الاستطلاع البعيد والاستطلاع العميق ودورهما في دعم القرارات التعبوية والعملياتية

محمد الجميلي

عضو جديد
إنضم
5 مارس 2025
المشاركات
106
التفاعل
117 4 0
الدولة
Egypt
الاستطلاع البعيد والاستطلاع العميق ودورهما في دعم القرارات التعبوية والعملياتية



أ. المدخل

تعتمد القيادة العسكرية الحديثة على دقة المعلومات وسرعتها في تحديد اتجاهات العمل. ويُعد الاستطلاع بشقيه البعيد والعميق أحد أهم المصادر التي تمنح القائد وعيًا تكتيكيًا وعملياتيًا يسمح له بتأمين المناورة، ومنع المفاجأة، ومسك زمام المبادرة. ورغم تقارب الغاية العامة لكلا النوعين، إلا أن الفارق بينهما جوهري من حيث العمق، والأهداف، والخطورة، وتأثير النتائج على سير العمليات.



أولاً. تعريف الاستطلاع البعيد

هو استطلاع يُنفَّذ ضمن عمق العدو لكن داخل مدى تأثير قواتنا، ويهدف إلى كشف القوات الأمامية ونشاطاتها القريبة، وتحديد الأرض والعوائق، ودعم قرار القائد في المراحل الأولى من الاتصال بالعدو. ويُنَفَّذ غالبًا بواسطة وحدات الاستطلاع التقليدية والمسيرات قصيرة إلى متوسطة المدى.



ثانيًا. أهداف الاستطلاع البعيد

١. كشف التحشدات الأمامية للعدو ومحاور تقدمه.

٢. تحديد طبيعة الأرض والعوائق المؤثرة على المناورة.

٣. تأمين المحاور قبل تقدّم القوات الصديقة.

٤. دعم المدفعية والضربات النارية بالمعلومات القريبة.

٥. تقليل المفاجآت عند بدء الاشتباك.



ثالثًا. خصائص الاستطلاع البعيد

١. يجري ضمن نطاق يمكن دعمه ناريًا من قواتنا.

٢. يمكن إسناده بسرعة عند اكتشاف خطر.

٣. يغطي معلومات تكتيكية مرتبطة بالمعركة القريبة.

٤. مدة عمله عادة قصيرة ومتغيرة تبعًا للموقف.

٥. نسبة المخاطرة فيه متوسطة.



رابعًا. تعريف الاستطلاع العميق

هو عمليات استطلاع تُنفَّذ خلف خطوط العدو وفي عمق كبير خارج مدى الدعم المباشر للقوات الصديقة، وتستهدف مراكز القيادة، ومحاور الإمداد، والاحتياط، والنقاط المؤثرة استراتيجيًا. وهو عمل معقّد يُنفَّذ غالبًا بواسطة قوات خاصة أو تقنيات بعيدة المدى.



خامسًا. أهداف الاستطلاع العميق

١. كشف الاحتياط العملياتي ومواقع تمركزه.

٢. تحديد مراكز القيادة والسيطرة وشبكات الاتصال.

٣. كشف طرق الإمداد الرئيسة ومقدار فاعليتها.

٤. مراقبة التحركات بعيدة المدى التي قد تغيّر مسار العملية.

٥. توفير معلومات استراتيجية تتيح تنفيذ ضربات دقيقة في العمق.



سادسًا. خصائص الاستطلاع العميق

١. ينفّذ في مناطق غير خاضعة لأي دعم مباشر.

٢. يعتمد على التخفي الكامل والاتصالات المحدودة.

٣. يتطلب خبرات عالية وتدريب نوعي.

٤. يُسهم في تشكيل وعي عملياتي شامل للقيادة.

٥. نسبة المخاطرة فيه عالية جدًا.



سابعًا. الفروق الجوهرية بين الاستطلاع البعيد والعميق

١. المدى:

– البعيد ضمن مدى قواتنا.

– العميق خلف خطوط العدو وبعمق كبير.

٢. المستوى:

– البعيد يخدم المستوى التكتيكي.

– العميق يخدم المستوى العملياتي وقد يصل للاستراتيجي.

٣. الخطورة:

– البعيد مخاطره متوسطة.

– العميق مخاطره عالية جدًا.

٤. المعلومات:

– البعيد يزوّد معلومات عن القوات الأمامية.

– العميق يكشف عناصر الحسم في عمق العدو.

٥. المنفذون:

– البعيد تنفّذه وحدات استطلاع اعتيادية.

– العميق تنفّذه قوات خاصة ومسيرات طويلة المدى.



ثامنًا. أهمية الجمع بين النوعين في العمليات الحديثة

تكامل الاستطلاع البعيد والعميق يمنح القائد صورة ذات بُعدين:

– الأول قريب يعالج قرار الاشتباك الأول.

– الثاني عميق يحدد شكل العملية ومجالات التفوق.

وباجتماعهما، تتعزز قدرة القوات على المناورة، ويُمنع عنصر المفاجأة، ويُصنع التفوق من خلال التحكم بالمعلومات من الخطوط الأمامية حتى عمق العدو.



تاسعًا. الخلاصة

يُعد الاستطلاع البعيد والعميق ركيزتين أساسيتين في بناء الصورة العملياتية للقائد. فالبعيد يحمي القوات من المفاجأة ويؤمّن حركة التقدم، بينما العميق يكشف نوايا العدو في العمق ويهيئ لتوجيه الضربات التي تغير مسار العملية. وتوظيف النوعين معًا بشكل منسق هو أحد مفاتيح النجاح في الحرب الحديثة.
 
موضوع راعا جدا وممتع
اعتقد مع تنوع المسيرات بات الامر اسهل
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى