يبدو أن بعض الآراء ما زالت حبيسة تصوّرات قديمة وغير واقعية، وتتبنى أفكاراً تختزل السياسة السعودية في معادلات الخضوع و الاشتراطات الخارجية وهي قراءة بعيدة تماماً عن حقيقة منهج المملكة الثابت تاريخياً والقائم على الاستقلالية والسيادة الكاملة.
المملكة لم تكن يوماً دولة تُقاد بالضغوط، ولا هي من النوع الذي يساوم على مصالحه أو مبادئه مقابل مكاسب صغيرة.
الرياض دولة محورية تفاوض من موقع قوة، وتُبنى شراكاتها وفق أولوياتها واستراتيجياتها الوطنية.
ومن يراقب السياسة السعودية يعرف جيداً أن مواقفها من القضية الفلسطينية ثابتة وغير قابلة للمساومة، فالمملكة لم تغيّر من جوهر موقفها قيد أنملة، واشترطت حلّ الدولتين كأساس لأي مسار تطبيع، وقادت حملة دولية واسعة للاعتراف بدولة فلسطين، وانتزعت دعماً دولياً متزايداً رغماً عن اعتراضات إسرائيل وضغوطها.
هذا السلوك ليس سلوك دولة " تُقاد" بل دولة تصنع المواقف وترسم المسارات.
ثم تأتي صفقة F-35 لتؤكد ذات الحقيقة
الولايات المتحدة مضت في التفاهمات الدفاعية مع المملكة دون تطبيع ودون أي اشتراط سياسي، لأن واشنطن تدرك أن توازن المنطقة واستقرار الطاقة وهيكلة التحالفات يمر عبر الرياض، لا العكس.
والأهم من ذلك أن المملكة تحصل على أقوى مقاتلة جيل خامس وفق شروطها وضمن رؤيتها الأمنية، وليس وفق رؤية أو ضغوط أي طرف آخر.
المملكة دولة تصنع التوازنات ولا تخضع لها، وتفرض شروطها ولا تُفرض عليها.
السعودية دولة واثقة سيادية القرار ثابتة المبادئ، تمضي في شراكاتها من موقع القوة، وتحدد مصالحها بنفسها وما تريده يتحقق، وما لا تريده لا يُفرض عليها.