"رعد الشمال".. مناورات عسكرية برسائل سياسية لجهات إقليمية
السعودية تعمل على صد التدخل الإيراني في المنطقة
بعد الطوق الدبلوماسي الذي فرضته السعودية على إيران بمشاركة دول عربية وإسلامية، لم تكن الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية في طهران ومشهد إلا الدافع المباشر لها، بدأت المملكة جملة إجراءات تحمل أبعاداً أكثر عملية، ربما كانت المناوات العسكرية المشتركة مع مصر ودول أخرى، أحد أبرز وجوهها الخشنة.
وكشفت وزارة الدفاع المصرية، مساء الأربعاء، عن تدريب عسكري مرتقب على الأراضي السعودية تشارك به مع المملكة، وعدد من الدول العربية والإسلامية التي لم تحدد بعد.
وبينما خلا بيان المتحدث باسم الجيش المصري، محمد سمير، من توضيح طبيعة ونوعية التدريبات العسكرية المشتركة المرتقبة، بجانب عدم تسمية بقية الدول العربية والإسلامية المشاركة به، زخر البيان بالحديث عن "عمق الروابط والعلاقات الاستراتيجية العربية، خاصة في مجالات التعاون العسكري"، وحمل حديثاً عن "المصالح القومية والعربية المشتركة"، وشدد على أن تلك المناورات "تعد نموذجاً للتضامن والعمل العربي المشترك لدرء المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة".
واستكمالاً لذلك، استبعد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، اليوم الخميس أيضاً، حدوث أي تقدم في العلاقات المصرية الإيرانية إلا إذا تحقق تغير في الأسباب التي دعت لقطع تلك العلاقات الدبلوماسية، وحدث تطور نوعي في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقال "أبو زيد" في مؤتمر صحفي، إن العلاقات المصرية - الإيرانية، لها ضوابطها وإطارها، ومصر لا يوجد لها علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء مع إيران منذ أكثر من ربع قرن لاعتبارات معروفة تاريخياً.
وإذن، تجري المناورات العسكرية التي حملت اسم "رعد الشمال" بين أكبر قوتين عربيتين، بمشاركة دول أخرى، في وقت فتح فيه الغرب صفحة جديدة مع أبرز أركان "محور الشر"، فيما تتمدد الأذرع الطائفية لهذا المحور في سوريا ولبنان والعراق واليمن والصومال وتتدخل في شؤون دول الخليج عبر خلاياها الموالية للولي الفقيه.
- إيران بعد العقوبات
وتأتي الإجراءات السعودية، في ظل تصالح الغرب مع إيران وإعلان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الأحد، أنّ الاتفاق النووي الموقع مع طهران دخل حيز التنفيذ، وأن العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي قد رُفعت.
إيران بعد الاتفاق النووي غير إيران قبله، وهو ما تدرك المملكة السعودية التي رأى وزير خارجيتها عادل الجبير أن رفع العقوبات عن طهران "سيكون له تأثير سلبي إذا استخدمت الأموال في أنشطة شائنة"، وما أكدته صحيفة ناشينال إنتيريست الأمريكية، أن إيران ستستخدم الأموال التي رفع عنها التجميد في دعم أنشطتها التخريبية، ودعم الإرهاب داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط، ورفع ميزانية المليشيات التي تدعمها من 10 مليارات سنوياً إلى أكثر من ذلك بكثير، فيما ستحتفظ بنحو 40 مليار دولار من أن دعم اقتصادها المحلي.
الصحيفة اعتبرت أيضاً أن "أمريكا أرادت إيصال رسالة للعرب مفادها أنه لا يمكنهم الاعتماد على المظلة الأمنية للولايات المتحدة بعد الآن"، وهو ما بات العرب يدركونه جيداً، حيث باتوا على قناعة أنّ تحركاتهم السياسية في الوقت الحالي بعد الاتفاق الدولي مع إيران لن يثمر ولن يؤدي إلى نتيجة فعّالة إلا عبر اتخاذ قرار صعب بعيداً عن المعاهدات والحسابات الدولية التي ينظر إليها المجتمع الدولي.
وهذا تحديداً ما يجعل من الحراك السعودي المتواصل، والساعي لكبح أي تصعيد إيراني محتمل بعد رفع العقوبات والتصالح مع الغرب، أمراً مفهوماً.
- التحالف الإسلامي
ولوّحت المملكة، الثلاثاء، على لسان وزير خارجيتها، بإمكان سعيها للحصول على قنبلة نووية "إذا نجحت إيران في الحصول عليها"، تزامن ذلك مع توقيع مذكرة تعاون سعودية صينية من أجل إقامة المفاعل النووي ذي الحرارة العالية والمبرد بالغاز في المملكة، ضمن سلسلة تحركات سعودية في اتجاه النووي لا سيما مع باكستان النووية، التي زار رئيس حكومتها الرياض الاثنين، وما يحمل كل ذلك من رسائل بدوره.
وفي منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أي قبل أكثر بقليل من شهر، أعلنت السعودية عن تشكيلها مظلة "التحالف الإسلامي" التي تشارك فيها أكثر من 34 دولة، مشيرة بوضوح إلى أن إيران ليست عضواً في التحالف، وأكدت أنه سيواجه الإرهاب "أياً كان شكله أو مذهبه".