سعودي نيوز 24
وحدة المصير وأولويات الأمن القومي: التحالف السعودي الإماراتي في مواجهة أجندات الفوضى
في عالم السياسة، غالباً ما تسقط القراءات السطحية في فخ "الأمنيات" بدلاً من "الحقائق". ومن يعتقد اليوم أن هناك أزمة سياسية قد تؤدي إلى مواجهة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بسبب الملف اليمني أو السوداني، فهو في الواقع لا يفقه في أصول السياسة ودهاليزها شيئاً. فالعلاقة بين الرياض وأبوظبي علاقة ممتازة وتاريخية؛ وجميعنا يعلم أن هناك خلافات سعودية سابقة مع بريطانيا في ملفات "العين والبريمي ورأس الخيمة" وحقوق السعودية فيها، وقد تجاوزت المملكة تلك الخلافات وانتهت، كما تجاوزت كل الخلافات السياسية والاقتصادية مع الإمارات وتقدمت العلاقات بين البلدين بشكل كبير. فالتحالف السعودي الإماراتي ليس من التحالفات العابرة، بل هو تحالف المصير المشترك على جميع المستويات.
ثبات العلاقة رغم الاختلافات السياسية والاقتصادية
يرى بعض السياسيين خلافاً سعودياً إماراتياً يتفاقم بشكل كبير، بينما يرى آخرون أن ذلك ليس في الحقيقة إلا اختلافاً طبيعياً. فالسعودية دولة ذات سيادة قوية إقليمياً ودولياً، وذات سياسة هادئة ومتزنة تتعامل مع الأحداث السريعة بروية؛ قد تتأثر ولكنها تنتصر دائماً، وقد انتصرت السعودية دائماً في سياساتها حتى ضد أهم حلفائها مثل أمريكا وبريطانيا.
وعند النظر إلى التيارات والأحزاب السياسية في العالم، نجد أن السعودية تحارب الإخوان في مناطق وتتحالف معهم في مناطق أخرى؛ هذا الأمر حافظ على التكوينات السياسية والأنظمة الإسلامية في الكثير من دول العالم الإسلامي. فخلو بعض الدول من جماعات إسلامية مثل جماعة الإخوان يحافظ على نسيج تلك الدول اجتماعياً ودينياً وسياسياً. وهذا الأمر من الأمور التي تتصارع عليها السعودية مع دول حليفة لها مثل قطر ومصر وتركيا والإمارات.
ولكن الصراع يشمل أيضاً طموحات السعودية الاقتصادية التي ترى الإمارات أنها قد تضرها اقتصادياً على المدى البعيد، فالأهداف الاستراتيجية الكبرى للهيمنة الاقتصادية في السعودية والإمارات تعتبر واحدة، وهذا أمر يقلق الإمارات بشكل كبير. كما أن طموحات الإمارات السياسية ورغبتها بأن تكون لاعباً سياسياً مهماً إقليمياً ودولياً يجعلها في صدام مع السعودية في الكثير من الملفات؛ أهمها مشكلة تحالف الإمارات مع إسرائيل، ودعم الإمارات لـ إثيوبيا، ودعم حميدتي الذي تسبب في الحرب الأهلية في السودان، ودعم المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يريد الانفصال في اليمن بقوة السلاح. وبالرغم من أن السعودية ترى أن جنوب اليمن قضية عادلة الا انها ترفض تحركات المجلس الانتقالي ضد اهالي حضرموت والمهرة.
الحليف الاستراتيجي
يرى البعض بالرغم من الصراعات السياسية بين السعودية والإمارات، إلا أن هناك تحالفاً استراتيجياً لا تتخطاه الإمارات مع السعودية لتحافظ على أمنها القومي وضمان وحدة اتحادها. مثل صراع مصر مع السعودية وماتبعه من تحالفات ومثال من الخليج العربي ما كان يحدث من خلافات سياسية واقتصلدية بين الكويت و السعودية ترك جانبا بعد غزو صدام للكويت وما قامت به السعودية للكويت والذي انتهى باخراج صدام حسين من الكويت مهزوما
ويرى البعض أن الصراع السعودي الإماراتي لا يعدو كونه خلافاً مدرسياً سياسياً في التعامل مع الاخوان المسلمين وداعميهم، و لكل منهما نهج وإطار خاص في استخدام الأدوات لتحقيق الأهداف. هذا التباين في التكتيك هو عنصر قوة يربك خصوم السعودية والإمارات في المنطقة، وليس ثغرة كما يروج لها إعلام الإخوان المسلمين المدعوم من تركيا وقطر، والإعلام الإسرائيلي والإيراني، وهو توزيع مدروس للأدوار يخدم في النهاية مصلحة الأمن القومي العربي بشكل عام والسعودي والإماراتي بشكل خاص.
ملف الانتقالي: حضرموت والمهرة خطوط سعودية حمراء
من يقرأ المشهد الحالي بعين "الجيوسياسة" يدرك أن الموقف السعودي اليوم لم يعد يحتمل أنصاف الحلول أو المناورات التي تمس ثوابت الأمن الاستراتيجي. إن ما يحدث من تجاذبات في حضرموت والمهرة يضع المنطقة أمام واقع يتطلب حزماً سعودياً مطلقاً. بالنسبة للرياض، لا تُصنف هذه الأقاليم كمناطق حدودية عابرة، بل هي امتداد اجتماعي، قبلي، وأمني مباشر للنسيج السعودي. وأي محاولة من "المجلس الانتقالي" أو غيره لفرض واقع عسكري بقوة السلاح هناك، هو صدام مباشر مع الرؤية السعودية التي ترى في استقرار الشرق صمام أمان لحدودها وعمقها الجغرافي.
الصراع السعودي الإسرائيلي في السودان والربط الاستراتيجي
إن الخلاف مع الإمارات في دعم حميدتي نقل الصراع إلى اليمن؛ فلا يمكن فصل محاولات الفوضى في شرق اليمن عما يحدث على الضفة الأخرى من البحر الأحمر في السودان وهي البلد التي خربته اسرائيل وجماعة الاخوان لسنوات طويلة وكان دعم الامارات الاخير لحمدتي تراه السعودية حربا تخريبية لا تختلف عن تخريب اسرائيل والاخوان في السودان ولا ننسى حرب "تطويق ممرات السعودية"، حيث تسعى إسرائيل وإيران وقوى إقليمية ودولية إلى تطويق السعودية، ولكل دولة أسبابها الخاصة في الصراع مع السعودية . فجماعة الإخوان التي شيطنت السعودية منذ سنوات في العالم العربي والإسلامي، تتوافق بشكل أو بآخر مع الأطماع الإيرانية ورغبة إيران في تدمير السعودية لاحتلال قبلتي الإسلام مكة والمدينة المنورة. هذه التحركات المشبوهة تدعمها أيضاً بشكل أو بآخر دول مثل إسرائيل وقطر وتركيا؛ لخلق بؤر توتر دائمة وإزعاج مستمر للسعودية، ومنها خلق أي قوة تخريبية تتحكم في حركة الملاحة لتضغط على القرار السيادي السعودي وطموح الامارات في السيطرة على تلك الممرات تراه السعودية اعتداء مباشر عليها.
الحرب الإعلامية والتشويش الرقمي
إن أعداء السعودية والإمارات يضخمون الصراع بين الدولتين محاولين ضرب استقرار التحالف، والذي يرونه نهاية لمشاريعهم التمكينية والتخريبية في دول الخليج العربي أو الدول العربية ككل. تشهد منصات التواصل الاجتماعي اليوم حملات منظمة تهدف إلى ليّ أعناق التحليلات السياسية لتوافق هوى الأعداء؛ إن استهلاك الروايات التي تتحدث عن تصادم المصالح بين الرياض وأبو ظبي هو ما يريده "إعلام الفتنة" لزعزعة الاستقرار وإشعال نار الفتن والتحريض بينما في الواقع ان هناك خلافات سعودية اماراتية قد تطول احيانا الا انها تنتهي دائما بتوافق بين البلدين.
التحرك السعودي في حضرموت والمهرة
التحذيرات السعودية الواضحة مؤخراً بشأن حضرموت ليست مجرد حبر على ورق، بل هي إعلان بأن "حضرموت والمهرة" خط أحمر، وأن السعودية لن تسمح بتحويل المهرة وحضرموت إلى ساحة نفوذ لأجندات تخريبية، سواء كانت حليفة مع الشقيق الإماراتي أو لا، وحتى لو كانت مغلفة بشعارات جنوبية أو غيرها؛ فهذا الأمر يعتبر اعتداءً على الدولة السعودية حتى ولو كانت السعودية داعما لقضية الجنوب الا انها ايضا تدعم امن حضرموت والمهرة وسلامة امن تلك الاقاليم وامن سكانها الذين يعتبرون ضمن النسيج الوطني للسعب السعودي وخطر وعلى امنها القومي .
نصيحة محب
إن الرهان على استهلاك رصيد الصبر السعودي هو رهان خاسر. وعلى القوى الميدانية أن تدرك أن التحالف السعودي الإماراتي تحالف استراتيجي أغلى من وجود تلك المكونات التخريبية، ومن المستحيل أن تخسر الإمارات السعودية لأجل المجلس الانتقالي او الدعم السريع ، فالثوابت لا يمكن التنازل عنها.
نصيحة لكل غيور: لا تلتفتوا لما يكتب من تشويش في الإنترنت؛ فمهما صار بين السعودية والإمارات، يظل تحالفهما هو صمام الأمان الحقيقي لدول الخليج العربي. والنهج السعودي يقف سداً منيعاً ضد مشاريع التقسيم التي تدعمها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وإيران. وما يحدث من تحرك سعودي ميداني في أي بلد عربي هو نهج صارم يضمن حماية السيادة العربية وتأمين المنافذ والحدود من أطماع المتربصين بالعرب ووحدتهم؛ فهناك دول تريد إضعاف العرب لتعيد أحلامها التوسعية أو الاستعمارية وتدمير الشعب العربي الكبير. فبالرغم مما تعيشه الكثير من الدول العربية من تدهورسياسي واقتصادي، إلا أنها تظل قوى مؤثرة عالمياً.