استهداف مقر المخابرات الأردنية وبصمات قاسم سليماني
تواصل الجهات الأمنية الأردنية عمليات التحقيق والبحث عن خلفيات الهجوم الذي نفذه مسلحون، يوم الاثنين، واستهدف مقراً لجهاز المخابرات في مخيم البقعة للاجئين، الواقع على بعد 22 كيلومتراً غرب العاصمة عمّان، حيث أعاد الهجوم إلى الأذهان إلقاء القبض على جاسوس يعمل لمصلحة إيران في العام الماضي، والذي كان مكلفاً بإنشاء خلايا نائمة على هدفها الإخلال بالأمن.
واعتقلت أجهزة الأمن الأردنية شخصاً تشتبه في علاقته بالهجوم على مكتب للمخابرات في مخيم للاجئين الفلسطينيين شمال العاصمة عمان، والذي خلف خمسة قتلى، بينهم ثلاثة من عناصر المخابرات، حسبما أعلنت الحكومة الأردنية.
خلايا إيران النائمة
ورغم تأكيد "محمد المومني" المتحدث باسم الحكومة الأردنية، بأن الهجوم "حادث فردي معزول"، وفي حين لم تعلن أية جهة المسؤولية عن تنفيذ الهجوم، إلا أن عملية "البقعة" تعيد إلى الأذهان العملية الأمنية التي أدت إلى إلقاء القبض على جاسوس يعمل لمصلحة إيران العام الماضي ، كان مكلفاً بإنشاء خلايا نائمة، إلى جانب إحباط السلطات مخطط تفجير بـ45كغ من مادة الـ (RDX)، شديدة الانفجار، في نيسان من العام نفسه، كانت مخبأة في منطقة ثغرة عصفور شمالي المملكة، الأمر الذي يؤكد أن عمان بدأت تواجه عدواً من نوع مختلف بعد اكتشاف أن إيران تقف وراء هذا المخطط، في وقت كان متوقعاً أن يوجه تنظيم "الدولة" عناصره لاستهداف البلاد.
خلية "ثغرة عصفور"
المتهم الأبرز في خلية "ثغرة عصفور" هو العراقي خالد كاظم جاسم الربيعي، النرويجي الجنسية، حيث لم يكن منتمياً لتنظيم "الدولة" أو غيره من التنظيمات المتشددة، بل ثبت حسبما نشرت صحف أردنية في حينه أنه مجند من المخابرات الإيرانية؛ وعمل في محطات التنصت التابعة للحرس الثوري الإيراني بهدف التنصت على الوحدات العسكرية العراقية؛ لكونه يجيد اللغتين العربية والفارسية، بينما ألقت السلطات الأردنية القبض على المتهم في الثالث من أبريل/نيسان 2015، إلا أنه لم يصدر عن الحكومة أي بيان يتبنى اتهامات رسمية للجانب الإيراني، كما أنها أعلنت عن الحادثة بعد ثلاثة أشهر من إحباط العملية، وفق موقع "الخليج أونلاين".
في طهران، تجنبت وزارة الخارجية الإيرانية التحدث كطرف متهم، وأصدرت تصريحاً نقلته وكالة أنباء فارس الرسمية ينفي جملة وتفصيلاً ما ورد في "صحيفة أردنية" بخصوص القضية.
أما نتائج التحقيقات الأردنية مع المتهم، التي نشرتها صحيفة "الرأي" الرسمية وقتذاك، أشارت إلى أنه عمل في قسم مقاومة الطائرات، وقد تلقى العديد من الدورات الأمنية في إيران؛ منها دورة في اللياقة البدنية والرماية وعلى مختلف صنوف الأسلحة، وفتح الأبواب، وعمليات المراقبة وعملية اختيار البيوت الآمنة والكتابة بالحبر السري.
كما ذكرت أنه كُلف بالعمل في قسم العمليات الخارجية في المخابرات الإيرانية بداية التسعينيات، وسبق أن تم تكليفه من قبل المخابرات الإيرانية بتقديم الدعم اللوجستي وتهريب العناصر المقاتلة، التي شاركت في عملية اغتيال رئيس وزراء إيران الأسبق "شاهبور" من فرنسا إلى سويسرا، وشارك المتهم في عملية نقل جهاز قفل مركزي تم استخدامه في عملية اغتيال عن بعد لامرأة في مدينة إسطنبول.
الأردن في عيون قاسم سليماني
قبل الكشف عن عملية "ثغرة عصفور" بشهر، خرج قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ليقول "إن إيران أضافت الأردن لقائمة الدول التي تتحكم فيها، وإن الأردن تتوفر فيه إمكانية اندلاع ثورة إسلامية تستطيع طهران أن تتحكم فيها".
يشير "موقع "خليج أونلاين" في تقرير له، إلى أن الحدود الأردنية السورية شهدت مؤخراً عمليات تهريب مخدرات وسلاح، وتسلل أفراد ومركبات؛ ما أثار الشك لدى الرسميين الأردنيين بوجود جهة تحاول الإخلال بالأمن الداخلي للأردن، في حين أشارت أصابع اتهام مصادر مسؤولة نحو إيران في الوقوف وراء تلك العمليات؛ بسبب الموقف السياسي للأردن من الأوضاع في سوريا، إلى جانب اتخاذ عمان قراراً باستدعاء السفير الأردني في طهران للتشاور على خلفية التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، وهو ما فهم منه أنه موقف حاد من الأردن تجاه سياسات إيران في المنطقة، التي تتماشى مع الموقف الخليجي، ولا سيما المملكة العربية السعودية.
العلاقات "الأردنية الإيرانية" تاريخ من التوتر
العلاقات "الأردنية الإيرانية" تراوحت ما بين القطيعة والدبلوماسية الحذرة منذ عام 1979 تاريخ سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي ووصول الثورة الإسلامية إلى الحكم، وتوترت العلاقات أكثر بعد مساندة الأردن للعراق في حربه مع إيران (1980-1988)، وبعد وفاة "آية الله الخميني" عام 1989 عادت العلاقات الدبلوماسية بين عمان وطهران في 1991، وبادر الأردن بإغلاق مكاتب حركة مجاهدي خلق المعارضة لإيران في عمان.
وعادت العلاقات إلى التعثر على خلفية تأييد عمّان لأبو ظبي في أزمة الجزر الإماراتية الثلاث المتنازع عليها بين الإمارات وإيران، ثم تعقدت أكثر إثر غزو العراق 2003 واندلاع ثورات الربيع العربي 2011 واستغلال إيران لتداعياتها للتمدد في المنطقة.
وفي عام 2004 حذر الملك الأردني من سعي إيران لإقامة "هلال شيعي في المنطقة" يضم إلى جوارها سوريا ولبنان والعراق، متهماً طهران بالعمل لإقامة جمهورية إسلامية في العراق تكون مقربة جداً منها، بينما حذر وزير الخارجية الأردني آنذاك "هاني الملقي" من الخطر الإيراني على "عروبة العراق وعلى باقي منطقة الشرق الأوسط"، مؤكداً امتلاك بلاده لأدلة على سعي طهران لتكوين "هلال شيعي".
وفي كانون الثاني من عام 2007، طالب 28 نائباً في البرلمان الأردني في مذكرة رسمية حكومتهم بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وحل لجنة الصداقة البرلمانية الأردنية الإيرانية، وذلك بسبب موقف طهران "الصفوي الفارسي" من إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
في مطلع هذا العام كشف وزير الأوقاف الأردني أن بلاده رفضت عرضا إيرانياً يقضي بزيارة نصف مليون سائح إيراني إلى الأردن لزيارة الأماكن الدينية المقدسة لدى الشيعة، وعلل الرفض بـ"التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية"، وفي تاريخ 3 كانون الثاني، وصفت الخارجية الأردنية اقتحام سفارة السعودية في طهران بأنه "خرق فاضح للقانون الدولي"، وتستدعي السفير الإيراني في عمان لتسليمه مذكرة احتجاج، لتصل إلى استدعاء الأردن سفيره في طهران للتشاور في "وقفة تقييمية" للمعطيات الدالة على "التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية العربية".
- أورينت نت
- تاريخ النشر:2016-06-08 16:13
تواصل الجهات الأمنية الأردنية عمليات التحقيق والبحث عن خلفيات الهجوم الذي نفذه مسلحون، يوم الاثنين، واستهدف مقراً لجهاز المخابرات في مخيم البقعة للاجئين، الواقع على بعد 22 كيلومتراً غرب العاصمة عمّان، حيث أعاد الهجوم إلى الأذهان إلقاء القبض على جاسوس يعمل لمصلحة إيران في العام الماضي، والذي كان مكلفاً بإنشاء خلايا نائمة على هدفها الإخلال بالأمن.
واعتقلت أجهزة الأمن الأردنية شخصاً تشتبه في علاقته بالهجوم على مكتب للمخابرات في مخيم للاجئين الفلسطينيين شمال العاصمة عمان، والذي خلف خمسة قتلى، بينهم ثلاثة من عناصر المخابرات، حسبما أعلنت الحكومة الأردنية.
خلايا إيران النائمة
ورغم تأكيد "محمد المومني" المتحدث باسم الحكومة الأردنية، بأن الهجوم "حادث فردي معزول"، وفي حين لم تعلن أية جهة المسؤولية عن تنفيذ الهجوم، إلا أن عملية "البقعة" تعيد إلى الأذهان العملية الأمنية التي أدت إلى إلقاء القبض على جاسوس يعمل لمصلحة إيران العام الماضي ، كان مكلفاً بإنشاء خلايا نائمة، إلى جانب إحباط السلطات مخطط تفجير بـ45كغ من مادة الـ (RDX)، شديدة الانفجار، في نيسان من العام نفسه، كانت مخبأة في منطقة ثغرة عصفور شمالي المملكة، الأمر الذي يؤكد أن عمان بدأت تواجه عدواً من نوع مختلف بعد اكتشاف أن إيران تقف وراء هذا المخطط، في وقت كان متوقعاً أن يوجه تنظيم "الدولة" عناصره لاستهداف البلاد.
خلية "ثغرة عصفور"
المتهم الأبرز في خلية "ثغرة عصفور" هو العراقي خالد كاظم جاسم الربيعي، النرويجي الجنسية، حيث لم يكن منتمياً لتنظيم "الدولة" أو غيره من التنظيمات المتشددة، بل ثبت حسبما نشرت صحف أردنية في حينه أنه مجند من المخابرات الإيرانية؛ وعمل في محطات التنصت التابعة للحرس الثوري الإيراني بهدف التنصت على الوحدات العسكرية العراقية؛ لكونه يجيد اللغتين العربية والفارسية، بينما ألقت السلطات الأردنية القبض على المتهم في الثالث من أبريل/نيسان 2015، إلا أنه لم يصدر عن الحكومة أي بيان يتبنى اتهامات رسمية للجانب الإيراني، كما أنها أعلنت عن الحادثة بعد ثلاثة أشهر من إحباط العملية، وفق موقع "الخليج أونلاين".
في طهران، تجنبت وزارة الخارجية الإيرانية التحدث كطرف متهم، وأصدرت تصريحاً نقلته وكالة أنباء فارس الرسمية ينفي جملة وتفصيلاً ما ورد في "صحيفة أردنية" بخصوص القضية.
أما نتائج التحقيقات الأردنية مع المتهم، التي نشرتها صحيفة "الرأي" الرسمية وقتذاك، أشارت إلى أنه عمل في قسم مقاومة الطائرات، وقد تلقى العديد من الدورات الأمنية في إيران؛ منها دورة في اللياقة البدنية والرماية وعلى مختلف صنوف الأسلحة، وفتح الأبواب، وعمليات المراقبة وعملية اختيار البيوت الآمنة والكتابة بالحبر السري.
كما ذكرت أنه كُلف بالعمل في قسم العمليات الخارجية في المخابرات الإيرانية بداية التسعينيات، وسبق أن تم تكليفه من قبل المخابرات الإيرانية بتقديم الدعم اللوجستي وتهريب العناصر المقاتلة، التي شاركت في عملية اغتيال رئيس وزراء إيران الأسبق "شاهبور" من فرنسا إلى سويسرا، وشارك المتهم في عملية نقل جهاز قفل مركزي تم استخدامه في عملية اغتيال عن بعد لامرأة في مدينة إسطنبول.
الأردن في عيون قاسم سليماني
قبل الكشف عن عملية "ثغرة عصفور" بشهر، خرج قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ليقول "إن إيران أضافت الأردن لقائمة الدول التي تتحكم فيها، وإن الأردن تتوفر فيه إمكانية اندلاع ثورة إسلامية تستطيع طهران أن تتحكم فيها".
يشير "موقع "خليج أونلاين" في تقرير له، إلى أن الحدود الأردنية السورية شهدت مؤخراً عمليات تهريب مخدرات وسلاح، وتسلل أفراد ومركبات؛ ما أثار الشك لدى الرسميين الأردنيين بوجود جهة تحاول الإخلال بالأمن الداخلي للأردن، في حين أشارت أصابع اتهام مصادر مسؤولة نحو إيران في الوقوف وراء تلك العمليات؛ بسبب الموقف السياسي للأردن من الأوضاع في سوريا، إلى جانب اتخاذ عمان قراراً باستدعاء السفير الأردني في طهران للتشاور على خلفية التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، وهو ما فهم منه أنه موقف حاد من الأردن تجاه سياسات إيران في المنطقة، التي تتماشى مع الموقف الخليجي، ولا سيما المملكة العربية السعودية.
العلاقات "الأردنية الإيرانية" تاريخ من التوتر
العلاقات "الأردنية الإيرانية" تراوحت ما بين القطيعة والدبلوماسية الحذرة منذ عام 1979 تاريخ سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي ووصول الثورة الإسلامية إلى الحكم، وتوترت العلاقات أكثر بعد مساندة الأردن للعراق في حربه مع إيران (1980-1988)، وبعد وفاة "آية الله الخميني" عام 1989 عادت العلاقات الدبلوماسية بين عمان وطهران في 1991، وبادر الأردن بإغلاق مكاتب حركة مجاهدي خلق المعارضة لإيران في عمان.
وعادت العلاقات إلى التعثر على خلفية تأييد عمّان لأبو ظبي في أزمة الجزر الإماراتية الثلاث المتنازع عليها بين الإمارات وإيران، ثم تعقدت أكثر إثر غزو العراق 2003 واندلاع ثورات الربيع العربي 2011 واستغلال إيران لتداعياتها للتمدد في المنطقة.
وفي عام 2004 حذر الملك الأردني من سعي إيران لإقامة "هلال شيعي في المنطقة" يضم إلى جوارها سوريا ولبنان والعراق، متهماً طهران بالعمل لإقامة جمهورية إسلامية في العراق تكون مقربة جداً منها، بينما حذر وزير الخارجية الأردني آنذاك "هاني الملقي" من الخطر الإيراني على "عروبة العراق وعلى باقي منطقة الشرق الأوسط"، مؤكداً امتلاك بلاده لأدلة على سعي طهران لتكوين "هلال شيعي".
وفي كانون الثاني من عام 2007، طالب 28 نائباً في البرلمان الأردني في مذكرة رسمية حكومتهم بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وحل لجنة الصداقة البرلمانية الأردنية الإيرانية، وذلك بسبب موقف طهران "الصفوي الفارسي" من إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
في مطلع هذا العام كشف وزير الأوقاف الأردني أن بلاده رفضت عرضا إيرانياً يقضي بزيارة نصف مليون سائح إيراني إلى الأردن لزيارة الأماكن الدينية المقدسة لدى الشيعة، وعلل الرفض بـ"التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية"، وفي تاريخ 3 كانون الثاني، وصفت الخارجية الأردنية اقتحام سفارة السعودية في طهران بأنه "خرق فاضح للقانون الدولي"، وتستدعي السفير الإيراني في عمان لتسليمه مذكرة احتجاج، لتصل إلى استدعاء الأردن سفيره في طهران للتشاور في "وقفة تقييمية" للمعطيات الدالة على "التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية العربية".