هآرتس: تفوق إسرائيل الجوي لم يتأثر… وصفقة الرياض مؤجلة
تل أبيب- معا- تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن تل أبيب لا تُبدي قلقاً كبيراً من احتمال حصول السعودية على مقاتلات "إف-35"، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عشية زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، عزمه تزويد الرياض بالطائرة المتقدّمة.
وتستند القراءة الإسرائيلية إلى أن استلام المملكة للطائرات سيستغرق سنوات، ستكون إسرائيل خلالها قد حصلت على نسخ أكثر تطوراً، إضافة إلى إمكانية حصولها على "تعويض نوعي" مقابل تمرير الصفقة، كما هو معمول به تاريخياً في العلاقة الأمنية مع الولايات المتحدة.
وكتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، أن "التحذيرات بشأن فقدان التفوّق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط تبدو مبكرة بعض الشيء".
وذكر بأن إسرائيل أثبتت تفوقاً جوياً ساحقاً قبل خمسة أشهر فقط، عندما نفذت طائراتها سلسلة غارات متواصلة لمدة 12 يوماً في عمق الأراضي الإيرانية، في واحدة من أكثر العمليات تعقيداً منذ سنوات.
ورأى هارئيل أن نجاح العملية ارتبط بمقاتلات "إف-35" التي تمتلكها إسرائيل، لكنه "لا يُفسر بها فقط"، إذ تتفوق إسرائيل أيضاً في "قدرات التخطيط والتنفيذ لدى سلاح الجو"، وهي قدرات "لا يوجد لها حالياً مثيل في المنطقة".
وأضاف أن السعوديين "بالتأكيد ليسوا مجرد راكبي جمال" كما وصفهم بسخرية الوزير بتسلئيل سموتريتش، إلا أن سد الفجوة المهنية سيستغرق وقتاً طويلاً، سواء للسعوديين أو حتى للأتراك.
وفي سياق مقارن، ذكر بأن صفقة مماثلة بين الولايات المتحدة والإمارات في إطار اتفاقيات أبراهام عام 2020 لم تُنفذ، بسبب تخوف المؤسسة الأمنية الأميركية من احتمال تسرب معلومات حسّاسة إلى الصين. لذلك، يستبعد هارئيل احتمال تراجع ترامب عن الصفقة الجديدة، في ظل المكاسب الاقتصادية والسياسية المتوقعة إذا اكتملت الاتفاقيات الدفاعية والاقتصادية مع الرياض.
ورأى هارئيل أن ما تحتاج إليه إسرائيل الآن هو "تعويض"، كما جرى في صفقات سابقة وفق مبدأ التفوق العسكري النوعي المنصوص عليه قانوناً في الولايات المتحدة. ويشمل هذا التعويض عادة حصول إسرائيل على ذخائر دقيقة وأنظمة متقدمة وفرص أوسع للوصول إلى المعلومات الاستخباراتية، مقابل السماح ببيع أسلحة أميركية إلى دول غير معادية مباشرة.
وختم هارئيل مقاله بسؤال سياسي: "ما مدى قدرة نتنياهو التفاوضية أمام ترامب؟"، معتبراً أن العلاقة بين الرجلين تمنح رئيس الوزراء معاملة تفضيلية، إلا أن "من الواضح تماماً من صاحب الكلمة الأخيرة".
من جهته، أشار موفد موقع "والاه" إلى البيت الأبيض عيدان كولير، إلى أن الجانب الأمني كان المحور الأبرز خلال لقاء ترامب وبن سلمان. فقد وقع الطرفان اتفاقية الدفاع الاستراتيجي، التي لا تُعد تحالفاً دفاعياً كاملاً، لكنها تهدف بوضوح إلى تعزيز الردع وتوسيع التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والسعودية.
كما صادق ترامب على صفقة أسلحة كبيرة تتضمن شحنات مستقبلية من طائرات "إف-35"، إضافة إلى نحو 300 دبابة أميركية.
واعتبر البيت الأبيض أن الخطوة تمثل دعماً مباشراً للصناعة العسكرية الأميركية ولآلاف الوظائف.
وأكد كولير أن الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل منصوص عليه قانونياً في الولايات المتحدة، وأنه سيكون "من الصعب، وربما المستحيل"، على ترامب تغيير هذا المبدأ. لذلك، يتوقع مسؤولون أميركيون أن تلجأ واشنطن إلى خيار "نسخة أقل تطوراً" للسعودية، سواء عبر تعديل البرمجيات أو الأنظمة الفرعية للطائرة.
واعتبر اللواء احتياط يعقوب ناغال، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ورئيس لجنة بناء القوة العسكرية منذ 2024، في مقابلة مع "والاه"، أن القلق الإسرائيلي الأكبر لا يتعلق بالطائرات، بل بمسألة تخصيب اليورانيوم داخل السعودية.
وقال ناغال: "اليورانيوم هو جوهر القضية. كنت دائماً معارضاً لتخصيبه على الأراضي السعودية، ليس بسبب السعوديين بحدّ ذاتهم، بل لأن حصولهم عليه سيدفع المصريين والإماراتيين والأتراك ودولاً أخرى للمطالبة بالمثل". واعتبر أن ذلك "سيفتح سباق تسلح نووي لا يمكن التنبؤ بنهايته"، مشيراً إلى أن "ما يمنع حدوث هذا السيناريو حالياً هو نتنياهو والظروف المحيطة".
أما بخصوص "إف-35"، فأكد أنه مطمئن نسبياً، لأن "الإمارات لم تحصل حتى الآن على الطائرات رغم الموافقة الإسرائيلية عام 2020"، وإذا حصل السعوديون عليها فسيكون ذلك "بعد خمس سنوات على الأقل"، مرجحاً أن تكون إسرائيل قد دخلت حينها عصر "الجيل السادس من الطائرات الأكثر تقدماً".