هناك خلاف داخل تركيا بين اردوغان واوغلو
وهو سبب ارتباك التصريحات التركيه بخصوص الازمه السعوديه الايرانيه
اردوغان اقرب للسعوديه واوغلو لا
أردوغان يُرسخ «النظام الرئاسي» قبل تشريعه وينحاز للسعودية مخالفاً حكومته
إسماعيل جمال
يناير 9, 2016
إسطنبول ـ «القدس العربي»: يعمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بجد على ترسيخ النظام الرئاسي كأمر واقع في البلاد على الرغم من عدم تشريعه في القانون التركي ووجود معارضة كبيرة من قبل أكبر أحزاب المعارضة المختلفة، وظهر ذلك جلياً في الأيام الأخيرة من خلال مخالفة الرئيس لموقف حكومته تجاه الأزمة الإيرانية السعودية وانحيازه بشكل واضح للمملكة على حساب طهران التي هاجمها بقوة.
وفي عام 2005 طرح أردوغان دعوته إلى انتقال بلاده من النظام البرلماني إلى الرئاسي وإصدار دستور جديد يضمن تحقيق ذلك، وبموجب الدستور التركي المعمول به حالياً ـ دستور أقر بعد انقلاب كنعان إيفرين عام 1980 وما زال ساريا حتى اليوم ـ يعتبر منصب رئيس الجمهورية شرفيا إلى حد كبير ولا يملك صلاحيات تنفيذية مباشرة.
ولكن منذ وصول أردوغان إلى الرئاسة في آب/أغسطس 2014 عن طريق الانتخاب المباشر من الشعب ـ أول رئيس ينتخب مباشرة من الشعب بعد أن كان ينتخب من قبل البرلمان ـ بدأ في استخدام صلاحيات تنفيذية أوسع بكثير من الرؤساء السابقين الذين اقتصرت مهامهم على المشاركات الشرفية وبرتوكولات الدولة، في خطوة اعتبرها البعض محاولة لترسيخ النظام الرئاسي من قبل أردوغان قبل تشريعه رسمياً في الدستور.
وعلى غير العادة، أظهر أردوغان في الأسابيع الأخيرة مواقف سياسية جوهرية تتعارض مع مواقف أخرى أعلنتها الحكومة برئاسة أحمد داود أوغلو، في خطوة رأى فيها المراقبون ترسيخاً من قبل أردوغان لـ»النظام الرئاسي» بحيث تكون قراراته ومواقفه هي الحاسمة ولها السلطة العليا في البلاد.
وقبل أيام، شن أردوغان هجوما غير مسبوق على إيران معتبراً أن إعدام الشيخ نمر النمر شأن سعودي داخلي وأن إيران التي تشارك بقتل 400 ألف مدني سوري لا يحق لها الاعتراض على إعدام شخص واحد، وذلك في تصريحات تتناقض بشكل كبير مع الإدانة التي وجهتها الحكومة التركية للخطوة السعودية وعرضها التوسط بين الرياض وطهران.
وقال أردوغان منحازاً للسعودية: «إيران التي تقوم بإحراق السفارات وتعترض على إعدام أشخاص لا يمكن لها أن تنأى بنفسها عما يحصل في سوريا، حيث شاركت في مقتل 400 ألف مواطن في سوريا، وقدمت دعما لا نهائيا للنظام السوري في قتلها للمدنيين، وساهمت في إذلال المسلمين في كل مكان لا يمكن لها أن تنأى بنفسها، وتتنصل من مسؤولياتها».
وفي أول خطوة عملية بعد موقف أردوغان، استدعت وزارة الخارجية التركية، مساء الخميس، السفير الإيراني للاحتجاج على الهجمات التي وردت في الصحافة الإيرانية على أردوغان لرفضه التنديد بإعدام الرياض رجل الدين الشيعي المعارض نمر باقر النمر، وطالبت بالوقف الفوري للمقالات التي تهاجم الرئيس.
وفي موقف مشابه، دافع أردوغان عن السعودية بقوة، بعد تصريحات لرئيس الشؤون الدينية التركي ووزراء بالحكومة حملت المملكة مسؤولية التدافع الذي حصل في موسم الحج الأخير والذي أدى إلى مقتل وجرح آلاف الحجاج، وطالبوا بتشكيل هيئة إسلامية لإدارة الحج وهو ما رفضه أردوغان بشدة.
ويرى مراقبون أن أردوغان متحمس جداً للتحالف مع السعودية في كافة المجالات على حساب العلاقات مع إيران لا سيما بعد انحياز طهران لموسكو في أزمة إسقاط الطائرة الروسية على الحدود التركية مع روسيا، في حين تحاول الحكومة برئاسة داود أوغلو خلق حالة من التوازن في العلاقات بين القوتين الإقليميتين في المنطقة.
وبينما تتهم المعارضة أردوغان بتجاوز الدستور والتدخل في صلاحيات الحكومة، اعتبر أردوغان في خطابات سابقة أنه يستخدم صلاحيات يتيحها له الدستور ولكن لم يستخدمها الرؤساء السابقين، معتبراً أنه منتخب مباشرة من الشعب وهذا الأمر يؤهله لاستخدام صلاحيات أوسع، وبحسب خبراء فإن الدستور يتيح للرئيس التدخل في صلاحيات الحكومة والبرلمان في بعض الحالات.
ويعارض حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية وحزب الحركة القومية ثاني أكبر أحزاب المعارضة، وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، بشدة مساعي التحول لـ»النظام الرئاسي» معتبرين أنه يهدف لتعزيز سلطة أردوغان وتفرده بالحكم.
ويحتاج حزب العدالة والتنمية إلى ثلثي أصوات أعضاء البرلمان من أجل تمرير دستور جديد للبلاد وهو خيار صعب بدون دعم أحزاب المعارضة، بينما يحتاج الحزب الذي يمتلك 316 مقعداً في البرلمان الجديد إلى قرابة 14 صوتاً إضافياً لإتمام 330 صوتاً من أجل تمرير مسودة الدستور للاستفتاء الشعبي العام.
وبحسب استطلاع رأي أجري مؤخراً في البلاد، فإن 55٪ من الأتراك يؤيدون التحول نحو النظام الرئاسي، فيما يرفض 41٪ من المستطلعة آراؤهم ذلك، في حين أعرب 4٪ عن ترددهم، كما أظهر الاستطلاع الذي نشرته صحيفة «صباح» أن 59.6٪ يؤيدون صياغة دستور جديد للبلاد، فيما يرفض 29.9٪ من المستطلعة آراؤهم تغيير الدستور الحالي، بينما أعرب 10.5٪ عن عدم اكتراثهم بتغيير الدستور. داود أوغلو ومنذ عدة أيام بدأ سلسلة لقاءات مع قادة الأحزاب التركية الممثلة في البرلمان ومشاورات داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم من أجل البدء بمناقشات كتابة دستور جديد للبلاد، مؤكداً أن البرلمان سيكون هو المسؤول عن مناقشة تغيير الدستور والنظام الداخلي للبرلمان خلال الفترة المقبلة.
وشدد على أن تغيير دستور البلاد يأتي في مقدمة الوعود الإصلاحية التي قطعها حزب العدالة والتنمية في فترة الحملات الدعائية، لافتا إلى أن الدستور الحالي للبلاد لم يقابل تطلعات الشعب التركي منذ إقراره قبل 33 عاما، وكانت هناك مطالب متواصلة لتغييره.
الناطق باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشليك، أكد أن مباحثات الدستور التي أجراها مع زعيم الحركة القومية دولت باهشيلي، تمخضت عنها خطوات إيجابية، موضحاً أن الزعيمين اتفقا على استئناف عمل «لجنة التوافق حول الدستور» البرلمانية، فيما يخص التوافق على صياغة بقية مواد الدستور الجديد المرتقب، وانه سيتم تحديد سقف زمني لخطوات تغيير الدستور.
وعقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي فاز بها حزب العدالة والتنمية ـ الذي أسسه أردوغان قبيل استقالته منه لتولي منصب الرئيس ـ دعا أردوغان إلى تكوين لجان خاصة لجس رأي الشعب في النظام الرئاسي وأخذ آراء ومقترحات الناس عبر مؤتمرات شعبية والاتصال المباشر بشرائح متعددة من الشعب عبر الهاتف، والعمل على تشكيل توافق مجتمعي للوصول إلى دستور جديد.
وجدد نائب رئيس الوزراء التركي يالجين أكدوغان، التأكيد على أن «الدستور الانقلابي لا يليق بتركيا» مشيرا إلى أن «حزب العدالة والتنمية أجرى بعض التعديلات على الدستور خلال فترات حكمه، لكن يجب تغيير الدستور بشكل كامل».
http://www.alquds.uk/?p=509477