“الريس حميدو” هو فلم أنتجته السينما المصرية سنة 1957 وقام فيه بدور ابن حميدو الممثل المصري “إسماعيل ياسين”، ومن طبيعة السينما المصرية، بل العربية والعالمية، أن تتعمّد تشويه رموز الجهاد الإسلامي وإظهارهم كمجرمي حرب سفاكي دماء، أو سذجاً بلهاء، وهذا ما قام به اسماعيل ياسين، فقد جسّد شخصية الريس حميدو وأظهره كأبله ويدعو للسخرية والاستهزاء، وهذا تشويه لشخصية “الريس حميدو” الحقيقية.
الريس حميدو
هو محمد بن علي الشهير بحميدو، من أعظم قادة البحرية الإسلامية وأول من صفع الولايات المتحدة الأمريكية على وجهها.
ولد بن حميدو سنة 1770 في إحدى قرى دولة الجزائر وكان أبوه رجلا خياطا بسيطا تربى منذ صغره على حب الجهاد وركوب البحر فالتحق بالبحرية العثمانية وعمره ثلاثة عشر عاما وأثبت جدارة عالية جعلته يترقى في المناصب القيادية البحرية، وعندما بلغ عمره خمسة وعشرين عاما ترقى ليصبح أمير البحرية في الجزائر، وعلى الرغم من أن قيادة البحرية كانت تُسند دائما للأتراك إلا أن ابن حميدو بكفاءته وبراعته جعل السلطان العثماني يختاره ليقود البحرية العثمانية من أرض الجزائر، وقد استطاع بن حميدو أن يصل بالأسطول الإسلامي إلى قوة عظيمة لا تقل عن القوة التي وصل إليها إبان قيادة أجداده ”الأخوان بربروسا” وعندما قامت الثورة الفرنسية وتولى نابليون بونابرت قيادة فرنسا قرّرت فرنسا غزو الشرق الإسلامي وكوّنت الحملة الفرنسية التي جاءت لاحتلال مصر 1798 شنّ القبطان الريس حميدو هجوما بحريا على بعض الدول الأوروبية كأسكتلندا والبرتغال واستطاع أن يسيطر على أكبر سفن الأسطول البرتغالي كنوع من أنواع الرد على الاعتداءات الأوروبية على المشرق الإسلامي وقد نجح الريس حميدو في بث الرعب في أوروبا وفرض السيطرة الكاملة على مداخل البحر المتوسط من على سواحل الجزائر.
الريس حميدو والولايات المتحدة الأمريكية
بعد انفصال الولايات المتحدة عن بريطانيا عام 1783 أرادت الولايات المتحدة أن تبدأ بداية قوية وتستعرض قوتها مع أول ظهور لها، وبدأت البحرية الأمريكية تتجوّل في البحر المتوسط متجاهلة سيطرة البحرية العثمانية بقيادة أسد الجزائر حميدو الذي كان مسيطرا على مداخل البحر المتوسط، فشن ابن حميدو هجوما عنيفا على الأسطول الأمريكي واستطاع الأسطول الإسلامي أن يحقق انتصارا عظيما وتم أسر 11 سفينة أمريكية مما أحدث ضجة كبيرة، وعندما لم تستطع الولايات المتحدة الرد تقدّمت باعتذار للدولة العثمانية وطلبت توقيع معاهدة مع البحرية الإسلامية وبالفعل تم توقيع معاهدة بين البحرية العثمانية الإسلامية في الجزائر والبحرية الأمريكية سنة 1795 وكان الاتفاق ينص على أن تدفع الولايات المتحدة اثنين وستين ألف دينار ذهبي للبحرية الإسلامية مقابل السماح لها بالعبور من البحر المتوسط، وبعد تولي جيفرسون رئاسة الولايات المتحدة نقض المعاهدة ورفض دفع الضريبة وأرسل بحريته للمرور من البحر المتوسط متحديا بذلك البحرية الإسلامية وهنا يأمر الريس حميدو بحريته بالهجوم على سفن الولايات المتحدة وبالفعل هجم الأسطول الإسلامي وسحق الإسطول الأمريكي وأسر كل من فيه واستطاع بن حميدو أن يمرّغ أنف الولايات المتحدة في التراب للمرة الثانية على التوالي.
استشهاد الريس حميدو
بعد مسيرة عظيمة من الجهاد والبطولات البحرية التي سطّرها القائد المسلم العظيم محمد علي ”حميدو” استشهد سنة 1815 بعدما التقى مع الأسطول الأمريكي في إحدى المعارك غير المتكافئة حيث كان على سفينة واحدة مقابل تسعة سفن فأصابت إحدى القذائف سفينة الريس حميدو فسقط شهيدا بعد أن سطّر ملحمة من أعظم ملاحم الجهاد.
ولا تزال أرض الجزائر وسواحلها تحفظ لهذا البطل بطولاته حيث أطلق اسمه على أحد الفرقاطات البحرية الجزائرية وأطلق اسمه أيضا على إحدى الضواحي غرب الجزائر كما شيّد له تمثال في ساحة الشهداء وسط العاصمة الجزائرية.
http://www.turkey-post.net/p-141715/