السلام عليك أيها الإخوة الأعضاء, لقد إخترت أن تكون أولى مشاركاتي في منتداكم الشيق بتحليل عسكري و استراتيجي لحرب تموز 2006 كنت قد كتبته منذ شهور و التي أذاق فيها رجال حزب الله العدو الصهيوني مرارة الهزيمة و حطموا أسطورة الجيش الذي لا يقهر و جعلوا المعاهد و الأكاديميات العسكرية تعيد النظر في نظرياتها و دراساتها, أتمنى أن يروقكم تحليلي و لا تترددوا في مناقشة ما جاء فيه من أفكار و تصويب ما قد يشوبه من أخطاء....
أخوكم حطين
العقيدة القتالية لحزب الله في حرب تموز 2006
بنيت العقيدة العسكرية للحزب منذ تشكيله على أسلوب حرب العصابات التي هي أساس العمل المقاوم, تربص بالعدو, إجعل الأفضلية لك من حيث إختيار المكان و الزمان المناسبين لك للهجوم, إضرب بقوة و إنسحب بسرعة مع تأمين خطوط إنسحابك.
هذا الأسلوب يضمن للحزب حرية المبدأة و سرعة التنفيذ مع تجاوز مختلف العراقيل التي تواجه العمل العسكري التقليدي من قبيل التراتبية العسكرية, تأمين خطوط الإتصال, تأمين المعدات و التعيينات للجنود من أسلحة و مياه و ذخائر زد على ذلك أن حرب العصابات لاتستلزم قوات كبيرة للقيام بالمهمات مما يجعل من الصعب إمكانية ضبط تحركاتها إستخباريا و بالتالي إحباط العمليات قبل وقوعها.
الدبابات و الإختراق المدرع:
هذا الأسلوب طور الحزب من فاعليته وقدرة تأثيره عبر خلق وسائل إحباط مباشرة لمكامن قوة العدو الصهيوني, فقام بتسليح و تدريب قواته على أحدث و أنجع الأسلحة المضادة لدبابات و كون فرقا مهمتها الأساسية هي قنص الدبابات و حطم بذلك ركيزة أساسية من عقيدة القتال الصهيونية و التي تركز على الإختراق بالمدرعات و التطويق الجانبي للخصم لقطع خطوط إمداده و أفضل مثال على ذلك ما حصل في معركة وادي السلوقي التي أبيدت فيها الكتيبة 162 بكامل مدرعاتها حتى سمتها جريدة معاريف بمجزرة الدبابات حيث وصلت الخسائر في هذا الوادي لوحده 12 جندياً، بينهم عدد من كبار الضباط، و16 دبابة، ولهذا لم تستطع قوات العدو السيطرة على أي من المحاور الرئيسية للمدن و القرى في الجنوب ولقد تحدثت التقارير العسكرية لمراكز الأبحاث الدولية عن أن الحزب قد دمر لإسرائيل لواءا مدرعا كاملا خلال 33 يوما من القتال المتواصل. هذه القدرة على تحييد عنصر مهم و أساسي من وسائل القتال بشكل مباشر و فعال قد أربكت العدو الصهيوني بشدة و برهنت من ناحية أخرى على أن الحزب قد درس عدوه جيدا وحلل أساليب القتال لديه و ركائز عقيدته القتالية ليختاربعناية الطريقةالأمثل لتفتيتها و إضعافها.
البارجة حانيت :
حاولت البحرية الإسرائيلية خلال حرب تموز أن تفرض سيطرتها على الشواطئ اللبنانية من بيروت و حتى رأس الناقورة جنوبا سواء عبر قصف الموانئ مباشرة أو رصد الطرقات الساحلية عبر قصف سيارات و حافلات المواطنين النازحين من الجنوب, ومن المعروف أن الإستراتيجية القتالية للبحرية الإسرائيلية ترتكز على البوارج و زوارق الصواريخ التي تمتاز بسرعتها و فاعلية و كثافة نيرانها زائد تجهيزاتها الإلكترونية و راداراتها التي تسمح لها برصد تحركات الخصم عن بعيد و تلتزم إسرائيل في إختيارها لهذا الأسلوب في التسليح و القتال البحري بركائز أساسية باقية و لاتتغير, فهناك الجغرافيا التي تجعل إسرائيل على واجهة بحرية مغلقة و ضيقة نسبيا و هي البحر الأبيض المتوسط مع قرب إسراتيجي حيوي هو قناة السويس مما يجعلها بحاجة أساسية لسفن و زوارق سريعة ذات قوة نيران كبيرة تستطيع التحرك و التمركز بسرعة إلى مناطق الصراع لتنفيذ عمليات الإختراق و الحصار سواء لمراكب العدو أو موانئه لكن العامل الإنساني يبقى حاضرا و بقوة حيث كان جنود و بحارة البارجة حانيت من العجرفة و الغرور بحيث أنهم لم يقوموا بتشغيل أنظمة الرصد للأسلحة المضادة للسفن كصواريخ سطح/سطح, ليباغتهم جنود الحزب بإطلاق صاروخ من هذا النوع ضد البارجة حانيت. كان ذلك من قبيل الصدمة لقيادة العدو العسكرية أن تقوم منظمة تصنف تت خانة المنظمات الإرهابية بإطلاق لصاروخ ارض - بحر "سي-802" الصيني الصنع على هدف بحري مباشر, من كان يظن أن رجال حزب الله الذين يمارسون حرب العصابات لديهم القدرة و التدريب اللازم لإستعمال سلاح معقد كهذا و بكفاءة و دقة كبيرة بحيث أصاب البارجة بشكل مباشر ليشعل فيها النيران و من جهة أخرى إستغل الحزب العملية لتحقيق ضربة إعلامية حيث تزامنت إصابة البارجة مع خطاب الأمين العام السيد حسن نصر الله الذي أعلن أن هذه البارجة التي تقصف بيروت سوف تقصف و دعا اللبنانيين للخروج لمشاهدتها و هي تحترق مما أظهر قدرة عالية جدا على التنسيق بين أجهزة الحزب الإعلامية و العسكرية و القيادة السياسية في إحترافية عالية لم تتأتى حتى لأقوى الجيوش العربية بمؤسساتها و ميزانياتها.
يتبع ...