الفكرة الفانتازية المنتشرة التي تصور أن العلمانية هي المنتصر في حرب مع الكنيسة حول النزاع على صدق النظريات العلميّة ضد نظريات الكنيسة المأخوذة من الكتاب المقدس أي على أنه صراع بين الدين والعلم بينما في الحقيقية أن المسيحية قائمة على أن شريعة موسى وهي القانون الإلهي قد انتفت الحاجة إليها بالخلاص الذي قدمه موت يسوع على الصليب.
يؤكد على هذا بولس رسول المسيح في رسائله بأن المسيح هو نهاية القانون مما جعل الكنيسة لا تمتلك قانونا ذاتيا يمكن الرجوع عليه على أساس أنه قانون تشريعي إلهي متعال.
وهذا ما جعل أول مثال على قانون أوروبي دستوري كان قانون الامبراطور البيزنطي جستينيان الأول والذي ليس إلا عبارة عن قوانين منتخبة من التشريعات الرومانية التي أقرها الاباطرة الرومان.
هذا ما جعل الحاكم الإمبراطوري أو الملكي يشار إليه بالحاكم العلماني نظرا لأن نطاق حكمه كان مقتصرًا على الشؤون العلمانية الدنيوية بينما كانت السلطة الدينية متمركزة في الكنيسة.
عانى الانسان الغربي في العصور الوسطى من هذه الإنفصالية إذ هو يعيش تحت حكم دولتين الأولى هي الدولة الكنسية والثانية هي دولة الحاكم وهذه الانفصالية لم تأتي من بعيد بل من المسحية نفسها بالقول أعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
يظهر التاريخ أن المجتمعات العلمانية أسسها قائمة علي فلسفات أسسها دينية ولمّا عُلمنت ظلت محتفظة بجوهر هذه الأسس ولو أنها غدت تدل على أمور مختلفة نسبيا.
بيت القصيد من يريد جذب العلمانية للأمة الإسلامية هو جاهل بتاريخ العلمانية وجذروها التي نمت فيها وخلقتها لذا لا يصح الجمع بين المنظومتين أي الإسلام والعلمانية بأي حال من الأحوال كونها بعيدة كل البعد عن سياقنا.