محرك الأبرامز ... فكرة طموحة و تنفيذ فاشل
- بداية غير مشجعة :
مع بداية الستينات و بالتحديد في عام 1961 بدأ الجيش الأمريكي سعيه لتطوير محرك توربين غازي gas turbine engine و كان ذلك من خلال دعمه لمشروع تطوير محرك توربيني باستطاعة 600 حصان (المحرك Ford 705) و الذي كما هو واضح من أسمه من تطوير شركة فورد الأمريكية Ford Motorإلا أن المشروع فشل لعدم تحقيق أهدافه و تم التخلي عنه .
- فكرة طموحة :
و في عام 1965 عاد الجيش الأمريكي ليبدأ تطوير محرك توربين غازي جديد بقوة 1500 حصان ما جعله أقوى المحركات التوربينية المخصصة للاستخدام على الوسائط المدرعة على الإطلاق و هو نفسه المحرك المستخدم الآن في الدبابة الأمريكية أبرامز M1 Abrams و المسمى AGT-1500أو Army Ground Turbine , و هدف المشروع الأساسي كان هو تطوير محرك توربين بمعدل استهلاك وقود منخفض يماثل أو يقترب من معدلات الاستهلاك في محركات الديزل المسيطرة على حقل محركات الدبابات آنذاك و رأوا إمكانية تحقيق ذلك باستخدام مسترجعات عالية الكفاءة Recuperators و مجموعتين من الضواغط المحورية المتعددة المراحل Axial compressors إلى جانب وسائل أخرى رأوا أنها ستكون فعالة في تخفيف استهلاك الوقود .
- تنفيذ فاشل :
مع اكتمال تصميم المحرك و بداية الاختبارات النظرية عام 1967 اعتقد أن المحرك الجديد تغلب على مشكلة الاستهلاك الزائد للوقود و هي المشكلة التي عانت منها كل التصاميم السابقة حيث كان الحد الأدنى المتوقع لاستهلاك الوقود في المحرك الجديد AGT-1500 نحو 225 غرام لكل كيلو واط ساعي و هو حد قريب من الحد الأدنى للاستهلاك في محركات الديزل لكن مع بداية التجارب العملية على المحرك الجديد في عام 1971 من خلال أول نموذجين من المحرك تبين أن التوقعات النظرية للمحرك AGT-1500 كانت متفائلة أكثر من اللازم حيث كانت نتائج التجارب على النماذج الأولية تقارب حد 275 غرام لكل كيلو واط ساعي ما قلل من توقعات المصممين بأن يحمل المحرك الجديد ما تمنوه من حل لمشكلة الاستهلاك العالي للوقود التي يعاني منها هذا النوع من المحركات و في نهاية فترة التجارب و عند دخول المحرك مرحلة الإنتاج الكمي كان الحد الأدنى لاستهلاك الوقود في المحرك AGT-1500 يبلغ 290 غرام لكل واط ساعي .
و في الواقع لم يكن ما ذكر أعلاه هو آخر الضربات للمشروع الأمريكي الطموح بل تبين أن الفارق في استهلاك الوقود يتسع أكثر بين المحرك الجديد و ما يقابله من محركات الديزل عند حد التحميل الأعلى Full load حيث وصل الاستهلاك إلى حد 468 غرام لكل كيلو واط ساعي بالمقارنة مع حد 290 إلى 360 غرام لكل كيلواط ساعي في محركات الديزل المماثلة في القوة للمحرك AGT-1500 ما جعل الدبابة أبرامز تستهلك ضعف كمية الوقود تقريباً مقارنة بدبابة أخرى تستخدم محرك ديزل .
في الختام :
في الختام و حتى لا نكون كغيرنا لا بد من ذكر بعض إيجابيات محركات التوربين الغازية ... و من أهم إيجابيات هذا النوع من المحركات :
- طرح غازات عديمة اللون
- أقل استهلاكاً لزيت التزليق
- تمتاز بتسارع أكبر من محركات الديزل
- تمتاز ببصمة سمعية (ضجيج) أقل مقارنة بمحركات الديزل
إلا أن ما ذكر من إيجابيات (و هذا رأي شخصي) لا يشفع لمحركات الديزل بمقابل عيوبها و سلبياتها و على رأسها الاستهلاك العالي للوقود و ما يرافق ذلك من أعباء لوجستية Logistic burden فيما يخص إمدادات الوقود في ساحة المعركة و الحاجة لتوقف مرات أكثر للتزود بالوقود ما يؤدي لخسارة وقت إضافي يلعب أحياناً دوراً حاسماً من حيث إمكانية تحقيق أهداف العمل العسكري من عدمها هذا عدا عن البصمة الحرارية العالية التي تعاني منها محركات التوربين ما يجعل فرص رصد الدبابات المستخدمة لهذه المحركات و تدميرها أكبر .