجبهة السورية، مركزاً القصف ضد بطاريات مدفعية الميدان والمدفعية م/ط، ووصلت حصيلة الخسائر في عتاد القوات السورية إلى نحو 50% في المدفعية و75% في المدفعية م/ط.

أصيبت القيادة السورية الميدانية وقواتها بصدمة عندما أعلن مساء يوم 7/6 عن احتلال العدو للضفة الغربية ولشبه جزيرة سيناء، وتوقعت القيادة السورية هجوماً برياً كبيراً على سورية، سيما وإن العدو كان يهدد باحتلال دمشق قبل نشوب الحرب، فوافقت القيادة السورية سعت 17,20 يوم 8/6 على وقف إطلاق النار بناءً على نصيحة الرئيس عبد الناصر، وأذيع هذا القرار من إذاعة دمشق، وطلبت قيادة الجيش الميداني من التشكيلات في الجبهة الالتزام بذلك منذ مساء 8/6 كي لا تعطي ذريعة لإسرائيل من أجل استمرار الحرب، إلا أن القيادة الإسرائيلية استخدمت قرار وقف إطلاق النار خديعة من أجل تقرب قواتها من العمق إلى وادي الحولة بمعزل عن تدخل المدفعية السورية.

وفي صباح اليوم التالي سعت 9,30 يوم 9/6 بدأ العدو التمهيد الجوي والمدفعي على طول الجبهة السورية مركزاً على خرق القطاع الشمالي من الجبهة، وبعد ثلاث ساعات من التمهيد انتقلت القوات الإسرائيلية إلى الهجوم موجهة ضربتها الرئيسية باتجاه القطاع الشمالي، وحتى نهاية اليوم تمكن لواءان إسرائيليان معززان بوحدات هندسية من خرق دفاع اللواء /11/ مشاة ووصلا إلى الخط القلع -زعورة، وكانت نسبة التفوق الإسرائيلي تصل إلى أكثر من أربعة أضعاف في قطاع الخرق بالإضافة إلى الدعم الجوي المتواصل

، وفي مواجهة القطاع الأوسط قام العدو بهجوم ثانوي بوحدات من المشاة المعززة بالدبابات باتجاه الدرباشيةوالدردارةوالجليبينة، وحاول التقدم ليلاً لاحتلال هذه المواقع

، كما قام العدو بهجوم ثانوي في مواجهة القطاع الجنوبي باتجاه التوافيق - كفر حارب - فيق - العال مع استخدام وحدات الإنزال المظلي المنقولة بالحوامات.

إلا أن القوات الإسرائيلية لم تلق نجاحاً يذكر على هذين الاتجاهين، ويبدو أن القيادة الإسرائيلية كانت بانتظار وصول ألويتها المهاجمة في القطاع الشمالي إلى مجنبة ومؤخرة الوحدات السورية المدافعة في القطاعين الأوسط والجنوبي للإخلال بالتوازن الدفاعي للقوات السورية المدافعة في هذين القطاعين وتطويقها.


003.jpg


قاتلت الوحدات السورية في قطاع الخرق بشجاعة فائقة، وقد وصف الجنرال الإسرائيلي "دافيد اليعازر" قائد العملية هذا القتال بقوله: «كان في خندق واحد لا أقل من ستين جثة منتشرة على الأرض، وقد اشتبكوا معنا في الأيدي والخناجر والأسنان وأعقاب البنادق، واستمرت المعركة على هدف واحد أكثر من ثلاث ساعات... وقد قتل في المعركة قائد الكتيبة الإسرائيلية وقادة سراياه، وخرج من المعركة أكثر من مئة عنصر إسرائيلي بين قتيل وجريح».

وفي صباح اليوم التالي طور العدو هجومه بزج لواءين آخرين: الأول باتجاه بانياس - مسعدة - المنصورة، والثاني باتجاه واسط - كفر نفاخ - القنيطرة، وقد حاولت القيادة السورية احتواء الخرق باستخدام احتياط م/د الجيش، فخاض هذا الاحتياط معركة غير متكافئة على اتجاه واسط ودمرت معظم مدافعه بالقصف الجوي.

وفي سعت 7,40/10 أسندت قيادة الجيش الميداني المهمة القتالية للدفاع عن القنيطرة على الشكل التالي:

- اللواء 8 مشاة يدافع عن خط المغيّر ـ تل خنزير.

- اللواء 44 دبابات يدافع عن خط تل أبو الندى ـ تل الغسانية.

- اللواء 32 مشاة يدافع عن المرتفعات الشمالية لمدينة القنيطرة باتجاه المنصورة.

- الكتيبة 102 سطع تتمسك بعقدة خان أرنبة.

- المجموعة 35 تتمسك في نطاقها الدفاعي في القطاع الجنوبي من الجبهة.

لقد كان هذا القرار سليماً وفق الموقف المتشكل آنذاك، سواء من حيث اختيار قطاعات الدفاع الجديدة أو من حيث تناسب القوى والوسائط مع العدو، إلا أنه لم تمر سوى ساعات قليلة حتى وصلت إلى قيادة الجيش الميداني معلومات جديدة من التشكيلات تفيد عن وصول طلائع العدو إلى كفرنفاخ، الأمر الذي يشكل بداية لتطويق اللواء الثامن المدافع في القطاع الأوسط، وعن تقدم العدو باتجاه محور مسعدة - سحيتا - حرفا، مما شكل انطباعاً لدى القيادة بأن العدو بدأ محاولاته في تطوير الهجوم باتجاه دمشق، وفي الوقت نفسه يحاول تطويق القوات السورية المدافعة في القطاعين الأوسط والجنوبي عبر التابلاين، سيما وأنه يقوم بزج لواء مدرع على هذا المحور.

و في مواجهة هذا الموقف اتخذت القيادة قرار الانسحاب من النطاق الدفاعي الأول (الجبهة)، وتعزيز الدفاع عن النطاق الدفاعي الثاني الذي يمر على مشارف سعسع، وأسندت المهام التالية:

- ينسحب اللواء /44/ دبابات مع الكتيبة /102/ استطلاع على محور القنيطرة، سعسع، ويتمركز في بيت سابر.

- تنسحب المجموعة 35 ووحداتها مع اللواء 19 مش، عدا الحرس الوطني، وتنظم الدفاع عن النطاق الثاني.

وكان تقدير القيادة السورية أن من إيجابيات قرار الانسحاب الحفاظ على القدرة القتالية لقسم من القوات على الأقل، وإنقاذ الألوية المدافعة في القطاعين الأوسط والجنوبي من خطر تطويق محتمل وشيك الوقوع، وتوفير شروط عسكرية ودولية أفضل، لكبح اندفاع العدو باتجاه دمشق، أو باتجاه المنطقة الجنوبية من سورية، سيما وأن القيادة السورية كانت على علم بالمأساة التي حلت بالقوات المصرية التي طوقت في سيناء وبالقوات الأردنية التي طوقت في مرتفعات نابلس - جنين.

وعلى خلفية قرار الانسحاب، وردت معلومات إلى لجنة الإعلام عن دخول العدو مدينة القنيطرة سعت 10,30 يوم 10/6، فأذاعت هذه المعلومات في الوقت الذي لم تكن بعض الوحدات قد تلقت مهمة الانسحاب بعد، مما أحدث صدمة كبيرة لدى القوات المدافعة في الجبهة، وساهم هذا البلاغ في الإخلال بتنظيم عملية الانسحاب وقد تبين أن لجنة الإعلام المسؤولة عن صياغة هذا البلاغ تصورت أن بلاغها هذا سوف يسرع من انسحاب القوات الذي يحاول العدو تطويقهم وأسرهم بأعداد كبيرة في القطاعين الأوسط والجنوبي، كما فعل في الجبهتين المصرية والأردنية، سيما وكانت هذه اللجنة قد أخذت قرارها هذا على خلفية المعطيات المتوفرة عن انقطاع الاتصال السلكي واللاسلكي مع الوحدات السورية في هذين القطاعين.

أعمال القوى البحرية مع بدء العدوان:
==========


مع بدء العدوان تم رفع حالة الجاهزية إلى الكاملة وتلقيم الزوارق الصاروخية وزوارق الطوربيد وتنفيذ الانتشار القتالي في قاعدة الحارثي، (ميناء البيضاء البحري) إلى مناطق الانتشار في اللاذقية وطرطوس وأرواد، وقامت الكاسحات بزرع خط ألغام في المناطق المحتملة للإنزال البحري المعادي..

منذ اليوم الأول للعدوان تم تشديد المراقبة السطحية الفنية والبصرية وتسيير الدوريات البحرية بقوام الزوارق المنفردة والأسراب والكاسحات والقانصات على طول الساحل العربي السوري، كما تم نشر المستودعات ومقرات القيادة خارج أماكن تمركزها الدائم.

لم يسجل أي نشاط بحري ضد الساحل العربي السوري، ولم يتم تنفيذ أية إغارة بحرية ضد موانئ ومصبات القطر العربي السوري، وقامت القوات البحرية بتأمين حماية الملاحة ونقل الإمدادات العسكرية والاقتصادية إلى موانئ القطر طيلة فترة العدوان. كما ساهمت القوى البحرية بتأمين حماية تفريغ الحمولات العسكرية على أرصفة الموانئ. بعد العدوان مباشرة استمر دور القوى البحرية في ضبط حركات ناقلات النفط إلى مصب بانياس.

لقد تعددت المعارك التي خاضتها قواتنا المدافعة في النسق الأول مع قوات العدو الإسرائيلي، وسوف نذكر على سبيل المثال معركتين بارزتين هما معركة تل الفخار، ومعركة الجليبينة.

 

محاولات لاستبعاد حافظ الأسد عن وزار الدفاع تفشل لعدة أسباب بعد هزيمة67
========



عقب هزيمة حزيران العسكرية / ١٩٦٧ / اجتمعت القيادتان القومية والقطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم لتدارس الأوضاع بعد العدوان الإسرائلي (كان يُطلق عليه الاجتماع المشترك ) وفي ذلك الاجتماع طرح الأمين العام لحزب البعث وقت إذ اللواء العلوي صلاح جديد موضوع تغيير وزيرالدفاع ورئيس الأركان ( حافظ الأسد ، وأحمد سويداني ) ، وقدّ علّل ذلك بالاستناد إلى الدروس المستفادة من تجارب الشعوب والقائلة :

(( بأنّ أية قيادة عسكرية منتصرة أو منهزمة يجب أن تُغيَّر، فالمنتصرة سيصيبها الغرور الذي يقودها في غالب الأحيان إلى الديكتاتورية والمغامرات التي تجلب الكوارث على الوطن والأمة… والمنهزمة غير قادرة على استخلاص عبر الحرب بموضوعية وصدق، والسير بخطا جادة على طريق إعداد الجيش، وتأهيله معنويا وماديا من أجل تنفيذ المهام الوطنية والقومية الموكلة عليه، وعلى رأسها خوض معارك التحرير المقبلة،))

وكانت نتيجة التصويت على اقتراح تغيير قيادة الجيش بفارق صوت واحد ، ( مع الأسف ) ، وهنا ، لا أحمّل أحداً بمفرده مسؤولية ماحدث ، فبغضّ النظر عن قناعة ودوافع الذين صوّتوا ضدّ الاقتراح فإنّ معظمهم قضوا زهرة شبابهم ظلماً في سجون حافظ الأسد بدون محاكمة ..

هذا وقد كانت تنحية حافظ الأسد لا تستأهل أكثر من قرار من الاجتماع المشترك ، لأنّ وضعه النفسي والعسكري كانا متردّيين إلى أبعد الحدود ، حيث اعتكف في مطار المزّة عند أخيه رفعت الذي كان متمركزاً مع سرايا دفاعه فيه..

وقد ذكر وزير الخارجية البعثي الهارب للمنفى بالجزائر منذ 1971 العلوي ابراهيم ماخوس ” أنّه زار حافظ الأسد هناك وأقنعه بضرورة التخلّي عن وزارة الدفاع ، وكان موافقاً من حيث المبدأ “..

ولكنّ أجواء الاجتماع المشترك ونتيجة التصويت أنعشته لحافظ الأسد ، وجعلته ينطلق بمخطط جديد يستهدف تحصين نفسه من المحاسبة مستقبلاً من جهة ، وتدعيم موقفه على طريق الارتداد والتصحيح المزيّف من جهة أخرى ، هذا ” التصحيح ” الذي شكّل نقطة البداية للمسار الذي أوصلنا إلى الأوضاع المأساوية التي تعيشها سوريّة هذه الأيام …

– وفي عام ١٩٦٨ بذل أمين عام حزب البعث اللواء العلوي صلاح جديد وبعض رفاقه في قيادة الحزب جهوداً كبيرة لاتخاذ قرار من قبل الاجتماع المشترك للقيادتين القومية والقطرية يقضي بتبديل مراكز القوى من أماكنهم ، وفيما يلي نصّ القرار ، والتعميم الذي تبعه و الصادر من الأمين العام المرحوم الدكتور نور الدين الأتاسي ..
فمنذ ” الإجتماع المشترك” الأول الذي عقد بعد المؤتمر القطري الرابع الإستثنائي تبيّن صعوبة معالجة أي أمر جدي أو البت بأي موضوع يتصور أعضاء القيادة أنه قد يثير قيادة الجيش!… فلقد حاول بعض الرفاق وفي مقدمتهم الرفيق الأمين العام المساعد / صلاح جديد / إقتراح ودراسة المشاكل والأمراض التي يشكو منها الحزب والسلطة، والتي تفاقمت خلال الأزمة، بحيث تعود الأمور تدريجيا إلى نصابها الصحيح، وذلك على أساس الفهم الموضوعي الحقيقي ” لشعار الإيجابية واستعادة الثقة” الذي طُرِح في المؤتمر. وفي مقدمة تلك الأمراض ظاهرة الطائفية في الجيش التي برزت أثناء الإزدواجية ، وبدأت تُستخدم كسلاح خطر من قبل أعداء الحزب والوطن، والتي كان لابدّ من التصدي لمعالجتها بالروح الحزبية الثورية المطلوبة. ” انتهى الاقتباس ” ..

وعقب ذلك ثارت ثائرة حافظ الأسد غاضباً ومندّداً بهذا الطرح ونافياً له ، ولم يتخذ الاجتماع المشترك أيّ موقف تجاه الأمر
 
عودة
أعلى