ماذا يجري في العراق؟!

FrogFoot

عضو
إنضم
2 نوفمبر 2015
المشاركات
922
التفاعل
1,592 3 0
الدولة
Kuwait
يغرق العراق في أزمة سياسية خانقة على هامش حرب مفتوحة ضد «داعش»، وفي ظل أوضاع أمنية واقتصادية واجتماعية صعبة، إضافة الى أزمة الفساد المستشري على المستويات كافة وهي كانت السبب وراء انطلاق تظاهرات واعتصامات في البلاد منذ أكثر من عامين.

آخر تجليات وفصول هذه الأزمة ما حصل أمس الأول في البرلمان الذي شهد حالة هرج ومرج على وقع تظاهرات شارك فيها الآلاف من أنصار مقتدى الصدر، ووسط احتجاجات النواب المعتصمين الذين كانوا قرروا إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري في وقت كان الصدر يضغط لإبعاد رئيس الحكومة حيدر العبادي.

وانتهت هذه الجولة بتثبيت العبادي والجبوري في رئاستي الحكومة والبرلمان مع الموافقة على إقالة وزير الخارجية، واعتماد 5 وزراء جدد، حيث سيجتمع البرلمان، مجددا اليوم للتصويت على بقية التشكيلة الوزارية التي تقدم بها العبادي.
الأزمة المتشعبة في العراق يمكن اختصارها في المخاطر والتحديات التالية:

1 ـ التهديد الأمني الخطير الذي يمثله تنظيم «داعش» الذي سيطر على أجزاء واسعة من العراق عام 2014. القوات العراقية استعادت زمام المبادرة وحققت إنجازات كان أبرزها استعادة «الرمادي» وتتحضر لإطلاق معركة استعادة الموصل، «استراتيجية العراق أولا» لم تعد «منطقية» والحرب ضد «داعش» تدار على قدم المساواة على جبهتين وعلى وجه السرعة في كل من العراق وسورية.

2 ـ الوضع المالي الصعب نتيجة انهيار أسعار النفط ما سبب عجزا حادا في الميزانية، وكلفة تمويل الحرب على الإرهاب وتوطين السكان النازحين. ولكن الأهم من كل ذلك حجم الفساد المستشري في الدولة ومع قطاع عام تضاعف حجمه ويحتاج الى إصلاحات جذرية.

3 ـ الانقسام الداخلي الحاد نتيجة ما أصاب العلاقات السنية ـ الشيعية من توترات وصراعات. والمفارقة أن الحرب على «داعش» رفعت حدة التوتر في الصراع الطائفي مع تأسيس «الحشد الشعبي» تلبية لفتوى المرجعية الدينية الشيعية العليا لمواجهة هجمات «داعش».
خطأ تاريخي، وتناقض جغرافي وأزمات اقتصادية مع عدم وجود مؤسسات، كلها تؤكد أن العراق يجلس على برميل بارود. فكيف هو الأمر الآن مع وجود «داعش» وميليشيات الحشد الشعبي الشيعية؟

4 ـ التباينات داخل المعسكر الشيعي، لاسيما لجهة صعود «ظاهرة ونجومية» مقتدى الصدر الذي قاد الحركة الشعبية في الشارع. والمعروف ان الصراع بين القوى الشيعية لا يقتصر على الزعامة السياسية بل يتجاوزها الى الخلاف الخفي بين مرجعيتي قم والنجف.

لا شك في أن لمقتدى الصدر حسابات خاصة. لم يخف مواقفه المناهضة لنوري المالكي، على رغم ما خلفت له من توتر في العلاقة مع إيران. وهو سعى ويسعى إلى ضرب نفوذه داخل «التحالف الوطني» الشيعي. وطالب ويطالب بمحاكمته بتهم الفساد. ولكن قد تكون ثمة مبالغة في اعتبار طهران متضررة من حراكه وحمله راية المتظاهرين الذين انطلقت غضبتهم الصيف الماضي من محافظات الجنوب.

ولم تخل شعاراتهم من الدعوة إلى رفع يد ايران عن حكومة بغداد.
وقد تكون ثمة مبالغة في وضع حراك الصدر في خانة إضعاف النفوذ الإيراني الذي وفر له الإقامة في قم عندما دعت القوات الأميركية إلى تقديمه إلى القضاء بتهمة التورط في قتل السيد مجيد الخوئي.

وهو لايزال يرفع الصوت ضد كل وجود أميركي في العراق. ولا يضير طهران بأن يحمل راية المتظاهرين الذين لا قيادة جماعية لهم لكنهم استطاعوا أن يشكلوا حالة لم يعد متاحا قمعها كما فعل زعيم «دولة القانون» نوري المالكي مطلع العام 2011 إثر هبوب عواصف «الربيع العربي». بل من مصلحتها أن تظل الراية معقودة لرموز القوى الشيعية، ما دام أن رهانها على المالكي بات مستحيلا تجديده.

وهناك في صفوف القوى العلمانية التي استطاعت أن تجيش الشارع وتؤلبه على السياسيين من يعتقد بأن الصدر كان أفضل من يحمل راية الغاضبين، نظرا إلى تركيبة تياره المعروفة بتعدد مشاربها.

5 ـ التقاسم الأميركي ـ الإيراني لـ «العراق» قرارا ونفوذا وسلطة وثروات: راقبت واشنطن وطهران الحشود التي جمعها الصدر على أسوار المنطقة الخضراء، مهددا ـ ولو بالإشارة ـ إلى عزمه قيادة انقلاب أبيض ضد العملية السياسية التي يرعاها الإيرانيون والأميركيون على حد سواء.

ويواجه مقتدى الصدر، الزعيم الشيعي المثير للجدل، ضغوطا من الإيرانيين والأميركيين الذين اتفقوا على ضرورة ترتيب الأوراق التي خلطها التيار الصدري في محاولته كسر قواعد العملية السياسية في البلاد.

فوجئ الجميع بأن تغيير العبادي لم يحظ برضا إيران ولا الولايات المتحدة. أما الحجة، فإن الوضع الأمني والعسكري في البلاد لا يحتمل. تقاطع إيراني ـ أميركي ظرفي، لكنه يستبطن خلافا جوهريا: واشنطن تريد دفع الأمور نحو تطهير الحكومة من الأحزاب السياسية لمصلحة تكنوقراط قريبين منها.

أما طهران، التي لا شك في أنها تخسر إذا تحقق السيناريو الأميركي، لكون غالبية الأحزاب العراقية قريبة منها، فهي متمسكة بحكومة حزبية.

ولكن يبقى أن ثمة سباقا أميركيا إيرانيا محموما في بغداد انعكس اشتباكا داخليا وأزمة سياسية يظهر أنها عصية على الحل. الثابت الوحيد فيها يبدو حتى اللحظة رئيس الحكومة حيدر العبادي.

خلاف حاصل في ظل مفارقات لافتة لعل الأبرز فيها تقاطع مصالح وضع أعداء الأمس في خندق واحد، وجهود إقليمية تسعى الى لملمة الأوضاع خشية من الأسوأ في بلد دخل مصاف «الدول الفاشلة» بعدما انهارت مؤسساته كافة وبلغ حافة الإفلاس.

6 ـ السفير الأميركي السابق في العراق وأفغانستان زلماي خليل زاد اقترح ـ في مقابلة له بصحيفة «الحياة» اللندنية مطلع ابريل الجاري ـ خريطة طريق لـ «إخراج العراق من وضعه الحالي المأزوم والانطلاق نحو مستقبل أفضل»، من أبرز بنود هذه الخطة:

المساعدة على تقويم الخلل في الميزان العسكري وترجيح كفة القوات الأمنية العراقية الوطنية. وعلى واشنطن توسيع جهود تدريب الجيش الوطني واكتسابه الكفاءة. ويقتضي هذا مرابطة يعتد بها في إطار علاقة صداقة طويلة الأمد.

البحث في خطط تحرير الموصل وتقويمها. الرئيس أوباما يرغب في أن تتحرر المدينة قبل أن يغادر البيت الأبيض. وربما يخشى أن يسلم خلفه شرق أوسط في حال أسوأ مما كانت عليه الحال يوم بلغ السلطة. لكن إحراز نصر عسكري في الموصل وغيرها من المدن السنية العربية، يقتضي خطة محكمة لإدارة الإعمار في مرحلة ما بعد التحرير، وتذليل المشكلات الحكومية.

المساعدة على «العودة عن عسكرة» المجتمع بعد هزيمة «داعش»: على أميركا مساعدة العراقيين على صوغ وإعداد برامج ترمي الى نزع سلاح الميليشيات، والعودة عن النفير العام والدمج (دمج القوات المسرحة في المجتمع).

المساهمة في تيسير إبرام ميثاق سياسي جديد: بعض زعماء الشيعة منفتح على تطبيع العلاقات مع السنة العرب، والحوار مع الأكراد حول مستقبل البلاد. وفي وسع أميركا أداء دور أكبر في تحفيز إبرام اتفاقات تجيز للمحافظات ذات الغالبية السنية العمل بحقوقها الدستورية، أي إرساء مناطق فيدرالية.

 
عودة
أعلى