كشفت صحيفة إندبندنت البريطانية في مقال نشرته اليوم الأربعاء، عن الأسباب التي دفعت تركيا إلى إسقاط الطائرة الحربية الروسية، مشيرة إلى أن تركيا قضت سنوات في السماح للجماعات الإرهابية بالازدهار، مؤكدة أن تركيا ليس لديها مصلحة في التسوية السلمية للصراع في سوريا التي تتفاوض بشأنها القوى العالمية في الوقت الراهن. وأضافت الصحيفة أنه كلما بات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يائساً ازدادت محاولاته لاستعادة التركيز مرة أخرى على بشار الأسد.
سياسات مضللةتقول الصحيفة "تقترب تركيا من حالة يائسة، ففي ظل حكم الرئيس أردوغان وحزبه العدالة والتنمية كانت سياساتها تجاه الصراع في سوريا على مدى السنوات الأربع الماضية مضللة وباهظة التكلفة. وعندما اندلع الصراع في سوريا عام 2011 استخفت تركيا، عن طريق الخطأ، بقوة نظام بشار الأسد،
وقام أردوغان بدعم الجماعات الإسلامية المتشددة في محاولة لإسقاط الأسد. وخلال هذا النهج، تجاهلت تركيا الأكراد والقوى الإقليمية الأخرى مثل إيران".
وعلى الرغم من مرور أربع سنوات من الصراع، فإن بشار الأسد، برأي الصحيفة، لايزال يتشبث بالسلطة وسيكون نظامه جزءً أساسياً من الخطة الانتقالية التي كانت تتفاوض بشأنها القوى الأجنبية الأسبوع الماضي.
منافس تركياووصفت الصحيفة إيران بأنها "منافس تركيا الإقليمي" وهي لاعب رئيسي لم يعد ممكناً أن تتجاهله دول الغرب، فضلاً عن أن الأمر لم يعد قاصراً على أن التحالف الموالي لبشار الأسد تدعمه روسيا بقوة، ولكن المجتمع الدولي في الوقت الراهن لا يركز على هزيمة نظام الأسد، وبدلاً من ذلك يسعى بقوة لدحر الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش الإرهابي.
وتلفت الصحيفة إلى أن مثل هذا التحول في تركيز المجتمع الدولي يشكل عائقاً شديداً بالنسبة إلى
أردوغان الذي استغرق سنوات في دعم الجماعات الإسلامية الأصولية مثل "جبهة النصرة" (الفرع التابع لتنظيم القاعدة في سوريا) و"أحرار الشام". كما لعبت تركيا دوراً محورياً في السماح لتنظيم داعش والجماعات المتشددة الأخرى بالإزدهار في سوريا والمنطقة. ورحبت تركيا باستخدام حدودها كمعبر لعبور المجاهدين إلى سوريا إضافة إلى تهريب الأسلحة والأموال.
الأكرادوتوضح إندبندنت أن الأكراد في سوريا استطاعوا إثبات أنهم حليف للغرب يمكن الوثوق فيه، ونجحوا في الوقت نفسه في إقامة منطقة للحكم الذاتي الكردي، الأمر التي بث الروح في النزعة القومية الكردية في تركيا والمنطقة. وقد دفع هذا الأمر
تركيا إلى شن حملة عسكرية وحشية لقمع الأكراد.
وتؤكد الصحيفة على أن تركيا ليس لديها مصلحة في التسوية السلمية للصراع في سوريا التي تتفاوض بشأنها القوى العالمية. وكلما باتت تركيا يائسة سوف تزداد محاولاتها في إعادة التركيز على نظام بشار الأسد مرة أخرى، في محاولة لتغيير خسائرها الجيوسياسية في سوريا.
عوامل سياسيةومن ثم فإن قرار إسقاط الطائرة الحربية الروسية، بحسب الصحيفة، على الأرجح أن يكون وراءه عوامل سياسية أخرى؛ لاسيما
أن الطائرة – بقدر المعلومات المتوافرة حتى الأن – لم تشكل أي تهديد فوري على الأمن القومي التركي.
وتنوه إندبندنت أن الازدهار التي يشهده أردوغان على المستوى المحلي ارتكز على مناخ يسوده الخوف وعدم اليقين، وقد استخدم أردوغان هذا الأمر ببراعة للفوز في الانتخابات المبكرة التي جرت مؤخراً لاستعادة حزبه الأغلبية البرلمانية في أعقاب شهور قضتها تركيا في الانفجارات والعنف وانقسام الخطاب.
ذريعةوتضيف الصحيفة: "إسقاط أنقرة للطائرة الروسية ربما يمنحها ذريعة مفيدة لتكثيف حملتها العسكرية ضد الأكراد، وخاصة في محافظة ماردين التي يسيطر عليها الأكراد التي شهدت اعتداءات على النواب خلال الأخيرة".
وبحسب الصحيفة، فإن مثل هذه التكتيكات التي تنتهجها تركيا سيكون لها تكلفة على المدى الطويل وسوف تقوض فرص السلام في سوريا وكذلك جهود الغرب للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي.
وتقول إندبندنت "
قام الغرب باسترضاء أردوغان ودعمه في تركيا خلال الفترة التي سبقت الانتخابات المبكرة، من أجل التوصل إلى اتفاق مع أنقرة لحل أزمة اللاجئين، و
يمكن القول الأن أن مثل هذا الأمر كان مؤسفاً، لاسيما أن أردوغان لا يقود فقط صفقة صعبة ولكنه على الأرجح يتجاوز إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير".
وتختتم الصحيفة بالإشارة إلى أن أردوغان لم يهتم كثيراً بالاتحاد الأوروبي وسعى إلى المشاركة مع الغرب نتيجة الضغوط الداخلية، ولكن تركيا ليست حليفاً يمكن تجاهله، ولا يجب أبداً التعامل معها من هذا المنطلق، ومن ثم يتعين على الغرب البدء في ممارسة الضغط بجدية لوقف سياسات أردوغان المدمرة، لاسيما أنه لن يتوافر لديه الحافز لمثل هذا التصرف من تلقاء نفسه.
http://24.ae/article/202577/36/صحيفة-بريطانية-تكشف-أسباب-إسقاط-تركيا-للطائرة-الروسية.aspx?utm_content=bufferb075a&utm_medium=social&utm_source=facebook.com&utm_campaign=buffer